لعل مشهد الأسير محمد القيق وهو يصارع بأمعائه الخاوية وتشنجات قلبه ظلماتالسجنوالسجانبعد اضرابه عن الطعام لما يربو عن 84 يوما بليلها ونهارها... يتحدى القهر والجبروت الصهيوني الظالم لم تكن كافية لقضاة محكمة العدل العليا الاسرائيلية لتوجه قرار قضائي انساني بالإفراج عن الأسير لاسيما أنه معتقل اداري ولا توجد تهمة أو جرم قانوني بحقه,
أو أن تعطي قرارابنقله لمشفى فلسطيني أو حتى محاولة مساومته على تعليق اضرابه ليتم الافراج عنه بعد مدة محددة ولو كانت أشهر معدودة كما جرى مع رفاقه الآخرين من الأسرى الذين خاضوا تجربة الاضراب عن الطعام حتى أفرج عنهم وفق شروط أو مساومات مشروعة أو غيرها.. ولكن رفض القضاء الاسرائيلي لنقل القيق لمشفى فلسطيني ولو بشروط.. يفسر على أنه اصرار اسرائيلي على ارتكاب جريمة قتل بحق الأسير القيق.. وأن الأسير القيق بات ليس كمن سلفه من الأسرى, خاصه بعد التشريع القانوني للكنسيت الاسرائيلي بالإطعام القسري للأسرى, فماذا علينا كقيادة وحركات وأحزاب ومنظمات مجتمعية فعله؟؟..
أولاً أتمنى ان يكون ندائي لأجل الأسير ومطلبه الانساني والقانوني في حقه بالحياة والحرية وأن يتم تفسيره وفق ذلك السياق بعيدا عن الهمسات أو حتى الجعجعاتالمكرفونية الفارغة المضمون والمحتوى,فالتقاعس واضح.. والردودوالفعاليات الوطنية دون المستوى المطلوب, والنتيجة أتمنى أن تكون أفضل مما هو عليه الحال..
فقضية الأسرى تحتل مكانة بارزة في وجدان وضمير الشعب الفلسطيني بمختلف مكوناته.. واضراب الأسيرعن الطعام ليس حق للأسير وحده يخوضه كما شاء ووقتما شاء..
بل يجب أن يكون وفق شروط وضوابط وطنية متفق عليها ضمن وثيقة نضالية وطنية معدة مسبقا من قبل كافة الجهات والهيئات الوطنية المعنية بشئون الأسرى وحريتهم, فالكل يدرك أن الواقع السياسي والاجتماعي الذي خاض فيه الأسير خضر عدنان ورفاقهمن الأسرى سابقا اضرابهم عن الطعام حتى نيل حريتهم, ليس ذات الواقع الذي يخوض فيه الأسير محمد القيق اضرابه, سواء من حيث التشريعات القانونية الاسرائيلية حالكة السواد المتعلقة بالأسرى واطعامهم القسري والتي تعني في أبسط مدلولاتها موت الأسير بل اعدامه في أحسن الأحوال أكثر من مرة قبل أن يرى بصيص من الحرية, هذا من ناحية,
أما من ناحية أخرى فالواقع السياسي الذي يعيش الشعب الفلسطيني بين طياته واختلاف مفاهيم الفعل الوطني حتى حول (هبة شعبية) أم (انتافضة),
ومجريات الدم الأحمر القاني للشهداء من الفتيات والفتية الفلسطينيين بشوارع القدس والخليل بشكل يومي على أيدي قوات الاحتلال الاسرائيلي, والردود الباردة العقيمة على الصعيدين العربي والدولي على تلك الانتهاكات والجرائم بحق الفلسطينيين, جعلت من اضراب الأسير القيق لا يحظى على الأقل بالمكان الذي ينبغي له أن يكون في الفعل الوطني الفلسطيني, والجانب الأخر للقضية موجه لكافة الهيئات والجمعيات المنادية بالحرية للأسرى وحقوق الانسان,
فالقضية قضيتكم أنتم قبل غيركم كونكم الطليعة المعبرة عن آلام الأسرى وحقوقهم, فانطلاق المبادرات والأفكار الوطنية والانسانية الخلاقة من قبلكم حول استمرار اضراب الأسيرأو تعليقه بات ضرورة وطنية في هذا الوقت المظلم,وأن يكون هذا التوجه أسرع من تشنجات ضربات قلب الاسير القيق رغم مرارة القرار وقسوته, ومستقبلا يجب أن لا يكتسب قرار اضراب الأسير عن الطعام مشروعيته الوطنية بعيدا عنكم ضمن العمل على صوغ وثيقة استراتيجية وطنية نضالية تحقق الأهداف المرجوة,
فكما تطورت الإجراءات الاسرائيلية التعسفية المسوغة بشكل قانوني بحق الأسرى استباقا للفعل النضالي لبعض الأسرى, ينبغي للفعل الوطني الفلسطيني أن يتطور ليواكب المستجدات والعراقيل ويحقق أهدافه المشروعة وطنيا ودوليا.
ا. علاء محمد منصور
كاتب وباحث بالدراسات السياسية


