دمشق- نعى مثقفون سوريون اليوم المخرج السينمائي السوري الكبير نبيل المالح (1936)، الذي توفي في أحد مشافي دبي، حيث يقيم منذ أعوام إثر خروجه من دمشق بعد الاحداث السورية.
وأكد مثقفون وكتاب سوريون وعرب بكلماتهم على موقع "فيس بوك" على محبتهم واحترامهم للمالح، ومكانته كمبدع كبير في تاريخ السينما السورية، فقال المخرج السينمائي السوري، مأمون البني، مسترجعاً كلمات قالها له المالح قبل وفاته: "اكتشفت أننا صغار جداً في المغترب، نظام بلدنا نبذنا، العمر داهمنا، العالم ظلمنا، تبقى ذكراه في القلوب، أنا أستبدل الكاميرا التي فقدتها الآن في المنفى الاختياري بالسيكارة، لكني ما زلت أكتب مشاريع سينمائية جُلّها عن الثورة السورية.. وداعاً أيها المبدع الكبير".
بقايا "صور دمشقية"
أما المخرج السينمائي السوري، هيثم حقي، فقال "وداعاً صديقي العتيق العتيق، أي حزن هذا الذي حوّل صفحاتنا إلى أوراق نعوة الأحبة، داعاً نبيل صديقي وشريك العمل السينمائي والثقافي خلال الأربعين سنة الماضية، حزني كبير على خسارة سوريا مبدعيها الكبار الذين استطاعوا رغم سنوات القمع، أن يفتحوا ثغرة في جدار المنع والاضطهاد الأصم، ليرفعوا اسم سوريا ويحضّروا شبابها لثورة الحرية والكرامة.. وداعاً نبيل المالح ستبقى حياتك وأفلامك "بقايا صور" دمشقية سيحتفظ بها ملء القلب والعين جيل الحرية القادم".
وأضاف المخرج حقي "من الصعب اختصار ما جمعنا معاً خلال سنين طويلة، لكن عنوانه الأبرز: مودة إنسانية عميقة، وحب للسينما، ولبلدنا وأهله الطيبين، والسعي بكل الوسائل نحو سوريا حرة" .
وبدوره قال وزير الثقافة السوري السابق، رياض نعسان آغا: "أقدم التعازي للأسرة السورية الكبرى، ولآل المالح ولكل الفنانين السوريين وللمبدعين العرب، رحمك الله أيها المبدع النبيل، ستبقى ذكراك حية في وجدان الأجيال.. وستقدر لك إبداعك و وقوفك ضد الطغيان، وإلى رحمة الله وملكوته الأوسع".
سيدي الرئيس: وداعاً
وكتب الشاعرالسوري، فراس الضمان: "لم أحظ بشرف معرفةِ نبيل المالح شخصياً، و لكن يكفي للسوري أن يكونَ نبيلاً مع أهله و أصدقائه، و مالحاً مع أعدائه و ظلامه، ليكونَ رئيساً لسوريا!!، نعم رئيساً سورياً منتخباً من قبل مليار سوريّ، ولدوا و ماتوا على الأرض السورية منذ فجر التاريخ !!، سيدي الرئيس نبيل المالح: وداعاً !!".
وقال الكاتب والناقد السوري، صبحي الحديدي: "ونودّع نبيل المالح (1936ـ 2016 )"، أيضاً: "الأنظمة القمعية إذا شاهدت طائراً يحلق بحرية، فإنها تُستفز وتوجه نحوه مدفعاً وليس رصاصة".
وعلق الدكتورالسوري، بدر الدين عرودكي، بقوله: "نبيل المالح.. صديق عزيز آخر يرحل.. يا نبيل.. يا نبيل"، في حين قال القاص والناقد السوري، إسلام أبو شكير: "نبيل المالح، تبقى ذكراه في القلوب.. وداعاً أيها المبدع الكبير.. سنفتقدك كثيراً".
السينمائيون.. كانوا ضحكة
وكتبت الشاعرة السورية هالا محمد، وزوجة المخرج السينمائي، هيثم حقي، تقول: "أنعي سوريا التي تفرط من أصابعي حبة حبة، وداعاً نبيل المالح، قلبي ملح وسكر".
وأضافت "كنت مفتونة بهم، شباب سوريا، شباك أحلامي، إلى المستقبل الجميل الحر المقترن بالقوة والبحث والتأمل والاستقلالية والضحك والسعادة ، عمر أميرالاي، محمد ملص، نبيل المالح، هيثم حقي، أسامة محمد، وأحببت صحبتهم أكثر من حبي لصحبة الشعراء، لم يستطع الشعراء نسج لحمة بيننا بل نبذونا بأنانياتهم المفرطة، التي لم تقو على نسج لحمة من شعراء سوريا، تخلق بيننا ألفة الجديد والقديم، تركهم النظام على الهامش!، ولم يستطيعوا أن يمدونا بقوة لم يملكوها قط!، بل أصابونا بالهشاشة، حتى كبر كل منا في عزلته، ونمت له أعشاب تحميه... السينمائيون كانوا ضحكة".
السينما.. ثقافة ورسالة
وبدوره قال الشاعر الفلسطيني، سعيد البرغوثي: "نبيل المالح، ها أنت تنضم إلى قائمة الراحلين، فقدانك أيها الصديق الجميل، يترك ندوباً في الروح، يصعب ترميمها، لن أرثيك، فالكلمات ستبقى عاجزة، سأترك المكان لأعمالك السينمائية، سأترك المكان لعقود من السينما الجادة، لتقول كلمتها، هي الشاهد على مبدع استعصى على أي إغراء، وآمن أن السينما ثقافة ورسالة، وعبر منجزك الابداعي، اخترقت المصاعب، مخلصاً لقناعاتك، في وسط وواقع معاد للثقافة، ومعاد للإبداع ويكفيك الإبداع شاهداً ومواسياً لقلوبنا المكلومة برحيلك".
فيما قال الشاعر الفلسطيني، عمر شابنة: "الأجمل، هو دائماً "في مكان آخر"، وغالباً في "زمن آخر" أيضاً! نبيل المالح صاحب أجمل الأفلام (لا أنسى ما حييت فيلم "الكومبارس" وبسام كوسا)، لروحه الرحمة والخلود".
وفي بلد قليل الإنتاج السينمائي، يعتبر المالح من أصحاب الأرقام القياسية في عدد الأفلام التي أخرجها، بين روائي وتسجيلي، إذ يسجل باسمه أكثر من مئة وخمسين فيلماً سينمائياً، وهو تقريباً ظل حتى النفس الأخير من حياته ممتلئاً بمشاريع سينمائية.
من أبرز أعماله، وكثير منها غير متاح مع الأسف، فيلم «كومبارس» (1993) (من بطولة بسام كوسا وسمر سامي)، وكان نموذجاً لسينما جميلة قليلة الكلفة، وفيلم «الفهد» (1972) فيلمه الجماهيري المأخوذ عن رواية لحيدر حيدر، ولعبت فيه إغراء دور البطولة. إلى فيلم «رجال تحت الشمس» (1970)، و«السيد التقدمي» (1975) و«بقايا صور» (1980) والكثير سواها.