خبر : "درويش" الصورة اﻷخيرة ( شفيق التلولي' )

الأحد 31 يناير 2016 11:40 ص / بتوقيت القدس +2GMT
"درويش" الصورة اﻷخيرة ( شفيق التلولي' )



لم يوقظني من غيبوبتي التي غرقت فيها عميقا وأنا أتابع بشغف أداء المبدع المسرحي الكبير "على أبو ياسين" غير الصور التي تناثرت أمامي قبل أن يسدل الستار، ويمضي "درويش" صورة أخرى من صور المخيم، ذلك المخيم الذي ما زال يتكئ على كتف الشاطئ ويعج بالصور.

لعل مسرحية المصور التي أداها الرائع "أبو ياسن" فكرة تدور أحداثها في خلداتنا جميعا وفي العقل الجمعي الفلسطيني، لكنه اليوم ساقها أمامنا بشكل مختلف وبطريقة مغايرة لما خطته أقﻻمنا وسطرتها ذاكرتنا الفلسطينية المثخنة بالجراح.

لقد تنقل بنا هذا المسرحي البارع من على خشبة المسرح وبمفرده من صورة إلى صورة ومن مخيم إلى مخيم من الشاطئ إلى جباليا، ومن مأساة الفقد واللجوء إلى الحب والفرح واﻷمل من اﻷسر والشهادة إلى الهجرة من يافا مسقط رأس الجد واﻷب إلى حارة المجادلة بمخيم جباليا -مسقط القلب- حيث أنوال النسيج، ممازجا بين اللهجات الفلسطينية ومتنقﻻ.

أسرني "المصور" بشخصيته الصلبة والعاطفية بما يحمله من مشاعر جياشة راكمها الزمن، وما أعملت به الدروب من ضروب، يبحث عن صورة "ﻹبن سومة" فيجده في كل الصور صورا رحلت وأخرى هاجرت والبقية تناثرت؛ لتوقظني من كبوتي، ويرحل كما رحلت "سلوى" وأبناء "سلوى" بين لحد ومعتقل وفي بﻻد البرد والجليد.

أداء دراماتيكي رائع وشيق للمسرحي القدير "علي أبو ياسين" الذي لعب خﻻلها وبمفرده لعدة شخصيات بقدرة واقتدار كبيرين لمسرحية "المصور" الذي ألفها الكاتب والروائي "عاطف أبو سيف" وأخرجها المخرج "حسين اﻷسمر".