القدس المحتلة / سما / كتب الصحفي الاسرائيلي تسفي برئيل تقريرا في صحيفة هارتس العبرية تناول فيه حكم المحكمة المصرية باعتبار حركة حماس منظمة ارهابية وتوجه السيسي لزيارة السعودية بعد تولي الملك سلمان الحكم وطلب حماس من الرياض الضغط عل النظام المصري لتغيير مواقفه.
وفيما يلي نص المقال كما نشرته الصحيفة العبرية:-
بعد يومين من قرار المحكمة المصرية بان حماس كلها – وليس فقط ذراعها العسكري – هي منظمة ارهابية، توجهت حماس الى السعودية كي تضغط على الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لالغاء قرار الحكم. ويثير هذا التوجه الاهتمام اساسا لان حماس تقدر بان الملك السعودي الجديد سلمان سيصغي للمنظمة المتفرعة من الاخوان المسلمين، الذين وصفتهم السعودية نفسها بانها حركة ارهابية.
يبدو ان لهذا التقدير ما يستند اليه. فالزيارة الخاطفة التي قام بها السيسي الى السعودية لم تستهدف تهنئة سليمان، بل السماع منه اذا كانت السعودية تعتزم تغيير سياستها: اعادة روابطها مع الاخوان المسلمين، ترميم العلاقة مع تركيا، خصم مصر- وبالاساس اذا كان بوسع السيسي مواصلة الاستناد الى المساعدة المالية الحيوية التي تمنحها له المملكة.
ولمخاوف السيسي هي الاخرى اساس على ما يبدو. فأحد كتاب الرأي السعوديين الهامين، خالد ادحيل، كتب امس في صحيفة “الحياة” السعودية انه “يبدو انه ثمة في مصر من يعتقد بان على السعودية أن تقدم شيكا مفتوحا للقاهرة، والا تتقرب من تركيا او تستأنف علاقاتها مع الاخوان المسلمين.
هذا نهج عاطفي وليس سياسيا. فعلى موقف السعودية أن يقرر بان الاخوان المسلمين هم مشكلة مصرية داخلية… وبالنسبة لتركيا من المهم أن نتذكر بانها تعارض سياسة الاستيطان الاسرائيلية وهي ضد التوسع الايراني في المنطقة. ان المثلث المصري – التركي – السعودي هو حاجة استراتيجية”.
تعكس هذه الاقوال المزاج الجديد في البلاط الملكي في الرياض. وحسب المحللين السعوديين، فان هذه نتيجة الفهم القاضي بان السياسة الخارجية للملك عبدالله الراحل فشلت.
فهي لم تنجح في حل الازمة في سوريا أو سيطرة الحوثيين في اليمن، وبالاساس لم توقف النفوذ الايراني في ارجاء الشرق الاوسط. محلل سعودي آخر هو جمال الخاشقجي، كتب قبل بضعة ايام يقول ان “حزب الاصلاح في اليمن، والذي يعتمد على الاخوان المسلمين، هو القوة الوحيدة التي يمكنها ان تقف ضد سيطرة الحوثيين في اليمن”. هذا جديد وذلك لان الملك عبدالله قطع علاقاته مع حزب الاصلاح.
ولم تكن صدفة ان تصادفت زيارة السيسي الى السعودية مع زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان والتقدير هو هأن الزيارة الاولى التي سيقوم بها الى خارج المملكة الملك سلمان ستكون الى تركيا – تلك الدولة التي تستضيف مسؤولين كبار من حماس بمن فيهم صلاح العاروري.
وصرح المسؤول الكبير من حماس عاطف عدوان في مقابلة صحفية يقول انه “توجد مؤشرات مشجعة على تغيير في الموقف السعودي من حماس″، وحسب تقرير آخر فقد التقى مسؤولون سعوديون كبار بمندوبين مصريين مقربين من الاخوان المسلمين. كما ان الملك السعودي سارع الى اقالة رئيس مكتب البلاط الملكي، خالد التويجري، الذي ساهم في السياسة السعودية المتصلبة ضد الاخوان المسلمين. وحسب كل هؤلاء، فانه يمكن بالتأكيد توقع انعطافة في سياسة سلمان.
السؤال هو اذا كانت حماس تعتزم اتخاذ قرار استراتيجي ينبع من الضغط الهائل الذي تعيشه – بسبب الاغلاق المصري والاسرائيلي على غزة، وكذا بسبب تعريفها كحركة ارهابية – ووداع ايران من أجل العودة الى الحضن العربي.
وحسب عدوان “فمن السابق لاوانه بعد الحديث عن قطع العلاقات مع ايران”. وفي نفس الوقت، تعرض ايران شروطا متصلبة على حماس كي تتمكن من نيل دعمها. وضمن امور اخرى تطلب من خالد مشعل أن يتراجع عن انتقاده ضد الرئيس السوري، الخطوة التي تسببت في القطيعة التامة بين المنظمة وبين نظام الاسد وعلى أي حال الى شرخ مع ايران. اما السعودية من جهتها فكفيلة بان تطلب من حماس ان تدفع الى الامام بالمصالحة مع فتح والسماح بمرابطة موظفي الحكومة الفلسطينية الموحدة في غزة وفي المعابر كشرط لتلقي المساعدة.
ليس لحماس اليوم روافع تأثير أو ضغط، لا على ايران ولا على السعودية. ومع ذلك فان شعاع الضوء السعودي، ولا سيما في كل ما يتعلق بفرص المصالحة مع مصر، كفيل بان يرجح الكفة في اعادة الانضمام الى الكتلة العربية. ومثل هذا القرار معناه ضمن امور اخرى تحطيم العرض الذي تقدم به نتنياهو في أن دولا عربية مثل السعودية ومصر ترى بانسجام الامور مع اسرائيل من حيث الحاجة الى صد ايران ومكافحة ارهاب حماس.
تشهد الريح السعودية الجديدة بان ليس هناك بالضرورة صلة بين التطلع الى صد النفوذ الايراني وبين الصراع ضد حماس. بل العكس هو الصحيح. العلاقة مع المنظمات الاسلامية السنية المعتدلة، كالاخوان المسلمين، يمكنها بالذات ان تساعد ضد ايران من جهة وضد داعش من الجهة الاخرى. المشكلة السعودية ستكون كيف يمكن الجسر بين موقف مصر وبين خطوط السياسة السعودية الجديدة. هذا كان السيسي هو الاخر يعرف ان يعرفه.


