لم يكن يدرك المواطن احمد برغوث انه سيحتاج إلى قرار محكمة يمكنه من زيارة قبر والديه وجدته بسبب وقوع مقبرة العائلة خلف جدار الضم والتوسع العنصري المقام على اراضي قرية الولجة غرب بيت لحم.
تبدو هذه القصة للوهلة الأولى من نسج الخيال، لكنها حقيقة يعيشها المواطن احمد برغوث (66 عاما) وعائلته منذ عدة سنوات، حين تمكن من انتزاع قرار من المحكمة العليا الاسرائيلية يمكنه من الولوج إلى قبر والديه وجدته من خلال نفق أُعد خصيصا له لزيارة مقبرة العائلة.
واضحت مقبرة العائلة ضمن ما تسمى "الحدود الجديدة لدولة اسرائيل"، بينما يقع منزل عائلة برغوث خلف الجدار من الجهة الفلسطينية حيث يحظر على الكثير من الفلسطينيين الاقتراب أو تجاوز الجدار الفاصل، ومن يخالف يعاقب وفقا لنصوص القانون الاسرائيلي.
بدأت فصول معاناة عائلة برغوث مع سلطات الاحتلال منذ احتلال فلسطين عام 1948 كون اهالي قرية الولجة لاجئين، لكن المعاناة الجديدة بدأت في عام 2010 حين شرعت جرفات الاحتلال ببناء الجدار الفاصل على اراضي الولجة، وكان المخطط يقضي بان يمر الجدار فوق مقبرة العائلة التي بادرت بدورها الى الاعتراض على هذا القرار واستطاعت انتزاع قرار من المحكمة الاسرائيلية يقضي بعدم المساس بالقبور وبناء نفق في اسفل الجدار بقطر (4 امتار) يمكن عائلة برغوث من زيارة المقبرة.
ورغم بت المحكمة العليا الاسرائيلية بالقضية الا ان سلطات الاحتلال لم تلتزم بما صدر عن المحكمة فكانت الصورة على الارض مغايرة، فيوضح احمد برغوث، أنه تم بناء النفق بقطر (مترين فقط) على عكس ما تم الاتفاق عليه في المحكمة، فضلا عن قطع عشرات الاشجار المثمرة خارج مخطط الجدار وتجريب الاراضي الزراعية المتبقية.
واضاف برغوث "خلال الفترة الماضية لم اجد أي دفاع قانوني يساندني في الحصول على حقي بالارض، ولم اشاهد اي تضامن رسمي ولم يزرني أي مسؤول فلسطيني ولا المؤسسات الرسمية التي تدعي أنها تساند المواطنين الذين يعانون من الجدار والاستيطان".
ولم يخف برغوث مخاوفه من قيام سلطات الاحتلال الاسرائيلية من حرمانه من زيارة مقبرة عائلة في حال تم اتمام المراحل النهائية من بناء الجدار الفاصل التي من المتوقع ان تبدأ خلال الفترة المقبلة.
وعلى الرغم من مصادرة أكثر من 13 دونما زراعية لعائلة برغوث، إلا أنها تتشبث بالارض مثل شجرة "السنديان" محملة بالذكريات الجميلة، "الاحتلال يحاول سرقة الارض من خلال المكعبات الاسمنتية والاسلاك الشائكة، بينما نحن نقيس الارض بحب الوطن والذكريات الجميلة، هنا ولدنا ولعبنا وكبرنا وسنموت هنا ايضا وسنظل متمسكين بارضنا حتى النهاية".


