غني عن القول إن الساحة الفلسطينية يتقاسمها تياران أو قل برنامجان رئيسان هما برنامج المقاومة وبرنامج المفاوضات، ولم يستطع أيًا منهما حسم الأمر لصالحه، ما يفرض على كليهما الحوار والتفاهم والوصول إلى برنامج مشترك.
وإذا كانت رؤية ومصالح التيارين تتضارب وتختلف أحيانًا، فالواقع يفرض عليهما الوصول إلى أرضية مشتركة إن لم يكن من أجلهما فمن أجل الشعب الفلسطيني الذي يدفع في كل لحظة ضريبة الدم والشهادة نتيجة تغول الاحتلال عليه وآثار الانقسام، ويعاني من ظروف هي الأكثر سوءًا في ظل حالة من الاضطراب والنزاع والتفتت التي تموج في الإقليم بأسره. إن الظروف الدولية وحالة الفوضى السائدة والصراعات المذهبية وانشغال الدول العربية بمشاكلها وأزماتها الداخلية -وهو ما يصب في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي- يفرض على حركتي فتح وحماس ما يسمى بـ"تعايش البرامج" والتفاهم بينهما على قضايا أساسية تحدد الهدف والوسائل ومن ثم يضعا برنامج العمل المشترك.
وأستغرب من البعض عندما يتحدث عن تشكيل حكومة وحدة وطنية أو غيرها أنها من دون برنامج سياسي، ولا أفهم شخصيًا ما هو المقصود وماذا يعني؟ وكيف ستقوم حكومة بدورها دون برنامج سياسي؟ وعلى أي أساس سيتم تقييم أدائها؟!.
وظهر قبل أيام تباين في الموقف عندما أعلن قادة في فتح أن برنامج الحكومة القادمة هو برنامج منظمة التحرير وهو ما رفضه قادة في حماس على الفور، ما يثير التشاؤم!!.
ولأننا نريد لهما النجاح ولشعبنا الخلاص، لا بد لهما ابتداء الاقتناع بعبث مقولة حكومة دون برنامج سياسي، ثانيًا ضرورة وجود برنامج سياسي، وثالثًا الاتفاق على برنامج سياسي مشترك يتم التفاهم عليه، ويا ليتهم يستطيعون توزيع الأدوار فيما بينهم للتعامل مع المشهد السياسي المحلي والدولي المعقد.
وحتى لا يتعب المتحاورون كثيرًا فقد قدم الأسرى في سجون الاحتلال وثيقة مهمة جرى تطويرها من الكل الوطني الفلسطيني وأصبحت وثيقة الوفاق الوطني، تصلح لاعتمادها برنامجًا للحكومة الفلسطينية المتوقعة.
إن عدم وجود أو عدم الاتفاق على برنامج سياسي مشترك للحكومة قد يؤدي إلى فشل الاتفاق في أية لحظة، وظروف شعبنا وحالة عدم الاستقرار التي تلف الإقليم لا تسمح بخلافات جديدة أو أخطاء سياسية لا سيما وأن الاحتلال يهدد ويتوعد شعبنا صباح مساء ونحتاج جميعًا إلى وحدة في القرار ووحدة في المواجهة.
شعبنا أيها القادة لا يحتمل فشلًا جديدًا أو تسويفًا مقصودًا، فقد صبر الكثير وضحى بالنفيس وعليكم الوفاء له باتفاق نهائي شامل وواضح يعالج آثار الانقسام ويحقق المصالحة المجتمعية والسياسية ويوحد المؤسسات ويرسخ الحريات العامة وتتولى فيه الحكومة كامل صلاحياتها في الضفة وغزة وتتحمل مسؤولياتها السياسية والإدارية والفنية والأمنية.
رئيس منتدى الإعلاميين الفلسطينيين


