خبر : “الفن السابع″ فن سامي يصقل الذوق ويجعل عقول عشاقه متنورة

الجمعة 25 ديسمبر 2015 09:24 م / بتوقيت القدس +2GMT
“الفن السابع″ فن سامي يصقل الذوق ويجعل عقول عشاقه متنورة



عندما نذهب إلى السينما فإننا نحب الحياة. أدى توقف تدريس الموسيقى في المؤسسات التعليمية في العقود الأخيرة من القرن الماضي وعدم تدريس السينما والمسرح والفن للنشء بمؤسسات التعليم العام، إلى انتشار الفكر المتطرف الدخيل على المجتمع المغربي،المصدر من الحركات الأصولية المتطرفة الراديكالية،التي تجعل من الخطابة التي هي أدنى مراتب الفهم سلاحا لنشر فكرها الغارق في التخلف،وساهم منع تدريس الفلسفة وعلم الاجتماع في شيوع الفكر المتطرف لدى الشباب المغربي وتعطيل عقولهم عن التفكير والنقد والاحتجاج وتجميد فكرهم وجعلهم تابعين للحركات الراديكالية التي تخلط بين الدين والسياسة بغية تحقيق مأرب سياسية على رأسها بلوغ الحكم وتسير الشأن العام المحلي.
السينما سلاح خطير لتنوير العقول ونشر قيم الحرية والفكر وطرح الأسئلة المقلقة التي تؤرق السلطات السياسية والآلة الدينية التي تخشى على مصالحها الاقتصادية. السينما تساهم في إثراء وتعميق النقاش السياسي والاقتصادي والفكري.السينما تجعل المتلقي-المشاهد- يتساءل ويطلب تبريرات لما يقع في الحياة من فقر وظلم حقوقي وسياسي وقهر اقتصادي واجتماعي ،الأمر الذي يرفضه الساسة والأصوليون المتطرفون القدريون ويدعون كل من يطرح سؤالا إلى الصبر والرضى بالقضاء والقدر والكف عن الاحتجاج. لذا يرفض الأصوليون الفن والسينما والنحت جملة وتفصيلا ويكرهون السينما ويعتبرون الإنفاق عليها تبذيرا،ويستدلون بقول الإمام الكرخي – من علماء الأحناف-“وكذلك من أتاه الله مالا أو جاها فصرفه لغير مرضاة الله يكون موافقا للشيطان في الصفات والفعل”. ولا يطالبون بتطويرها واستغلالها في نشر قيم الحرية والإنسانية والسلام والمحبة بين مختلف الحضارات والثقافات والديانات، بيدا أنهم يستغلون منابر المساجد للدعاء بالويل والثبور على الفنانين ونعتهم الفسق والفجور وكيل الوعيد لهم بالحرق في جهنم،في المقابل يعجزون عن انتقاد الساسة والفاعلين السياسيين الحقيقيين وتحميلهم مسؤولية تفشي الفساد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.. الذي ينخر الوطن ومطالبتهم بعدم الجمع بين الثروة والسلطة وبمعالجة أزمة البطالة والسكن والصحة والتعليم والعدل والحقوق والحريات وبالتوزيع العادل للثروات التي يزخر بها الوطن على منابر المساجد. نهاية القرن العشرين استغلت حركات الإسلام السياسي الرديكالية والمعتدلة والسلفية الوهابية أشرطة الفديو لنشر إيديولوجيتها وأفكارها المسمومة الممزجة بالدين لتبرير منهجها في بلوغ السلطة والحكم، وكان لها ذلك، ولم تعتبر زمنئذ أشرطة الفديو حراما لأنها بدعة من صناعة الغرب، ولم تتساءل هل أشرطة الفديو من الأعيان الطاهرة أو النجسة؟؟؟ أبدا أبدا. هكذا هم الأصوليون يعتبرون الديمقراطية كفرا وبدعة ويستغلونها في الانتخابات لبلوغ السلطة أو شبه الحكم،بعد ذلك يكفرون بها.
شهدت المدن الهامشية الواقعة جنوب المغرب والأحياء الفقيرة بالمدن الحضرية المغربية وسط وغرب المغرب… نشاطا مكتفا وفعالا للحركات الرديكالية الأوصولية والمتطرفة تجلى في اعتماد هذه الأخيرة على تقنيات الفديو لنشر فكرها عبر بث أشرطة في غرفة مظلمة مغلقة بعيد تقديم وجبات دسمة للحركات التلاميذية لتسهيل استقطابها حركيا وإيديولوجيا وسياسيا بانخراطهم ضمن صفوفها.بعد نهاية العرض يتلقى المتلقين كتب من قبل “عذاب القبر” الذي يضم سيناريو هيتشكوكي يزرع الرعب والهلع في صفوف المستقطبين ويجعلهم يعتقدون أن أطروحة الحركة هي الإسلام الصحيح النقي الخالي من الشوائب وبالتالي وجب الانضمام إليها لأنها تشكل الإسلام الحقيقي.الوجل يرغم الطلبة والتلاميذ على الاقتناع بقراءة الحركة للدين وللسياسة، ويفعل إملاق بلغة لخم-الجوع-فعله بالمتلقين خاصة خلال فصلي الخريف والشتاء في مناطق ذات مناخ قاري شبه صحراوي شديد البرودة شتاء وحار صيفا،فيلجم الجوع الطلبة والتلاميذ عن طرح أسئلة مزعجة من قبل :من الذي خول لأعضاء الحركة الحديث باسم الدين ؟ومن أعطاهم صفة” دعاة ومشايخ” ؟ومن اصطفاهم للقيام بهذه المهمة؟؟؟أسئلة ترفض الكوادر الإجابة عنها.هنا يتعطل عقل الشباب عن التفكير بسبب قلة الإطلاع والاحتكاك بالكتب والاستماع إلى الموسيقى ومشاهدة أفلام سينمائية راقية تهذب الذوق وتقوي الملكة الفكرية ومتابعة الإعلام المهني الحرفي الحر والاستماع إلى جميع الآراء، يفكر بدلهم مشايخ متطرفون ودعاة لهم نظرة مغايرة للواقع يسقطون خطاب يعود إلى العهود الغابرة ويعجز عن مسايرة العصر.النتيجة نحصل على شباب يحمل أفكار متطرفة يعتبر رأي” مشايخه” هي الصواب والعالم كله على ظلال غارق في الجهل.فيولي وجهه شطر بؤر التوتر للجهاد في سبيل الله حسب ما فهم.واليكم النتيجة العظمى لديماغوجية الخطاب المتطرف:
أرقام عن-والعياذ بالله- “داعش”.
2000 مغربي يقاتلون في صفوف “داعش”في العراق وسوريا.
بلغ عدد المغاربة المقاتلين الذين إلتحقوا بسوريا والعراق1122 صيف 2014.
بلغ عدد الملتحقين بسوريا والعراق1550 حتى الآن.
يوجد بالسجون المغربية 300 معتقل ممن التحقوا بالتنظيم الإرهابي.
67 في المائة من مغاربة”داعش”تقل أعمارهم عن 25سنة.
88 في المائة دون خبرات قتالية.
60 في المائة من مغاربة”داعش” إستقطبوا عبر مواقع التواصل.
40 في المائة باللقاء المباشر.
قالت السلطات المغربية في وقت سابق من هذا العام 2015 إن نحو 1500مواطن مغربي يقاتلون مع الجماعات المسلحة في سوريا والعراق،وإن 220منهم عادوا إلى أرض الوطن وسجنوا بينما قتل 286.وذهب أيضا قرابة 158 إمراة و135 طفلا إلى هناك.
سجلت بمحاكم المملكة 240 قضية إرهاب خلال التسعة أشهر الأولى من عام2015.
السينما فن سامي يصقل الذوق ويجعل خيال المتلقي متنور ومتسع ويدفعه إلى طرح أسئلة فلسفية تزعج الآلة الدينية المتطرفة التي تأمره بالكف عن طرح الأسئلة وان يمثل لأمرها ويخضع لما تقول ويسمع ويطيع،كما تزعج الساسة والتكنوقراط والتيوقراط. لأنهم يخشون إنتقاذ العقل المتنور للإيديولوجية الدينية التي تخدم مصالح التيوقراط ويهاب الساسة والتكنوقراط حضور جمهور ذو عقل ناقد لدورات المجالس الجماعية والبلدية و الإقليمية والجهوية.عندما يتابع عدد الجمهور الذي يحضر الديربي المحلي لكل مدينة أو عدد المصلين الذين يصلون الجمعة أو الفجر في رمضان في الأحياء الفقيرة والهامشية حيث تكثر المساجد أو الغراجات الدينية، دورات المجالس المحلية والإقليم والجهوية فاعلم أن تمت وعي سياسي خطير يهدد مصالح الساسة لدى الجمهور الملم بأهمية حماية المال العام للحصول على تنمية حقيقية.
الفن السابع يفتح دماغ المتلقي ويجعله يطالب بحقوقه كاملة غير منقوصة وبالتجديد في الخطاب والفكر بما فيه الخطاب الديني الأمر الذي يثير حفيظة المتطرفين الأصوليين وحركات الإسلام السياسي.لذا ينبذ الأصوليون الفن. فهاكم مثالا:في الموسم الدراسي1995/1996 كان أستاذ مادة التربية الإسلامية الذي درسني بإعدادية المختار السوسي- التي شيدها الطيار الكورسيكي كازا نوفا إلى جانب مسجد ومستشفى ومدراس ومسبح،نهاية الأربعينيات من القرن الماضي-يصف الفن ب”العفن”أي الوسخ.-لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،يبدو أن الفرنسي يؤمن ب”لكم دينكم ولي دين”لدى شيد المسجد وكان منفتحا إلى أقصى الحدود على النقيض من أستاذ مادة التربية الإسلامية المتشدد الذي كان يحرم الفن والسينما.
السينما اليوم في المغرب فكر وثقافة على وزن قول أبو سفيان”ألهة قريش تجارة وعبادة” تسوق صورة المغرب خارجيا ويفوق تأثيرها تأثير الدبلوماسية العرجاء وتزدحم بفضلها الفنادق بالسياح والمنتجون والمخرجون والممثلون والتقنيون…ويفد إلى المغرب حجيج شركات الإنتاج وأهل الفن،وتذر دخلا معتبرا على خزينة الدولة،بلغ عام 2014- 105 مليون دولار- بفضل تصوير أفلام أجنبية في المغرب.أما هذا العام-2015- فقد فاقت إيرادات تصوير الأفلام الأجنية بالمغرب 40 مليون دولار خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2015.وبلغت الميزانية التي يتم استثمارها في المغرب من خلال تصوير الأفلام الأجنبية 40،6 مليون دولار.إذن السينما في المغرب ثقافة وتجارة.
فشل المنظومة التعليمية في تكوين وتخرج أجيال تفكر وتنتقد، لا تحفظ وتكرر كالببغاوات ، وبعيد اجتياز الامتحان تنسى ما حفظت، وعدم الاحتكاك بأمهات الكتب وعدم إدراج تدريس السينما والموسيقى ضمن المنظومة التربوية-التعليم العام-جعل الشباب فريسة سهلة للتنظيمات الأوصولية المتشددة الراديكالية.لذا وجب الاعتماد على الفن السابع لدحر الإرهاب والإرهابيين ونشر قيم التسامح والتلاقح والترادف والسلام والمحبة والاختلاف.
إذن نخلص إلى أن الفن السابع أبلغ وسيلة لمحاربة الفكر الإرهابي المتطرف وأعظم سفير للمغرب.السينما مهة اقتصاديا ولها دور محوري في نقل الثقافة المغربية إلى العالمية.لذا وجب تشجيع انتشارها في المغرب على أوسع نطاق والعمل على تكوين كتاب محترفون في كتابة السيناريو ونقاد جيدون ذو إطلاع واسع على تاريخ الفن والسينما،وجمهور متذوق مولع ملم بالثقافة السينمائية.
صالح بن الهوري