خبر : أنيس مصطفى القاسم: الشرعية الفلسطينية في خطر

الأحد 23 أغسطس 2015 12:42 ص / بتوقيت القدس +2GMT
أنيس مصطفى القاسم: الشرعية الفلسطينية في خطر



رام الله -

  قدم احد اهم رجال القانون الفلسطيني وواضع الميثاق القومي الفلسطيني وصائغ أغلب اللوائح الحاكمة لمنظمة التحرير الفلسطينية مرافعة حول حال الشرعية الفلسطينية ، والتي قال فيها أنها في خطر ، وجاء في مرافعة القاسم:

"هذا مقال اكتبه وأنا اعاني من الألم والغضب والحيرة فيما صرنا إليه. فقد قُدر لي أن أكون رئيس اللجنة التي وضعت الميثاق الوطني الفلسطيني في المؤتمر التأسيسي لمنظمة التحرير عام 1964. وقدر لي بعد قيام المنظمة أن أكون أول رئيس للجنة القانونية في المجلس الوطني إلى أن استقلت احتجاجا على محاولة تعديل الميثاق. وفي هذا كله كان حرصي الدائم على حماية الشرعية الفلسطينية، فالشرعية هي السند الأكيد للقضية الفلسطينية التي نواجه بها العالم كله ونتحدى بها خصومنا، وعدم احترامها في مسيرتنا ومؤسساتنا يطعن في مصداقيتنا ويباعد بيننا وبين انصارنا، وهم كثر في هذا العالم. والشرعية الفلسطينية تتمثل في منظمة التحرير الفلسطينية، وكل اعتداء على هذه الشرعية أو تهاون فيها أو تناور حولها هو اعتداء على القضية. ومن هذا المنطلق أكتب هذا المقال.

 وصلتني بتاريخ 20 من الشهر الحالي (آب 2009)، بصفتي عضوا في المجلس الوطني الفلسطيني، دعوة لحضور اجتماع للمجلس يعقد يوم 26 من هذا الشهر في مقر المقاطعة برام الله. وحددت الدعوة جدول الأعمال في بند وحيد هو "اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية" كما أشارت إلى الفقرة (ج) من المادة 14 من النظام الأساسي لمنظمة التحرير. ولا أخفي على القارئ الكريم أنني سررت لأنه وقع، بقضاء الله وقدره، ما جعل دعوة المجلس للإنعقاد ضرورة لا مفر منها، بعد تغييب له دام حوالي عشرين عاما، لم تنجح خلالها محاولات الفصائل لعقد هذا الإجتماع ولا المطالبات بذلك من جانب الحريصين على ابقاء المنظمة نشيطة فاعلة حماية لها من الإندثار، الأمر الذي يفقد الشعب الفلسطيني الكيان الذي اعترف به العالم ممثلا له، ونقل القضية الفلسطينية من قضية لاجئين إلى قضية شعب يناضل لاسترداد وطنه وحقوقه في هذا الوطن. والذي حدث قضاء وقدرا هو وفاة الدكتور سمير غوشه، عضو اللجنة التنفيذية، رحمه الله، بعد أن كان القدر ذاته قد تدخل أيضا لإنقاص عدد اعضاء اللجنة التنفيذية، بحيث أصبح عدد الأعضاء الذين انتهت عضويتهم في اللجنة لسبب أو لآخر يزيد على الثلث.

وفي هذه الحالة أصبح لا مفر من استكمال العضوية للحفاظ على شرعية اللجنة التنفيذية وشرعية اعضائها ورئيسها في تمثيل المنظمة، وبالتالي تمثيل الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية وفي المفاوضات وتوقيع الإتفاقيات. وهذه الشرعية لا تتحقق إلا بوجود لجنة تنفيذية مستوفية للشروط والأوضاع المقررة في النظام الأساسي لمنظمة التحرير، ويكون ذلك بانتخاب أعضاء جدد من قبل المجلس الوطني.

لقد حدث الكثير الكثير مما يمس القضية الفلسطينية في العشرين سنة الماضية، خاصة بعد اوسلو واتفاقياتها، وكامب دافيد وطابا وخارطة الطريق وانابوليس، وتغييب قائد الثورة والمنظمة، رحمه الله، ومع ذلك لم يدع المجلس الوطني للإنعقاد. لم يدع المجلس للإجتماع ولو مرة واحدة ليستمع ويناقش تقريرا واحدا من اللجنة التنفيذية أو لانتخاب لجنة جديدة عساها أن تكون أقدر على مواجهة المستجدات وتصحيح ما وقع من أخطاء، أو على الأقل لتجديد دمها، خاصة وأن قدراتها وتوجهاتها قد انكشفت للعدو، بحيث صار يعرف تماما كيف يستغل ذلك كله لمصلحته في المفاوضات التي اجراها والإتفاقيات التي ابرمها. وقد استفاد العدو في هذا كله من التغييب المتعمد للمساءلة والمحاسبة التي يقوم بهما المجلس الوطني الفلسطيني.

في هذه الأثناء تغيرت حكومات وقيادات وبرلمانات في اسرائيل، وكلها جاءت بهمم جديدة وكفاءات ونشاط متجددين، بنت على ما تحقق من انجازات، وتقدمت لتحقيق انجازات جديدة، مستفيدة في ذلك من وضع فلسطيني لم يتغير، ومن خصائص لممثلي الشعب الفلسطيني عرفها حق المعرفة وأتقن استغلالها.

ونتيجة لهذا تنقل الوضع الفلسطيني من سيء إلى أسوأ، ومع ذلك بقي القائمون على الأمر في مواقعهم، بنقاط قوتهم ونقاط ضعفهم وقدراتهم، وكأنهم قادرون على انتاج غير ما أتاحته لهم نقاط القوة ونقاط الضعف والقدرات تلك من انتاجه.

وهذه ظاهرة بشرية عامة، لا ينفرد بها أبناء الشعب الفلسطيني أو من يمثلونه، اذ أن كل انسان لا يستطيع أن ينتج غير ما هو قادر على انتاجه. ولذا تحرص الشعوب الواعية على ضمان تغيير من يتولون سلطة القرار والتصرف، وهذا ما سعى إليه النظام الأساسي لمنظمة التحرير. ومع الأسف الشديد فإن هذا النظام لم يحترم، وحلت ظاهرة الديمومة محل ظاهرة التغيير، أسوة، مع الأسف، بالسائد في الأنظمة العربية.

وفي الوقت الذي سررت فيه بهذا التحرك لأنهم تذكروا أن هناك جهة تسمى المجلس الوطني، فقد ساءني جدا نطاق هذا التذكر. فالمجلس لم يُدعَ للنظر في كل ما طرأ وتقييمه واجراء المحاسبة عليه واعتماد سياسة ومخططات وبرامج تسير عليها المنظمة لمواجهة ما طرأ، أو لإحداث تغييرات تتعلق بالأداء والقائمين عليه، وانما دُعِيَ فقط لملء الشواغر في اللجنة التنفيذية، دون أن يتضمن جدول الأعمال على الأقل بندا يتطلب من هذه اللجنة التنفيذية تقريرا عن ما انجزته يبرر بقاءها أو بقاء من بقي من اعضائها، بحيث تتوفر الثقة في أن هذه اللجنة قادرة على النهوض بالمسؤوليات الضخمة التي تتطلبها قيادة النضال الوطني في معركة التحرير التي يخوضها الشعب الفلسطيني، ومواصلة هذا النضال لاسترداد الحقوق.

وهذا أمر يثير الدهشة والإستغراب، وكأنما المطلوب من المجلس الوطني أن يبصم على كل ما جرى في السنوات العشرين الماضية دون حتى أن يعرف، ولو من باب العلم فقط، من المسؤولين انفسهم حقيقة ذلك.

ويؤلمني أن أقول إن هذا استخفاف لا مثيل له بدور المجلس الوطني الذي هو أعلى سلطة في منظمة التحرير، ومحاولة لتعطيل المجلس عن ممارسة اختصاصاته، ويبرر عنوانا وضعناه لمقال نشر في "القدس العربي" بتاريخ 3 مايو/أيار 2008 هو "تغييب المجلس الوطني الفلسطيني يعني الموت البطيء لمنظمة التحرير".

فضلا عن هذا، وحتى في الإطار الضيق الذي حدد لجدول الأعمال، فقد ازداد الأمر تضييقا، تزداد معه التساؤلات، باستناد الدعوة على حكم استثنائي من أحكام النظام الأساسي لمنظمة التحرير لمعالجة الوضع القائم وهو الفقرة (ج) من المادة 14 من النظام الأساسي، مع الاستبعاد الكامل لبقية فقرات هذه المادة التي تعالج حالة الشغور في عضوية اللجنة التنفيذية.

والفقرة (ج) هذه هي استثناء من القاعدة، كما سنوضح فيما بعد، ومن المعروف لرجال القانون جميعا أن الإستثناء لا يُلجأُ إليه إلا إذا استحال تطبيق القاعدة العامة، والقاعدة العامة في ملء الشواغر وفقا للنظام الأساسي لمنظمة التحرير قد وردت في الفقرتين (أ) و (ب) من المادة 14 ذاتها. والهدف من وراء الإعتماد حصرا على هذا الإستثناء ينكشف عند تحليل هذه الفقرة وبقية فقرات المادة 14.

لمتابعة البحث فإننا ننقل للقارئ الذي قد لا يكون لديه نسخة من النظام الأساسي لمنظمة التحرير المادة 14 التي عالجت نصوصها حالة شغور عضوية اللجنة التنفيذية. تنص هذه المادة على ما يلي: "تؤلف اللجنة التنفيذية من أربعة عشر عضوا بمن فيهم رئيس مجلس ادارة الصندوق القومي الفلسطيني. واذا شغرت العضوية في اللجنة التنفيذية بين فترات انعقاد المجلس الوطني لأي سبب من الأسباب تملأ الحالات الشاغرة كما يلي:

(أ) اذا كانت الحالات الشاغرة تقل عن الثلث يؤجل ملؤها الى أول انعقاد للمجلس الوطني.

(ب) اذا كانت الحالات الشاغرة تساوي ثلث أعضاء اللجنة التنفيذية، أو أكثر يتم ملؤها من قبل المجلس الوطني في جلسة خاصة يدعى لها خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوما".

ثم جاءت الفقرة (ج) التي استند اليها في الدعوة كمصدر قانوني لتنفيذ جدول الأعمال والإلتزام به. تنص هذه الفقرة على ما يلي: "في حالة القوة القاهرة التي يتعذر معها دعوة المجلس الوطني إلى اجتماع غير عادي يتم ملء الشواغر لأي من الحالتين السابقتين من قبل اللجنة التنفيذية ومكتب المجلس ومن يستطيع الحضور من أعضاء المجلس وذلك في مجلس مشترك يتم لهذا الغرض ويكون اختيار الأعضاء الجدد بأغلبية اصوات الحاضرين".

 وأول ما تجب ملاحظته هو أن المجلس الوطني وحده هو المختص بملء الشواغر مهما بلغت. وهذا وارد في الفقرتين (أ) و (ب). فاذا كانت الشواغر تقل عن الثلث فإن ملأ الشواغر ينتظر حتى أول انعقاد للمجلس الوطني، ولا ضرورة لدعوة المجلس لاجتماع خاص لاستكمال العضوية. ولا ضرر من هذا الانتظار حيث أنه يفترض أن النظام الأساسي سيحترمه رئيس المجلس واللجنة التنفيذية بدعوة المجلس للانعقاد في دوراته السنوية التي نص عليها النظام في المادة 8 منه.

وفي هذه الحالة يقوم المجلس بملء الشواغر. غير أن هذا النص لم يحترم، اذ أن المجلس الوطني لم يُدْعَ للإجتماع في دوراته السنوية بحيث يملأ الشواغر عندما وقعت، وعندما كانت تقل عن الثلث. والمجلس الوطني عندما يجتمع يجب أن يكون اجتماعه صحيحا بتوفر النصاب القانوني لصحة الاجتماع، وهو حضور ثلثي الأعضاء، وأن تكون قراراته صحيحة باتخاذها بأغلبية أصوات الحاضرين (المادة 12 من النظام الأساسي لمنظمة التحرير).

وتراكمت الشواغر بسبب عدم دعوة المجلس الوطني للإجتماع، وبلغت الآن ثلث الأعضاء أو أكثر. وفي هذه الحالة تطبق القاعدة المنصوص عليها في الفقرة (ب) من المادة 14. وبمقتضى هذه الفقرة يدعى المجلس الوطني لجلسة خاصة خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوما للنظر في الموضوع. وفي هذه الحالة أيضا تطبق الأحكام الخاصة بصحة انعقاد المجلس بتوفر النصاب القانوني الذي اشرنا إليه، وتتخذ القرارات بالأغلبية المنصوص عليها. ولكن الدعوة التي وجهت لأعضاء المجلس لم تشر إلى هذه الفقرة التي تعالج الوضع الذي طرأ صراحة وبالنص، وإنما اعتمدت على الفقرة (ج) من المادة 14.

مؤدى هذا كله أنه سواء كانت الشواغر أقل أو أكثر من الثلث، فإن المجلس الوطني هو وحده صاحب الحق الأصيل في ملء الشواغر، وليس أية جهة أخرى، حتى ولو كانت تضم رئاسة المجلس واللجنة التنفيذية وبعض اعضاء المجلس. وهذا أمر طبيعي يستند إلى الشرعية الفلسطينية التي تقضي بأن المجلس الوطني وحده هو الذي يختار اللجنة التنفيذية، وهي مسئولة أمامه. ومن يختار الكل يختار البعض، وهذا ما أكدت عليه الفقرتان (أ) و (ب) من المادة 14 كما بينا فيما تقدم.

ثم جاءت الفقرة (ج) من المادة 14 لتعالج وضعا استثنائيا لاستكمال العضوية بحيث لا تبقى شواغر. وهذا الوضع الإستثنائي قد نُص عليه بدقة وإحكام في هذه الفقرة منعا لاحتمالات الإلتفاف حول القاعدة الأصلية التي وردت في الفقرتين (أ) و (ب) والخروج بذلك عن الأصل وهو أن المجلس الوطني مجتمعا اجتماعا صحيحا هو صاحب القرار في ملء الشواغر.

وطبيعي أن يكون هذا الإستثناء عندما تتعذر دعوة المجلس الوطني للإجتماع لممارسة اختصاصه في ملء الشواغر. وزيادة في الإحتياط، فقد نصت هذه الفقرة على طبيعة العوامل والأسباب التي تحكم هذا التعذر بحيث لا يصح الإستناد لأية عوامل أو اسباب أخرى مهما كانت، واستعملت لذلك اصطلاحا قانونيا له مدلوله في القانون ويفهمه الرجل العادي، ونصت عليه في مطلع الفقرة (ج) على وجه التحديد كما يلي: "في حالة القوة القاهرة التي يتعذر معها دعوة المجلس الوطني الى اجتماع غير عادي الخ".

وبدون الخوض في التعريف القانوني لعبارة "القوة القاهرة" فإن طبيعتها وأثرها قد بينتهما هذه الجملة بوضوح، وهو أن يتعذر معها دعوة المجلس الوطني إلى اجتماع غير عادي، فإذا أمكن دعوة المجلس للإنعقاد فإنه لا تكون هناك قوة قاهرة، وعندئذ لا يجوز تطبيق هذه الفقرة. فالقوة القاهرة إذن التي تطبق في هذا الخصوص تتعلق بإمكانية دعوة المجلس للإنعقاد، لا بأي شيء آخر. ومن الأمثلة على ذلك أن يعجز رئيس المجلس عن ايجاد مكان يمكن للمجلس أن يعقد اجتماعه فيه، بعد أن يبذل جهده في البحث عن هذا المكان.

وكذلك إذا وجد جميع أو غالبية أعضاء المجلس الوطني في بلد واحد أو أقطار مختلفة، وكانت حكومات تلك الأقطار تمنعهم من السفر إلى المكان الذي يستطيع المجلس أن يعقد اجتماعه فيه. وكذلك اذا كانت سلطات الإحتلال مثلا قد كانت قد اعتقلت غالبية أعضاء المجلس الوطني.

وعلى العكس من ذلك فإن الحرب في أفغانستان مثلا يمكن أن تكون قوة قاهرة بالنسبة لمن هم في افغانستان أو المتعاملين معها، ولكن وجودها لا يتعذر معه دعوة المجلس الوطني الفلسطيني مثلا، وبالتالي فهي ليست قوة قاهرة تدخل في مفهوم الفقرة (ج) هذه لأنها لا تجعل دعوة المجلس الوطني الفلسطيني للإجتماع أمرا متعذرا بحيث يجوز الخروج عن الأصل الوارد في الفقرتين (أ) و (ب) من المادة 14.

ومعنى هذا أنه اذا أمكن دعوة المجلس الوطني إلى اجتماع غير عادي فإنه لا يجوز اللجوء إلى هذه الفقرة (ج)، وإنما يجب دعوة المجلس ليمارس اختصاصاته بالطريقة المعتادة وفقا للفقرتين (أ) و (ب) من المادة 14. وتكون الدعوة التي توجه استنادا للفقرة (ج) والإستناد إلى هذه الفقرة في اتخاذ قرارات وفق احكامها باطلة ولا سند لها.

قد يقال إن الخلافات القائمة حاليا بين الفصائل، وخاصة بين "فتح" و"حماس" هو قوة قاهرة، وأن منع "حماس" لأعضاء مؤتمر "فتح" من مغادرة القطاع للمشاركة في المؤتمر هو قوة قاهرة تجيز الإستناد للفقرة (ج) من المادة 14. غير أن السؤال هو هل الخلافات بين الفصائل، مهما اتخذت من أشكال، تحول دون دعوة المجلس الوطني للإنعقاد سواء في دورات عادية لممارسة اختصاصاته كلها، ومن بينها النظر في أوضاع اللجنة التنفيذية، أو لممارسة اختصاص محدد لا يقبل التأجيل؟

من المؤكد أن هذه الخلافات لا تحول دون ذلك، بدليل أن الدعوة ذاتها، بغض النظرعن مضمونها، قد صدرت فعلا، كما ذكرنا فيما تقدم، ولم يتعذر صدورها. ثم إن أعضاء المجلس التشريعي، مهما كانت انتماءاتهم الفصائلية، هم أعضاء حكما في المجلس الوطني. والخلافات بين "فتح" و"حماس" لا تحول دون ارسال الدعوات لهم جميعا بالبريد أو الفاكس، كما حصل مع غيرهم من الأعضاء، ولا أشك في أن الدعوات قد أرسلت اليهم كما أرسلت لغيرهم من الأعضاء، وهم يتصرفون بالحضور من عدمه.

ولا يتصور مطلقا أن تقوم "حماس" بمنع اعضاء المجلس الوطني الذين يمثلون "فتح" من السفر للمشاركة في المجلس، لأن هذا التصرف، لو وقع، سيكون اعتداءا خطيرا ليس على "فتح"، وانما على المجلس الوطني الفلسطيني ومنظمة التحرير، وستكون نتائجه على "حماس" في غاية الخطورة. فالمنظمة ليست "فتح"، وإنما هي التعبير القانوني عن الشعب الفلسطيني الذي تمثله وتعبر عن سيادته ووجوده. هذا من حيث المبدأ والتوقعات المنطقية. وبالإضافة الى ذلك فإن الحادث المشار إليه قد انتهى ولم يعد قائما، والقوة القاهرة الفاعلة يجب أن تكون قائمة بالفعل عند التصرف، وليس مجرد احتمال أن تقوم.

ولو افترضنا جدلا أن "حماس" منعت أعضاء "فتح" من السفر وانعقد الإجتماع فإنه سيكون للمجلس موقفه من "حماس"، وأتعهد شخصيا، إذا قدر لي حضور الإجتماع، بأن أكون من المتحركين في هذا الإتجاه لمعاقبة "حماس" على اعتدائها على المجلس الوطني، إذا وقع ذلك منها. ومن "حماس" و"فتح" وغيرهما من الفصائل معتقلون من قبل العدو، وهذا الإعتقال يحول بينهم وبين حضورهم، ولكنه قوة قاهرة بالنسبة لهم، وليس بالنسبة لدعوة المجلس للإنعقاد، حيث أن المجلس يستطيع أن ينعقد ويمارس اعماله رغما عن غيابهم نتيجة للقوة القاهرة الخاصة بهم. ونضيف أنه حتى لو كانت "حماس"، كتنظيم، عضوا في المجلس الوطني، فإن الخلافات بين الفصائل لا يعتد بها فيما يتعلق بدعوة المجلس للإنعقاد أو بالإنعقاد نفسه.

وقد سبق لفصائل أن اعترضت فعلا على عقد دورة من دورات المجلس، هي دورة عمان، وقاطعته، ومع ذلك عقدت الدورة.

منظمة التحرير ومؤسساتها مستقلة عن الفصائل والمنظمات، ولها ميثاقها ونظامها الأساسي الخاصان بها، وتتصرف وتتخذ القرارات بناء على نظامها الأساسي الذي لا يعترف بأي دور للفصائل والتنظيمات، بهذه الصفة، في اتخاذ القرارات. فالمجلس الوطني يتخذ قراراته بالأغلبية وليس بالإجماع، ومعنى هذا أنه يفترض ويقر وجود معارضة من نسبة من الأعضاء، سواء كانت من مستقلين أو من منتمين لفصائل، ولا أتذكر أن المجلس اتخذ قرارا واحدا بالإجماع سوى قرار اعلان الإستقلال. وعلى مدار عمر منظمة التحرير، فقد تثبتت قاعدة في المجلس الوطني وهي أن المجلس هو سيد نفسه. وقد أفتت اللجنة القانونية، استنادا إلى هذه القاعدة، بأن ما تبرمه الفصائل من اتفاقيات فيما بينها لا تكون ملزمة للمجلس الوطني، وللمجلس أن يقرها أو يرفضها حسبما يراه.

وقد ارتضت الفصائل بهذه القاعدة، وما كان لها أن تعترض عليها، لأن المجلس يضم في عضويته مستقلين ومن حقهم كأعضاء أن لا يفرض عليهم موقف لم يشاركوا في صنعه.

نخلص من هذا للقول إلى أن الخلافات بين الفصائل لا تعتبر قوة قاهرة يتعذر معها دعوة المجلس الوطني للإجتماع وتجيز الإستناد للفقرة (ج) من المادة 14 من النظام الأساسي لمنظمة التحرير.

ويبقى السؤال قائما وهو: ما هي القوة القاهرة التي يتعذر معها دعوة المجلس للإنعقاد وتجيز اللجوء للفقرة (ج) من المادة 14 بدلا من الفقرة (ب) من المادة نفسها التي تسمح بعقد دورة للمجلس تتضمن في جدول اعمالها قضايا تهم الشعب الفلسطيني كله، وحيل بين المجلس وبين بحثها هذه السنوات الطويلة، فضلا عن دراسة أوضاع اللجنة التنفيذية..؟

وقد يتساءل المرء عن الفرق بين الحالتين: حالة تطبيق الفقرة (ج) وتطبيق الفقرة (ب). الفرق اوضحته الفقرة (ج) ذاتها، ونرجو من القارئ أن يعود إلى الفقرة رقم 4 من هذا المقال لمتابعة ما سنقوله. فإذا كان الإجتماع وفقا للفقرة (ج) هذه فإن ملأ الشواغر لا يتم من قبل مجلس وطني وإنما يتم من قبل اللجنة التنفيذية ذاتها ومكتب المجلس (أي رئيس المجلس ونائبيه اذا حضرا)، ومن يستطيع الحضور من أعضاء المجلس، بأغلبية أصوات الحاضرين، أي يكفي اختيارهم من جانب أغلبية عشرة أو خمس عشرة شخصا مثلا، حسبما اتفق. والفرق شاسع بين اختيار مجموعة كهذه وبهذا العدد الذي لا يحكمه ضابط لاعضاء اللجنة التنفيذية، وبين اختيارهم بقرار من مجلس وطني مكتمل العضوية.

ومما تجدر الإشارة إليه أن الفقرة (ج) هذه تجيز فقط ملأ الشواغر، بمعنى أنها لا تجيز مطالبة اللجنة التنفيذية بتقديم تقرير عن اعمالها طوال هذه المدة، كما لا تجيز محاسبتها على ما صدر منها من تصرفات ومواقف، ولا تجيز إعفاء الباقين من أعضاء اللجنة من عضويتها أو سحب الثقة منهم وانتخاب لجنة جديدة.

ولو حاول المجتمعون اثارة أي موضوع من هذه الموضوعات فإن رئيس المجلس سيوقف البحث لأنه خارج عن جدول الأعمال. ومؤدى هذا أن أعضاء اللجنة الباقين سيبقون بالرغم من مرور مدة طويلة على عضويتهم بسبب عدم انعقاد دورات المجلس، وبغض النظر عما إذا كان أعضاء المجلس الوطني راضين عن ممارسة هؤلاء الأعضاء لمسؤولياتهم أو غير راضين. ومن الواضح أن تحديد مدة الإجتماع بحوالي نصف يوم فقط قد راعى هذه الإعتبارات جميعا، بحيث لا يتم فيه سوى ملء الشواغر فقط، بدون مساءلة أو محاسبة أو فرصة للتغيير أو مراجعة لتنفيذ السياسات السابقة التي أقرها المجلس أو لرسم سياسات جديدة في ضوء ما استجد أو لمواجهة المستقبل بحيث يكون ذلك هو الذي تلتزم اللجنة التنفيذية باحترامه وتنفيذه بعد ملأ الشواغر.

والسؤال الذي لا مفر من تكراره هو هل هناك قوة قاهرة يتعذر معها دعوة المجلس إلى الإنعقاد بحيث يُلجأُ الى الإستناد إلى هذه الفقرة (ج) بما يترتب عليها من نتائج، وما هي هذه القوة القاهرة؟

من الواضح أنه لا يوجد اطلاقا ما يجعل هذه الدعوة متعذرة بدليل أن الدعوات قد صدرت بالفعل، ولو كان هناك ما يجعل صدورها متعذرا لما صدرت أصلا. والمطلوب من رئيس المجلس الوطني، بصفته هو المسؤول عن توجيه الدعوة، توضيح ماهية هذه القوة القاهرة التي حالت دون دعوة المجلس الوطني وفقا للفقرة (ب) من المادة 14، أو دعوة المجلس لدورة اعتيادية بالرغم من الثابت بأنه وجه الدعوة فعلا ولم يتعذر عليه توجيهها لأي سبب من الأسباب. من حق أعضاء المجلس، وهم قادمون من مختلف بقاع الأرض، أن يتأكدوا من سلامة الدعوة قبل أن يتكبدوا أعباء السفر من القارات الخمس ويتركوا أعمالهم استجابة لحرصهم على تفعيل المنظمة ومؤسساتها وأداء واجبهم الوطني بصفتهم أعضاء في المجلس. وكان من الواجب توضيح الأمر في الدعوة لأن الفقرة (ج) هذه هي استثناء من القاعدة، والإستثناء يفسر في أضيق الحدود ولا يجوز التوسع فيه. هذه قاعدة مستقرة من قواعد تفسير القوانين وتنطبق على تفسير النظام الأساسي لمنظمة التحرير. والأصل هو الإعتماد على القاعدة العامة، كلما أمكن ذلك، وليس الإستثناء منها، مع التأكيد بأنه ليس في مصلحة القضية اطلاقا هذا التغييب الطويل للمجلس الوطني ما دام أنه لا يتعذر دعوته للإجتماع، كما ثبت من هذه الدعوة.

هذا فيما يتعلق بالمرجعية القانونية للدعوة ذاتها. بقي هناك مسألتان تخصان ترتيبات الإجتماع: الأولى هي موعده، والثانية مكانه.

15. أما ما يتعلق بالموعد وهو 26 من هذا الشهر، أي بعد أيام قليلة من استلام الدعوة، فإنه لا يخفى أن الفترة بين استلام الدعوة وموعد الإجتماع غير كافية، وغير معقولة للأعضاء القادمين من الخارج، من اوروبا واميركا وكندا واستراليا مثلا، لترتيب امورهم ووسائل سفرهم والتأشيرات التي قد يكونون في حاجة إليها، وإرسال صور من جوازات سفرهم وصورهم بالبريد إلى عمان، كما طلبت الدعوة، ثم استكمال اجراءات الدخول إلى الضفة مع السلطات الإسرائيلية، والحصول على النتيجة وابلاغها إلى صاحب الشأن قبل أن يغادر البلد المقيم فيها، ثم الحجز على الطائرات والوصول، إذ لا يجوز اطلاقا تكليفه بدفع ثمن التذاكر واجراء الحجز قبل التأكد من أنه يستطيع الدخول.

وواضح أن الوقت لا يسمح بإجراء هذا كله في هذه الفترة القصيرة. إنها عملية تعجيز، لم تراعها الدعوة اطلاقا، وستكون نتيجتها إحجام من يريد الحضور عن الحضور. هذا تعسف في تحديد الموعد غير مقبول لا قانونا ولا عملا، ويتنافى مع منهج النظام الأساسي في تحديد المواعيد لاجتماعات المجلس الوطني. ففيما يتعلق بموضوع ملء الشواغر، كل ما اشترطته الفقرة (ب) من المادة 14 هو دعوة المجلس للإنعقاد خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوما من واقعة الشغور إذا كانت الحالات الشاغرة تساوي ثلث اعضاء اللجنة التنفيذية أو أكثر، وهي الحالة التي نحن بصددها. فإذا كان مجرد توجيه الدعوة قد روعي فيها مدة زمنية كافية ومعقولة لتوجيهها، وهي ثلاثون يوما، فمن باب أولى أن تكون الفترة الزمنية بين توجيه الدعوة وعقد الإجتماع ثلاثون يوما على الأقل لتأمين حضور أكبر عدد ممكن من الأعضاء لتوفير النصاب القانوني للإجتماع، بحيث يتحقق الهدف منه. في حين أنه كلما قصرت المدة ازداد احتمال نقص عدد الأعضاء الذين يستطيعون الحضور، وبالتالي ازداد احتمال عدم توفر النصاب ويصبح الإجتماع باطلا. ومن واجب رئيس المجلس ومسئوليته أن يراعي هذه الأمور بأن يهيء الفرصة المناسبة من حيث الزمن وموعد الإنعقاد بحيث يتم الإجتماع وينعقد انعقادا صحيحا ويحقق اهدافه باتاحة الفرصة لأكبر عدد من الأعضاء للحضور، وإلا فإنه يكون مقصرا في أداء ما أؤتمن عليه من تحديد مواعيد الإجتماعات.

من الواضح أن النتيجة الحتمية لتحديد الموعد على هذا الوجه ستكون أن الذين يستطيعون الحضور، اذا رغبوا في ذلك، هم فقط الأعضاء المقيمون في الضفة، لأن هذا الموعد لم يأخذ في الحسبان أعضاء المجلس من الشتات الفلسطيني أو قطاع غزة الذين يحتاجون لإجراءات معقدة لمغادرة القطاع، إذا استطاعوا. ومن المحتمل جدا نتيجة لهذا أن يحرم الكثيرون من أعضاء الشتات، وهم أغلبية أعضاء المجلس الوطني، وأعضاء المجلس التشريعي المقيمين في القطاع من المشاركة في الإجتماع، لا لسبب سوى قصر المدة بين الدعوة وموعد الإجتماع الذي يجب دائما أن يُراعَى فيها، كما قلنا، الحرص على تمكين أكبر عدد ممكن من الأعضاء من الحضور.

إننا نرجو ألا يكون الهدف حرمان أعضاء الشتات والقطاع من المشاركة أو عدم الإكتراث لمشاركتهم، وحصر الأمر كله في أيدي أعضاء المجلس من أبناء الضفة والقادرين على الوصول في هذه الفترة الزمنية القصيرة جدا. ولكن عندما يقترن هذا باعتماد الفقرة (ج) من المادة 14 مرجعية وحيدة للإجتماع، فإنه يُغتفر لمن تساوره الشكوك في أن الدعوة كلها قد رتبت للوصول إلى النتيجة المحددة في تلك الفقرة، وهي نتيجة غير مطمئنة، فضلا عن كونها مطعونا فيها ومطعونا في جدية الدعوة للإجتماع.

الأمر الثاني هو مكان الإجتماع. حدد مكان الإجتماع بالمقاطعة في رام الله. والمفروض في المكان الذي يحدد للإجتماع أن يكون مناسبا لعقد اجتماع لأعلى هيئة في منظمة تحرير وطني. ولا نعرف سابقة لانعقاد هيئة كهذه في ظل الإحتلال وتحت سيطرته الكاملة من جميع الوجوه. فالمجلس الثوري الجزائري لم يكن ينعقد في الجزائر إلا سرًا، إذا انعقد هناك، وإنما كان ينعقد في مصر أو في ليبيا، حيث كان آمناً على نفسه وعلى حرية وسلامة اعضائه في الدخول والبقاء والخروج، وعلى حرية المجلس في الحوار واتخاذ القرارات دون تدخل من أحد. وكان هذا شأن اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني.

ولا يخفى على أحد أن اسرائيل تسرح وتمرح في الضفة وفي رام الله بالذات كما تشاء، وأن السلطة الوطنية الفلسطينية لا سلطة لها على الإطلاق في توفير الحد الأدنى لما يتطلبه اجتماع كاجتماع المجلس الوطني الفلسطيني الذي يتحمل المسؤولية عن وضع سياسة المنظمة ومخططاتها وبرامجها لتحقيق هدف التحرير. لا يعقل أبدا أن يوضع أعضاء أعلى سلطة في منظمة التحرير في قبضة سلطات الإحتلال لتفعل بهم تشاء.

قد يقال إن المجلس قد انعقد في غزة وحضر الجلسة الرئيس الأميركي الأسبق بيِلْ كلنتون. وهذه سابقة. ويكفي للرد على هذا أن ذلك الإجتماع قد عقد لتحقيق هدف اسرائيلي اساسي محض، وهو تعديل الميثاق الوطني الفلسطيني على الشكل الذي ارادته اسرائيل، ولذا فقد كانت مصلحتها أن ينعقد الإجتماع دون أي تدخل منها يسيىء إليه أو إلى اعضائه. ثم كان الرئيس الأميركي نفسه حاضرا، وهذا في حد ذاته فيه من الحماية ما يكفي. ولا يقال بأن "فتح" عقدت مؤتمرها في بيت لحم. فـ "فتح"، على اهميتها، ليست منظمة التحرير، ومؤتمرها ليس المجلس الوطني الفلسطيني. ومن العبث الإعتماد على تعهدات قد تكون اسرائيل قد قدمتها لتأمين كل ما يلزم، فالتعهدات الإسرائيلية للفلسطينيين لا قيمة لها على الإطلاق. لكن الأمر في غاية الخطورة. فالموضوع يتعلق بشرعية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، هذه اللجنة التي تتولى تمثيل الشعب الفلسطيني بموجب المادة 16 فقرة (أ) من النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وشرعيتها هذه يجب أن تكون فوق كل الشبهات وفوق كل المناورات. فهي التي تتكلم وتفاوض وتوقع باسم الشعب الفلسطيني كله، ويجب أن تكون شرعيتها محل ثقته واحترامه لتحظى بتأييده وقبول ما تجريه باسمه. هذه الثقة يجب ألا تهتز أبدا بالشكوك التي يمكن أن تثار حول شرعيتها. وهي شكوك سيستفيد منها العدو لمصلحتهِ على حساب القضية، وعندما تحين ساعة الجد فإنه سيرفض الإلتزام مع جهة مطعون في شرعيتها بشكل جدي، وهو يعلم ذلك من دون أن ننبه له. وننبه له في هذا المقال من أجل تصحيح المسار قبل أن يقع المحظور. المسألة أكبر بكثير من شرعية رئاسة السلطة أو شرعية مجلس وزرائها. إنها شرعية تؤثر على الشعب الفلسطيني كله وعلى قضيته، ولا تفوقها أو تدانيها أية شرعية أخرى. ولذا يجب التأكد دائما بأنها سليمة بعيدة عن أية شبهة في شرعيتها.

إننا نعلم تماما أن مواقفنا في الدفاع عن الشرعية الفلسطينية واصرارنا على ضرورة الإلتزام بها لا تعجب البعض، ولكننا لن نحيد عنها لأنها هي الضمانة الأكيدة لسلامة التصرفات ولأنها هي الحصن الذي يحمي المسيرة والحقوق، ويمنع الإنزلاقات الخطرة والفلتان، ولأنها القوة التي تستطيع أن تصد محاولات الإنحراف، وتوفر القاعدة الصلبة للإجماع الوطني. والشرعية هي التي صانت المنظمة من الإنقسام أو الإندثار وجعلتها تحظى بثقة الشعب واحترام الجميع. هذه الشرعية يجب الحفاظ عليها والتمسك بها وحمايتها من أية محاولات للإنتقاص منها. ويعلم الجميع أنني لست من "فتح" أو "حماس"، ولكنني مع أي منهما فيما هو حق وفي حماية الشرعية الفلسطينية.

والنتيجة التي نصل اليها هي دعوة خالصة لوجه الله والوطن نحث فيها الأخ رئيس المجلس الوطني على اعادة النظر في هذه الدعوة والعدول عنها قبل فوات الأوان، والدعوة بدلا منها إلى اجتماع للمجلس الوطني في دورة عادية لها جدول أعمال شامل يتضمن فيما يتضمن موضوع اللجنة التنفيذية. وواضح أن امكانيات دعوة المجلس للإنعقاد متوفرة، على أن يحدد موعد الإجتماع ومكانه بشكل يأخذ في الإعتبار اتاحة أوسع الفرص لمشاركة أكبر عدد ممكن من الأعضاء فيه.

بهذه الطريقة تعود الحياة لمنظمة التحرير الفلسطينية وتنضبط المسيرة وتتحقق مصلحة عليا للشعب الفلسطيني في توحيد مسيرته لتحرير وطنه واسترداد حقوقه.

وأخشى ما أخشاه، اذا استمر النهج القائم حاليا، أن يفقد الشعب الفلسطيني الوعاء الجامع له، أو يفقد الثقة فيه وفي من يمثلونه، وأن تحل الشرذمة محل الوحدة، وستكون هذ الشرذمة أخطر بكثير من الإنقسامات الحالية، لأنها ستكون شرذمة الشعب لا شرذمة الفصائل.

اللهم اشهد فإنني قد بلغت، ولم يبق من العمر بعد اربعة وثمانين عاما إلا أقل القليل".

----------------------------------

[1] من مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية، رئيس لجنة الميثاق والأنظمة ورئيس اللجنة القانونية في المجلس الوطني الفلسطيني سابقا.