غزة- سماانتفضت المُخرجة الفلسطينية حنين كلاَّبْ من رحم المعاناة لتقدم من خلال الصوت والصورة "السينما" قضايا المرأة الفلسطينية، أخرجت بطاقاتها القوية العديد من الأفلام الهامة التي شكلت منعطف نحو تكوين مساحة هامة للسينما التي تناولت قضايا هامة.
لقد مزجت كلاب بين الروائية والوثائقية، وركزت بشكل واضح على القضايا الوطنية ذات العلاقة بقضايا المرأة، ففي عام 2009 أخرجت فيلمها التسجيلي "بعيونهن" الذي كان من انتاج مركز شؤون المرأة بغزة، تقول كلاب : "في هذا الفيلم قمت بتسليط الضوء على دور الصحفيات في الحروب مع الاحتلال الإسرائيلي، ركزت على ما تمارسه قوات الاحتلال بحق الصحفيات والصحفيين بشكل عام الفيلم، وقد شارك هذا الفيلم في مهرجان " بعيون النساء الثاني في العام 2010"، ويأتي هذا الفيلم بعد أن تلقت كلاب تدريباً في مركز شؤون المرأة بعنوان "مخرجات ناشئات" الذي ركز على مجال صناعة الفيلم الوثائقي والروائي والمونتاج والتصوير والكتابة السيناريو.
أما الفيلم الثاني " كان حلم" فكان في عام 2010 من انتاج المركز، تناول قضية ظروف الأسيرات الفلسطينيات داخل السجون الإسرائيلية ومعاناتهن في حدود تلك الجدران، ثم أخرجت كلاب في العام 2012 فيلم "على خط النار"-من انتاج المركز- الذي يعرض قصة العائلات التي تقطن على حدود قطاع غزة، ويتعرضون باستمرار للخطر من قبل قوات الاحتلال.
و في العام 2013، قدمت كلاب فيلمها الروائي الثاني "المشهد يستمر" والذي يناقش قضية القتل على خلفية الشرف، أما في عام 2014 فتوج بفيلم "الغميضة" الذي تناول قضية الفقدان من خلال اللعبة التراثية "الغميضة"، كما أخرجت كلاب في عام 2015، واحد من أهم أعمالها هو مسلسل "الحكواتي" الذي يسلط الضوء علي قضايا المجتمع بشكل كوميدي، وجميع الافلام السابقة من انتاج مركز شؤون المرأة.
فيلم أبرياء
واحد من أهم ما أخرجت كلاب وانتجه المركز هو فيلمها الروائي "أبرياء"، حيث يناقش هذا الفيلم واحدة من أهم القضايا الحساسة في المجتمع الفلسطيني، أنها نظرة المجتمع لأبناء العملاء، تدور أحداث الفيلم الذي سيشارك في مهرجان شؤون المرأة لعام 2015 حول "شريفة" وهي فتاة وحيدة تعيش مع والدتها فقط، منعزلة ومنطوية عن العالم، لكن أثناء دراستها بالجامعة تتعرف على شقيق صديقتها سناء، ويدعي "أحمد"، فتنشأ بينهما علاقة حب قوية ويتعلق هو بها كثيرا ويتبادلان نفس الشعور بينهما، وبعد حب دام لفترة يقرر أحمد الارتباط بها ليؤسس حياته الزوجية.
وكما تجرى العادة أهل الشاب في قطاع غزة يسألون عن الفتاة، فيشهد الكل بأدبها وأخلاقها العالية، ولكن الرياح تجرى بما لا تشتهي السفن، فيتبين أن والد "شريفة" تم قتله للاشتباه به أنه عميل للاحتلال، فيدور صراع بين أحمد وأهله الذين يرفضون فكرة الارتباط بابنه "العميل"، وتدور الأحداث بين قلب أحمد المتعلق بشريفة والمجتمع ونظرته السلبية في حال ارتبط بها.
وتعقب كلاب على الفيلم فتقول : "الفكرة نتجت مما أراه من ظلم بعض الناس في المجتمع لأبناء العملاء، هذا الظلم أشد من ظلم الاحتلال"، وتابعت : "العميل يموت مرة وتموت عائلته إلف مرة بسبب نبذ المجتمع لهم، فضلا عن الهمز واللمز وملاحقة العيون لأبنائهم، فرغم انتهاء حياته بالإعدام تستمر حياتهم بتركة العار"، وتشدد كلاب على أنه يجب أن لا تتحمل عائلات العملاء وزر العميل، فهم ضحية لجرم لا ذنب لهم فيه سوى أن الفاعل أباهم في مجتمع اعتاد غالبه توزيع التهم جزافا وتجميل الوزر للجميع دون تريث.
وسيعرض الفيلم في مهرجان أفلام المرأة الرابع "بعيون النساء" الذي ينظمه المركز في الرابع عشر من أكتوبر الجاري.
تحديات
مجموع من الصعوبات واجهت المخرجة كلاب، تقول لـ"الغيداء" : "نعاني في ظل الظروف التي نعيشها الاقتصادية والاجتماعية من قلة الإمكانيات المادية والتقنية وضعف البنية التحتية السينمائية، وضعف العنصر الفني من ممثلين وخلافه". وتتابع : "نبذل جهدا كبيرا، وصل أحيانا إلي درجة المعاناة، ولكن بفضل الله استطعنا أن نخرج أعمال كثيرة إلى النور، رغم ظروفنا المتواضعة، ويبقي حلمنا وطموحاتنا إنتاج سينمائي في ظل توفر مقومات أكثر إبداعا".
وتشدد كلاب على أن نتاج أي مجهود مميز هو وجود فريق عمل رائع عمل، وعقبت : "أساس أي عمل ناجح فريق عمل متفاهم ومهني، شكرا لك فرد ساعدني في فيلم "إبرياء"، ومنهم المنتج فتحي عمر ومدير التصوير ميسره دوحان المنتير رامي حماد ومحمد فتحي والكاتب محمود عفانة، وأيضا الممثلين الرائعين وخاصة الوجه الجديد حنان قويدر".
أحلامها
وكما تقول حنين عن نفسها لا تطمح لتحدي عادات وتقاليد مجتمعها بقدر ما تريد أن تبرهن لشعبها وللعالم أجمع أن السيدة الفلسطينية قادرة وأنها لا تعاكس تطلعاته للحرية وأن أهدافها تصب في ذات الهدف العام، وقيامها بعرض بعض مشكلات شعبها هدفه البحث عن سبل العلاج لا شيء آخر.
وكغيرها من المخرجات العاكفات على أفلامهن ترى حنين أن المرأة الفلسطينية قادرة ويمكنها أن تبدع في المجال الفني كغيرها من نساء العالم ويمكنها أن تعمل لصالح قضيتها بكافة الأشكال من ضمنها الفن وصناعة الأفلام