خبر : «حزب الله» يتحول جيشاً متكاملاً بفضل روسيا ..بقلم: آفي سخاروف

الثلاثاء 05 يوليو 2016 10:28 ص / بتوقيت القدس +2GMT
«حزب الله» يتحول جيشاً متكاملاً بفضل روسيا ..بقلم: آفي سخاروف



 تحكي الصور التي ينشرها "حزب الله" بين حين وآخر من ميدان القتال في سورية، الكثير عما يحدث هناك في الأشهر الأخيرة. فعلى سبيل المثال، في بعض الصور، يظهر مقاتلو "حزب الله" متكئين على دبابات للجيش الروسي. فمنذ انطلاق العمليات العسكرية الروسية علنا في انحاء سورية، يتضح أن مقاتلي التنظيم الشيعي اللبناني لا يتصورون مع الدبابات الروسية فقط، بل أيضا يتعلمون أساليب القتال الروسية، ويكتشفون اسلحة متطورة جدا، وتكنولوجيات حديثة. وحتى في بعض الأماكن، يقومون بالقتال الى جانب القوات الخاصة التي تعمل في الأراضي اللبنانية. و"حزب الله" ليس وحيدا. فقوات الحرس الثوري الإيراني، الذين يعملون في الأراضي السورية وجزء من المليشيات الشيعية الآتية من الخارج أيضا، قاتلوا الى جانب الجنود الروس في أكثر من معركة. وفيما يتعلق بـ"حزب الله"، لا شك أن على هذا التطور إثارة العديد من المخاوف في الطرف الإسرائيلي. وبينما تواجه المنظمة المزيد من الضربات العسكرية كل يوم، الا أنها بالمقابل تحصل على قدرات عسكرية من الأكثر تقدماً في منطقتنا. الجملة التالية قد تلخص ما حصل لـ"حزب الله" في العقد الأخير منذ انتهاء حرب لبنان: من تنظيم يعمل بصورة ساكنة نسبيا ضد اسرائيل، تحول "حزب الله" تقريبا الى جيش عادي. يمكنه توفير الخدمات اللوجستية في مناطق واسعة، ومن ضمن ذلك لجان رعاية لجنوده في انحاء سورية تتنقل بين الوحدات المقاتلة المختلفة وتضمن سلامة مقاتلي "حزب الله" وسكان القرى الشيعية في المناطق السورية الخاضعة لسيطرة المنظمة.

 تقوم المنظمة أيضا بتشغيل مدفعية وصواريخ خلال القتال ومجموعة كاملة من الطائرات بدون طيار وقتال ضد دبابات وبالطبع عمليات غزو واحتلال برية. لكن تركيزها أيضا تغير في السنوات الأخيرة، حيث تركز المنظمة على هدف مركزي في هذه الأيام: الحرب الأهلية في سورية. هذا هو الموضوع المركزي بالنسبة لها ومهام الذراع العسكرية يتم تحديدها أولا وقبل كل شيء بحسب الاحتياجات من سورية: بناء قوة وتعزيز الأسلحة والتخطيط العسكري. وفي إطار تحديد المهام، سورية في المقام الأول وبعد ذلك فقط مواجهة مستقبلية مع إسرائيل. بالنسبة لـ"حزب الله" يدور الحديث عن حرب دامية، وكذلك الأمر لبقية الأطراف الفاعلة في هذه الحرب، بما في ذلك إيران. وهنا يُطرح سؤال التكلفة والجدوى. الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله، أقر بنفسه خلال كلمة ألقاها، مؤخراً، بأنه في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، فقد "حزب الله" 26 من مقاتليه في المعارك في منطقة حلب، وأسر المتمردون مقاتلا آخر ينتمي للمنظمة بالإضافة إلى مقاتل مفقود. تجدر الإشارة إلى أن حصيلة الخسائر ليست مفاجئة (الاعتراف بها فقط). في كل أسبوع تقريبا تفقد المنظمة الشيعية المزيد والمزيد من المقاتلين على الأراضي السورية وفي تقدير متحفظ يقف عدد الخسائر حتى الآن على ما بين 1500-1600 قتيل و5000-6000 جريح، ويعني ذلك ثلث العدد الكلي لمقاتلي "حزب الله". من هذه الناحية يشبه نصر الله مقامرا يدخل إلى كازينو في لا فيغاس ويبدأ الخسارة. ولكن بدلا من أن يتوقف عن المقامرة والانسحاب من "الكازينو" السوري بينما لا تزال ثروته بين يديه، يقرر في كل مرة مضاعفة قيمة المراهنات وفي مرات كثيرة يخسر. وحقق "حزب الله" بعض النجاحات أيضا. المعارك التي خاضها "حزب الله" في العام الماضي على الحدود السورية - اللبنانية، في سلسلة جبال القلمون، أتت بثمارها. نجحت المنظمة بالسيطرة على جبهة معقدة وخطيرة استخدمها مقاتلو "داعش" لتهريب انتحاريين ومتفجرات إلى لبنان. ومنذ هذه العملية في القلمون، انخفض عدد الهجمات الانتحارية ضد أهداف لـ"حزب الله" في لبنان بشكل كبير. لكن في المقابل سُجلت أيضا إخفاقات عسكرية وبالأخص عدم وجود حسم للمعارك. 

في منطقة دمشق وفي حمص وحلب طبعا، وحتى في هضبة الجولان السورية لم يتمكن "حزب الله" من حسم القتال بصورة يمنع من خلالها مقاتلي "داعش" و"جبهة النصرة" و"جيش الفتح" وغيرهم من العودة لمهاجمة قواته مجددا. حلب هي مثال واضح على قيود "حزب الله" العسكرية، حيث حقق "جيش الفتح" (الذي يضم عددا من منظمات المعارضة) في الأيام الأخيرة إنجازات كبيرة في القتال ضد مقاتلي المنظمة اللبنانية. الخسائر والإصابات ليست المشكلة الوحيدة التي يواجهها نصر الله. التكلفة الاقتصادية للقتال في سورية كبيرة، وحتى كبيرة جدا، ليس فقط بسبب تكلفة تشغيل جيش في سورية مع المنظومة اللوجستية اللازمة للقيام بذلك. على سبيل المثال، كل عائلة قُتل أحد أبنائها أو أصيب، تحصل على مساعدة من "حزب الله" وفاتورة إنفاقات المنظمة آخذة بالازدياد. وهذا في الوقت الذي يرفض فيه جزء من المصارف في لبنان في الأسابيع الأخيرة ربط أسمائهم بأي نشاط مالي مرتبط بالمنظمة، في أعقاب قانون العقوبات الأميركي. في خطابه الأخير حاول نصر الله الادعاء بأن العقوبات الأميركية لا تضر بالمنظمة. 

ولكن هذه المرة لم يكن الأمين العام لـ"حزب الله" دقيقا. جزء من المنظومة الاقتصادية لـ"حزب الله" تُدار بالفعل مباشرة مع إيران، ولكن أجزاء كبيرة منها تُدار بوساطة مصارف لبنانية. عن "تايمز أوف إسرائيل" * محلل شؤون الشرق الأوسط في "تايمز أوف إسرائيل".