أهل الحضر أنواع ، و أهل المدن أنواع ، و أهل الجبل أنواع و ألوان ، و مجتمعات تختلف عن أخرى ، بفعل عوامل كثيرة من ضمنها الجغرافيا و التاريخ و الموروث ، و الأديان و الأجواء و الخبرات و الجيرة ، و غيرها الكثير الكثير من العوامل التي تشكل ما يسمى بالثقافة الجامعة لأي مجتمع ، و تصوغ أنماطاً سلوكية لكل مجتمع ، و البدو ، و البادية ، و الأعراب ، و غيرها من المسميات هي مجتمعات كغيرها ، لها صفاتها و خصائصها ، و ملامح سلوكية معينة ..
والبدو ، ليسوا هم الأعراب ، و لا هم العرب ، فالبدو و البادية و البدائية صفات قد تطلق على غير جنس العرب ، و ربما من الطريف و لكنه الحقيقي ، أن المجتمع الأمريكي الأول من رعاة البقر ، هو بادية الغرب .
أما العرب ، و العربي ، فكلمة أصلها ( عَرَبَ ) ، و لغة تعني ( الكامل التام غير المنقوص ) أو الفصيح اللسن المتكلم بغير عوج ، عَرَب: ( اسم )
الجمع : أَعْرُب و عُرُب و عُروب ، ع ر ب : العَرَبُ جيل من الناس والنسبة إليهم عَرَبِيٌّ وهم أهل الأمصار و الأَعْرَابُ منهم سكان البادية خاصة والنسبة إليهم أعْرَابيُّ وليس الأَعْرَابُ جمعا لعرب بل هو اسم جنس و العَرَبُ العاربة الخُلَّص منهم أكد من لفظه كَليْل لائِل وربما قالوا العَرَبُ العَرْباءُ و تَعَرَّبَ تشبه بالعرب و العَرَبُ المُسْتَعْرِبَةُ بكسر الراء الذين ليسوا بخلص وكذا المُتَعَرِّبَةُ بكسر الراء وتشديدها و العَرَبِيَّةُ هي هذه اللغة و العَرَبُ و العُرْبُ واحد كالعَجَم والعُجْمُ والإبل العِرابُ بالكسر خلاف البَخَاتِيُّ من البخت والخيل العِرَابُ خلاف البراذين و أَعْرَبَ بحجته أفصح بها ولم يتق أحدا وفي الحديث { الثيب تُعرِب عن نفسها } أي تفصح و عَرَّبَ عليه فعله تَعْريبا قَبَّح وفي الحديث { عَرِّبوا عليه } أي ردوا عليه بالإنكار و العَرُوبُ من النساء بوزن العروس المتحببة إلى زوجها والجمع عُرُبٌ بضمتين كما جاء في مختار الصحاح
(مقاييس اللغة)
العين والراء والباء (ع ر ب ) أصول ثلاثة: أحدها الإبانة والإفصاح، والآخر النَّشاطُ وطيبُ النَّفس، والثالث فسادٌ في جسمٍ أو عضو. فالأوّل قولهم : أعرب الرّجُل عن نفسه، إذا بيَّنَ وأوضح.
وإعرابُ الكلام أيضاً من هذا القياس، لأنَّ بالإعراب يُفرَق بين المعاني في الفاعل والمفعول والنفي والتعجب والاستفهام، وسائر أبواب هذا النَّحو من العلم.
فأمّا الأمَّة التي تسمَّى العرب فليس ببعيدٍ أن يكون سمِّيت عرباً من هذا القياس لأنَّ لسانَها أعرب الألسنة، وبيانَها أجودُ البيان ، أو أن لغتها و طيب شمائلها و سلوكها كان أكثر ما يميزها من حيث الجود و الكرم و الفصاحة و حسن الطلعة . فهم قوم عَرَب / عُرْب والعَرَب : أُمة من الناس ساميّة الأصل ، كان منشؤها شبهَ جزيرة "العرب"
عَرَبٌ عَرْباء : صُرَحاءُ خُلَّص ، فيمكنك أن تصف غير العربي بأنه عربي ، أي كامل واضح ، بليغ ، صحيح غير منقوص ., مثل قوله تعالى { إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون} ، وقوله تعالى ( قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ )- الزمر28 ، و في وصف حور الجنة ، يقول تعالى : ( عُرُباً أتراباً ) عُرُباً أي محببات ، لجمالهن و كمال روعتهن .
فكلمة عربي من ذات الجذر اللغوي ، بعيداً عن الأصل و السلالة و العرق ، تعني ( التام الكامل الجميل ) . و في اللغة هناك ما يعرف بهمزة التعدي ، هذه الهمزة تارة تقلب معنى الفعل، وتارة تعدي الفعل لما لم يكن له، وتارة تدخلك هذه الهمزة إلى حيث شئت، فعلا إنها همزة عجيبة وما تحدثه من معانٍ رائعة فهي تسلب وتنفي معنى الفعل إلى ضده مثال:
أقذيت عينه، أي: أزلت قذاها ، بينما قذيت عينه أي وضعت فيها القذا .
أعجمت الكتابة، أي أزلت عجمتها ، بينما عجمت الكتابة أي جعلتها أعجمية ..
شكا إلي فلان فأشكيته، أي أزلت شكايته ، ولو قال فشكيته ستعني العكس أي قيامي بالتشكي ضده ..
عقل البعير فأعقلته، أي أزلت عقاله ، ولو قال فعقتله ، ستعني أنني ربطه ولم أزل عقاله
عاتبني صديقي فأعتبته، أي أزلت سبب عتبه ..
قال تعالى: (وَأَقْسِطُوا إنّ اللهَ يُحِبُ المُقسِطِينَ)
(وَأَقْسِطُوا): فعل أمر، و الإقساط ليس القسط، بل هو من فعل رباعي؛ فالهمزة فيه همزة النفي، هذه الهمزة هي همزة النفي، إذا دخلت على الفعل؛ نفت معناه؛ فالفعل (قَسَطَ) بمعنى: جار؛ فإذا أُدخلت عليه همزة (أقسط) صار بمعنى: عدل؛ أي: أزال القِسْطَ، وهو الجور، فيسمّون مثل هذه الهمزة همزة السلْب؛ مثل خطئ وأخطأ، خطئ بمعنى ارتكب الخطأ عن عمْد، وأخطأ: ارتكبه عن غير عمْد.
وعلى هذا ، فالأعرابي ، هي عكس العربي .. بمعنى الشخص الذي يعتريه نقص و خلل و عيب في شكله أو سلوكه وفصحاته .. و يمكن أن تكون في مجتع عربي ، و لكنك بينهم أعرابياً .. و يمكنك أن تصف اي شئ أو مجتمع ، أو فرد بأنه أعرابي إذا أبدى من التصرف و السلوك ما يعيب أو يشوه .. فالأعراب الأشد كفراً و نفاقاً ، هم الأشخاص ، الذين لهم تصرفات و سلوكيات فيها من الكفر و النفاق ما يستوجب وصفهم بأنهم ( أعراب ) و ليسوا ( عرب ) ، و يمكن أن نطلق هذا على اي شخص حتى ولو لم يكن من العرب أو من البادية العربية ، فنقول مثلاً هذا البريطاني أو الهندي أعرابي . و يمكن أن نقول هذا البريطاني أو الهندي عربي ( أي واضح ، بائن المنطق فصيح أو كامل الأخلاق و المظهر و الجوهر إلخ.. )
و مجتمع ( الأعراب ) هو مجتمع سُمي مجازاً بهذا الإسم أو تلك الصفة ، لما يعتوره من عدم إكتمال و بناء مجتمعي ، و لما يتسم به الغالب من أهله من صلف و حدة ، و غلظة ، شكلت نمطاً سلوكياً عند غالبية " الأعراب " ، و لا أعرف السبب الحقيقي ، في أن معظمنا يقرأ الآيات و لا يكملها ، بل إن الآية التاسعة و التسعين من سورة التوبة تصفهم بالتقوى و الإيمان ، يقول تعالى : ( الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم ( 97 ) ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم ( 98 ) ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم ( 99 ) .. صدق الله العظيم .