اصدرت كاتبة اسرائيلية تدعى الدكتورة "رونيت مرزان" وهي استاذة العلوم السياسية في جامعة حيفا وتقدم محاضرات للطلبة في التطور التاريخي والحوار القومي السياسي للعرب في اسرائيل ولها كتابات عديدة منها "الرموز الاسلامية في الخطاب الفلسطيني تحريض ام تبديد للاتجاه" اصدرت كتابا حمل عنوان "ياسر عرفات: خطاب زعيم منفرد" يقع في 350 صفحة من اصدار دار النشر "رسلينغ".
ونشرت هارتس تلخيصا للكتاب اختارت فيه مقتطفات من نهاية الكتاب ووصفت الكتاب بالمهم جدا ليس من باب فهم ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير واول رئيس منتخب للسلطة الفلسطينية حيث الفائز بالانتخابات الفلسطينية الاولى عام 1996الذي تقاسم مع اسحق رابين جائزة نوبل للسلام عام 1994 والرجل الذي اعتبر على مدى سنوات رمزا "للارهاب" وحرب العصابات فقط بل يسمح هذا الكتاب للإسرائيليين وفقا لتعبير " هآرتس" بفهم افضل "لجيرانهم" الفلسطينيين عموما وللقيادة الفلسطينية على وجه الخصوص والواقع الذي تعمل من خلالها وتنطلق من داخله لاتخاذ قراراتها.
يستند الكتاب الى رسالة الدكتوراه التي قدمتها الدكتورة "رونيت مرزان " الباحثة في تاريخ الشرق الاوسط في جامعة حيفا وخدمت وعملت لسنوات طويلة ضمن اجهزة الامن الاسرائيلية لكن الكتاب لا يعكس وجهة نظر المؤسسة الامنية الاسرائيلية كما لا يعكس بالضرورة وجهة النظر الاسرائيلية عن ومن ياسر عرفات او الاحداث السياسية والأمنية والاجتماعية التي وقعت في عهده.
ويعتبرالكتاب رحلة مثيرة بين السيرة الشخصية لياسر عرفات والسيرة الوطنية للشعب الفلسطيني كنقطة اهتمام و خلفية لكن الكتاب في الاساس رحلة الى داخل الكتابات والمقابلات والخطابات التي ادلى بها ياسر عرفات شخصيا في محاولة لفهم الواقع السياسي والنوايا السياسية والرؤيا الى جانب العقبات والمعيقات والمأزق وذلك من خلال تحليل الكلمات والصيغ واستخدام البلاغة والبيان والمشاهد المصطنعة المسرحية والانتخابات والدلالات .
لا يتضمن الكتاب اكتشافات او امورا لا نعرفها لكنه يتضمن فهما جديدا من المفيد معرفته وملخص وإجمال استشرافي قريب جدا من الواقع لانه يشكل في واقع الحال ايضا مرآة تعكس صورة المجتمع والقيادة الاسرائيلية ومنظومة المأزق والتسويات التي اضطرت القيادة الاسرائيلية للقيام بها نتيجة الضغوط خاصة تلك التي مارستها قوى سياسية متطرفة .
ورصد الكتاب الكثير من القوى التي ضغطت على ياسر عرفات الذي اضطر للانطلاق بمسيرته السياسية بينها فقد كانت هذه القوى كثيرة ومختلفة حيث عمل ياسر عرفات في مجتمع فلسطيني يهتم جدا بالسياسة من ناحية ومن الاخر منقسم بشدة .
ومرت الكاتبة الاسرائيلية في كتابها وصفحاته بين القوى الفلسطينية المختلفة التي اثرت على ياسر عرفات وقادة سفينتها بين هذه القوى وصولا الى اتفاق اوسلو فيما خلى الكتاب من تحليل سيرة عرفات شخصيا وسيرة منظمة التحرير عموما ما قبل فترة العمل السياسي حين كان العالم ينظر لمنظمة التحرير وياسر عرفات كمنظمة "ارهابية".
ووصفت الدكتورة "مرزن" في كتابها كيف حاول عرفات المناورة والتوفيق بين تبني اتفاق اوسلو والتمسك به والذي يعني في الاساس التنازل عن الكفاح المسلح لصالح العمل السياسي وبين الحساسية والاتجاهات الدينية- الاسلامية – حماس التي دفعت الامر نحو العودة للكفاح المسلح .
"استخدم عرفات بشكل مكثف فضائل الموت شهيدا عبر عملية مقاومة تعيد الكرامة الوطنية وهذا الامر ساعده على التخفيف من مشاعر الخجل الشخصي ومنحة فرصة للمناورة بين القوى السياسية وتحقيق التفوق الاخلاقي على اسرائيل والحصول على الشرعية في الساحة الدولية " جاء في نص الكتاب .
امتنع عرفات حسب وجهة نظر المؤلفة عن بذل أي جهد لخفض مستويات التحريض ولم يستخدم وسائل الاعلام لخلق تغيير وجداني وثقافي يؤيد ويدعم تحقيق اتفاق سياسي لانه خاف ان يفقد السلطة لصالح الحركات الاسلامية لذلك استثمر معظم وقته في محاولته الاثبات لشعبه بانه وطني يحافظ على الولاء للوطن المقدس فلسطين وانه مستعد للموت لاجلها.
وبحث الكتاب باستفاضة في خطاب كتائب شهداء الاقصى التي تبنت في بياناتها خطابا دينيا متشددا في محاولة منها لضمان نجاة فتح سياسيا والحفاظ على بقاء الحركة في ظل اجواء نالت فيها العمليات التي وقعت خلال انتفاضة الاقصى شعبية واسعة لدى الشارع الفلسطيني الذي رأى فيها عمليات فداء وتضحية.