الشاعرة فاطمة محسن، عضو بـأسرة الأدباء والكتاب، شاركت بالكتابة في العديد من الصحف المحلية والعربية ، حاصلة على المركز الأول في كتابة القصيدة ضمن مسابقات شعرية،
شاعرة تأتيها القصيدة من حديقة الروح كي تصنع الحياة ، قصائدها لا تنتعش سوى في الشتاء ، مراياها شفافة متناقضة ومتمردة ، من دواوينها الشعرية :
أسقط منك واقفة
يرقصان على جنوني
“أخبئه كي لا ينبض” نصوص نثرية مشاركة مع الفنان حامد البوسطة وترجمة غريب عوض .
فاطمة محسن شاعرة وإنسانة أية مقارنة؟
المقارنة تكون بين المختلف، فاطمة محسن الإنسانة هي فاطمة محسن الشاعرة، كل ما في الأمر أن الشاعرة تنثر الحروف والإنسانة تذرف الدموع
من أي حديقة جئت القصيدة، وماذا تحملين في جيوبك من عبقها؟
القصيدة تأتي من حديقة الروح، هناك تسكن القصيدة، تتملك مساكنها وتتجول في شوارعها تنهل من رائحة زهورها وتنشر عبق الروح حروفا تتألق محبة، تسكنني هواجس الإنسانفتنساب قصيدتي حبا، فإن لم تكن معجونة بالحب فهي ليست قصيدة مهما كان غرض القصيدة لديك لابد أن تدخل بيتها بمحبة لتستطيع أن تقبض على عسل القصيدة وتنعم بعبقها الأثير والعذب فالحب يرفع قدرة التخيل ويمد اللغة بنشوة مميزة وبطاقة هائلة تطيل حروفها وتمد ألق معانيها بما لم يخطر على بال أحد
يقول الشيطان لفاوستانتبه إن أخطر ما صنع الإنسان هي الكلمة. ما مدى صحة هذه المقولة ولتكن البداية ديوانك الأخير «قميص يغرق البحر»؟
ما هو الأثر الذي تريد أن تتركه من خلال ما تكتب ، الكتابة إحياء للروح أحيانا تضيع منا أرواحنا فلا نجدها إلا فيما نحب، الشاعر يجد روحه في الكتابة حين يفرغ الكاتب الحروف على الورق فهو لا يخرج معاناته، ألمه، أفكاره وجنونه فقط إنه يصنع حياة أخرى يخلق من الحروف مدائن نتوق إليها تحبها دواخلنا، الشاعر لا يستنزف روحه على الورق إنه يرقص على الرماد تلك الرقصة التي تحفز على الحياة والحب والسلام رقص ينبذ الظلم والحقد والكراهية، رقص موجع ومفرح في آن، الشاعر يضع روحه على الورق ليلتقطها في ألق ما يأتي من عيون قارئه، أو دهشة ما تنعش روحه من جديد
فلوبي، وهو مستغرق في الكتابة، يحبّ أن يروح ويجيء في الغرفة المغلقة، ضاربا الأرض بقدميه، بالمناسبة هل من طقوس وعادات كتابية لفاطمة محسن؟
الكتابة عندي تنتعش في الشتاء، أجواء الشتاء الباردة، انهمار المطر وعبق القهوة محفزات لكتابة رائقة، على الرغم من أني لا أشرب القهوة لكني أجهزها لتغمر رائحتها المكان ويبدأ الحرف في الاشتغال بقصيدة ما، أنزوي بمكتبي أو غرفتي أكتب وأعيد قراءة ما كتبته بصوت مرتفع أعيد وأكرر حتى تخرج تلك الشهقة والدفقة الشعورية قصيدة أمر عليها بعد ذلك بقليل من التهذيب والتنسيق. أو قد تأتي الكتابة مسرعة ، مهرولة لا تنتظر طقوساً معتادة فتخلق لها طقوسها الخاصة حين تمتزج بشهقة الكتابة.
مرايا الرجل في ” أسقط منك واقفة” متعددة،فأي المرايا سقطت من يديك كي تتشظى في قصائدك؟
تتماهى المرآه مع فكرة الانعكاس، كلما نظرت لمرايا الرجل وجدت شيئاً ما يجبرني على الوقوف والتأمل فحينا هو أبي وأخي وصديقي وابني، هو الحنون والسند والرفيق والشريك، كاتم السر والمؤازر في المحن، هو الحبيب والشفيف وتؤام الروح، ولكنه أيضا العدو، الغادر، الخانق، المتصيد الخائن، المعقد، المؤذي، الصارخ في سكون القلب، المزلزل للثوابت، كل تلك المرايا المتناقضة،الصادقة، المتمردة، الجميلة تتشظي بداخل قصائدي حين أكتب عن الرجل ووحده الموقف يفرض مرآته.
أحياناتتجاوزين كل الخطوط الحمراء التي يفرضها المجتمع الشرقي على المرأة، فمن أي مشتل جئت بهذه الجرأة؟
بكل تأكيد…وإن لم أفعل فأنا أخدع نفسي ، بين الإبداع والإتباع بون شاسع ، ألف باء الإبداع يتطلب بالضرورة الصدق مع النفس، وأبسطها تجاوز المسكوت عنه وطرحه بوعي تام لا بإسفاف مخل، من حق جسدي كما من حق عقلي وقلبي أن يقول كلمته يتحدث عن نفسه يقولها صريحة في وجه من يغلق عليه باب السكوت ويسجنه في غرف العادات والتقاليد ، لنقل أننا أطلقنا حرية هذا الجسد بعد أن بقي في سجون الظلم طويلا، لكنه يخرج للحياة بوعي تام حيث قضى فترة عقوبته في التطهر مما يدعون وفي قراءة ما يستبد به من جنون قراءة متأنية قائمة على التحليل والتفسير، على المجتمع أن يتقبل هذه البذرة التي جاءت تامة مكتملة بعد أن مرت بأنواع من التربة فتجاوزت الملوحة والجفاف لتخرج ثمرتها ناضجة حلوة المذاق .
“أسقط منك واقفة”. يرقصان على جنوني” وقميص يغرق البحر”. من أي ورشة تأتين بشعرية هذه العناوين؟
الخيال هذ البحر، الذي نصطاد منه كلماتنا وصورنا، الجميل أنه زاخر دائما بصيد ثمين ومختلف بالخيال تستطيع أن تجمع الأضداد وتفرق بين المعتاد، تبحر في أعماق نفسك فتكتشف الجمال يتشكل نصا أو عنوانا أو لوحة فنية لولا هذا الخيال لما عرفنا طريق الإبداع، الجميل فيه أنه مختلف من شخص لآخر وهذه هي الفتنة والغواية والسحر الحلال وجمال نحظى به دائما بروعة المتخيل على اختلاف منابعه.
كما لو تحاكين ضفائرك، كما لو تمشطين فصولك، كما لو تلوذين بك في ” يرقصان على جنوني “.ما تعليقك
في يرقصان على جنوني ألوذ بصمتي، من جبلين يعتصران روحي كل منهما يزاحم الآخر لعصري، وأنا بينهما ألوذ بالمحبة، مرهون قلبي لهما بضفائر تمتد من طفولة راجفة لنضج راقص بمحبتهما،وهما يختالان بقتلي ويتعمدان بإصرار مبهم في جري للعالم السفلي، لعالم لا تتنوع فيه الفصول، يقف صامداً على قيظ مجنون يحتلني بلهيب أيامه، يحرق ما تبقى من روحي بتجاهل مقتضب لبواطن ذاتي الطافحة بمحبتهما، ونفي تاباه روحي ألوذ منهما إليهما بدهشة المغدور ورجفة العاشق.
بم تتهم فاطمة محسن الإنسانة؛ فاطمة محسن الشاعرة؟
فاطمة الشاعرة قلقة أبدا، مشغولة دائما، تنزف من روحها كثيرا فتربك الإنسانة داخلي هما صديقتان كل منهما تضع راسها على كتف الأخرى وتبوح لها بما يحزنها ويسعدها فتترجم الشاعرة هذا البوح لقصيدة تقرأها فاطمة الإنسانة فتنساب الحياة كقصيدة بين يديها
.قصيدتك أحيانا بنفس طويل؛وأحيانا ثانية بنفس قصير فأين نجدك ؟
القصيدة الجميلة تغوص بنا في عوالم الاحتمالات وتعثر النهايات، للقصيدة عمر وطول ووزن ككل الكائنات، حين تخلق القصيدة تجيء حسب ظروفها حسب مناخها ولكل مناخ نفس قد يطول وقد يقصر لذا تجدني حيث أسرار القصيدة، تكوينها، بناءها كل ذلك لا نعرفه إلا وقت خلق القصيدة، فالقصيدة مخاتلة، فاتنة كلها إغواء تسير بغنج ودلال لاتأتيك إلا حين تمسك بمفاتيحها وتهدهد على قلبها بمحبة وإلا هزمنا أمامها وتقهقر المعنى.
.هل هناك من نص مذكر ونص مؤنث؛ وهل تنفصلين عن انوثتك وانت تكتبين قصائدك؟
الحضور الأنثوي في القصيدة لا يمكنإغفاله،لا يهمني إن قيل قصيدة أنثوية أو نسائية إن لم يقصد بها الدونية، بطبيعة الحال هناك، اختلاف بيولوجي وثقافي بين الرجل والمرأة، أحدهما فرضته طبيعة الأشياء والآخر فرضه المجتمع. لذا لما نشغل أنفسنا بهذه التسميات، وهذا التمييز الذي يضعف العملية الإبداعية، لا تخرج قصيدتي بفستان، القصيدة تخرج من القلبوالفكر وسواء كان كاتبها رجل أو امرأة وسواء جاءت بمفردات انثوية أو مشاعر خاصة بالمرأة أو جاءت محايدة، ما يهم حقيقة هو الوقع الإنساني الذي يلامس المتلقي وشهقة الدهشة من براعة المكتوب.
.في قصائدك يرمز الجسد الى كل شيء. كما يرمز كل شيء الى الجسد. فكيف تقرئين لغة هذا الجسد؟
حين نفصل الجسد عن كل شيء، فنحن ندخل في الوهم ونمتطي عجلة الجهل مسرعين بذلك للانفصام، الجسد هذا الكيان الذي تحتله أرواحنا، هو المعبر الوحيد عن أفكارنا ومشاعرنا، هو الذي يتحمل كل هذا الجنون الذي تفوح به عقولنا ومشاعرنا كيف لا يدخل في كل شيء وهو كل شيء، هو الحس وهو الفكر هو اللغة الطاغية والفاضحة لكل ما نريد حين نصمت مختارين أو مجبرين، له لغته الخاصة التي تنطق بما لا ننطق هذا الجسد هو نحن ،لذا تراه يمرض حين تتفاقم خيباتنا ويرقص فرحا حين ترقص أرواحنا فرحا باختصار هو المترجم الحقيقي لما بداخلنا من لغات وأفكار من جنون وظنون من مشاعر نابضة كنبضة قلبك تماماً
14.ماذا عن المشهد الشعري البحريني بصيغة المؤنث؟
المرأة البحرينية الشاعرة حريصة جدا على وجودها في المشهد الشعري البحريني حتى العالمي،نشطة جدا تتفاعل مع كل ما حولها من أحداث، قوية بما يكفي في محاربة كل مايمكن أن يوقف مشروعها الكتابي ، تشتغل جيدا على مشروعها الشعري لذا تراها دائما ماثلة في المشهد بقوة وتفرد، فكل شاعرة لها لغتها ونسيج نصوصها يختلف عن الأخرى، لا تناسخ في النص ولا في الفكرة ربما تجمعهم خصوصية ما لكنهن لا يتشابهن فيها لكل واحدة نظرة مختلفة لمعنى الثقافة والكتابة، لذا ترى أنك تدخل عوالم جميلة مزينة بنون النسوة متجذرة في المعنى متصدرة للغة الشامخة.
ما الذي تقولينه لهذه الأسماء بصيغة المؤنث ؟
أ نازك الملائكة: مازالت موسيقى قصائدك ومعانيها الجميلة تخترق روحي وتذكرني بالحس الأول لقصيدة التفعيلة وولعي بنصوصك وبالتفعيلة
ب بثينة العيسى: تعملين بصدق وشغف لمشروع المثقف الحقيقي
ج أحلام مستغانمي: لغتك فواحة بشذى لا يخطئه من تعطر بحروفك
15.لك الكلمة الأخيرة قبل إسدال الستار؟
“هل أنام
وأنا معلقةٌ بجرسِ أنفاسِك
الأحلامُ لا تصادِقُني
كما قلبُك تماماً
لا أعرفُ لو جاءت متى أفيق
وحينَ أفيقُ
كيفَ سأواري رَجْفاتي
وأُخفي ما تبقى من قُبُلاتِك
وأيُ طائرٍ سيعلمُني ذلك
ديموزي
لو أفطِمُك ونستريح !!!”