غيّر انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة في قطاع غزة، أنماط الحياة فيه، وأصبح الليل نهارا لدى المزارعين وربات البيوت والحرفيين وغيرهم، خاصة في ظل استمرار الانقطاع لساعات تفوق 12 ساعة ووصل لا يتجاوز الأربع ساعات يوميا.
ويقول في هذا الصدد الحاج عوض أبو أحمد الذي يعمل على توزيع المياه للمزارعين في خان يونس جنوب قطاع، انه يبقى لساعات طويلة ينتظر الكهرباء ولا ينام حتى وصل التيار وما ان يصل التيار يسرع الى محطة توزيع المياه على المزارعين (بابور المياه الذي يسحب المياه من جوف الأرض).
وأضاف انه يقوم بتوزيع المياه على المزارعين بالتساوي ساعات الليل أو النهار حتى انه لا يمنح كل مزارع حصته الحقيقية من المياه لأنه يريد الموازنة في توزيع المياه، فساعات الوصل للكهرباء قليلة ولا تكفي لإعطاء كل مزارع حصته الحقيقية من الماء، ما يضطره للسهر ساعات الليل لإنجاز عمله.
بدوره، بين المزارع تيسير أحمد انه يضطر لري المزروعات في ساعات وصل التيار، حتى وإن كان ري المزروعات ليلا يضر بها. لكن "مكره أخاك لا بطل" قال الرجل.
وأكد أنهم لا يعرفون موعدا محددا لإيصال التيار ولا يمكن تحديد برنامج معين، وشركة الكهرباء لا تعطي الجواب الصحيح في هذا الموضوع، وعند سؤالهم عن ذلك يكون الرد "خليها على التساهيل".
من جانبها، وجهت ربة البيت صفاء خميس مناشدة لكل ولي أمر للعمل على إنهاء مشكلة التيار الذي قضى على حياتهم كربات بيوت، حتى إنها لا تعرف موعدا للحياة في البيت.
وقالت: مثلا وهذه واحدة من عشرات المرات، جهزت العجين للخبيز وانتظرت وصول الكهرباء وفق ما أبلغ موظف الشركة غير انه تأخر وصل التيار عن الوقت الذي أبلغ به موظف الشركة نحو خمس ساعات فاضطررت لرمي العجين لأنه فسد أليس هذا حراما؟. وقس على ذلك موضوع الغسيل والطبخ.
أما ربة البيت رجاء سلامة من دير البلح فتقول إنها برمجت حياة عائلتها داخل البيت وفق رحمة شركة الكهرباء، فمثلا أنها تقوم بتجهيز حاجات الطبخ على الكهرباء وتتركها لليوم التالي كي تضمن توفير طعام أطفالها مثل عصر الطماطم التي تحتاجها في الطبخ.
من ناحيته، أوضح اسماعيل سلامة انه لا يعرف كيف يوازن بين وصول المياه ووصل التيار كي يوفرها لعائلته وتوفير البدائل في هذا الموضوع مكلفة له.
وفي هذا الصدد، نظم مركز الميزان لحقوق الإنسان حلقة نقاش حول هذه المشكلة المتفاقمة في القطاع هذا الأسبوع كحالة من حالات حقوق الإنسان في قطاع غزة، بمشاركة عدد من المختصين وممثلي المؤسسات الدولية والحكومية والحقوقية والإعلامية.
وبين حسين حماد الباحث في المركز، أن الأراضي الفلسطينية تشهد تدهوراً كبيراً في أوضاع حقوق الإنسان جراء استمرار أزمة الكهرباء. في حين أشار باسم أبو جريّ الباحث في المركز تفاصيل أزمة الكهرباء في قطاع غزة، والأسباب الرئيسية لها، وإلى ممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلي وتأثيرها على أزمة الكهرباء ودور الانقسام السياسي في تعقيد الأزمة.
وأكدّ ان تقريرا للمركز سيصدر بالخصوص بعد مرور عشر سنوات على أزمة الكهرباء التي تسببت في تراجع حياة مليوني إنسان، وفي تدهور مستمر بأوضاع حقوق الإنسان جراء ذلك.
وفا