القدس المحتلة / سما / في الوقت الذي تقول الحكومة الإسرائيلية لجنودها ان "اعمال العنف والارهاب" لا تنتهي إلا بالقوة، وفي حال الفشل؛ يجب استخدام المزيد من القوة، لم يحقق الاحتلال العسكري لمدينة الخليل أي أمن لليهود او الفلسطينيين، هذا ما نشره موقع "972" الاسرائيلي في مقابلة مع جندي اسرائيلي سابق، حول تحول مدينة الخليل إلى نقطة اشتباكات عنيفة في الأسابيع الماضية.
ويقول الجندي الاسرائيلي السابق "انا اعرف مدينة الخليل جيداً، فقد خدمت فيها اكثر من عام في الانتفاضة الثانية، وبعد انهائي للخدمة بدأت القيام بجولات سياحية في المدينة لمئات الاشخاص الذين يريدون رؤيتها من وجهة نظر جندي اسرائيلي عمل بالمنطقة".
ويضيف الجندي "تعتبر الخليل مدينة دينية في التاريخ اليهودي، وهي ايضاً واحدة من اكبر مدن الضفة الغربية ويبلغ عدد سكانها 200 الف، ويعيش في قلبها 850 مستوطنا، ولذلك أصبحت خلال العقود الماضية، إحدى أكثر النقاط حراسة، حيث يوجد على الاقل 650 جنديا بشكل يومي، لذلك من الصعب القول ان اسرائيل قد انسحبت من المدينة، او ان الجيش الاسرائيلي توقف عن حماية المستوطنين".
وذكر الجندي ان السياسة الاسرائيلية لفرض الأمن في الخليل بدأت في العام 1994 عندما قام الطبيب اليهودي (باروخ جولدشتاين) بمذبحة الحرم الإبراهيمي، حيث اطلق النار على المصلين اثناء ادائهم للصلاة، وفي ذلك الوقت بدأ تطبيق سياسة الفصل، اي فرض قيود على حركة تنقل الفلسطينيين في الاحياء التي يسكن فيها المستوطنون، ومن اجل تنفيذ هذه القيود، فقد تم منع الفلسطينيين من قيادة السيارة في الشوارع قرب المستوطنات وإغلاق بعض الطرق أمام المشاة.
واضاف "تم اغلاق مئات المحال التجارية الفلسطينية خلال العشرين عاما الماضية في وسط المدينة وفي شارع الشهداء،بأوامر عسكرية اسرائيلية، وتم منع المواطنين من السير في الشوارع التي يعيشون فيها من اجل تأمين حماية المستوطنين، الامر الذي دفع نصف سكان هذه الاحياء الى تركها وتحولت بعد ذلك الى مدينة اشباح".
واضاف قائلاً " فرض قيود على حركة الفلسطينيين ليست الاداة الأمنية الوحيدة التي يستخدمها الجيش الاسرائيلي في الخليل، فهناك مداهمات لمنازل المواطنين حتى منتصف الليل، وذلك بهدف اثبات الوجود، اضافة الى القيام بدوريات داخل المدينة، ويعرف سكان المنازل القريبة من المستوطنين ان الجيش يستطيع مداهمة منزلهم في اي وقت من اجل تفتيش ممتلكاتهم" .
ويقول الجندي إنه وعندما يواجه الجنود في الخليل خطرا فانهم يعلمون ماذا يجب عليهم ان يفعلوا، فهذه مناطق يلتقي فيها الجنود بالمواطنين الفلسطينيين بشكل يومي، واستخدام العنف ضد المواطنين ليس امرا جديدا ويحدث بشكل دائم.
وأشار الى حادثة إعدام الفتاة هديل الهشلمون(18عاما) أيلول الماضي، عند تواجدها على حاجز عسكري داخل المدينة، حيث اصيبت باعيرة نارية وتوفيت بعد ذلك في المستشفى، وصرح الجيش الاسرائيلي ان الفتاة كانت تهدد الجنود بالسكين لذلك تم اطلاق النار عليها على عكس ما أثبتته التحقيقات، وهذا ما يظهر انه لا يوجد لدى الجنود اي تردد للقتل في الخليل، بحجة الحفاظ على الأمن.
ويتساءل الجندي، كيف أدت الاجراءات التي يستخدمها الجيش الاسرائيلي الى فرض الأمن في المدينة؟ فخلال الاسابيع الماضية قد تضاعف التهديد للجيش والمستوطنين ثلاثة اضعاف؟ فكيف اصبح المكان الاكثر حراسة من قبل الجيش نقطة اشتعال العنف بين الفلسطينيين والاسرائيليين؟ وأضاف "الجواب بسيط..ما يتم تطبيقه في الخليل ليس أمنا لإسرائيل، بل هو هيمنة استيطانية، وهذا الامر له ثمنه".
ويقول الموقع نقلا عن الجندي "تعد مدينة الخليل آلية مصغرة لنظام الحكم العسكري الذي يتم تطبيقه في الضفة الغربية، والدروس التي نتعلمها في المدينة يجب ان تطبق في جميع المدن، فالسيطرة العسكرية على الفلسطينيي لمدة طويلة لن تجلب الأمن للإسرائيليين، وفرض الأمن باستخدام العنف لن يغير شيئا".
واختتم الجندي المقابلة قائلاً "نحن لسنا الطرف الوحيد الذي يجب القاء اللوم عليه في هذا الموضوع، لكننا الطرف الأقوى، ونحن لدينا الخيار، فإما ان نستمر في فرض سياسة "الأمن" والعنف ضد الفلسطينيين، او اللجوء الى طريق مختلف، وهو العمل من اجل انهاء الاحتلال والسيطرة العسكرية في المناطق الفلسطينية.
وختم حديثه قائلا "اذا كان هناك أمل في تحقيق أمن في المنطقة، فهو من خلال انهاء الاحتلال".


