عبرت أوساط إسرائيلية عن مخاوفها من تبعات انتخاب القيادي الأسير المحرر يحيى سنوار رئيسا لحركة حماس في غزة خلفا لإسماعيل هنية، فيما اعتبره رئيس سابق لمجلس الأمن القومي فرصة لإسرائيل لتغيير سياساتها تجاه الحركة والتنسيق معها لبناء ميناء وبنى تحتية أخرى.
وتنبهت هذه الأوساط الى أن هذه هي المرة الأولى التي يتسلم فيها مسؤول من الجناح العسكري، منصبا سياسيا رفيعا. واعتبرت انتخابه تعزيزا لقوة «الخط المتطرف والقيادة العسكرية» في حماس.
وزعم رئيس مجلس الأمن القومي الأسبق الجنرال بالاحتياط غيورا ايلاند، ان انتخاب سنوار، الرجل الذي يفاخر بقتل12 متعاونا مع اسرائيل، ينوي قيادة خط متصلب وإعطاء الأولوية العليا لأسر الجنود، لأنه بالنسبة له هذا هو التكتيك الحيوي لإطلاق سراح رفاقه الذين بقوا في السجن، بعد إطلاق سراحه شخصيا في صفقة وفاء الأحرار. .
ويوضح انه ظاهريا، تعكس تصريحات الوزيرين بينت وغلانط بشأن المواجهة المتوقعة مع حماس في الربيع، تطورا غير مستحيل، لكن الأمر ليس كذلك. ويدلل على استبعاده احتمالات المواجهة بالقول ان سنوار سيفهم ايضا وبسرعة ان «ما يشاهدونه من هنا لا يشاهدونه من هناك»، مدعيا ان المصلحة العليا لحركة حماس تكمن بمواصلة السيطرة على غزة ، وانها تحتم الحصول على الحد الأدنى من الشرعية الدولية والتحسين الفوري للوضع الاقتصادي في غزة. وتابع ايلاند « حماس ليست القاعدة او داعش، انها حركة سياسية تحتاج الى دعم الشارع «.
وبالنسبة لمستقبل التعامل المراد يقترح ايلاند على إسرائيل العمل على زيادة العصا والجزرة، من دون استخدام القوة العسكرية. وبرأيه في جانب العصا، وبمساعدة الإدارة الجديدة في واشنطن، يمكن اجراء تغيير حاد في الطريقة التي تم اتباعها في الماضي، والتوضيح لحماس ـ عبر تركيا مثلا ـ بأنه إذا لم يتم الحفاظ على الهدوء، سيتم منع وصول أي مساعدات اقتصادية الى غزة، وبشكل خاص الدعم المكثف من قبل الأمم المتحدة للمؤسسات التعليمية والصحية والغذائية الناشطة في غزة.
ويضيف «بكلمات أخرى، لن تتمكن دولة غزة من الاستمتاع بكل شيء – مهاجمة اسرائيل بالقذائف، وفي الوقت نفسه المعرفة بأن هناك من يطعم مواطنيها «. كما يقترح انه مع إطلاق النيران يجب على إسرائيل إغلاق معبر كرم ابو سالم فورا وعندها لن يصل الى القطاع لا الوقود ولا الغذاء ولا الدواء لأن «الدولة الطبيعية لا تواصل تقديم الإمدادات للدولة التي تحاربها».
بناء ميناء غزة
من جهة اخرى، في جانب الجزرة، يقول إنه يمكن لإسرائيل ويجب عليها تشجيع مشاريع ترميم البنى التحتية في غزة، خاصة إقامة ميناء، معتبرا ترميم غزة يجب أن يتم بالتعاون مع حكومة غزة، تماما كما يحدث في كل مكان آخر في العالم. ويقترح ايضا استثمار مئات الملايين في بناء محطات للطاقة ومنشآت لتحلية مياه البحر، الأمر الذي سيوفر لسكان غزة الكهرباء المتواصلة لمدة 24 ساعة يوميا، وليس كما يحدث اليوم ـ ست ساعات فقط، وكذلك سيوفر المياه النقية للشرب. ويتابع ايلاند رؤيته للمساومة مع حماس هذا كله سيحدث اذا تم الحفاظ على الهدوء. عندما يعرف الجميع – حكومة غزة وسكان القطاع والأمم المتحدة والدول المانحة – بأنه عندما سيتم فتح النار سيتم تدمير البنى التحتية، لن تسارع حكومة غزة حتى إن كان سنوار على رأسها، الى تدمير الآليات.
تغيير الرواية
وفي رأيه أنه كي تنجح هذه السياسة وتمنع المواجهة العسكرية لفترة طويلة، يجب القيام بأمرين: اولا، يجب تغيير الرواية. غزة هي دولة بكل ما يعنيه الأمر، وإذا اختارت المواجهة العسكرية، فإنها مع سكانها سيدفعون الثمن، كما حدث دائما على مدار التاريخ. ويمضي في رؤيته التي سبق وبلورها تجاه علاقة إسرائيل بلبنا وحزب الله «عندما نقوم بالتمييز بين «الأشرار» حماس) وبين «الأخيار»سكان غزة المساكين) فإننا نطلق النار على أقدامنا».
الأمر الثاني الذي يجب عمله حسب ايلاند هو الشرح مسبقا لسياسة اسرائيل المتوقعة في حال وقوع مواجهة عسكرية، معتبرا ان استبدال الإدارتين في واشنطن وفي غزة، يشكلان فرصة، من جهة، وحاجة، من جهة أخرى، لخلق التغيير. ويخلص للقول «الرد على الإدارة الجديدة في غزة يجب ان يتمثل في تغيير السياسة، وليس فقط في الاستعداد حسب الطريقة القديمة للمواجهة غير المستحيلة»
.
زعيم كل الأسرى
واعتبرت « هآرتس «سنوار من يملي الخط المتصلب لحماس في كل مفاوضات حول تبادل الأسرى، حيث كان يدير ملف الأسرى والمسؤولية عن المفاوضات في كل ما يتعلق بالأسرى والمفقودين.
وقال أسير كان معتقلا مع سنوار في سجن نفحة، لصحيفة «هآرتس» إنه فهم منذ اليوم الأول أن سنوار «هو زعيم أسرى حماس وكل الأسرى. ورغم تمسكه بأيديولوجية حماس، الا انه كان يعرف دائما كيفية العثور على لغة مشتركة مع أسرى الفصائل الأخرى.
وتابع «ساد الشعور بأن السنوار لن يدفع مصالح حماس على حساب بقية الفصائل، وأنه معروف كصقر ومتطرف، ولكن هذا في الأساس إزاء اسرائيل والولايات المتحدة وليس إزاء الفصائل الفلسطينية».
وقال الأسير إنه خلال فترة المفاوضات على إطلاق سراح الجندي غلعاد شليط، أصر السنوار على ان لا يكون الأسرى الذين سيتم تحريرهم في إطار الصفقة، من أسرى حماس فقط. و
استذكر أن السنوار كان يحول الرسائل بواسطة الهاتف وبطرق أخرى، وقامت سلطة السجون بعزله عدة مرات كي لا يؤثر على المفاوضات، حتى في الأسبوع الذي صودق فيه على الصفقة».
ومقابل عمليات التهويل الواسعة في إسرائيل قال مسؤول رفيع في الحركة لصحيفة «هآرتس» إن «اسرائيل تعرف كيف تضخم مثل هذه القصص وإبراز دور القيادة العسكرية في حماس. في نهاية الأمر يحيى السنوار هو رجل حماس المخلص لحركته ويخضع للقرارات التي تتخذها. وكان منذ إطلاق سراحه جزءا من الجهاز، ولذلك لا يجري الحديث عن تغيير جوهري على الحلبة الفلسطينية».