غزة/سما/ أكد د. زياد ثابت وكيل وزارة التربية والتعليم العالي بغزة أن نظام الثانوية العامة في فلسطين بحاجة إلى تطوير إلا أنه يرى أن المقترح المقدم من الوزارة في رام الله يصعب تطبيقه على أرض الواقع.
وأوضح د. ثابت أن الوزارة بغزة قدمت ملاحظاتها حول المقترح للوزارة برام الله مع توصياتها بهذا الشأن قبل أربعة أشهر، إلا أنه لم يتم الرد على هذه الملاحظات حتى اللحظة رغم أن تصريحات المسؤولين في الوزارة برام الله تؤكد أن الوزارة ماضية في تطبيق النظام خلال العام القادم.
وبين د. ثابت أن المقترح الجديد يتضمن دورتين أساسيتين الأولى في يونيو والثانية في أغسطس، ودورة استكمالية في ديسمبر، الأمر الذي سيشغل الميدان والمجتمع فترة زمنية طويلة مقارنة بالوضع الحالي. كما يتيح المقترح للطالب حرية التقدم للامتحان لجميع المواد أو بعضها في الدورتين الأساسيتين مما قد يؤدي إلى إحجام العديد من الطلاب عن التقدم للامتحان في الدورة الأولى وهي الدورة الأهم لأنها تأتي بعد فترة الدراسة مباشرة. أما الدورة الثانية فتأتي خلال الإجازة الصيفية مما يشغل الطلاب والمجتمع فترة العطلة الصيفية، هذا إلى جانب الإرباك والتردد في التسجيل للامتحان وعدد المباحث التي سيمتحن فيها الطالب ما بين الدورة الأولى والثانية. كما أن الطلبة المستكملين والراغبين في تحسين معدلاتهم في الدورة الاستكمالية سيفوتهم الالتحاق بالفصل الأول في الجامعة.
وفيما يتعلق بتقسيم المباحث الدراسية فقد أشار د. ثابت إلى أن المقترح الجديد يتضمن تقسيم المباحث إلى 4 مباحث إجبارية تحسب علاماتها ضمن معدل الطالب، بالإضافة إلى 4 مباحث أساسية يشترط أن ينجح الطالب فيها جميعاً وتحسب علامات أعلى مبحثين منهما في المعدل. الأمر الذي يؤدي إلى إهمال العديد من الطلبة بعض المباحث التي يتوقع أن لا تدخل في المعدل.
كما أوضح ثابت أن هناك مشكلة أخرى لهذا التقسيم فمثلاً الكيمياء والأحياء هما ضمن المباحث الأساسية للفرع العلمي ويمكن أن يهمل بعض الطلبة هذين المبحثين المهمين للفرع العلمي مكتفين بالنجاح فيهما فقط رغم أهميتهما الكبيرة لمستقبل طلبة هذا الفرع، وكذلك الحال بالنسبة للجغرافيا في فرع العلوم الإنسانية.
وبخصوص تشكيل فروع المرحلة الثانوية فإن المقترح الجديد يتضمن إقرار فرعين جديدين للثانوية العامة هما فرع الإدارة والريادة والفرع التكنولوجي. وفي هذا الصدد أوضح د. ثابت أن زيادة عدد فروع الثانوية العامة قد يؤدي إلى قلة عدد طلبة الفرع العلمي بشكل أكبر مما هو عليه الآن (وهو يعاني من قلة الطلبة) كما أن التخصص في هذه المرحلة قد يؤدي إلى تضييق أفق مستقبل الدراسة في التعليم العالي بحيث تكون خيارات الطالب في الفروع الجديدة محدودة في التخصصات الجامعية ذات العلاقة.
أما بالنسبة لمراكز عقد الامتحانات فأكد د. ثابت أنه من الصعب الاعتماد على مختبرات الحاسوب المدرسية لعقد الامتحانات المحوسبة كما هو في المقترح، فمختبرات الحاسوب تستخدم لتعليم الطلاب خلال العام الدراسي مما يؤدي إلى استهلاك العديد من الأجهزة واحتياج عدد كبير منها للصيانة أو التبديل، وامتحانات التوجيهي تتطلب مختبرات جاهزة وفي أفضل حالاتها خلال الدورات الثلاث حتى لا يكون هناك أي خلل أثناء تأدية الامتحان. كما أن تعطل الأجهزة أثناء الامتحان سيربك اللجنة ويحدث الفوضى ويمكن لبعض الطلاب أن يتعمد تعطيل الجهاز بطرق متعددة، هذا بالإضافة إلى الحاجة إلى عدد كبير من الفنيين (يساوي عدد المختبرات على الأقل) لمواجهة أي خلل فني أثناء الامتحانات.
كما أوضح د. ثابت أن عدد الطلبة الكبير مقابل عدد مختبرات الحاسوب سيضطر الوزارة إلى تقسيم الطلبة على عدة جلسات في اليوم الواحد (4 جلسات) وعليه فإن أي خلل يحدث في أي جلسة سيعطل الجلسات التالية مما يربك الامتحانات، كما أن انقطاع التيار الكهربائي سيشكل مشكلة كبيرة أثناء تأدية الامتحانات، وفي قطاع غزة ستكون المشكلة أكبر.
وفيما يتعلق ببنوك الأسئلة فأوضح د. ثابت أن المقترح الجديد يتضمن إعداد بنوك أسئلة لكل مبحث، وهو عملية ليست سهلة وبسيطة، فإعداد بنوك الأسئلة يحتاج إلى خبراء في هذا المجال ووقت كاف لإعداد الأسئلة بعدد كبير ووفق مواصفات معينة ومن ثم تقنين هذه الأسئلة والتأكد من صلاحيتها والتعرف على خصائصها السيكومترية من خلال التجريب وغيره من الإجراءات، وهذا أمر يصعب تحقيقه خلال عام واحد. كما أشار د. ثابت إلى أن المقترح الجديد يتجه للاقتصار على الأسئلة الموضوعية لأن التصحيح سيكون إلكتروني، وهذا النوع من الأسئلة رغم أهميته إلا أنه لا يغني عن الأسئلة المقالية في بعض المباحث الدراسية.
وأشار د. ثابت إلى أن الانتقال فجأة من الامتحانات التقليدية إلى الامتحانات المحوسبة مرة واحدة في الثانوية العامة قد يكون مربكاً وغير مناسب، فالأمر يحتاج إلى تطوير متدرج وفي صفوف سابقة حتى يتعود الطالب على هذا النمط من الامتحانات لا أن يمتحن لمدة 11 سنة بطريقة معينة ثم في السنة الأخيرة يخضع لطريقة جديدة، فالموضوع يحتاج إلى تهيئة مناسبة (للطالب والمعلم وولي الأمر) كما يحتاج إلى تكييف المناهج وتعديل طرق التدريس.
وأوضح ثابت أنه يجب أن يتم تطوير نظام الثانوية العامة في إطار تطوير المناهج وكجزء أساسي من تطوير منظومة التقويم في المباحث المختلفة والصفوف المختلفة وبشكل تدريجي من الصفوف الدنيا حتى الصفوف العليا وهذا هو المنطق لا أن تبدأ من القمة.
وفيما يتعلق بملف الإنجاز فأوضح د. ثابت أن ملف الإنجاز له أهدافه وقيمته التربوية لكن المقترح الجديد يتضمن إعداد الطالب لملف إنجاز في الصفين الحادي عشر والثاني عشر على أن يتم الإشارة في الشهادة بتقدير محدد، وبالتالي لن يفيد هذا التقدير مادام أنه لن يحدد مجال التميز للطالب وسيبقى مجرد تقدير ليس له أهمية الدرجات التي يحصل عليها الطالب في الامتحانات. كما أنه المقترح لا يحدد من الذي سيضع التقدير النهائي وهو تقدير تراكمي للصفين الحادي عشر والثاني عشر.
وأوضح د. ثابت أن ملف الإنجاز تجربة جديدة وتحتاج إلى تهيئة مناسبة للمعلم والطالب وولي الأمر على أن يبدأ في الصفوف السابقة للثانوية العامة ثم الانتقال للصفوف الأعلى.
وأكد د. ثابت أننا فعلاً نحتاج إلى تطوير منظومة التقويم في جميع الصفوف وعلى رأس ذلك نظام الثانوية العامة، ومن الأفضل أن يأتي ذلك في سياق تطوير المناهج باعتبار أن التقويم أحد المكونات الرئيسة للمنهاج خاصة وأن الوزارة قد بدأت خطواتها في طريق تطوير المناهج.
كما أشار د. ثابت إلى أن التقويم الإلكتروني والاعتماد على بنوك الأسئلة أمل يستحق العمل الجاد لتطبيقه لكنه يحتاج إلى جهد ووقت كاف وخبراء وإمكانات ومن المفيد البدء والاستعداد لتحقيق هذا الهدف وفق خطة طموحة، واقترح د. ثابت اتخاذ مجموعة من الخطوات (كمرحلة انتقالية) لتخفيف العبء عن طالب الثانوية العامة وتمهيد الطريق لعمليات التطوير اللاحقة ومن ذلك:
اعتماد 8 مباحث دراسية لكل فرع من فروع الدراسة في صفوف الحادي عشر والثاني عشر مع تخفيف المناهج الدراسية المثقلة على أن تتم امتحانات الثانوية من خلال دورتين أساسية في بداية يونيو واستكمالية في بداية أغسطس، بحيث يتقدم جميع الطلاب للدورة الأساسية في جميع المباحث وتحسب علامات الطالب في جميع هذه المباحث، ويسمح في الدورة الاستكمالية للطالب بالتقدم للامتحان في 3 أو 4 مباحث (للاستكمال أو لتحسين المعدل أو للاثنين معاً).
زيادة كمية الأسئلة الموضوعية للطلاب بشكل تدريجي في الصفوف المختلفة (من خلال إثراء المناهج وفي الامتحانات) لتعزيز هذه الثقافة لدى المعلم والطالب وولي الأمر وتعويد الميدان على ذلك.
وضع خطة لتوظيف ملف الإنجاز بشكل تدريجي في الصفوف المختلفة وتهيئة الميدان لذلك وتعزيز هذه الثقافة لدى المعلمين والطلبة وأولياء الأمور وتقديم التدريب اللازم للمعلمين على متابعة وتقييم أداء الطلبة من خلال ملف الإنجاز.