غزةسما أكد الدكتور خليل الحية، عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" على أهمية التوافق على برنامج سياسي قائم على القواسم المشتركة، لا يتضمن أي تنازل عن الحقوق الوطنية. مشددًا على أهمية إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية عبر الإيمان بالشراكة وعدم الإقصاء، وتوفير مناخات إيجابية وإرادة حقيقية لتوفير هذه الشراكة قبل التوافق على البرنامج السياسي والأدوات. موضحًا أن وثيقة الوفاق الوطني (وثيقة الأسرى) التي وقعت في العام 2006 تشكل أرضية لذلك.
وقال إن المخرج للحالة الفلسطينية الراهنة هو إعادة بناء المؤسسات الوطنية على أسس الشراكة، داعيًا إلى إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير عبر إجراء الانتخابات حيثما أمكن وبالتوافق حينما يتعذر إجراء الانتخابات، لا سيما إجراء الانتخابات للمجلس الوطني، ولكن إذا تعذر إجراؤها فلا بد من التوافق على مجلس وطني انتقالي.
وأشار إلى أن "حماس" ماضية في الانتخابات المحلية حتى النهاية، ونحن مع تشكيل قوائم وطنية لسبب واحد، لأن إجراء الانتخابات بعد عشر سنوات من الانقسام ستكون انتخابات سياسية وليست خدمية، لكن موقف الطرف الآخر رفض ذلك لقياس شعبيته. مؤكدًا أن أجواء إجراء الانتخابات تختلف في الضفة وغزة، إذ تعاني بلديات القطاع من حصار ومشاكل الكهرباء وإعادة الإعمار، بينما يتعرض أعضاء ومناصرو "حماس" في الضفة إلى الاعتقال، سواء من الاحتلال أو من الأجهزة الأمنية، وهذا بدوره يؤثر على مجريات العملية الانتخابية.
وأضاف إن الانتخابات المحلية بوابة لتحقيق شراكة حقيقية، فالكل ذاهب إلى شراكة، إضافة إلى نتائج الانتخابات ستجبر القوائم على التعامل مع بعضها البعض، فستعمل "حماس" جنبًا إلى جنب مع "فتح" واليسار والمستقلين لخدمة أبناء البلد.
جاء ذلك خلال حلقة النقاش التاسعة ضمن سلسلة الحلقات التي ينظمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) تحت عنوان "ما العمل؟"، في مقريه في البيرة وغزة، عبر "الفيديو كونفرنس"، بحضور عشرات من الشخصيات السياسية والأكاديمية والنشطاء. وقد أدار الحوار في البيرة هاني المصري، مدير عام مركز مسارت، فيما أداره في غزة صلاح عبد العاطي، مدير المكتب هناك.
وأكد المصري على أن الحلقة القادمة ستكون الأخيرة، إذ سيصار بعدها إلى عقد جلسات بؤرية لمناقشة ما طرح في مجمل الحلقات، على أمل الخروج بتصور مشترك يحدد القواسم المشتركة، وينظم الخلافات والتعددية والتنوع والمنافسة في إطار الوحدة التي تفرضها مرحلة التحرر الوطني التي تمر بها القضية الفلسطينية.
وقدم الحية في بداية اللقاء تشخيصًا للحالة الفلسطينية، مبينًا أننا في مرحلة تحرر وطني تستوجب مقاومة الاحتلال بكافة الأشكال التي أتاحتها الإنسانية، ونحن في هذه المرحلة نعاني من اختلاف في البرامج والرؤى، لكن هناك قواسم مشتركة تجمع ما بين البرامج، فلا ضير من الأخذ بمسار تتعايش فيه البرامج، من خلال العودة إلى برنامج المقاومة مع بقاء برنامج المفاوضات بعد إعادة النظر فيه.
وأضاف: يجب إنهاء الانقسام على أساس الاتفاقات الموقعة، وخاصة اتفاق القاهرة 2011، مبينًا أنه كان من الأفضل التمسك بتطبيق الاتفاق كرزمة واحدة، إلا أن "حماس" ومن أجل إنجاز الوحدة وافقت على تجزئة تطبيق الاتفاق، وهذا الأمر لم يؤد إلى النجاح.
وأكد على ضرورة إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير لتضم مختلف ألوان الطيف السياسي، وخاصة الأطراف غير المنضمة إليها مثل "حماس" والجهاد الإسلامي، مبينًا أنه بعد الدخول إلى المنظمة وإجراء الانتخابات يتم التوافق على البرنامج السياسي من خلال المشترك ما بين البرامج الموجودة.
وقال إن الأطراف الفلسطينية، بما فيها "فتح" و"حماس" بدلًامن أن تبحث عن أدوات للشراكة تعيش حالة انتظارية للمتغيرات العربية والإقليمية، وانعكس الوضع بعد ما يعرف بـ"الربيع العربي" سلبًا على القضية الفلسطينية فلم تعد القضية المركزية، إذ انشغلت الدول بترتيب أوضاعها الداخلية، بينما تمعن إسرائيل في مخططاتها الاستيطانية والعدوانية، إضافة إلى تطبيعها مع الدول العربية.
أما على المستوى الإقليمي والدولي، فأشار إلى "أننا لم نكن في محور ليقال أننا خرجنا منه، فقد تعلمنا من تجربة الدخول في المحاور من حركة فتح وخسارتها في الكويت وسوريا، ونحن لم نكن في أي محور ضد آخر في الإقليم، مؤكدًا نحن حريصون على علاقة جيدة مع كل دول الإقليم، مصر والسعودية والأردن وتركيا وإيران وقطر، ومع الجميع، فمن يدعمنا دون شروط نرحب به ومن يقف إلى جانب مقاومتنا نشكره، ونحن لا نخجل من فكرنا الإخواني وندفع ثمن هذا الفكر ولا يعيبنا". وأضاف لدينا علاقات مع دول غير عربية، لحركة حماس مكاتب كثيرة في دول مختلفة. كما قامت قيادة من "حماس" بزيارة أوروبا حتى في سنوات الحصار.
وبما يخص قطاع غزة، أوضح أن الحكومة لم تتحمل مسؤولياتها تجاه قطاع غزة، و"حماس" لا ترغب بالتفرد، بل نحن مع مشاركة الجميع في إدارة غزة في كل قضاياها ومشاكلها، ومع أي مبادرة للشراكة وتحسين الواقع المجتمعي. داعيًا إلى الضغط على الأطراف الفلسطينية دون تحيز أو تمييز من أجل خلق حالة وطنية ضاغظة تفضي إلى توافق وطني يرتضيه الجميع
وأشار الحضور إلى ضرورة التوقف أمام الاتفاقات الموقعة وضرورة تطويرها وسد ثغراتها، لأن عدم تطبيقها يفرض مراجعتها، بينما قال آخرون إن الخلاف بين الفصائل هو ليس خلاف برامجي بل خلاف على المحاصصة والسلطة، بدليل الموافقة على برنامج الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وغيرها من النقاط، وأكدوا على ضرورة قيام "حماس" بمراجعة تجربتها واستخلاص الدروس والعبر، خصوصُا في ظل ما آلت إليه الأمور في قطاع غزة.
وطالب البعض "حماس" بتوفير أجواء إيجابية لإنجاح الانتخابات المحلية في قطاع غزة، بينما انتقد آخرون سياسة "حماس" التي تقوم على الحفاظ على سلطتها في غزة، وتقييد الحريات ومنع السفر.