المركز الفلسطيني للرئيس عباس :التستر خلف "القانون" لقمع الخصوم السياسيين مرفوض

الأربعاء 21 ديسمبر 2016 03:21 م / بتوقيت القدس +2GMT
المركز الفلسطيني للرئيس عباس :التستر خلف "القانون" لقمع الخصوم السياسيين مرفوض



غزة \سما\

حذر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان من تبعات تغول السلطة التنفيذية الفلسطينية على اعضاء المجلس التشريعي، مؤكدا في بيان له أن المحاسبة الانتقائية ظلم شامل، وإن محاربة الفساد إن وجد اساس لها، يجب أن لا تنصب على التيارات المعارضة دون غيرها. 

واكد المركز تحفظه على قرار المحكمة الدستورية القاضي بإعطاء الرئيس منفردا صلاحية رفع الحصانة عن نواب المجلس، لما تعنيه من تقويض استقلالية وحرية أعضاء المجلس التشريعي، المعطل اصلا منذ الانقسام الفلسطيني.

وقال ابيان "أقدمت قوة شرطية يوم الاثنين الموافق 19 ديسمبر 2016 على فض اعتصام 4 نواب كانوا قد لجأوا إلى مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بعد أن رفعت عنهم الحصانة بقرار من قبل الرئيس الفلسطيني، وذلك بعد توجيه تهم لهم تراوحت بين الفساد وتجارة السلاح والقدح".  

ووفق متابعة المركز فق أكد المستشار القانوني للرئيس الفلسطيني، السيد حسن العوري، بتاريخ 12 ديسمبر 2016 عن اصدار قرار من قبل الرئيس الفلسطيني برفع الحصانة عن 5 نواب من كتلة فتح البرلمانية، وهم: محمد دحلان، شامي الشامي، نجاة أبو بكر، ناصر جمعة، وجمال الطيراوي.  وتأتي هذه الخطوة بعد الرأي الاستشاري للمحكمة الدستورية بتاريخ 6 نوفمبر 2016، والذي اقرت فيه بحق الرئيس الفلسطيني اصدار قرار بقانون برفع الحصانة عن نواب المجلس التشريعي استناداً إلى صلاحياته بموجب المادة 43 من القانون الاساسي الفلسطيني.

وكانت محكمة جرائم الفساد الفلسطينية قد اصدرت حكماً غيابياً، بتاريخ 14 ديسمبر 2016، على النائب محمد دحلان بالحبس لمدة ثلاث سنوات، وإعادة 16 مليون دولار إلى خزينة السلطة، حيث ادانته المحكمة باختلاس تلك الأموال إبان توليه منصب منسق الشؤون الأمنية للرئاسة الفلسطينية.  وجدير بالذكر أن النائب محمد دحلان من ابرز الخصوم السياسيين للرئيس الفلسطيني، وأن محكمة الفساد رفضت الدعوة المقدمة ضده في ابريل 2015 لتمتعه بالحصانة التشريعية، وقالت حينها إن رفع الحصانة ضده لا يكون الا من قبل المجلس التشريعي. وبعد صدور الرأي الاستشاري للمحكمة الدستورية، استؤنف الحكم وباشرت المحكمة القضية واصدرت حكمها. 

وقد تابع المركز بقلق تطور الأمور منذ البداية، حيث عمل الرئيس الفلسطيني في العام الأخير على تعزيز سلطاته بشكل واسع، من خلال السيطرة على السلطة القضائية، والتفرد بتشكيل المحكمة الدستورية، بعد السيطرة على مجلس القضاء الأعلى، حيث كشفت حادثة الاطاحة برئيس المجلس الأعلى السابق سامي صرصور، والذي وقع كتاب استقالته قبل توليه منصبه كرئيس لمجلس القضاء الأعلى، أن المجلس ليس جهة مستقلة عن الرئيس، حيث يملك الرئيس عزل رئيس المجلس في أي وقت بمجرد ابراز كتاب الاستقالة الموقع سلفاً. 

وقد جاءت الخطوة الثانية، والتي اصدرت المحكمة الدستورية رأياً استشارياً يؤكد صلاحية الرئيس في رفع الحصانة عن النواب، بعد أن كان الرئيس قد اصدر قراراً برفع الحصانة عن النائب محمد دحلان، وبذلك اصبحت الطريق ممهدة لرفع الحصانة عن أي نائب أخر لا يلتزم بالخط السياسي للرئيس الفلسطيني، وهذا ملاحظ من هوية النواب الخمسة الذين رفعت عنهم الحصانة.

وهذا التتابع في الاحداث يطرح تساؤلاً وتخوفاً حول وهم وجود ثلاث سلطات في السلطة الفلسطينية، طالما أكد الرئيس على احترام الفصل بينهم.  وينذر هذا الوضع المخل بتغول أكبر من قبل السلطة التنفيذية على السلطات الأخرى بل وعلى حقوق وحريات المواطنين، بعد تكبيل كل رقيب أو حسيب.

وقال البيان "إن صدور قرار استشاري من الحكمة الدستورية بصلاحية الرئيس في رفع الحصانة البرلمانية، يطرح الكثير من التساؤلات حول استقلالية المحكمة، وخاصة إن عرفنا أن قرار المحكمة يخالف بشكل واضح المادة (53) من القانون الاساسي الفلسطيني، والمادتان (95، 96) من النظام الداخلي للمجلس التشريعي، والتي أكدت على عدم جواز رفع الحصانة أو التنازل عنها إلا بموافقة المجلس فقط، وفق اجراءات قانونية محددة".

وتابع "كان المركز ليرحب برفع الحصانة عن النواب وتقديمهم للعدالة لو كان هذا الامر خطوة على طريق الاصلاح في السلطة الفلسطينية والتي تعاني من فساد اداري ومالي مستشري، ولو تمت وفق الأصول القانونية وفي ظل قضاء مستقل"موضحا "ولكن في ظل الانتقائية التي تفتح بها ملفات الفساد والمخالفات القانونية، يؤكد المركز أن العدالة الانتقائية ظلم شامل، لأنها لا تهدف إلى تعزيز المحاسبة والشفافية بل لترهيب الخصوم السياسيين، ولترهيب كل من تسول له نفسه انتقاد الرئيس الفلسطيني أو مسلك السلطة".

ويتساءل المركز كيف يمكن أن ترفع الحصانة عن النائبة ابو بكر، والتي تلقت استدعاء للمثول أمام النيابة يوم أمس الثلاثاء، لمجرد أنها وجهت تهم بالفساد إلى احد الوزراء، حتى دون تحديد الاسم. أليس هذا هو واجب المجلس التشريعي وأعضائه في الرقابة؟ يؤكد المركز أن أحد اسباب منح الحصانة لأعضاء المجلس هو تمكينهم من توجيه الاتهامات للوزراء والتحقيق ومعهم.  ولا يعقل أن يتم رفع الحصانة ومحاسبة نائب لأنها وجهت اتهام لوزير.

وقال "كما إن كثير من التساؤلات تحوم حول مصداقية الاتهامات الأخرى التي وجهت للنواب الآخرين، وخاصة في ظل التدخلات الجمة من قبل السلطة التنفيذية في عمل السلطة القضائية، وفضيحة الاطاحة برئيس مجلس القضاء الأعلى، المستشار صرصور.  والتساؤل الأهم هل من قبيل الصدفة أن يكون كل النواب الذين تم رفع الحصانة عنهم لارتكاب مخالفات قانونية من التيار المخالف للرئيس الفلسطيني في حركة فتح؟".

زقال إن ما تقوم به السلطة التنفيذية من استخدام للسلطة القضائية للنيل من اعضاء المجلس التشريعي، هو وصفة انتحار للنظام السياسي الفلسطيني، تعصف بمصداقية كل السلطات.  ويحذر المركز من أن تساهم هذه الأحداث في تفاقم تدهور الوضع الأمني المتدهور أصلا في الضفة الغربية.

وعبر  المركز عن بالغ قلقه من تطورات الأحداث في الضفة الغربية، فإن يطالب الرئيس الفلسطيني بوقف تغول السلطة التنفيذية على السلطتين القضائية والتشريعية.

وناشد المركز جميع الأطراف الفاعلة المحلية والدولية بالضغط على الرئيس الفلسطيني للرجوع عن الإجراءات التعسفية بحق نواب المجلس التشريعي واطلاق الحريات.

واكد المركز على ترحيبه بمحاسبة الجميع بمن فيهم نواب المجلس التشريعي على أية مخالفة قانونية، سيما الفساد وسرقة المال العام.  ولكن، يجب أن تكون المحاسبة شاملة ومتبادلة، لا انتقائية أو موجهه لسلطة دون أخرى، وأن تكون أمام قضاء مستقل.  وهذا لن يتحقق الا بعد اصلاح قضائي شامل واعادة الاعتبار للمجلس التشريعي، والذي يفترض وجود إرادة سياسية للإصلاح وانهاء الانقسام. 

ودعا المركز المجلس التشريعي للانعقاد فوراً، واسترداد صلاحياته المعطلة منذ الانقسام الفلسطيني، لمواجهة تغول السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية، كخطوة ضرورية لعقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية المستحقة منذ العام 2010 بصورة نزيهة.