اكتشاف الإصابة بسرطان الثدي أمر مخيف ومفزع، خاصةً أن الكثير من عوامل الخطورة المسببة للمرض مثل العوامل الوراثية وتقدم العمر والجنس (النساء) خارجة عن سيطرتنا، وهو ما يجعل الكثير من الخرافات المرتبطة بسرطان الثدي تلقي رواجاً كبيراً ويعتبرها البعض جذابة، كما تعتمد الجهة التي تطلق الشائعة على فكرة التحذير من أحد الأشياء البسيطة التي نفعلها لحماية أنفسنا من السرطان.
ونسلط الضوء خلال هذا التقرير على أبرز الخرافات والشائعات المرتبطة بسرطان الثدي، وذلك حسبما نشر مؤخراً بصحيفة "ذي غارديان البريطانية"، وتشمل:
الخرافة الأولى: "حمالات الصدر" قد تتسبب في وفاتك
الفكرة القائلة بأن حمالة الصدر ذات السلك المعدني قد تتسبب في سرطان الثدي تم تداولها منذ عام 1995، حين أصدر كل من سيدني سنغر وسوما غريسماير كتابهما المعروف باسم "يرتدي ليقتل"، وهو الذي زعم وجود علاقة بين حمالة الصدر والسرطان، الفكرة تم إحياؤها مجدداً العام الماضي حينما كتب أحد ممارسي الطب البديل مقالاً على الموقع الإلكتروني للممثلة الأميركية "غوينيث بالترو " يحذر فيه من حمالات الصدر.
أما الشيء المشترك بين جميع الأشخاص الذين روجوا لتلك الإشاعة، هو أنهم ليسوا باحثين في السرطان أو متخصصين في الطب أصلاً.
وفيما يتعلق بدراسة سنغر وغريسماير، أكد التقرير البريطاني أن خبراء الطب لم يعتمدوا البحث العلمي، كما أنه لم ينشر في مجلة علمية ذات مصداقية كما هو متبع مع الاكتشافات العلمية الحديثة. وخلال التجربة أجرى الباحثون مقابلات مع أكثر من 4000 سيدة أميركية، اكتشفوا خلالها أن السيدات اللاتي لا يرتدين حمالة صدر أصيبت واحدة منهن فقط من كل168 بسرطان الثدي، بينما أصيبت 3 من كل 4 سيدات كن يرتدين حمالة الصدر طوال اليوم بهذا الورم الخطير.
وفسروا ذلك، زاعمين أن ارتداء حمالات الصدر ذات السلك المعدني يعطل دورة السوائل الليمفاوية، وهو ما يجعل الثدي ينتفخ ويمتلئ بالسموم، وفند التقرير تلك المزاعم، مؤكداً أن هذا لا يمكن أن يحدث لأن السائل الليمفاوي لا يمكن احتجازه بواسطة السلك المعدني الخاص بحمالة الصدر، لأن تلك السوائل لا تمر في هذا الاتجاه أصلاً، هذا بخلاف أن الصديريات ذات الأحجام المناسبة تمنع أنسجة الثدي من التمدد بشكل زائد، وبالتالي فليس هناك تأثير على الدورة الدموية، كما أنهم لم يتناولوا عوامل الخطورة التي تسبب سرطان الثدي مثل السمنة، والتي تجعل السيدات يرتدين حمالات الصدر لفترات طويلة.
وفي عام 2014 أجريت دراسة طبية واسعة النطاق تحت إشراف مركز فريد هاتشينسون للسرطان، الذي يتخذ من مدينة سياتل الأميركية مقراً له، ويحظى باحترام عالمي، أكدت أن ارتداء حمالة الصدر لا يرتبط إطلاقاً بخطر الإصابة بسرطان الثدي، كما أكدت العديد من الهيئات والمؤسسات الصحية العالمية أن مزاعم العلاقة بين الصديرية وارتفاع خطر الإصابة بسرطان الثدي تفتقد إلى الدقة العلمية.
ومن أبرز هذه المؤسسات:مركز أبحاث السرطان بالمملكة المتحدة ومؤسسة سرطان الثدي الآن والجمعية الأميركية للسرطان والمعاهد الوطنية للصحة NIH.
ومن جانبه وصف د.جنيفر جونتر، طبيب أمراض النساء والتوليد الأميركي هذه الخرافة بأنها "قاسية"، مؤكداً أن أسلوب التخويف قد يدفع النساء المصابات بسرطان الثدي للوم أنفسهن على ارتداء حمالة الصدر في فترة من فترات حياتهن.
عزيزتي حواء، إذا تسببت حمالة الصدر في شعورك ببعض الآلام فلا تفزعي خوفاً من سرطان الثدي، كل ما عليكِ فعله أن تتوجهي إلى أقرب مركز تسوق نسائي لشراء واحدة جديدة، بعد التأكد من اختيار المقاس مناسب.
الخرافة الثانية: مزيلات العرق قد تسبِّب سرطان الثدي
فكرة الربط بين استخدام مزيلات العرق والإصابة بسرطان الثدي كان يتم الترويج لها ببعض المزاعم غير الصحيحة، الأولى أن تلك المستحضرات تمنع إفراز السموم خلال نزول العرق تحت الإبطين، الثانية أن أملاح الألومنيوم التي تستخدم لتعطيل غدد إفراز العرق يتم امتصاصها بواسطة الجلد وترفع خطر حدوث السرطان.
مصدر هذه الخرافة كان عبارة عن إيميل مجهول المصدر يدعى تلك المخاطر الصحية، وانتشرت هذه المزاعم بسرعة كبيرة، وهو ما جعل المؤسسات الخيرية تتلقى العديد من المكالمات من أشخاص عبروا فيها عن قلقهم لأنهم معرضون للخطر بسبب وسائل النظافة الشخصية التي يستخدمونها.
وأوضح التقرير أن الغالبية العظمى من المواد الضارة داخل أجسامنا يتم التخلص منها عبر الكبد والكلى، ولا يتم إفرازها من خلال العرق تحت الإبطين كما نعتقد. أغلب الدراسات التي حذرت من مزيلات العرق وربطت بينها وبين السرطان أصدرها معمل بحثي واحد، غالباً كان الدكتور فيليبا داربر هو القاسم المشترك بينها والكاتب الوحيد الذي يتكرر في جميع الأبحاث.
إحدى هذه الدراسات ذكرت أن الألومنيوم يوجد داخل أنسجة الثدي (وليس ضمن مكونات مزيل العرق)، كما أنه لا يصح أن نستخدم الاستنتاج النهائي الذي توصلت إليه لأنه يفتقد للدقة العلمية، فلم يجربوا مزيل العرق على الأنسجة الصحية، وهو خطأ كبير لأنه يتوجب مقارنة تأثير المادة محل البحث تارة على أنسجة سليمة وتارة أخرى على أنسجة سرطانية، حتى ندرك هل هذه المادة مسرطنة أم لا.
وكشفت دراسة نشرت خلال عام 2002 بمجلة المعهد الوطني للسرطان "Journal of the National Cancer Institute"، وشملت 1606 سيدة، أنه لا توجد ثمة علاقة بين استخدام مزيلات العرق وبين الإصابة بالسرطان.
وفي السياق ذاته، كشفت دراسة نشرت في عام 2006، أجريت على مجموعتين من النساء: الأولى شملت سيدات مصابات وأخرى غير مصابات بسرطان الثدي، وكشفت النتائج أن 82% من السيدات غير المصابات بهذا الورم استخدمن مزيلات العرق، بينما استخدمها 52% فقط من السيدات المصابات بسرطان الثدي، وهو ما يبرهن على خطأ النظرية التي ربطت بين مزيلات العرق وارتفاع خطر الإصابة بالسرطان.
الخرافة الثالثة: المامو غرام تبث إشعاعاً يسبب السرطان أو يضغط على الأورام فيسبب انتشار الأورام
اكتشاف الإصابة بسرطان الثدي في وقت مبكر يقلل خطر الوفاة من المرض بنسبة تصل إلى 25%، وهو ما يجعل الخرافة التي تزعم أن أشعة الماموغرام (تصوير الثدي بالأشعة السينية) تسبب السرطان أو تتسبب في انتشاره لها خطورة كبيرة.
هناك إجماع بين خبراء الطب أن فوائد أشعة الماموغرام تتفوق على المخاطر المحتملة التي قد تسببها، وأكد التقرير أنه يجب أن يتم إجراؤها مرة واحدة كل سنة، كما أن الاختبار لا يستغرق سوى 20 دقيقة حيث تتعرض السيدة لجرعة صغيرة من الإشعاع أقل مما يحدث مع اختبارات أشعة الصدر، وبالتالي لا ترقى الماموغرام للدرجة التي ترفع فيها خطر الإصابة بسرطان الثدي.
وفيما يتعلق بعملية انبثاث أو انتشار الورم الخبيث فهي تعني انفصال بعض الخلايا من الورم لتنتشر وتستقر داخل مكان آخر في الجسم مسببة ورماً ثانوياً، وهو سرطان معقد من الناحية البيولوجية، ولا يمكن أن يحدث نتيجة الضغط على الورم.
أشعة الماموغرام تعتبر مخيفة بالنسبة للسيدات لأنها قد تجعلهن يكتشفن وجود الورم الخبيث، لكن على أية حال، يعد الاكتشاف المبكر للورم هو أفضل طريقة لإنقاذ حياة المريضات، وأثبتت التجارب أن 8 سيدات من كل عشر مريضات يبقين على قيد الحياة حال اكتشاف الورم في مراحله الأولى، وهو إنجاز كبير نظراً لأن المرض في الماضي كان يتسبب في الوفاة المبكرة.
عزيزتي حواء، إذا كنتِ تشعرين بالقلق حيال السرطان، فيمكن الاستعانة بمصدر ثقة للمعلومات مثل موقع الخدمات الصحية البريطانية NHS أو المواقع المعتمدة للمؤسسات الخيرية لمكافحة السرطان، كما يمكنك دائماً التحدث مع طبيبك الخاص إذا كان لديكِ أي مخاوف حول صحتك.
- هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Independent البريطانية