كتب يوني بن مناحيم في موقع نيوز ون العبري "تمر حركة حماس اليوم في خضم عملية انتخابات داخلية ستنتهي بعد عدة أسابيع، هدفها الأساسي تحديث صفوفها، تقوية سيطرتها على قطاع غزة، وتهيئة نفسها مع التغييرات الإقليمية في ظل ظاهرة "الربيع العربي".
عملية الانتخابات الداخلية تتزامن مع عدة تطورات مهمة، أهمها انتخاب الرئيس الأمريكي الجديد الذي أعلن حربًا على الإسلام المتطرف، وعلى رأسه جماعة الاخوان المسلمين، تغير العلاقات المصرية تجاه قطاع غزة، استعداد إسرائيلي لإقامة ميناء بحري، مطار ومناطق صناعية في القطاع مقابل هدنة أمنية ونزع سلاح واعادة إعمار جميع ما تضرر خلال عملية "الجرف الصامد" صيف 2014. القيادة الجديدة لحماس ستضطر لأخذ قرار، بعد عدة أسابيع، حول وجهتها في ظل استمرار الانقسام بين الضفة والقطاع، عدا القدرة على التوصل لمصالحة وطنية واستمرار عملية الإعمار المدنية لأضرار الحرب الأخيرة.
تنشغل وسائل الإعلام الخاصة بحماس في الفترة الأخيرة بدحض التقارير الإسرائيلية التي تفيد بأن اختيار يحيى السنوار، مسؤول الذراع العسكرية، كقائد لقطاع غزة يشكل تطرفًا في موقف الحركة، ويسمح بجولة قتال أخرى وقريبة أمام إسرائيل.
يدّعون في حماس أن هذه مجرد حرب نفسية لإسرائيل وأن السياسات الاساسية للحركة غير متوقع أن تتغير. مركز الدراسات الإقليمية في قطاع غزة أصدر ورقة بحثية قصيرة حول السنوار، ادعى فيه أنه يدعم أي اتجاه لتحقيق هدنة مع "الاحتلال" الإسرائيلي على أساس وقف الأعمال العدائية والامتثال بحقوق الشعب الفلسطيني، وأنه يعارض تفكيك الجناح العسكري لحماس قبل ان ينتهي "الاحتلال" وأنه يدعم مصالحة وطنية بين حماس والسلطة الفلسطينية.
مكتب سياسي جديد
أهم ما في الانتخابات الداخلية مفترضٌ أن يكون انتخاب مكتب سياسي جديد مكون من 19 عضوًا، من ضمنه سيتم اختيار رئيس للمكتب السياسي بدلًا من خالد مشعل، المرشح ليحل محل إبراهيم منير نائب رئيس جماعة الاخوان المسلمين العالمية، والتقدير هو أن اسماعيل هنية هو من سيُنتخب لمنصب رئيس المكتب السياسي الجديد.
هنية يتبع سياسة "إمساك العصا من الطرفين" ومفترض ان يقترب من جديد من إيران وسوريا بعد انقطاع طويل خلقه مشعل في أعقاب اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011. في المقابل، مفروض عليه ان يحافظ على العلاقات الجيدة مع قطر وتركيا، وأيضًا استمرار التقارب الجديد من مصر بهدف تخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة.
التقارب من إيران مفترض أن يعزز موقف الذراع العسكرية لحماس، رغم القطيعة بين الذراع السياسية لحماس وإيران خلال فترة ولاية مشعل كرئيس للحركة، لم تزود خلالها إيران الذراع العسكري للحركة بالدعم المالي. حسين شيخ الاسلام، مستشار وزير الخارجية الإيراني، قال في الـ 20 من فبراير أن "إيران تدرك أن هناك مواجهة ستندلع في المنطقة في ظل تلميح إسرائيلي حول هجوم على قطاع غزة ولبنان، وهذا يتطلب مساعدات مضاعفة للمقاومة".
ميثاق جديد لحماس
ادعت مصادر في حركة حماس أنه بعد عدة اسابيع، وفور الإعلان عن نتائج الانتخابات للمكتب السياسي، ستنشر الحركة الميثاق الجديد الخاص بها، المفترض ان يكون بمثابة تحديث لميثاق حماس منذ 1988.
المسؤول في حماس أحمد يوسف قال ان المكتب السياسي لحماس في الخارج هو من أعد هذا الميثاق بموافقة القيادة في المناطق، وأنه يشمل التغييرات الجديدة التي وقعت مع مرور الوقت، "سيتميز بالمرونة، ويؤكد على ضرورة الشراكة السياسية بشكل واضح أكثر من أي وقت" أوضح يوسف. الميثاق الجديد سيخدم علاقات حماس مع الجهات المحلية والإقليمية.
حركة حماس تأخذ بعين الاعتبار تحسين العلاقات مع مصر، وتريد أن تؤكد في ميثاقها الجديد عن انفصالها عن الاخوان المسلمين التي تم حظرها في مصر، وقبيل التعامل مع حكومة ترامب التي تسعى لسن تشريع بالكونغرس للإعلان عن الاخوان المسلمين كتنظيم إرهابي.
حماس أيضًا تبحث عن طريق لرفعها من قائمة المنظمات الإرهابية الدولية، بعض رؤسائها مثل السنوار، فتحي حماد، وغيرهم مسجلون في قائمة المطلوبين لوزارة الخارجية الأمريكية. يوسف رزقة، المستشار السيسي السابق لهنية، قال ان الميثاق الجديد سيوضح طبيعة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي كما تراه حركة حماس، وأنها حركة تحرير وطنية فلسطينية داخل المناطق وليس لديها اي علاقات خارجية من ناحية تنظيمية بجماعة الاخوان المسلمين.
حسب مسؤولين في حماس، الميثاق الجديد سينبذ الطابع المعادي للسامية الذي تبناه الميثاق القديم، والذي تم اعتبار اليهود فيه كـ "أحفاد القردة والخنازير"، وسيوضح أن العدو هو الاحتلال الإسرائيلي وليس اليهود أنفسهم. مع ذلك، سيعود الميثاق الجديد ليؤكد على طريق الجهاد لتحرير كل فلسطين، تدمير دولة إسرائيل، معارضة اي تسوية سياسية، وعدم تنازل عن اي جزء من "فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر".
وجهة حركة حماس هي ان تظهر في شهر ابريل القادم كحركة حققت عملية انتعاش في جميع مؤسساتها وقياداتها، وحدثت المنصة الأيديولوجية والسياسية الخاصة بها أمام التحديات التي تقف في وجهها. سيطرة الذراع العسكرية برئاسة السنوار على القيادة بقطاع غزة وعلى قيادة الأسرى الامنيين في السجون الإسرائيلية لا يبشر باعتدال، بل بتطرف واقتراب من إيران.
لقد رفض مسؤولو حماس مؤخرًا تصريح وزير الأمن أفيغدور ليبرمان بإقامة ميناء بحري، مطار، منطقة صناعية وتلقي 40 ألف فرصة عمل لعمال في إسرائيل مقابل نزع سلاح القطاع، إلغاء ميثاق حماس وإعادة الخمسة إسرائيليين الذين في حوزة حماس بقطاع غزة، فمن ناحية حماس هذا يشكل تنازلًا عن الخيار العسكري وتدمير لحكم حماس في القطاع.
حماس تدعم التطورات الأخيرة في إسرائيل، تقرير مراقب الدولة المرتقب حول عملية "الجرف الصامد"، التحقيقات الجنائية ضد رئيس الحكومة نتنياهو وإمكانية تقديم الانتخابات؛ كل ذلك يكبل أيدي القيادة الإسرائيلية ويقلص فرصة عملها من ناحية عسكرية ضد حماس، حيث ان النظام السياسي الإسرائيلي منشغل بالساحة الداخلية ومعني باستمرار الهدوء على حدود الجنوب، ممّا يسمح لحماس بتقوية نفسها من ناحية عسكرية.