رام الله : وقال الدكتور مصطفى البرغوثي في كلمته التي قدمها باسم حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، أمام المجلس المركزي لمنظمة التحرير في دورته السابعة والعشرين ، أن هذا الاجتماع يجري خلال منعطف تاريخي و قبل البحث في ما يجب ان يعمل يجب الاقرار بأن مرحلة عمرها و احد وعشرون عاما قد انتهت و أن اتفاق أوسلو وصل الى نهايته بالفشل و أن المراهنة على مفاوضات مع اسرائيل دون تغيير ميزان القوى هي مراهنة على سراب كما ان المراهنة على دور الولايات المتحدة هي خداع للنفس. و ليس المهم الان ان نواصل الخلاف حول ما اذا كان طريق اوسلو صحيحا او فخا وقعت فيه اجزاء مهمة من الحركة الوطنية الفلسطينية بل المهم و الملح الان التوافق على استراتيجية بديلة بعد ان أصبح واضحا للجميع انسداد الافق امام النهج الماضي.
و لذلك فإننا بأمس الحاجة اليوم الى إستراتيجية كفاحية جديدة هدفها المركزي تغيير ميزان القوى لصالح الشعب الفلسطيني وانهاء الوضع القائم ..وضع الاحتلال المربح و جعل تكاليف وخسائر الاحتلال أكبر من مكاسبه.
وأضاف البرغوثي أن هذه الإستراتيجية يجب أن تقوم على استعادة روح الوطنية الفلسطينية و المكافحة.
و أكد اننا بحاجة الى ان نعيد اصطفافنا في اطار قوى التحرر و التقدم و العدالة في العالم بعد ان ضاع الكثير في تياه الدبلوماسية البحتة.
و ان فلسطين بأمس الحاجة اليوم الى روح قيادية تفشل محاولات إسرائيل و أعوانها و حلفائها اغراق شعبنا في الإحباط و اليأس و الشعور بالضعف و فقدان الأمل. كما أننا بحاجة إلى الانضواء في واحدة من أنبل الظواهر التي يعيد شعبنا إنتاجها و هي المقاومة الشعبية التي صمدت و تطورت على مدار ثلاثة عشر عاما مكررة ابرز مآثر الانتفاضة الشعبية الأولى و استطاعت أن تستنهض حركة المقاطعة و فرض العقوبات على إسرائيل وسحب الاستثمارات منها في كل أنحاء العالم بما فيها حتى الولايات المتحدة و الدول المناصرة لإسرائيل.
و أكد البرغوثي ان ما نحتاجه هو إستراتيجية وطنية جديدة متكاملة و ليس مجرد خطوات تكتيكية على أمل تحسين شروط التفاوض مع خصم قالها لنا بكل صراحة و بكل أحزابه الصهيونية من اليمين إلى اليسار بأن لا مكان لديه للحلول الوسط و لا مكان في خططهم لدولة فلسطينية بل لحكم ذاتي على كانتونات و معازل بدون الأغوار و بدون القدس و بدون مناطق الاستيطان أي دويلة الحدود المؤقتة المهيمن عليها من نظام الفصل العنصري و الابارتهايد الإسرائيلي.
ودعا خطاب المبادرة الوطنية إلى تبني المجلس المركزي لإستراتيجية تشمل المقاومة الشعبية والكفاح ضد نظام الفصل والتمييز العنصري الذي تفرضه إسرائيل على الشعب الفلسطيني وتبني حملة المقاطعة وفرض العقوبات على إسرائيل مؤكدا أن من غير المقبول أن يتبنى المؤتمر الوطني الإفريقي و هو الحزب الحاكم في جنوب إفريقيا حركة المقاطعة و فرض العقوبات ولا تفعل ذلك منظمة التحرير دون تردد و بكل وضوح. .
كما أكد البرغوثي، على ضرورة أن تشمل هذه الإستراتيجية إعادة اللحمة الفلسطينية في إطار قيادة وطنية موحدة وتنفيذ بنود اتفاق الشاطئ والتي تتضمن قيام الحكومة بكامل واجباتها اتجاه قطاع غزة، وتحديد موعد للانتخابات، وتطبيق قرارات لجنة الحريات الأحد عشر.
ودعا البرغوثي ، إلى إعادة بناء منظمة التحرير بكافة مؤسساتها بالطرق الديمقراطية ، وفتح الأبواب لجميع القوى للدخول إلى منظمة التحرير التي هي خارجها وهي حركة المبادرة وحركة الجهاد وحركة حماس، وذلك لاستعادة الروح القيادية الموحدة التي ينتظرها الشعب الفلسطيني من القوى والفصائل الفلسطينية.
وأكد البرغوثي على التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية والاستمرار في تقديم الملفات وخاصة ملف الاستيطان وملف العدوان الأخير على قطاع غزة لمحاكمة إسرائيل على الجرائم التي ارتكبتها بحق الشعب الفلسطيني هناك، والاستمرار في الانضمام إلى كافة المواثيق والمعاهدات الدولية.
وأشار البرغوثي، أن المقاومة الشعبية وحركة المقاطعة وفرض العقوبات على إسرائيل تتصاعد وتتسع وتحقق انتصارات على مستوى العالم، حتى في بلدان مناصرة لإسرائيل مثل الولايات الأمريكية المتحدة،داعيا إلى دعم ومساندة المقاومة الشعبية بكافة أشكالها بالمشاركة فيها انطلاقا من الإيمان بقدرتها على تغيير ميزان القوى لصالحنا.
وأوضح البرغوثي ، أننا الآن في أمس الحاجة إلى تبني سياسات اقتصادية تدعم صمود الناس على أرضهم، وتحارب البطالة، وتؤمن العيش الكريم لأبناء شعبنا في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس.
وطالب البرغوثي، باتخاذ قرارات واضحة فيما يتعلق بوقف التنسيق الأمني بكل أشكاله، مبديا استغرابه من أن يطلب من سلطة تحت الاحتلال بحماية الاحتلال وهي عاجزة عن حماية شعبها و نفسها من اعتداءات الاحتلال.
اتفاقية الغاز والتبعية الاقتصادية:
وقال الدكتور مصطفى البرغوثي، أنه في الوقت الذي نطالب بوقف التبعية الاقتصادية لإسرائيل، ونطالب العالم والدول العربية بعدم إقامة علاقات اقتصادية معها، تعقد اتفاقية مع إسرائيل لاستيراد الغاز لمدة 20 عاما، متسائلا من المسؤول عن ذلك وكيف نسكت عن ذلك مطالبا بإلغاء هذه الاتفاقية .
وأضاف البرغوثي، أن إسرائيل تصدر للأراضي الفلسطينية 5 آلاف و300 مليون دولار سنويا، في حين نحن نصدر إليها فقط 700 مليون دولار، و الضرائب الفلسطينية التي تجمع من قبل إسرائيل بسبب اتفاقية باريس الاقتصادية والتي تقدر ب70% من إجمالي الضرائب المدفوعة من قبل المواطنين التي هي من حقنا تستخدم سيفا على رقابنا.
مؤكدا على ضرورة أن يتبنى المجلس المركزي خطة شاملة لتحرير الاقتصاد الفلسطيني من التبعية لإسرائيل و من الاتفاقيات الجائرة.
قطاع غزة وإعادة الاعمار:
قال الدكتور مصطفى البرغوثي، أن الدمار الذي لحق بقطاع غزة لا يمكن السكوت عليه، ولا يمكن لنا أن نقف مكتوفي الأيدي ونحن نشاهد أهلنا في قطاع غزة يذوقون الأمرين دون مسكن ودون عمل حيث بلغت البطالة في صفوف الخريجين في القطاع إلى 90%، ودون ماء وكهرباء ، ودون الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة.
وأضاف البرغوثي، أن 96 ألف بيت تم تدميرها بشكل كامل أو جزئي في العدوان الأخير على قطاع غزة، مشيرا إلى استخدام إسرائيل 21 إلف طن متفجرات أي ما يعادل 2 قنبلة نووية ، والدمار الذي حل بالقطاع يعادل حسب الخبراء 5 أضعاف الدمار الذي لحق بهيروشيما .
وأشار البرغوثي، إلى أن قطاع غزة بحاجة إلى 50 عاما لإعادة اعماره حتى لو فتحت جميع المعابر وعملت بكامل طاقتها، مشيرا أن الحديث عن الاعمار دون رفع الحصار ما هو إلا لذر الرماد في العيون.
وأوضح البرغوثي، أنه لا يمكن الحديث عن رفع الحصار وإعادة الاعمار دون ممر بحري آمن و ميناء حر ومستقل بعيد عن السيطرة الإسرائيلية يضمن أن لا يعود الحصار مرة أخرى ولكي لا تبقى إسرائيل هي المتحكم في حياة أكثر من مليون ونصف فلسطيني يعيشون في أكثر بقاع الأرض اكتظاظا.
ودعا البرغوثي، إلى اعتبار مهمة رفع الحصار عن قطاع غزة ضمن أولويات المجلس المركزي، داعيا الجميع للعمل على ذلك لكي نفشل مؤامرات الذين يريدون فصل القطاع عن الضفة إلى الأبد.
توحيد الشعب الفلسطيني
و قال الدكتور مصطفى البرغوثي ان من أهم مهام منظمة التحرير الفلسطينية إعادة بناء العمل الفلسطيني الموحد ليشمل كل الفلسطينيين في الداخل و الأراضي المحتلة و الشتات وتجديد حيويتها وفتح أبوابها أمام الطاقات الشابة.


