ستعقد الفصائل الفلسطينية يوم السبت المقبل ، اجتماعاً لبحث ما سُمي «آليات تنفيذ اتفاق المصالحة». وهو تعبير يشي بكون أن هناك اتفاقاً فلسطينياً يراد تنفيذه، وذلك أمر بعيد عن الواقع. فهناك أكثر من اتفاق فلسطيني لم ينفذ كان آخره الذي عقد في شهر إبريل/نيسان من عام 2014. ولم تنفذ هذه الاتفاقات، فما ضمانة أن تنفذ الآن؟ الاختلافات بين الحركتين ما زالت قائمة وليس هناك ما يشير إلى تقارب في وجهات النظر حول القضايا الجوهرية. ومع ذلك، فهناك حركة نحو التنفيذ قد أملتها بالتأكيد وقائع على الأرض.
وأولى هذه الوقائع أن الحركتين الرئيسيتين فتح وحماس تعانيان مشاكل قللت من شعبيتيهما، ورفعت من حدة النقد لهما لدى الشارع الفلسطيني. وثانية هذه الوقائع وهي ترتبط بطريقة أخرى بالأولى، أن الهبّة الفلسطينية تحصل ليس بإرادتهما بل خارجها. وهذا أمر مقلق لهما لأنها تعني أن قدرتهما على التحكم بالأمور لم تعد كما كانت. كما أن خوفهما يشتد أن يكون من نتائجها أن تخرج قيادات جديدة قد تنهي احتكارهما لقيادة الجمهور الفلسطيني. وثالثتها، أن قواعد هاتين الحركتين لا بد أنها غير راضية بما أنها معرّضة للضغط اليومي للأحداث الجارية في الأرض الفلسطينية.
فالحديث عن الآليات يخفي الوهم حول الاتفاق ، لأن الآليات ليست فقط مرتبطة بالاتفاق الذي حصل وإنما سترتطم بما لم يتضمنه الاتفاق. فحكومة الوحدة الوطنية المطلوبة عليها، كما يقال، أن تكون مسؤولة عن الحالة الأمنية والوظيفية والاقتصادية والتحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية ، وفي كل واحدة من هذه ألغام. فالحالة الأمنية تعني أشياء كثيرة ، من بينها التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني، ومن بينها الهبّة الفلسطينية ، وهما على الأقل موضع خلاف بين الحركتين، اللهم إلا إذا تبنّت إحداهما موقف الأخرى، وليس هناك ما ينبئ عن ذلك. كما أن الناحية الوظيفية تعني من الناحية العملية الصراع بينهما على الحصص للمنتسبين إليهما. وهذا الأمر ينطبق على قضية الانتخابات إذا افترضنا أن لديهما النية لخوضها خصوصاً وهما تعانيان تراجعاً في التأييد الذي يمحضهما إياه الشعب الفلسطيني.
الاتفاقات التي تمت في الماضي حصلت لأن طرفيها كانا يحتاجان إليها، ولكنها لم تنفذ لأنه لم تكن هناك مصلحة في تنفيذها سواء لدى طرف منهما أو لدى كلاهما. ومن حق الفلسطيني أن يتساءل لِمَ هذه المرة مختلفة عن السابق؟ والإجابة عن هذا التساؤل هي مسؤولية الفصائل الفلسطينية بعيداً عن الكلام المعسول، لأن هذا هو الذي سيفصل بين كون المصالحة ستكون صادقة أم أنها مجرد مناورة.


