القدس المحتلة - لا يُخفي قادة إسرائيل توجسّهم وقلقهم الشديد ممّا يُطلقون عليه زيادة النفوذ الإيرانيّ في سوريّة واقتراب الإيرانيين إلى الحدود مع إسرائيل في الجزء المُحرّر من هضبة الجولان العربيّة السوريّة، كما أنّهم يُشدّدون في تصريحاتهم على أنّ إيران تُواصل إمداد حزب الله بالأسلحة والعتاد المتطوّر، وبالإضافة إلى ذلك، يُعبّرون عن قلقهم العارم من إمكانية قيام حزب الله بفتح جبهةٍ أخرى ضدّ الدولة العبريّة انطلاقًا من الجولان، كما كان الوضع سائدًا في الجنوب اللبنانيّ، قبل أنْ يتمكّن حزب الله في أيّار (مايو) من العام 2000 من كنس الجيش الإسرائيليّ، الذي انسحب على عجلةٍ من أمره بأمرٍ من رئيس الوزراء آنذاك، إيهود باراك.
علاوة على ذلك، أكّد وزير الأمن الإسرائيليّ، موشيه يعلون، أخيرًا على أنّ تنظيم “الدولة الإسلاميّة” لا يُشكّل تهديدًا على إسرائيل من جهة سوريّة، ولكنّ إيران وحزب الله، يبقيان العدو الرئيسيّ والأخطر بالنسبة للدولة العبريّة، على حدّ تعبيره. في السياق عينه، أكد رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو على أنّ بلاده لن تسمح لحزب الله وإيران بفتح جبهةٍ جديدةٍ ضدّها انطلاقًا من الحدود مع سوريّة، مُشدّدًا في الوقت عينه على أنّ إسرائيل ستستّمر في العمل على منع وإحباط نقل الأسلحة من سوريّة إلى لبنان. وفي كلمة ألقاها أمس في المؤتمر الدبلوماسي الرابع لصحيفة “جيروزاليم بوست”، في القدس الغربيّة، أوضح نتنياهو أنّه اتفق والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ألا يؤذي احدهما الآخر فوق الأجواء السوريّة
وتابع نتنياهو قائلاً إلّا أنّه يجب القول، وإنْ كان من المبكر التعرض لذلك، إنّ الدولة العبريّة ستكون مشاركة في المجمل العام (في مساعي الحل السياسي بشأن سوريّة)، وأنّ المصالح الإسرائيلية ستوضع على الطاولة، مُضيفًا أنّ إسرائيل لن تسمح لإيران وحزب الله بتحويل سوريّة إلى قاعدةٍ أمامية لهما، وأنّها ستُواصل الدفاع عن مصالحها، بحسب تعبيره.
جديرٌ بالذكر في هذا السياق أنّ نتنياهو خلال اجتماعه قبل أسبوعين مع الرئيس الأمريكيّ، باراك أوباما، طرح مسألة ضمان المصالح الإسرائيليّة في أيّ حلٍّ سياسيٍّ قد يتّم التوصّل إليه بشأن سوريّة، ومن المُرجّح أنْ تقوم واشنطن، خلال المحادثات، بطرح هذه المسألة التي تعتبرها تل أبيب إستراتيجيّة بالنسبة لها. علاوة على ذلك، حصر نتنياهو التدخّل الإسرائيليّ في الأزمة السورية بأمرين: الأول، تقديم المساعدة الإنسانيّة والعلاج الطبيّ، وكانت إسرائيل الدولة الأولى التي قامت بذلك. وتابع: عمدنا إلى مدّ يد العون الطبيّة في أماكن قريبة من الحدود وعالجنا الآلاف من الجرحى، من الرجال والنساء والأطفال، على أيدي يهود وأطباء إسرائيليين.
وببساطة، فإن قسمًا من هؤلاء رأوا أنّ الشيطان تحوّل أمامهم فجأة إلى ملاك، لكنّهم رفضوا تصويرهم لأنّهم خافوا على حياتهم بعد عودتهم إلى سوريّة، قال نتنياهو. أمّا الأمر الثاني، بحسب رئيس الوزراء الإسرائيليّ، يكمن في أنّ تل أبيب عملت ضدّ نقل السلاح أوْ الاقتراب من حدودها وتهديدها.
وأضاف قائلاً: لم نكن دائمًا قادرين على تشخيص ذلك، وعندما لا نشخصهم، لا نتردد في تدمير جزء من الترسانة العسكريّة للجيش السوريّ، على حدّ قوله. وبحسب بيانٍ رسميّ صدر عن الناطق بلسان رئيس الوزراء الإسرائيليّ، تحادث الأخير هاتفيًا مع الرئيس الروسي، واتفق الجانبان على اللقاء في باريس بعد عشرة أيام، في إطار مؤتمر المناخ الذي سيُعقد في العاصمة الفرنسيّة لمزيد من المحادثات حول الأوضاع في سوريّة، كما ذكر البيان.
وفي المؤتمر نفسه، اعتبر قائد سلاح الجو الإسرائيليّ الجنرال امير ايشل أنّ ما يحدث خلف الحدود يفرض على إسرائيل البقاء على جاهزية دفاعية، لأن عملاً واحدًا من شأنه أنْ يؤدّي إلى اشتعال آخر في المنطقة.
ولفت الجنرال الإسرائيليّ في سياق حديثه إلى أنّه هناك ثلاثة أسس يُركّز عليها سلاح الجوّ الإسرائيليّ: الدفاع عن إسرائيل، وأنْ يكون سلاح الجوّ مُستعدًا لمواجهة أيّ سيناريو، والأمر الثالث، بحسب الجنرال إيشل، منع أي عملية استهداف ضدّ إسرائيل. وتابع قائلاً: لكن في الوضع الحاليّ يجب على تل أبيب أنْ تمنع الحرب والتصعيد، وهذا مهم جدًا.
علاوة على ذلك، أشار قائد سلاح الجوّ إلى أنّ الحدود الإسرائيليّة وصلت إلى حالةٍ من الغليان، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ عملاً واحدًا قد يؤدي إلى تصعيد. ورأى أنّ مهمّة سلاح الجو هي المحافظة على الحدود والرد على التهديدات، وفي الوقت نفسه وضع الخطوط الحمر والمحافظة عليها.
وساق الجنرال أيشل قائلاً إنّ إسرائيل، مثل تويتر، تبعث برسائل تقول فيها لا تتجاوزوا الخطوط الحمر لأنّ تبعات ذلك ستكون مؤلمةً من جانبكم. لكن في الوقت نفسه هناك معضلة: كيف نُرسل برسالة قوية، من دون أنْ تؤدّي إلى تصعيد؟ يوجد حدّان صعبان، ونحاول العمل بينهما.
وعن قدرة المناورة الإسرائيليّة في أعقاب الوجود العسكريّ الروسيّ في سوريّة، قال قائد سلاح الجوّ الإسرائيليّ إنّه في سوريّة قوّات وأسلحة جو تعمل في هذه الساحة، والمعضلة الجديدة أنّ منطقة الشرق الأوسط برمتّها باتت مزدحمةً جدًا، وهو أمرٌ جديدٌ بالنسبة لإسرائيل. وخلُص إلى القول: توجد قوّات روسيّة وقوّات تحالف وغيرهما، وعلينا أنْ نعمل بطريقةٍ وبأسلوبٍ كي لا نمس بأيٍّ منهم، ولا نُريد لهم أنْ يمسّوا بنا، ولهذه الأسباب نتخّذ إجراءات احترازيّة كي لا نتأذّى ولا نؤذي أحدًا، قال الجنرال ايشل.


