خبر : الرئيس الأخير للسلطة الفلسطينية؟

الأربعاء 16 سبتمبر 2015 09:59 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الرئيس الأخير للسلطة الفلسطينية؟



القدس المحتلة داني روبنشتاينعلى خلفية التحضيرات للخطاب المثير لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والشائعات حول استقالته القريبة وصراعات الخلافة الحادة – نشر غسان الخطيب، وزير سابق في الحكومات الفلسطينية مقالاً اختتمه باستنتاج مفاجئ: لا حاجة لصراعات على خلافته لأن عباس سيكون الرئيس الأخير للسلطة الفلسطينية.

التفسير لهذا الأمر بسيط؛ حسب الدستور الفلسطيني، في حال لم يكن الرئيس قادراً على القيام بمهامه، فإن رئيس البرلمان الفلسطيني سيشغل منصبه لمدة 60 يوماً، خلالها ستجرى انتخابات وينتخب رئيس فلسطيني جديد. في الوضع السياسي الراهن لا توجد إمكانية لذلك. البرلمان الفلسطيني معطل منذ سنوات بسبب الخلافات والانقسام بين رام الله وغزة. رئيس البرلمان الدكتور عزيز الدويك يمضي غالبية وقته داخل السجون الإسرائيلية. ولا يوجد أي فرصة بأن يكون الرئيس القادم للسلطة. حتى ولو لفترة انتقالية قصيرة. بسبب الانقسام بين حماس والسلطة، لم ينجح أي من الطرفين بتنظيم انتخابات متفق عليها.

لكن التفسير لادعاء خطيب أن عباس البالغ من العمر 80 عاماً – الذي خلف ياسر عرفات – هو الرئيس الثاني والأخير للسلطة في رام الله هو ليس فقط اجراء غير ممكن. هنالك أيضاً شروحات جوهرية. حسب استطلاع للرأي اجراه مركز أبحاث فلسطيني مرموق "مركز القدس للإعلام"، لا يوجد مرشح فلسطيني مقبول وجدي للمنصب. مروان البرغوثي، عضو اللجنة المركزية في حركة فتح، حصل على أكبر نسبة دعم. نسبة الدعم التي حصل عليها مثيرة للشفقة ووصلت الى أكثر من 10% بقليل. لكنه محكوم عليه بالسجن المؤبد وقابع في السجن الإسرائيلي. ما معناه انه لا يملك أي فرصة لشغل المنصب. بعدها حصل زعيم حماس في غزة إسماعيل هنية على 10% من الأصوات تقريباً، وله أيضاً لا توجد فرصة لشغل منصبه لأن إسرائيل لن تسمح بانتخاب عضو في "منظمة إرهابية" لشغل هذا المنصب. باقي المرشحين حصلوا على نسب دعم قليلة جداً: محمد دحلان الذي طرد من فتح حصل على 5%، صائب عريقات 3% وخالد مشعل 3%. الخلاصة واضحة. في حال عدم وجود رئيس فلسطيني فإن السلطة لن تكون قادرة على العمل. وحينها قد تحدث فوضى وستنهار السلطة الفلسطينية.

"مروان البرغوثي"

هذا التحليل مفهوم ومعروف لجميع النشطاء السياسيين الفلسطينيين. السؤال هو ما العمل؟ كان سيعقد في رام الله اجتماع للمجلس الوطني الفلسطيني في نهاية هذا الشهر. هذا المجلس هو أعلى مؤسسة للحركة الوطنية الفلسطينية، التي حظيت باعتراف إسرائيل، وفيه مئات الأعضاء من جميع الفصائل الفلسطينية من جميع الجاليات الفلسطينية في الدول العربية (ما عدا حماس والجهاد الإسلامي حيث ان هنالك نقاشات طويلة حول انضمامهما). مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية هم اللذين يديرون المفاوضات مع إسرائيل باسم الشعب الفلسطيني بأكمله، وذلك مقابل الحكومة في رام الله الخاضعة لمنظمة التحرير والتي تمثل الضفة الغربية وقطاع غزة فقط.

الجلسة الأخيرة لهذا المجلس كانت في عام 1998 في غزة وشارك فيه الرئيس الأمريكي بيل كلينتون. وفيه اتخذ قرار بتغيير بنود في الميثاق الفلسطيني التي تنفي وجود إسرائيل. عباس ورجاله طلبوا عقد المجلس الان لمنح شرعية لقرارات سياسية ذات أهمية قصوى.

عندما لا ينعقد المجلس، هنالك شبه حكومة لمنظمة التحرير والتي تعمل باسمه وهي اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. قبيل انعقاد المجلس، أعلن عباس في نهاية شهر اب/اغسطس عن استقالته من رئاسة اللجنة التنفيذية، وانضم اليه عدد من الأعضاء. والجميع ينتظر الان انعقاد المجلس لمعرفة التوجهات. ما مصير اتفاقيات أوسلو؟ ما مصير العلاقات مع حماس وغزة؟ كيف يمكن الخروج من الطريق المسدود في العلاقات مع إسرائيل؟ كيف يمكن التغلب على مشكلة وراثة الرئيس الفلسطيني؟

القيادة الفلسطينية أصيبت بالهلع. لا يمكن عقد اجتماع بهذه الأهمية دون تحضيرات ملائمة. لذلك، أعلن رئيس المجلس سليم زعنون (بأمر من عباس طبعاً) الأسبوع الماضي بتأجيل عقد المجلس لمدة ثلاثة أشهر "كحد أقصى". الجميع تنفس الصعداء. جميع الفصائل الفلسطينية ومن ضمنهم حماس نشرت ترحيباً بهذا القرار. والان ستبدأ المشاورات والتحضيرات. ربما سيتوصلون الى تفاهمات وربما لا. الواضح هو ان عباس سيسافر الى اجتماع الجمعية العامة في الأمم المتحدة دون حصوله على دعم واضح للخطوات السياسية التي ينوي الفلسطينيون اتخاذها عن قريب.

الكاتب: داني روبنشتاين هو محاضر في القضايا العربية في جامعة بن غوريون والجامعة العبرية، وهو كاتب حول الشؤون الاقتصادية الفلسطينية في المجلة الاقتصادية "كالكاليست".