خبر : لماذا يُحدِث تأثير السياحة على الاقتصاديات الوطنية كل هذه الجلبة ؟!! – الجزء الثاني

الأحد 13 ديسمبر 2015 05:01 م / بتوقيت القدس +2GMT
لماذا يُحدِث تأثير السياحة على الاقتصاديات الوطنية كل هذه الجلبة ؟!! – الجزء الثاني



سما / وكالات / أنصحك إذا لم تكن قد قرأت الجزء الأول من هذا المقال أن تعود لقراءته أولاً، لتكتمل الصورة أمامك، واذ لم تسنح الفرصة لفعل ذلك الآن، فأذكرك أني في الجزء الأول كنت أتحدث عن آلية استفادة الدولة من قطاع السياحة بشكل مباشر، وأستكمل هنا إيضاح هذه الاستفادة.

يمكنك الاطلاع على الجزء الأول من هنا: لماذا يُحدِث تأثير السياحة على الاقتصاديات الوطنية كل هذه الجلبة ؟! – الجزء الأول

الناحية الثانية بشكل غير مباشر

unemployment
1- معدلات البطالة والتشغيل

إذا علمنا أن قطاع السياحة في دولة مثل مصر يوفر فرص عمل بنسبة 12.6% من إجمالي العمالة، يتم توزيعهم على 5 قطاعات رئيسية “وفقاً لتقرير السفر والسياحة لمنتدى الاقتصاد العالمي 2015” وهي:

قطاع الفنادق: ويتضمن 140 ألف فندق.
قطاع خدمات النقل: ويتضمن خدمات التاكسي والميكروباص وأتوبيسات النقل السياحي.
قطاع الخدمات التجارية: ويتضمن البازارات ومنتجاتها والمطاعم ومحلات السوبر ماركت.
قطاع الشركات السياحية.
قطاع الخدمات الترفيهية وغيرها: ويضم عمال المتاحف والآثار، والمرشدين السياحيين، وخدمات الغطس والأجواء البدوية.
بالإضافة إلى القطاعات التي تتعامل مع قطاع السياحة ويرتبط نشاطها بهذا القطاع مثل؛ موردي الخضروات والفاكهة وباقي الأطعمة، وعمال الصيانة والانشاءات، والدعاية والتسويق.

فإذا حدث تدهور لهذا القطاع أو تأثر بأي واقعة، فسوف يتم غلق منشآت، وتسريح هذه العمالة أو منح إجازات لبعضهم، وفي أحسن الأحوال تخفيض رواتب البعض منهم.

وبالتالي تتحول هذه الكتلة من فئة “منتجة” إلى فئة “عاطِلة مُعطَلة” تشكل عبئاً حقيقياً على الدولة، ومن ثم ترتفع نسبة البطالة. وما يترتب على ذلك من تدهور أحوال هذه الفئة وزيادة معدلات الفقر وخصوصاً إذا كانوا يعيلون آخرين وراءهم.

ولن يقف التأثير عند هؤلاء فقط، بل سيتعداه إلى فرص العمل الجديدة التي كان من المفترض أن يخلقها هذا القطاع، فلو نشط فكان بالطبع سوف يستوعب أكثر مما نسبته 12.6% من إجمالي العمالة، وبالتالي يؤدي تأثره وتدهوره إلى ضياع الفرصة على العاملين المحتملين مستقبلاً في هذا القطاع، مما يؤدي إلى موجة جديدة من ارتفاع مستوى البطالة أيضاً.


2- تحسن وضع ميزان المدفوعات للدولة

ما ميزان المدفوعات أصلاً؟ هو حساب للعمليات المالية التي تتم خلال فترة معينة عادة ما تكون سنة، بين بلد ما ومختلف البلدان الأجنبية الأخرى، أي حساب قيمة ما يدخل إلى الدولة وما يخرج منها، وهو بمثابة عدسة مكبرة تسلطها الدولة على كافة تعاملاتها. لماذا؟ لأنه يعبر عن الأحوال الاقتصادية للدولة بوضوح، وأي القطاعات فيها يمثل مصدر قوة وأيها يمثل ضعفاً، وله دلالات أخرى هامة.

وينبغي أن يكون هناك فائض في هذا الميزان بمعنى أن قيمة المخرجات أكبر من قيمة المدخلات، أو على الأقل يكون متوازناً. أما العجز في ميزان المدفوعات وخصوصاً إذا كان مزمناً فإنه يدل على هشاشة اقتصاد الدولة، وأن بضاعتها مزجاة، ومن ثم ينبغي التحرك سريعاً لمواجهة هذا الأمر.

ويتم تسجيل قطاع السياحة تحت بند حساب التجارة غير المنظورة في الحساب التجاري تحت قسم حساب العمليات الجارية، وبالتالي حينما ينمو هذا القطاع وينتعش تزيد معاملاته ويكثُر إنتاجه الخدمي، وبالتالي تزيد قيمة المخرجات فيتحسن ميزان المدفوعات.


3- زيادة معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر

في ظل انتعاش هذا القطاع وخصوصاً إذا كان يتميز بالتنوع والحيوية مثل السياحة في مصر، فإنه يصبح هدفاً واضحاً وقِبلة مؤكدة للاستثمار الأجنبي، ومن ثم يؤدي تدفق هذه الاستثمارات إلى زيادة حجم هذا القطاع، وبالتالي زيادة حصيلة الدولة مرة أخرى من النقد الأجنبي، بالإضافة إلى تأثير المشروعات الجديدة أو التي يتم تطويرها، ومردود هذه المشروعات على الاقتصاد الكلي؛ من انخفاض في معدلات البطالة، وتقليل معدلات الفقر، وزيادة حصيلة الضرائب والرسوم.

كما يؤدي تدفق هذه الاستثمارات إلى إدخال التكنولوجيا الحديثة إلى البلاد، لأن المستثمر الأجنبي بالطبع سوف يأتي بآخر ما توصلت إليه الدول المتقدمة في كيفية تقديم وتنفيذ المشروعات السياحية حتى يستطيع المنافسة وتحقيق المزيد من الأرباح، ثم يحدث انتقال لهذه التكنولوجيا وإحلال لها محل الوسائل القديمة وبالتالي تحدث التنمية السياحية.

4- معالجة الركود الاقتصادي

يحدث الركود باختصار عندما يزيد الإنتاج سواء أكان سلعياً أو خدمياً ويقل الاستهلاك، فيحدث كساد لهذه السلع والخدمات فتنخفض أسعارها، ويصعب الاستفادة منها وبالتالي يتوقف إنتاجها أو تطويرها.

ومعنى توافد السياح أن هناك كتلة جديدة من المستهلكين دخلت إلى الأسواق، ولديها كافة الدوافع للاستهلاك، وبالتالي تسبب المبالغ التي ينفقها السياح على السلع والخدمات داخل الدولة إلى استفادة المنتجين من سلعهم وخدماتهم فيبدؤون من جديد في عملية الإنتاج، وبالتالي يؤدي هذا الأمر إلى دفع عجلة الإنتاج ومن ثم زيادة في الناتج المحلي الإجمالي.

ولا يتوقف التأثير بالطبع عند هذه المتغيرات الرئيسية والتي تعتبر بمثابة رأس الحربة، بمعنى أنها مَن تتأثر أولاً، ولكن يمتد التأثير إلى متغيرات تابعة أخرى وهكذا يحدث إما زيادة في النمو الاقتصادي، وإما تدهور في الأوضاع الاقتصادية.

لذا يستحق قطاع السياحة كل هذه الجلبة، وخصوصاً في الدول التي تعتمد عليه كقطاع رئيسي من قطاعات الاقتصاد مثل مصر.