ناقشت صحيفة "إسرائيل اليوم"، الجمعة، ما أسمته "اليوم الذي سيلي القضاء على داعش في الموصل"، واصفة إياه بـ"المخيف"، و"بوابة جنهم"، موضحة أن "المصالح المتناقضة للأطراف المشتركة في المعركة ستتحول لشلال من الدماء"
وقالت الصحيفة في وصفها للمشهد في معركة الموصل : ” المستقبل في المنطقة الشمالية بعد القضاء على داعش يبدو مخيفا، فالمنطقة تجمع العديد من القوى العسكرية تحت هدف مشترك، لكنها قد تتحول إلى حمام دم بسبب المصالح المتضاربة، لكن يجب على إسرائيل أن تبقى خارج اللعبة”
واعتبر المحلل الإسرائيلي يعقوب عميدرور في مقال له مع الصحيفة أن "جميع مشكلات الشرق الأوسط تقريبا تنضوي تحت معارك تحرير الموصل في العراق"، معتبرا أنه "من الصعب عادة إيجاد التقاء في العلاقات والقوى في مكان واحد بشكل يعبر عن منطقة بأسرها، لكن هذا هو الوضع في المدينة المهدمة التي ما زالت تسيطر عليها الدولة الاسلامية".
"تحديات التاريخ"
وقارن عميدرور بين تعاون الأطراف المتناقضة لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل، وبين التعاون بين القوى العظمى الشيوعية في الاتحاد السوفييتي، وبين الدول الغربية الديمقراطية برئاسة الولايات المتحدة ضد ألمانيا النازية، حيث قد "يؤدي التقاء الطاقات بعد انتهاء الحدث الذي خلقها وجمعها إلى نار محرقة، تقضي ليس فقط على التعاون المؤقت، بل ايضا على ما هو موجود في المحيط"، واصفة معركة الموصل بـ"الحدث المفصلي في الشرق الأوسط".
وأوضح المحلل الإسرائيلي بقوله إن "خمسة جيوش كبيرة تحارب هناك، إضافة إلى ملاحق صغيرة"، وهي:
1- جيش العراق، الذي يخضع لحكومة شيعية وتأثير إيران، والذي تم تدريبه بمساعدة كبيرة من الولايات المتحدة، والذي من المفروض أن يكون محايدا في الصراع بين الطوائف.
2- مليشيات شيعية تخضع لإمرة ايران وتسعى إلى تحقيق المصالح الضيقة للشيعة على حساب السنة، بما في ذلك تنظيف المكان من أي جهة سنية.
3- البيمشركة الكردية: وهي قوة الأكراد العسكرية التي تحاذي مناطقها المستقلة الموصل، وتريد توسيعها أو على الأقل التأثير في الموصل.
4- مليشيات سنية، خصوصا من عشائر الغرب – التي تحارب من أجل عدم تحويل المدينة إلى منطقة يقوم فيها الشيعة بالقضاء على السنة.
5- الأتراك الذين لا يعترفون بـ "اتفاق لوزان" من العام 1923، والذي رسم بعد الحرب العالمية الأولى حدود تركيا في هذه المنطقة، والآن يريدون منع الأكراد من تحقيق أي إنجاز، وبالنسبة لهم هم يريدون استعادة المناطق التي كانت حتى الآن تحت سيادة العراق.
أما في اليوم التالي من معركة الموصل، فيتوقع "أن تقوم كل مجموعة ببذل الجهود لتحقيق أهدافها على حساب المجموعات الأخرى، لأن جزءا من الخلافات فيما بينها نتيجة خلاف امتد سنوات طويلة لا يمكن حله".
"مفتاح الهلال الشيعي"
واعتبر الكاتب أن هناك تحديا كبيرا سينشأ اذا سيطر الشيعة على المدينة، وفرص ذلك كثيرة، ففي هذه الحالة قد يحدث ذبح كبير أو طرد للسكان السنة في المدينة، لأن "الموصل بالنسبة لإيران هي مدينة المفتاح"، فإذا نجحت في "تنظيفها" من السنة فذلك سيُمكنها من تحقيق الحلم الشيعي الإيراني بعيد المدى، وستنشأ فرصة التخطيط للاستمرار بالتوجه نحو الغرب، من جنوب تركيا نحو شمال سوريا، وبعد احتلال مدينة حلب باتجاه البحر المتوسط والالتقاء مع العلويين في سوريا والشيعة من حزب الله في لبنان.
هكذا سيتم استكمال ما يسميه ملك الأردن، متخوفا "الهلال الشيعي، ممر إيراني يقطع العالم العربي من طهران الى بغداد ومن هناك إلى دمشق وبيروت"، بحسب المحلل الإسرائيلي، حيث ستتمكن إيران أخيرا من تحقيق ما بدأت به بعد ثورة الخميني في العام 1979 وما سمي بـ "تصدير الثورة"، الذي وجد دفعة حقيقية بعد توقيع الاتفاق النووي بين إيران والقوى العظمى برئاسة الولايات المتحدة، وسيكون ذلك تعبيرا جغرافيا واضحا عن صعود قوة إيران في المنطقة.
ضياع الطريق
أما بالنسبة للسنة، فإن انضمام ايران والولايات المتحدة الى المعركة ضد تنظيم الدولة، والنتيجة الصعبة بالنسبة للسنة بعد المعارك، خصوصا اذا انتهت المعركة بالقتل أو الطرد لعدد كبير من المواطنين السنة، كل ذلك قد يخلق شعورا سنيا حول ضياع الطريق، بحسب عميدرور.
وتساءل: "كيف سترد السعودية التي تحاول قيادة الأغلبية السنية في العالم العربي؟ وكيف سترد تركيا، التي توجد بينها وبين الإمبراطورية الفارسية عداوة تاريخية؟ هل ستتصرف مثل قائدة للسنة وتضع نفسها في موقف مختلف عما هو اليوم، أي دولة قوية تسير باتجاه مركز منصة الشرق الأوسط؟".
واستدرك الكاتب بقوله إنه "إذا تقدم جيش تركيا إلى داخل العراق، فإن بغداد ستكون أمام قرار صعب حول كيفية فرض سيادتها، ولا تستطيع الولايات المتحدة الوقوف على الهامش، ولذلك فإن هذه الخطوة لن يتم اتخاذها بشكل سهل من قبل تركيا، لكن يجب أخذها في الحسبان، أم أن النتيجة ستكون تعزيز معنويات داعش، حيث لن يكون للسنة بديل، والسنة سيتدفقون كلاجئين إلى أوروبا
وتساءل على هامش ذلك: ماذا سيكون مصير كردستان التي تخاف من تركيا؟
"قنبلة موقوتة"
وتزداد المخاوف من عودة المواطنين المحليين (المهاجرين) إلى الأماكن التي خرجوا منها للقتال في سوريا والعراق، فقد يعودون إلى أوطانهم مع معرفة عسكرية ورغبة في الانتقام والشعور بأنه ليس هناك ما يخسرونه، وفي المقابل، ستصعب معالجتهم كونهم مواطني المكان، وكثير من الدول ستضطر إلى تغيير قوانيها من اجل مواجهة التهديد المتزايد.
واعتبر الكاتب أن نهاية تنظيم الدولة قد تكون في اليوم التالي "بوابة جهنم" التي تتركز فيها كل أمراض الشرق الأوسط: الصراع الشيعي - السني، والصراع بين إيران والسعودية (من خلال وكلاء)، والتوتر بين الأكراد والأتراك، والتواجد الإيراني أمام تراجع قوة الولايات المتحدة وروسيا التي تعمل من أجل الحفاظ على الأسد في الحكم"، واصفا المشهد بأنه "سيء جدا".
أما حول موقف إسرائيل، فرأى المحلل الإسرائيلي أن "على إسرائيل الاستمرار في السياسة التي اتبعتها حتى الآن: البقاء خارج اللعبة ذات الأبعاد التاريخية، وتحديد المصالح الحيوية، وعلاج الحالات التي يتم فيها تجاوز الخطوط الحمراء، التي قامت بوضع علاماتها بالرمال المتحركة والدامية في الشرق الأوسط"..