كشف المؤتمر العلمي المحكم الذي نظمته جامعة الإسراء بغزة اليوم تحت عنوان "الواقع الصحي في فلسطين من منظور حقوقي"، عن نتائج خطيرة في الواقع الصحي الفلسطيني بصفة عامة وقطاع غزة بصفة خاصة.
وعرض في المؤتمر نحو خمسة عشر بحثاً علمياً محكماً في مجالات الصحة، وخلصت الدراسات العلمية إلى وجود اشكاليات صحية في كافة المجالات الطبية وعدم توفر أدنى مقومات الرعاية الطبية للمواطنين.
وقد أظهرت إحدى الدراسات العلمية المتعلقة بمريضات السرطان في قطاع غزة والتي قدمها الدكتور علاء مطر رئيس المؤتمر وعميد كلية الحقوق في جامعة الإسراء عن وجود انتهاكات جسيمة بحقهن بسبب عدم توفر القدر الكافي من المرافق الصحية المؤهلة لتقديم خدمات صحية مناسبة، وإلى وجود نقص في عدد الأسرة والأطباء والممرضين سيما المتخصصين، وضعف إمكانات التشخيص والعلاج، يضاف إلى ذلك المعوقات التي تحول دون تلقي مريضات السرطان للعلاج في مستشفيات خارج قطاع غزة وغياب الدعم النفسي والاجتماعي. وأشارت إلى أن المرض تسبب في حالات طلاق عديدة من أزواجهن.
وبين المؤتمرون وجود عجز كبير في كافة انواع العلاجات سيما العلاجات الكيميائية والاشعاعية. ما يؤدي الى تفاقم المرض لدى المصابين. محملين المجتمع الدولي المسؤولية عن عدم التحرك الفاعل لضمان وقف العقوبات الجماعية التي تفرضها قوات الاحتلال على قطاع غزة وسكانه، والزامها بالقيام بمسؤولياتها بتأمين الصحة العامة والشروط الصحية وأن توفر بأقصى ما تسمح به وسائلها العناية الطبية للسكان في الأراضي المحتلة.
وحذر المؤتمر من خطورة عدم تحييد القطاعات الخدماتية عن التجاذبات والصراعات السياسية، بما يضمن إدارة القطاع الصحي على نحو أفضل. إضافة إلى توفير إمكانات التشخيص والعلاج المناسبة، وتسهيل وتسريع إجراءات العلاج في الخارج.
وقدم المؤتمر حلولاً واقعية للارتقاء بالواقع الصحي في فلسطين لكي يحصل المواطن على حقوقه الصحية وفق القوانين والمواثيق الدولية.
وفي الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، رحب رئيس جامعة الإسراء الدكتور عدنان الحجار بجميع الحضور من نواب في المجلس التشريعي وممثلين عن الوزارات والمؤسسات الحكومية والاهلية والباحثين ووسائل الإعلام والوجهاء، موضحاً أن الجامعة تولي اهتماماً كبيراً للبحث العلمي وتشجعه وتوفر متطلباته المالية واللوجستية ونشر الأبحاث على المستويين المحلي والدولي بما يلبي الطموحات الوطنية.
وأوضح أن هذا المؤتمر العلمي المحكم التي تنظمه كلية الحقوق في الجامعة هو الأول من نوعه على صعيد فلسطين، ويهدف إلى التعرف على الواقع الصحي في فلسطين، وتقديم الحلول الواقعية للارتقاء بالصحة للأفضل بما يتلائم مع المواثيق الدولية وخاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تصادف ذكراه الـ 68 اليوم.
ودعا الدكتور "الحجار" الجهات المختصة إلى الانتباه للواقع الصحي الفلسطيني، والعمل على تطويره بما يعزز من تقديم الخدمة الصحية المميزة للمواطن.
من جانبه، أوضح الدكتور علاء مطر رئيس المؤتمر أن مسؤولية الواقع الصحي يتحملها ثلاثة أطراف وهما السلطة، والمجتمع الدولي والاحتلال الإسرائيلي، مؤكداً أن الاحتلال الاسرائيلي ساهم بشكل كبير في تدهور الواقع الصحي نتيجة اعتداءاته على الطواقم الطبية والمرافق الصحية، ومنعه لوصول الأدوية والأجهزة الطبية والتشخيصية إلى قطاع غزة. مؤكداً أن الاحتلال ينتهج سياسة ممنهجة ومدروسة للإساءة للصحة في فلسطين.
وحمل د. مطر المجتمع الدولي مسؤولية عدم دفاعه عن الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي يحتفل اليوم بعامه 68، والذي يؤكد على تمتع جميع البشر بالصحة، في ظل الانتهاكات التي يتعرض لها القطاع الصحي في المناطق المهمشة وعلى رأسها الشعب الفلسطيني الذي يمارس الاحتلال بحقه جرائم ترتقي الى جرائم حرب.
الحصار يمثل أهم التحديات والمعوقات أمام وزارة الصحة
من جهته، استعرض الدكتور مدحت محيسن وكيل مساعد وزارة الصحة في قطاع غزة، المعوقات والتحديات التي تواجهها واهمها الحصار الإسرائيلي الخانق منذ عشرة أعوام متتالية. موضحاً أن ما نسبته من 30-35% من الأدوية والمستهلكات الطبية والمختبرات في نقص دائم في وزارة الصحة. إلى جانب النقص في كادر الموظفين حيث أن الوزارة بحاجة الى 800 موظفاً بحسب النمو الطبيعي للسكان، وما تم تشغيله بعقود 260 من العدد المطلوب. إضافة إلى ان الحصار ونقص الوقود جعل الوزارة تفكر في إغلاق بعض المستشفيات نتيجة توقف الداعمين عن دعم المستشفيات بالوقود الذي يعتبر الأساس لتوفير الطاقة في ظل أزمة الكهرباء.
وقال محيسن" رغم ما تعانيه الوزارة من معوقات الى أنها عملت جاهدة للحفاظ على استمرار تقديم الخدمة للمواطن حيث يوجد 13 مستشفى في محافظات قطاع غزة، و54 مركز صحي في القطاع.
وأضاف، أن المستشفيات تمكنت من اجراء اكثر من 40 الف عملية جراحية كبيرة ومتوسطة في غرف عملياتها، و58 الف عملية صغرى، وتوفر خدمة اجراء 400 عملية قلب مفتوح سنوياً منذ العام 2010، إلى جانب عمليات القسطرة حيث تجري نحو 1000 عملية سنوياً، وجراحة الاعصاب المتطورة بأطباء متخصصين.
وطالب د. محيسن رئاسة المؤتمر بإيفاد الوزارة بكل النتائج والتوصيات التي سيخلص إليها لكي يتم الاستفادة منها في تقديم الرعاية الصحية للمواطنين.
منظمة الصحة العالمية: 44% من المرضى يتمكنون من الحصول على التصاريح الاسرائيلية
من جانبه، أوضح الدكتور محمود ضاهر مدير منظمة الصحة العالمية في قطاع غزة، ازدياد رفض وتأخير تصاريح المرضى من سكان قطاع غزة بشكل ملحوظ في ضوء القيود الناتجة عن إجراءات أمنية معقدة منذ عام 2012 وخاصة في العامين الأخيرين؛ وتضاعف عدد المرضى الذين يتقدمون للتصاريح للمرور من خلال حاجز معبر بيت حانون (إيرز) ووصل الى 21899 طلباً للتصاريح في عام 2015 حيث كانت نسبة الموافقة على هذه الطلبات تقلصت بشكل مطرد حيث تم الموافقة على 92.2% من الطلبات في عام 2012 الى 77.5% عام 2015. ومنذ بداية عام 2016 ازدادت أوضاع مرضى غزة الذين يحتاجون للتصاريح، وتدنت نسبة الموافقة إلى 44% من مجموع الطلبات.
واوضح ضاهر ان الإغلاق المستمر لمعبر رفح بين قطاع غزة ومصر منذ شهر يوليو 2013 ادى الى تراجع عدد المرضى الذين تمكنوا من الخروج للعلاج في مصر؛ وفي عام 2014 بلغ عدد المرضى الذين غادروا 3117 مريضاً في حين انخفض العدد الى أقل من النصف في 2015، بسبب إغلاق الحدود.
من جانبه، دعا الدكتور شريف بعلوشة رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر، العاملون في مجال الطب إلى المحافظة على أرواح الناس واعراضهم وحفظ أسرارهم المرضية، وبذل كل جهد وعناية ممكنة في خدمتهم وعلاجهم وعدم الاهمال في أداء عملهم ومهامهم.
الحقوق الصحية في القانون الدولي والفلسطيني
وفي الجلسة الاولى التي جاءت بعنوان " الحقوق الصحية في القانون الدولي والفلسطيني" ترأسها د. احمد الوادية وقدمت فيها اربعة ابحاث علمية ، فقد استعرضت د. أمنة أمحمدي بوزينة من الجزائر في بحثها المعنون "الالتزامات والمسؤوليات تجاه الحقوق الصحية، فيما قدم الأستاذ محمد التلباني دراسة بعنوان المعالجة التشريعية للقوانين المتعلقة بالحقوق الصحية ومدى انسجامها والمعايير الدولية، فيما قدم الدكتور رائد قنديل دراسة بعنوان الحماية الدستورية للحق في الصحة. فيما قدم الدكتور عمر التركماني دراسة بعنوان الحقوق الصحية للمرأة والطفل.
حماية الحق في الصحة والواقع الفلسطيني
وجاءت الجلسة الثانية بعنوان "حماية الحق في الصحة والواقع الفلسطيني"، وترأستها الدكتورة أمل صرصور- مركز بحوث ودراسات الأرض والإنسان، واستعرضت خمس دراسات علمية.
حيث قدم الدكتور أحمد أبو طواحينة دراسة بعنوان "واقع خدمات الصحة النفسية في قطاع غزة" فيما قدم أ. رابح حدو من الجزائر دراسة حول "الحماية المقررة للحق في الصحة للطفل الفلسطيني". والدكتور علاء مطر قدم دراسة حول "واقع الحقوق الصحية لمريضات السرطان في قطاع غزة"، والدكتور فضل المزيني دراسة حول "إثر الحصار الإسرائيلي على الواقع الصحي في قطاع غزة" والأستاذ محمد زايد "انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي للحماية الدولية للطواقم الطبية".
المسؤولية المترتبة علي الأخطاء الطبية
وحملت الجلسة الثالثة عنوان "المسؤولية المترتبة علي الأخطاء الطبية" ترأسها أ. جميل سرحان مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في قطاع غزة، استعرضت خمس دراسات علمية محكمة، قدمها كلاً من د. عبد القادر جرادة حول جريمة افشاء الاسرار الطبية. والدكتور شرين قاعود "المسؤولية الدينية للطبيب، والدكتور أنور الطويل "المسؤولية المدنية للصيدلي، والدكتور شريف بعلوشة " المسؤولية التأديبية للطبيب الموظف"، والدكتور طارق الديراوي والأستاذ عصام اسماعيل قدما دارسة حول "اثبات الخطأ الطبي في الدعوى الجزائية، وكلاً من الدكتور عامر أبو شريعة والأستاذ سليمان سلامة دراسة حول "المسؤولية التأديبية للصيدلي في قطاع الخاص".