القدس المحتلة المونيتور العبريالأرنب الجديد الذي استخرجه الروس في سوريا موجود عمومًا في الماء، "روستوف على نهر الدون" وهي غواصة روسية، والتي حسب شهادة وزير الدفاع الروسي بدأت الملاحة في الحوض الشرقي من البحر المتوسط قبالة الشواطئ السورية واللبنانية والإسرائيلية، الغواصة التي لا يمكن اكتشافها تقريبًا مسلحة بعدد كبير من الصواريخ البحرية، وتعتبر منصة لجمع المعلومات الاستخبارية متطورة، لا يمكن مشاهدتها تقريبًا، وكانت قد أطلقت صاروخًا بحريًا باتجاه أهداف لـ "داعش" في سوريا، ولكن قدراتها الأخرى هي التي تقلق جهات أخرى في المنطقة مثل إسرائيل.
ليس من الواضح بعد ما الذي سيحققه رفع مستوى المجهود الروسي الإيراني المكثف في الحرب على سوريا، "بلومبيرغ" بثت الأسبوع الماضي (10 ديسمبر) خبرًا مفاده ان الإيرانيين شرعوا بسحب قواتهم من سوريا بعد ان تكبدوا هناك خسائر فادحة، بما في ذلك إصابة الجنرال قاسم الموسوي، مصدر الخبر على ما يبدو في المخابرات الأمريكية، والذي كان ضمن قوافل المقاتلين الإيرانيين التي عادت مطوية الذنب إلى بلاد "آيات الله".
هذا الأسبوع في إسرائيل نفت مصادر استخباراتية إسرائيلية هذا النبأ، "لسنا مقتنعين ان المقصود هو اعتزال الحرب" قال أحدهم للمونيتور، "هناك تحركات للحرس الثوري داخل سوريا، والحقيقة ليس من الواضح أنهم يغادرون، ربما هو ينظمون صفوفهم من جديد، من المبكر جدًا القول بأن إيران رفعت يديها في سوريا، وإذا كان ذلك بسبب النتائج الهزيلة التي تحققت إلى الآن بكل شيء ممكن".
في أكتوبر الماضي 2015 سُجل رقم قياسي لـ 7000 من مقاتلي النخبة الإيرانيين من الحرس الثوري الذين يقاتلون إلى جانب حزب الله والأسد ضد الثوار في سوريا، ومؤخرًا انضم إليهم الروس؛ هذا التحالف حدد لنفسه أهدافًا موسعة: تمكين نظام الأسد، وتأمين استمرارية حكمه، وتوسيع المناطق التي يسيطر عليها، بما في ذلك استعادة السيطرة على عدد من المدن المهمة من بينها إدلب وأماكن أخرى.
تلكم الأهداف لم تتحقق، وزير الجيش الإسرائيلي موشيه يعلون، في ظهور له أمام مؤتمر "سابان" بداية ديسمبر، قال ان هذه الحملة منيت بالفشل حتى الآن، وحسب يعلون أسباب فشلها هي "عدم كفاءة الجيش السوري وعدم صرامة الحرس الثوري الإيراني".
في إسرائيل مقتنعون بأن فلاديمير بوتين لا تنتظره رحلة صيد خفيفة في سوريا، وهناك احتمال بأن تصبح نسخة جديدة عن أفغانستان التي أثخنت الاتحاد السوفيتي إلى ان اضطر إلى المغادرة مطوي الذنب (1979-1989)، ضابط إسرائيلي رفيع قال للمونيتور بعد بدء التدخل الروسي في سوريا بوقت قصير ان "سوريا يمكن ان تتحول إلى فيتنام روسيا".
على أي حال؛ في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وعلى مستوى صناع القرار أيضًا يتزايد القلق في ظل استمرار تكريس الأدوات الروسية في الجبهة الشمالية؛ الأمر الذي قد يتواصل ويحد من عمر السيطرة وحرية حركة الجيش الإسرائيلي في نفس المناطق بالفعل. "الغواصة الجديدة التي أحضرها بوتين إلى هنا تدعم إلى حد كبير قدرة الروس على جمع المعلومات، وفي مواجهة إسرائيل أيضًا" يقول مصدر عسكري إسرائيلي رفيع، ومصدر سياسي أيضًا قال قبل أسبوع ان "غواصة الـ 400S تجعل في الحقيقة كل مساحة دولة إسرائيل مكشوفة تمامًا امام الروس، كل طائرة حربية إسرائيلية تقلع من مطار العمل في النقب، وحتى المطارات العسكرية في الشمال تلتقط فورًا على شاشات رادار هذه المنظومة، ولديها قدرات أخرى، ما يثير قلقنا هو أقل من الاحتكاك العسكري بالروس الذين لا يشكلون تهديدًا عسكريًا مباشرًا على إسرائيل، وأكثر من نقل المعلومات الاستخبارية الحساسة التي يلتقطها الروس ويجمعونها إلى جهات معادية لإسرائيل".
رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال غادي ايزنكوت في مؤتمر صحفي مغلق قبل حوالي عشرة ايام قال انه "ليس من الممكن هزيمة داعش من الجو، ومطلوب قوات برية قوية لفعل ذلك"، هذه الحقيقة استوعبها الغرب أيضًا؛ إذ ان الولايات المتحدة ثبتت في سياستها عدم ارسال قوات حقيقية إلى سوريا عدا عن الوحدات الخاصة التي تعمل ضد "داعش" على مستوى منخفض.
"لم نر إطلاقًا ظاهرة كهذه" اعترف مطلع هذا الشهر مسؤول غربي رفيع، "نتحدث عن 40 ألف مقاتل من مائة دولة يتدفقون صوب جاذبية رومانسية اسمها الخلافة الإسلامية، ولا يعرف أحد حقا ما هي أسباب هذه الظاهرة، وما الذي يؤثر في أولئك المقاتلين الشباب الذين يتركون من خلفهم الحياة الرغيدة جدًا في الغرب"، جميع الخبراء تقريبًا يعتقدون انه ولكي نحارب هذه الظاهرة يجب ان نقلص حجم "حجر الزاوية" الذي قامت عليه، ألا وهو "خلافة داعش" التي أقامتها على مناطق واسعة في العراق وسوريا.
سلسلة النجاحات المذهلة التي حققتها "داعش" في الأسابيع الأخيرة (عملية باريس وإسقاط الطائرة الروسية من فوق سيناء وغيرها) هزت التحالف وخلقت الشعور الحالي بالمحاصرة، لقد ضاعف الروس الهجمات الجوية بشكل كبير، قبل إسقاط طائرتهم فقط 5% من الهجمات الجوية الروسية استهدفت "داعش"، ومنذ إسقاط الطائرة - وحسب معطيات المخابرات الأمريكية - فإن 30% من الهجمات استهدفت "داعش" وهذا العدد آخذ في الارتفاع، والمشكلة هي ان الهجمات الجوية لن تأتي بالنتائج المرجوة.
"لكي نهزم داعش يجب ان تسحب منهم الخلافة، يجب هزيمتهم على الأرض؛ هذا فقط سيوقف الرومانسية التي تجذب آلاف الشباب إلى هناك، الفرق بين داعش والقاعدة هو أن داعش أقامت دولة إسلامية، ولديها قاعدة جغرافية ولديها مدينة عاصمة ولها اقتصاد، وهناك في الظاهر قانون ونظام إسلاميين وتحقق الحلم وجميعهم الآن يتدفقون للمشاركة فيه" يقول مسؤول أمريكي رفيع، "هذا الحلم أصبح كابوسًا للعالم الحر، ولا شك انه يجب إيقافه".
في الوقت الحالي ليس للولايات المتحدة رد واضح كيف ومتى سيتوقف، التدخل المتزايد لكل من روسيا وإيران، ومع التدخل المكثف لحزب الله، لا يأتي بالنتائج المرجوة؛ وإنما تزيد فقط الفوضى الإقليمية، المجهودات المبذولة في "مسيرة فينا" في محاولة التوصل إلى حل سياسي تتقدم، ولكن ليس بالنمط المتوخى منها، الائتلاف العالمي ضد "داعش" يطلق المزيد من الطاقات في المعارك الداخلية أكثر من المجهود الابتدائي.
في إسرائيل يكثرون حاليًا من تمني التوفيق لجميع الأطراف والنظر إلى التواجد الروسي في البحر المتوسط وفي المجال الجوي الشمالي بقلق متزايد، السياسة الإسرائيلية التي تعتبر "داعش" أقل خطرًا بكثير على إسرائيل من بقية المحور الشيعي من طهران، حتى بيروت ظلت كما هي، مصدر استخباري مسؤول طلب إليه ان يشرح الأمر قال ما يلي "إيران كما داعش، يريدان تدمير إسرائيل، ولكن إيران فقط تستطيع القيام بذلك، فإيران لديها القدرة على إطلاق آلاف الأطنان من المتفجرات صوب المدن الإسرائيلية بقوتها الذاتية، وكذلك كمية مشابهة من خلال حزب الله، أما داعش فما هم إلا حملة كلاشينكوف يمتطون الجيبات المكشوفة".
أطلس للدراسات / ترجمة خاصة


