خبر : وثيقتان سريتان إسرائيليتان تؤكّدان تملّص تل أبيب من فرض معاهدة جنيف على الضفّة وغزّة

السبت 24 سبتمبر 2016 09:13 ص / بتوقيت القدس +2GMT
وثيقتان سريتان إسرائيليتان تؤكّدان تملّص تل أبيب من فرض معاهدة جنيف على الضفّة وغزّة



القدس المحتلةسماكشفت وثيقتان سريتان صادرتان عن وزارة الخارجية الإسرائيلية، كيف حاولت تل أبيب التملّص من فرض معاهدة جنيف على غزة والضفة، اللتين احتلتهما خلال عدوان حزيران (يونيو) من العام 1967. وتظهر الوثيقتان التاريخيتان، وفق فحواهما الذي نشرته صحيفة “هآرتس″ أمس، كيف تملصت تل أبيب بشكلٍ منهجيٍّ من مناقشة موضوع الأراضي المحتلة مع جهات دولية، وبالخصوص كيف امتنعت عن استخدام مصطلح احتلال في التطرق إليها، بهدف التهرب من الرقابة الدولية. كذلك تتضمنان اعترافًا من مسؤولين إسرائيليين كبار بخرق اتفاقيات جنيف وممارسة العنف مع الجمهور الفلسطيني.
وأشارت الصحيفة العبريّة في تقريرها إلى أنّ الوثيقة الأولى برقية تعود إلى آذار (مارس) من العام 1968، بعث بها كل من ميخائيل كومي (المستشار السياسي آنذاك لوزير الخارجية آبا ايبن)، وثيودور ميرون (المستشار القانوني للوزارة).
وأرسلت ممهورة بتصنيف سري للغاية إلى السفير الإسرائيليّ لدى الولايات المتحدة آنذاك، إسحاق رابين، وتضمنت إرشادات له حول سبل منع الأمريكيين من إلزام إسرائيل تطبيق المعاهدة. وجاء في البرقية أنّ نهجنا النسقي كان ولا يزال التهرب من مناقشة أوضاع المناطق التي نسيطر عليها مع جهات أجنبية على أساس معاهدة جنيف، على حدّ تعبيرها. علاوة على ذلك، ذكرت (هآرتس)، توضح البرقية أنّ الاعتراف الواضح من جانبنا بسريان معاهدة جنيف سينشئ مشكلات صعبة من زاوية المعاهدة بشأن تفجير البيوت والطرد والاستيطان وغيرها… وفي الوقت الذي يجب علينا فيه إبقاء كل الخيارات مفتوحة بشأن الحدود، يحظر علينا الاعتراف بأن مكانتنا في المناطق التي نسيطر عليها هي سلطة احتلال فقط.
وخلصت البرقية إلى القول إنّ سياستنا بشأن تلك المناطق محاولة منع التناقضات الواضحة مع معاهدة جنيف، من دون الدخول في مسألة سريان المعاهدة، كما أكّدت. وبحسب الصحيفة، اعترف كومي وميرون، محررا البرقية، بأن مكانة القدس إشكالية خاصة، لأن حكومة إسرائيل عملت فيها بما يتعارض مع المعاهدة. وأضافا: المشكلة الصعبة هي طبعًا القدس الشرقية (شرقي القدس)، لأنّه في هذه المسألة، لو عملت الحكومة وفق معاهدة جنيف وقوانين لاهاي (المتعلقة بالحرب)، لما كان بإمكانها إجراء تغييرات بعيدة المدى في المجال الإداري والقانوني، كمصادرة الأراضي، على حدّ تعبيريهما.
ووجّهت البرقية رابين للقول للأمريكيين إنّه توجد أبعاد خاصة لمكانة المناطق (المحتلة) ومكانتنا في المناطق، وشرح كاتبوها ذلك بأنه قبل حرب الأيام الستة، لم يكن قطاع غزة منطقة تابعة لمصر، فيما الضفة جرى احتلالها وضمها من الأردن دون اعتراف دولي، وفي ظل هذا الوضع الإقليمي غير المحدد والغامض، فإنّ مسألة تطبيق المعاهدة ستكون معقدة وغير واضحة، إلى أن نتوصل إلى اتفاق سلام يشمل ترسيم حدود آمنة ومعترف بها. كذلك أوضح كومي وميرون أنّه لا فائدة من المجادلة العلنية مع الأمريكيين، واقترحا على رابين أن يسجّل رد فعلهم فقط.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ كومي كان قد أوصى في 22 حزيران (يونيو) من العام 1967، أيْ بعد أقل من أسبوعين على وضع الحرب أوزارها، نائب المدير العام لوزارة الخارجية، يوسف تكواع، بالامتناع عن استخدام مصطلح الاحتلال، كي لا يترتب على ذلك السماح للصليب الأحمر بالوصول الحر إلى الفلسطينيين في الضفة. وكتب في رسالة سرية، أنّه في ضوء حقيقة محاولة الصليب الأحمر المطالبة بحقوق تتعلق بالجمهور المدني بناءً على اتفاقيات جنيف، ينبغي الحذر من استخدام مصطلحات معينة منصوص عليها في المعاهدة. واقترح استبدال مصطلح المناطق المحتلة بالمناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية أوْ مناطق الحكم العسكري.
وقد كشف عن الوثيقتين بناءً على طلب معهد أبحاث “عكفوت”، الذي رأى مديره، ليؤور يفنيه، أنّ ما يُميّز البرقية الموجهة إلى رابين الصراحة النادرة التي يفصل فيها كتبتها أسباب امتناع الحكومة عن الإقرار بسريان معاهدة جنيف في المناطق، لجهة أن جزءً من سياستها في المناطق تتناقض ببساطة مع بنود المعاهدة، أوْ كون ذلك خطوة تكتيكية تمهيدًا لاتفاق سياسي في المستقبل، على حدّ تعبيره.
يُشار إلى أنّ يفنيه، يُواكب عن كثب الجرائم الإسرائيليّة التي تُنفّذ في المناطق الفلسطينيّة، ويؤكّد في مقالاته التي ينشرها في صحيفة (هآرتس) على أنّ الجنود والضباط الذين يرتكبون مخالفات حنائيّة خطيرة مثل القتل، ينهون محاكمتهم بالإدانة بتهمةٍ بسيطةٍ مثل استخدام السلاح بصورةٍ غيرُ قانونيّةٍ، وبعد انتهاء خدمتهم العسكريّة، تقوم الشرطة العسكريّة الإسرائيليّة بشطب ماضيهم الجنائيّ، لكي يتمكّنوا من الانخراط في العمل، على حدّ تعبيره.