الاسكندرية -مصر-رويترز: يطرح الفيلم الوثائقي «رسائل من اليرموك» قضية تخص عصر ما بعد الإنترنت وان لم يشر اليها مخرج الفيلم الفلسطيني رشيد مشهراوي في التعليق الصوتي.. هي استحالة إخفاء كارثة انسانية أو التستر عليها في ظل ثورة الاتصالات.
فالمخرج الذي لم يذهب الى مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سورية تمكن من صنع هذا الفيلم كما صنع عن المخيم أنشطة أخرى ثقافية دون أن يغادر مدينة رام الله حيث يقيم ويتواصل مع أحد أبناء مخيم اليرموك بالصوت والصورة ويتلقى منه صورا فوتوغرافية ومقاطع فيديو كشفت جوانب من كارثة انسانية في مخيم يضم نحو 400 ألف فلسطيني.
وفي وسط القصف وانقطاع الخدمات الاساسية انحاز الفيلم مع أهل المخيم الى ارادة الحياة فكانت الموسيقى في الشارع أعلى صوتا من الانفجارات.
والفيلم الذي تصل مدة عرضه الى 59 دقيقة يتنافس ضمن مسابقة الفيلم العربي الوثائقي الطويل بمهرجان الاسكندرية السينمائي لدول حوض البحر المتوسط والمقام حاليا بالمدينة الساحلية بمشاركة أفلام من 33 دولة في أقسامه ومسابقاته المختلفة.
ومشهراوي الذي ولد في غزة عام 1962 أول سينمائي فلسطيني ينجز أفلاما داخل الاراضي الفلسطينية منذ فيلمه الوثائقي الاول «الملجأ» عام 1986 واسس عام 1990 شركة أيلول للانتاج الفني ومن خلالها قدم عدة أفلام روائية طويلة بدأها بفيلم «حتى إشعار آخر» 1993 الذي نال عنه عدة جوائز في مهرجانات دولية.
ويبدأ فيلم «رسائل من اليرموك» بتواصل المخرج بالصوت والصورة مع الفتاة الفلسطينية «لميس» التي تحكي عن مأساة المخيم وكيف أنها خرجت ووصلت الى ألمانيا مع اخرين بعضهم سوريون طلبوا اللجوء السياسي وأنها مازالت تنتظر الموافقة على طلبها لانها كتبت في أوراقها أنها «فلسطينية» وتضحك لأنهم في ألمانيا «لا يجدون دولة بهذا الاسم» وما زالت تنتظر.
ويبدأ مشهراوي الاتصال بالشاب «نيراز سعيد» وهو خطيب لميس فيمده بصور فوتوغرافية ومقاطع فيديو يصورها للمخيم الذي يتعرض للقصف في ظل الحرب الاهلية في سورية وما يترتب عليها من حصار وانقطاع المعونات الغذائية والمياه والكهرباء.
ولكن سكان المخيم وسط الكارثة التي ربما تحصد روح أي منهم في أي لحظة -حيث قتل شقيق نيراز فجأة- لا ينسون حقهم في الحياة فيعيشون على أمل الخلاص حتى أن «أيهم» صديق نيراز يدفع البيانو الضخم على عربة حديدية يجرها مع أصدقائه ويقدم معزوفات في وسط الشارع ويتجمع السكان فيغنون وينتظرون.
وفي مشهد له دلالة يجيب نيراز عن سؤال المخرج من أين.. قائلا «من قرية عولم بقضاء طبرية» فتنتقل الكاميرا الى هناك وتتجول دون أن يعوقها بيت أو أي من معالم ما كان القرية سابقا.
ويعلق المخرج قائلا ان قرية عولم لم تعد موجودة اذ «دمرت بالكامل» ولا يعرف نيراز هذه الحقيقة ومن الافضل أن يظل حيا على أمل العودة اليها.
ومن الصور ومقاطع الفيديو التي صورها نيراز يقام معرض فني بمتحف محمود درويش في رام الله يفتتحه وزير الثقافة الفلسطيني ورئيس البلدية ويحظى بحضور كبير يتأملون الصور التي يغلب عليها المعاناة على خلفية مقطع فيديو لدرويش يقول فيه..
«سنلتقي غدا على أرض أختك فلسطين / هل نسينا شيئا وراءنا.. نعم.. نسينا تلفت القلب / وتركنا فيك خير ما فينا / تركنا فيك شهداءنا الذين نوصيك بهم خيرا».
وتتنافس في مسابقة الفيلم العربي الوثائقي الطويل عشرة أفلام من المغرب والجزائر وتونس وسورية ولبنان والاردن والامارات وسلطنة عمان وفلسطين ومصر.
والدورة الحادية والثلاثون للمهرجان ستختتم مساء الثلاثاء القادم.