اكد القيادي في حركة حماس، موسى أبو مرزوق، أن حوارات المصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس" قد توقفت، وأن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أصر على شروطه لتحقيق المصالحة، خلال لقائه في الدوحة الشهر الماضي، مع قيادة "حماس"، والذي جرى برعاية قطرية، وهي الشروط التي ترفضها "حماس".
وقال في حوار مع "العربي الجديد" إنه "لم يعد هناك مجال لأي لقاء، إلا إذا تغير موقف "فتح" وعادت للحوار حول ما جرى الاتفاق عليه، مؤكداً أنه "لا مواعيد لأية لقاءات مصالحة". كذلك، أشار أبو مرزوق إلى أن نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، سيعود إلى غزة الشهر المقبل، وأنه لا يوجد ما يعيق حركته، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن الانتخابات الداخلية لحركة حماس لم تبدأ بعد.
ونفى القيادي الفلسطيني أن تكون الحركة في صدد الانسحاب من المشهد السياسي الفلسطيني. وقال إن "حماس" لا تستطيع وليس لها أن تنسحب من المشهد السياسي إطلاقاً"، مشككاً في الوقت نفسه بإمكانية أن تترك مبادرة حركة الجهاد الإسلامي تأثيراً في الساحة الفلسطينية، على الرغم من موافقة "حماس" عليها.
زيارة نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، إلى قطر طالت. هل هناك ما يمنع عودته إلى قطاع غزة؟
هو موجود بشكل مؤقت في قطر لأعمال خاصة بالحركة، وسيتوجه الشهر المقبل إلى غزة ولا توجد أية معوقات لعودته.
هل صحيح أنه يستعد ليكون رئيساً للمكتب السياسي، ومن ثم للانتقال إلى العيش في الخارج؟
الانتخابات عندنا تبدأ من المستويات الدنيا، ولا يعرف أحد من هو المرشح لرئاسة المكتب السياسي إلا في المراحل النهائية.
في أية مرحلة باتت الانتخابات الداخلية لـ"حماس" الآن؟
لم تبدأ بعد.
جرى الحديث عن مراجعات سياسية تقوم بها الحركة حالياً، خصوصاً ما أعلنه رئيس المكتب السياسي للحركة، خالد مشعل، في هذا الصدد. هل ما أعلن عنه يعبر عن رأي "حماس"؟
هو قال إن ما يطرحه رأيه الشخصي وتقييمه للأحداث، خاصة في ما يتعلق بالاستسهال في الانفراد بالحكم. الحركة منذ البداية، لم تستسهل تشكيل الحكومة منفردةً بعد الانتخابات. هي أجبرت على هذا الموقف لأن "فتح" رفضت رفضاً قاطعاً المشاركة في الحكومة وأجبرت الفصائل الفلسطينية على عدم المشاركة. وعموماً الوضع الفلسطيني لا يمكن أن ينفرد به أي فصيل أو تنظيم من التنظيمات الفلسطينية.
في ما يتعلق بوثيقة المراجعات، هل يمكن أن تكشف أبرز ملامحها؟
ستعلن وفي وقتها وزمانها، وهي ليست وثيقة مراجعات بقدر ما هي وثيقة سياسية فيها استعراض لمبادئ ومواقف الحركة عبر السنوات الماضية.
هل يمكن أن تتضمن توجهاً لحركة حماس بترك المشهد السياسي، وعدم الانخراط في أجهزة السلطة الفلسطينية كالمجلس التشريعي أو الحكومة الفلسطينية؟
المشاركة بالسلطة هي جدلية قديمة في الحركة. لا أتصور أنه بإمكان حركة بحجم "حماس" أن تنسحب من المشهد السياسي الفلسطيني، خاصةً بعدما حصلت على الأغلبية في المجلس التشريعي، وبعدما ألغيت الانتخابات البلدية التي كان مزمعاً إجراؤها الشهر الماضي، خوفاً من فوزها في الانتخابات. وللأسف جرى الآن تسييس القضاء، وانتهت القصة بحكم محكمة. و"حماس" لا تستطيع وليس لها أن تنسحب من المشهد السياسي إطلاقاً، لكن أيضاً في نفس الوقت المقاومة هي العمود الفقري لعملها والعمل السياسي يخدم المقاومة، ونعتقد أنه بدون المقاومة لا يمكن أن يحقق العمل السياسي شيئاً.
"لكن هناك من يرى أن العمل السياسي تحت الاحتلال لا جدوى منه؟
هذا موضوع آخر. صحيح أن النظام السياسي الفلسطيني تحت الاحتلال هو نظام محكوم بالاحتلال ولا يستطيع أن يكون مستقلاً، لكن الجهد المقاوم لا يمكن أن تحصده إلا بعمل سياسي. أما لماذا تعاملت "حماس" مع وضع غير مقتنعة فيه -أي اتفاقيات أوسلو-، فلأنها أصبحت أمراً واقعاً. فالسلطة أصبحت أمراً واقعاً في حياة الفلسطينيين. نحن نتحدث عن 5 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، ونتحدث عن 1.5 مليون فلسطيني داخل فلسطين المحتلة عام 1948. ونتحدث عن عدد سكان فلسطينيين يساوي عدد الغزاة الصهاينة الذين جاؤوا إلى فلسطين. وحينما جاء "أوسلو" وجاءت السلطة وجاءت الانتخابات لم نشارك فيها بدايةً، لكنها أصبحت أمراً واقعاً بفعل إقليمي ودولي، والحركة تعاملت مع أمر واقع.
ما هو تفسيرك لقرار المحكمة الدستورية الذي منح الرئيس الفلسطيني سلطة عزل أو رفع الحصانة عن عضو المجلس التشريعي؟
أعتقد أن المحكمة الدستورية ارتكبت خطأ كبيراً، فبدلاً من أن تكون مهنية وتلجأ إلى أحكام تصالحية مع معظم مكونات المجتمع الفلسطيني، على الأقل تمهيداً لقبولها، لأن هناك تنازعاً على قبول المحكمة سواء قبولاً بها أو بأعضائها، راحت تصدر أحكاماً غريبة تعد سابقة قضائية مضحكة. فبموجب قرارها، للرئيس أن يرفع الحصانة عن جميع أعضاء المجلس، وهذا تعزيز لسلطات شاغل هذا الموقع، بحيث لا يرى أمامه أية مؤسسة بما فيها المحكمة الدستورية التي يستطيع حلها، لأنه هو من عيّنها ومن شكّلها وبيده كل القرارات المتعلقة بها.
ما هو تفسيرك للقرار؟
بشكل شخصي أقول إنه لإرضاء الرئيس لا أكثر. وهو من عيّن أعضاء المحكمة الدستورية، وهناك مخالفة في تعيين بعضهم، كرئيس المحكمة الذي لا يجوز له قانونياً أن يكون في هذا الموقع. أما الهدف منه هو الاستعداد لمؤتمر "فتح" المقبل. هناك مشاكل داخلية في الحركة وهذا المؤتمر له استحقاقات وسيكون له ما بعده.
هل سيكون قرار المحكمة سيفاً مسلطاً على أعضاء "حماس" أو "فتح" في المجلس التشريعي؟
سواء هذا أو ذلك، هو قرار غير عقلاني أو غير دستوري بغض النظر عن هوية هذا العضو وانتمائه السياسي.
"ليس سراً أن إسرائيل تستعد لليوم التالي بعد الرئيس أبو مازن. هل لديكم سيناريوهات للتعامل مع هذا الوضع، لا سيما أن قانون السلطة يمنع الرئيس أبو مازن من الترشح لمرة ثالثة؟
بالنسبة لرئيس السلطة وأن القانون يمنعه من الترشح، فهذا بيد الرئيس. هو يستطيع ألا يدعو للانتخابات، وبالتالي لنحيّد هذه المسألة جانباً. لكن لا شك في أن السؤال (حول) شكل المستقبل، مطروح ومطلوب الإجابة عنه، لتمركز كثير من المناصب والهيئات بيد الرئيس عباس. وزاد ذلك بعد قرار المحكمة الدستورية الأخير حول رفع الحصانة عن أعضاء المجلس التشريعي وجعل مصيرهم بيد الرئيس. هذا سؤال مهم ليس فقط عند الكيان الصهيوني، ولا عند الدول العربية، صاحبة التأثير الأكبر على القضية الفلسطينية، ولا عند "حماس" فقط، بل عند جميع مكونات الشعب الفلسطيني، وخاصة حركة فتح. وأول من يجب أن يجيب عنه، حركة فتح، ولا سيما أن محمود عباس هو رئيس اللجنة المركزية لحركة فتح، فهم من يجب أن يجيبوا عن هذا السؤال. وهم حتى الآن لم ينجحوا في تعيين نائب للرئيس ليتولى من بعده هذا الموقع. ربما كان في تاريخ "فتح" تراتبية معينة للجيل المؤسس. في السابق، كان يمكن الاتكاء على تراتبية بحكم نشأة التنظيم ومكوناته من الجيل الأول، لكن الجيل الأول، "المؤسسين"، توفاهم الله في معظمهم، ومن بقي لا يستطيع تحمل مسؤوليات أي موقع من المواقع العامة. ومن المهم أن تجيب عن هذا السؤال حركة فتح بالذات، قبل أن تجيب عنه إسرائيل.
الأمر الثاني، هناك مواقع أخرى، وهنا كل فلسطيني معني بها، وهي رئاسة منظمة التحرير ورئاسة السلطة الفلسطينية. بالنسبة لرئاسة السلطة، لأنها بالانتخاب المباشر من الناس، وكل مكونات الشعب الفلسطيني، حسب أوزانها، سيكون لها تأثير في هذا الموقع. ويبقى ما يتعلق برئاسة منظمة التحرير الفلسطينية. وهنا السؤال الذي يجب أن يجيب عليه كل فلسطيني. من المعروف أن هناك اتفاقات تم التوقيع عليها في القاهرة في إطار وطني جامع في شهر مارس/آذار 2005، لترتيب أوضاع المنظمة، خاصة المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة التنفيذية ورئاسة المنظمة، لكنها لم تطبق حتى الآن. هذا السؤال، والإجابة عنه من المفروض أن يكون الحراك فيه بشكل جمعي لترتيب أوضاع النظام السياسي الفلسطيني، وآخر المبادرات في هذا الشأن، كانت مبادرة الجهاد الإسلامي التي دعت من ضمن بنودها إلى إعادة ترتيب منظمة التحرير الفلسطينية أيضاً.
هل توافقون على مبادرة الجهاد الإسلامي بكل مكوناتها؟
من حيث الموافقة على المبادرة بوصفها شيئاً نموذجياً في الطرح السياسي، فهي جيدة وأكثر من جيدة، بل ممتازة بما تريد أن تصل إليه. لكن هل حركة فتح على سبيل المثال، وهي من أهم المكونات التي يجب حساب موقفها حساباً دقيقاً، ستتفاعل مع هذه المبادرة؟ وهل الدول المؤثرة في الملف الفلسطيني، كالأردن ومصر، هي متفاعلة مع مبادرة من هذا النوع. المسألة معقدة والواقع مختلف.
كأنك تقول إن هذه المبادرة لن تترك تأثيراً في الوضع الفلسطيني؟
المبادرة مطروحة ليس بشكلها المجمل وبنودها العشرة واردة في كل الحوارات الفلسطينية، وليس هناك تفاعل إيجابي مع أي مكون من مكوناتها. على سبيل المثال، مطروح حل السلطة، لأننا في مرحلة تحرر وطني، وماذا بعد حلّ السلطة؟ وماذا ستفعل بنظام سياسي مستقر، وبأكثر من 200 ألف موظف، يعملون بموجبه؟ وكيف ستتعامل مع الموقف الآخر، إنشاء السلطة باتفاقيات دولية؟ المسألة ليست سهلة. فبنود المبادرة جيدة، لكن لا أتوقع أن يكون لها تأثير في المسار السياسي الفلسطيني، أو العلاقات الفلسطينية-العربية حتى. فمبادرة الجهاد الإسلامي تتحدث عن سحب مبادرة السلام العربية، بينما المطروح الآن بين بعض العرب، ودولياً، قراءة جديدة للمبادرة العربية (وهي) أسوأ بألف مرة من المبادرة نفسها. ومبادرة "الجهاد" تتكلم عن سحب المبادرة العربية وإلغائها، لا أظن أنه سيجري الموافقة على ذلك عربياً.
"في ما يتعلق بالمصالحة، وأنتم تمثلون حركة حماس في حواراتها، لقد ملت الناس من مسلسل المصالحة الطويل، فما هو تعليقكم؟
يحق (للناس) أن تمل من هذا الوضع. لكن "حماس" لا تستطيع ولا يمكنها أن تدير ظهرها للمصالحة، ولا يمكن أن نتخلى عنها وتترك الحال على ما هو عليه. أما لماذا لم تطبق اتفاقات المصالحة؟ فأقول بكل بصراحة إن الموضوع عند الرئيس أبو مازن. هو يعطي اعتباراً للمجتمع الدولي ويعطي اعتباراً لإسرائيل، في موضوع المصالحة، أكثر مما يأخذ بالاعتبار رغبات الشعب الفلسطيني. وبيده أن ينهي هذا الملف، لكن عنده وجهة نظر، وهو لا يريد أن تحارَب السلطة الفلسطينية ومكوناتها سواء مكونها التشريعي أو الحكومة، كما تحارَب حركة حماس. ولا يريد أن ينقل الحصار المفروض على "حماس" إلى الحكومة إذا شاركت "حماس" (فيها). هناك فيتو أميركي وفيتو إسرائيلي على مشاركة "حماس" في أي مستوى من مستويات النظام الفلسطيني. وبالتالي الرئيس لا يرغب بأن يجتمع المجلس التشريعي لأن "حماس" مشاركة فيه، ولا يرغب بمشاركتها بالحكومة الفلسطينية، وبالتالي كيف يمكن أن تحدث المصالحة؟ و"حماس" لا يمكنها أن تخضع لرغبة الرئيس في هذا (الشأن). وبالتالي الفيتو الأميركي والفيتو الإسرائيلي هما السبب الأساسي في تعطيل تحقيق المصالحة. وكلما كنا نصل إلى حل نجد أنه لا يطبق. وكل القضايا المتعلقة بالمصالحة أنجزناها في 8 سنوات من الحوار، وكلها متوقفة عند الرئيس الذي يتحدث دائماً عن الانتخابات. وأسأل ما الذي يمنعه من إصدار مرسوم بإجراء الانتخابات؟ كل الخلاصات التي وصلنا إليها بيد الرئيس، والرئيس لا يريد لهذه المصالحة أن تنجز، وعندما أعلن عن الانتخابات المحلية وافقت "حماس" على الرغم من أنها لم تستشر، ثم كان الذي كان وألغيت.
هل يمكن القول إنكم تريدون المصالحة لكن لا تستطيعون تحقيقها؟
نحن نريد المصالحة بكليتها، المصالحة تكون بين طرفين وليس طرفا واحدا، وقد دفعنا أثماناً لهذه المصالحة ومنها استقالة الحكومة التي نعتقد بشرعيتها، حكومة إسماعيل هنية عام 2014. ورشحنا السيد حمد الله لرئاسة حكومة التوافق الوطني، ومع ذلك لم يُقبل موقف "حماس". نحن نريد المصالحة لكن لا نملك أدوات فرضها.
"خلال اللقاء الأخير الذي جرى في الدوحة بين الرئيس عباس وقيادة "حماس"، هل تم الاتفاق على موعد جديد لعودة حوارات المصالحة بين فتح وحماس؟
لقد عقدت ثلاثة لقاءات في الدوحة وقلنا في هذه اللقاءات: نحن لا نحتاج لاتفاقيات جديدة، نريد آليات لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه. وفعلاً صغنا هذه الآليات في ورقة وقلنا لا نريد أن نوقع هذه الآليات ليرجع كل طرف إلى قيادته من أجل أخذ الموافقة على البنود. وإذا كان هناك تعديلات فليعد الوفد بالتعديلات. كان ذلك في شهر فبراير/شباط (2016). وفي شهر مارس/آذار، كان هناك لقاء ثان. وقدمت "حماس" ملاحظات على الورقة ولم تقدم "فتح" أية تعديلات. وتم النقاش في ملاحظات "حماس" وصغنا ورقة أخرى تعالج كل البنود، وافقت عليها "فتح" و"حماس". ومن ثم كان المفروض أن نذهب للتنفيذ، لكن اللجنة التنفيذية لحركة فتح اعترضت عليها وأعادت تشكيل الوفد وأدخلوا أعضاء جدداً فيه. وعادوا إلينا في شهر يونيو/حزيران وقالوا إنهم غير موافقين على الورقة التي تم الاتفاق عليها سابقاً. فعدنا للحوار من جديد ولم نخرج بأي اتفاق إلا على قضية واحدة، مقترح جديد قدمه رئيس وفد الحوار، عزام الأحمد، يتعلق بالبرنامج السياسي لحكومة الوحدة الوطنية. ونحن وافقنا عليه ثم في النهاية ذهبوا، وهذا المقترح، "البرنامج السياسي"، تم الاعتراض عليه من قبل "فتح". ولخص بعد ذلك أبو مازن ما يريده من المصالحة بأربع نقاط: حكومة وحدة وطنية ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية وتلتزم بالتزامات منظمة التحرير، وهذا لم يكن في أية لحظة من اللحظات موضع اتفاق، بل هو أصل المشكلة؛ النقطة الثانية، أن لا اجتماع للمجلس التشريعي، وأن نذهب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية؛ لا ذكر لانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني أيضاً، وهذا مخالف لكل ما توافقنا عليه أيضاً؛ ولم يأت على ذكر الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير. وأرسل هذه النقاط قائلاً هذا الموقف النهائي وبالتالي توقفت كل الجهود لتحقيق المصالحة، وحتى في اللقاء الأخير، أصر الرئيس على نفس البنود التي كان مصراً عليها في السابق، ولم يعد هناك مجال لأي لقاء، إلا إذا تغير الموقف وأصبح هناك شيء جديد، وبالتالي لا مواعيد لأية لقاءات مصالحة جديدة إلا إذا رجعوا إلى ما تم الاتفاق عليه، حينها يمكن الحديث عن مواعيد جديدة لحوارات المصالحة.
هل يؤثر موقف مصر السلبي من الرئيس عباس على المصالحة بين "فتح" و"حماس"؟
المصالحة مطروحة بين "فتح"، برئاسة أبو مازن، و"حماس"، وموقف مصر مهم جداً. وعلى العكس عندما كان هناك موقف مصري سلبي من "حماس"، كانت "فتح" تقول إنه لا يمكن أن تكون هناك مصالحة ما دام هناك موقف مصري سلبي من "حماس". ومن المهم أن تكون علاقة مصر مع كل الأطراف معقولة، ومصر حتى اللحظة تتعامل مع طرف رسمي هو الرئيس عباس، لكنها غائبة منذ فترة طويلة عن ملفات المصالحة الفلسطينية.
ماذا عن علاقة "حماس" مع القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان؟
قيل الكثير في هذا الموضوع، ويدللون على ذلك بوجود لجنة مشتركة في المجلس التشريعي في قطاع غزة، بين أعضاء لـ"حماس" وآخرين مؤيدين لدحلان. وأسأل ما الذي تفعله اللجنة غير تقديم المساعدات الإنسانية والاجتماعية للمحاصرين في قطاع غزة. نحن نقبل المساعدات من كل الأطراف، فهل يعقل أن طرفاً فلسطينياً يرسل مساعدات وأقوم بمنعه؟ نحن في حركة حماس مع وحدة حركة فتح، ونرى أن التعامل مع "فتح" موحدة وقوية أفضل من التعامل معها منقسمة وضعيفة. وندعوها لحل كل مشاكلها الداخلية، لأن خسارة "فتح" في الساحة الفلسطينية، خسارة للشعب الفلسطيني، وضعف "فتح" يعود بالضرر الكبير على كل مكونات الشعب الفلسطيني. ونحن نريد التعامل مع "فتح" الرسمية، ونحرص على وحدتها، ولا نتعامل مع "فتوح" أخرى موجودة في الساحة الفلسطينية مهما كانت. أما دحلان فهو ليس مطروحاً في ملف المصالحة الفلسطينية، ولا يطرح نفسه أصلاً. هو يطرح نفسه في إطار مساعدة الناس في قطاع غزة وهو أمر متاح له ولغيره، أما علاقته مع مصر وعلاقة عباس مع مصر فهذه قضية لا تخصنا.
هل هناك معلومات حول المختطفين الفلسطينيين الأربعة في مصر، هل هناك معلومات جديدة حول مصيرها؟
لا يوجد أي معلومات جديدة من الطرف المصري حول هؤلاء المختطفين الأربعة، لكنهم كانوا ولا يزالون مسؤولية مصرية، تم أخذهم من باص داخل الأراضي المصرية، كان تحت الحراسة المصرية، وكانوا في طريقهم من معبر رفح إلى مطار القاهرة. ومصر دولة ذات سيادة ومسؤولية الأمن لكل إنسان على أرضها هو مسؤوليتها، والمفروض أن تعمل مصر على إعادتهم قبل أي طرف آخر.
هل باب القاهرة مفتوح أمام حركة حماس أم لا يزال مقفلاً؟
لا ليس مقفلاً، هو مفتوح ولم يقفل، وتواصلنا مع الأخوة في مصر لم ينقطع.
في ملف المختطفين؟
هم لا يرغبون في أي حوار حول هذا الملف. ويقولون إن ليس لديهم أية معلومات بشأنه. أما بقية الملفات فيجري حوار حولها سواء المعبر (معبر رفح) أو كل ما يتعلق بالأمن، وعلاقات مصر مع القطاع كلها ملفات مفتوحة ويجري الحديث فيها.
في ما يتعلق بملف الأسرى الفلسطينيين، هل من جديد في قضية التبادل مع الاحتلال
الإسرائيلي؟
كل يوم يمر هو زيادة في الألم والمعاناة لهؤلاء الأسرى ولذويهم ولنا جميعاً، هؤلاء حقهم علينا كبير، ضحوا بزهرة شبابهم من أجل شعبهم ولا يمكن أن ينسوا وأن تنسى قضيتهم. لكن هناك 57 أسيراً محرراً جرى تحريرهم في صفقة شاليط، منهم 47 من "حماس"، ولا ننكر ذلك. وجرى إعادة اعتقالهم من قبل الاحتلال، وبعضهم أعاد الاحتلال الأحكام القديمة عليهم. فإذا لم يحترم العدو الصهيوني الاتفاق الذي خرجوا بموجبه، فما هي الضمانات لأن يحترم العدو الصهيوني أية اتفاقات مقبلة؟ لذلك قلنا إذا قبل أية اتفاقات جديدة حول تبادل الأسرى، يجب الالتزام بما تم سابقاً.
هل هناك أية مفاوضات أو عمليات وساطة في قضية التبادل؟
ليس هناك أية مفاوضات، ولا نقبل أية مفاوضات قبل أن يتم حل مشكلة الالتزام باتفاقيات شاليط واحترامها، والإفراج عن الأسرى المحررين. عندها يمكن أن يصبح هناك وساطة جديدة في هذا الموضوع. هناك رسائل كثيرة تأتي، ويريدون معرفة عدد الأسرى (جنود الاحتلال) ومعرفة حالتهم الصحية. ونحن لن نقدم أية معلومة، دون أن يلتزموا بخروج إخواننا الأسرى في صفقة شاليط، حينها من الممكن الحديث عن صفقة تبادل.
هذه الأسئلة عن عدد الأسرى والأوضاع الصحية، من أوصلها لكم، هل هو وسيط؟
جميع من يقابلنا من وفود غربية يطرح هذه الأسئلة. في قضية شاليط، لا أعتقد أن هناك طرفاً قابلنا ولم يطرح هذه الأسئلة، مثلاً منسق الأمم المتحدة يطرح هذه الأسئلة، الأسئلة تطرح من أطراف سياسية ولا نجيبهم إلا بهذا الرد، ولا يوجد طرف معتمد وسيط بين الطرفين حتى اللحظة.
هل تأخذون التهديدات الإسرائيلية لقطاع غزة وتهديدات وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، على محمل الجد؟
ليبرمان ما قبل استلامه وزارة الأمن شيء، وبعد استلامه لها شيء آخر. تهديداته قبل استلامه منصبه كانت في إطار سباق سياسي بين الإسرائيليين أنفسهم. وما بعد استلامه المنصب الوزاري فهو يعرف أنه لا يمكن أن ينفذ تهديداته من دون اللجوء للمؤسسة، ومن دون قرار منها. ونحن نرى في إسرائيل عدواً، والحرب والغدر متأصلان فيها، تعيش على الحروب وخاضت أربع حروب على غزة، ويمكن أن تخوض حرباً أخرى. ونحن نتعامل بهذا القدر ونأخذ كل ما يقال على محمل الجد. ولذلك يجب أن نستعد لجولة مقبلة، ونهيئ أنفسنا للأسوأ وليس لحياة وردية. والقطاع عاش حروباً عدة، ولا يزال الكثير من بيوته مهدمة والعديد من أهله بدون مأوى، وهناك مآس وبطالة وحصار، وكثير من المشاكل بسبب الحصار والحروب. ونحن لا نبخل على أهلنا. نعمل ليلاً ونهاراً من أجل تجاوز هذه المشاكل وحلها ورفع معاناتهم. نحن لسنا هواة حروب ولسنا جيشاً يريد كل يوم خوض حرب، لكن نبقى نعدّ أنفسنا كحركة مقاومة لكل يوم جديد، هذا موقفنا الذي هو خدمة شعبنا.