عن "داعش" ومجتمعاتها: اللعب خارج السوسيولوجيا
مقدمة
لن يتمكن متعقب تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، في البؤر الاجتماعية والسياسية التي أنجبتها ورفدتها، من الإمساك بخيط هذه "الدولة" المتوهمة؛ ذاك أن "داعش" اتسعت لانهيارات لا يمكن أن تضبطها فكرة واحدة، وهي انهيارات شديدة التفاوت وعديمة التشابه ومختلفة المصادر. في الأردن تغذت "داعش" من الشقاق الاجتماعي المديد الناجم عن فصام الهوية الوطنية وعن ضعفها. وفي لبنان كان للصدع الشيعي-السني وظيفة حاسمة في تفشي المزاج الـ"داعشي" في البيئة السنية. وفي العراق، منشأ التنظيم ولبنة هويته ونواته، تقاطعت عوامل المذهبية مع مزاج عشائري محبط وغاضب، عند الرغبة البعثية الانتقامية. أمَّا التوجه غربًا بدءًا بالمغرب العربي ووصولاً إلى أوروبا، فلنا هناك مع "داعش" قصص مختلفة تمامًا. فتونس مثلاً، وهي أكثر الدول غير المحاذية لجغرافيا "الخلافة" المستجدة رفدًا لـ"داعش" بالجند وبدعاة صغار العمر، خلَّف انهيار نظام زين العابدين بن علي ركامًا اجتماعيًّا ونفسيًّا لم يتسع الوقت لدولة "الثورة" أن تستوعبه، فكانت "دولة الخلافة" بديلاً ووجهة لهجرة "جهادية" مريرة. وفي أوروبا حمل "المجاهدون" معهم من هناك ملامح مختلفة هذه المرة، فهم خليط من شبان وشابات لا تقتصر مصادرهم على مجتمعات الدياسبورا المسلمة في المدن الأوروبية؛ إذ إن من بينهم عشرات من أصول مسيحية، وهم بمعظمهم من غير فقراء القارة العجوز.
الدولة والخليط غير المتجانس
اقترحت "داعش" على هذا الخليط غير المتجانس "دولة"، ولعلها تجربة مستحيلة واستثنائية، وجديدة كل الجدة على العلوم الانسانية. ولهذا ربما طرحت التجربة هذه تحديًا فريدًا على وسائل القياس والتقصي التي دأبت أنواع المعرفة على اعتمادها في اشتغالها على هذا النوع من الجماعات؛ فالبعد المشهدي مثلاً، وهو بُعد جوهري في أداء التنظيم وفي نشاطه وطبيعته، هو عامل لا يمكن استبعاده في السعي إلى تفسير تنظيم الدولة "داعش" ولفهم أشكال اشتغاله. وهو بُعد متصل إلى حد كبير بمروحة الانهيارات التي رفدت "التنظيم" وشكَّلت بنيته. جاء الـ"داعشي" الأوروبي محملاً بخبرات كبيرة على صعيد إنتاج الصورة، فوجد في الصحراوي ابن عشيرة الأنبار كثيف الشعر وأسوده، وجهًا يُخاطب وعيًا سينمائيًّا هوليووديًّا، فيما تولى المهندس التونسي إعداد عناصر الصورة ورفدها بكورس من الأردنيين واللبنانيين، وأُجبر صحافي غربي مختطَف على إعداد تقرير عن المشهد استعمل فيه كل مهاراته في الأداء التليفزيوني(1).
ما كان يمكن لـ"داعش" أن تكون لولا كل هذه العناصر، وهي بهذا المعنى مشهد أكثر منها حقيقة. هي خروج عن "الحقيقة" وابتعاد هائل عما نعتقده واقعًا سوسيولوجيًّا وسياسيًّا. مشهد مُمثَّلٌ، لكنه مشهد قوي نجح فيه المخرج في تجسيدٍ شديدِ التجريدية في تصوير كل هذه الانهيارات الكونية.
فكرة إنشاء سوق للنخاسة في مدينة الموصل تُباع فيه نساء أيزيديات، على رغم مأساويتها، لا يمكن لفروع المعرفة الحديثة أن تُفسرها لوحدها، بل يجب أن تتدخل هنا علوم أخرى، كالطب والصحة وتكنولوجيا المعلومات والجغرافيا والوراثة. كما أن "داعش" كشفت "داعشية" سلبية مقيمة في وجدان خصومها، أولئك الذين راحوا يُطلقون خيالهم لمشاهد مُخترعة لكنها تنتمي إلى منظومة "الفيكشن الداعشي" نفسه(2)؛ فمن "جهاد النكاح" إلى فتاوى إلباس البقرة حمَّالة أثداء، نشأ حول ظاهرة "داعش" ما لا يُحصى من الصور المتخيلة المنتَجة من خيال جماعي يبدو أنه كان بأمَسِّ الحاجة لأن يُخرج ما في خياله من صور جامحة، فكانت "داعش" فرصة لهذيان جماعي مارسته مجتمعاتنا، وتخففنا عبره مما كان يُثقل نفوسنا من أشكال كبت متنوع.
"داعش" موازية
ثمة "داعش" موازية يمكن البحث عنها على ضفاف المساحة التي أعلنتها "الخلافة" دولتها. ويُمكن الاستعاضة فيها عن "داعش" الحقيقية، تلك التي يصعب على الباحث الوصول إليها. ونعني هنا بـ"داعش" الموازية، تلك البؤر التي رفدت التنظيم بمقاتليه ممن هاجروا من عائلاتهم ومجتمعاتهم ودولهم، تاركين أهالي وعائلاتٍ ومنازل وأحياء. نعم ثمة "داعش" هناك، وهي "داعش" تكره "داعش" الحقيقية، وتُكن لها مشاعر انتقامية بعد أن اختطفت منها أبناءها. وهي "داعش" ضحية، لا "داعش" الجلاد والذباح وسابي النساء الأيزيديات. وليكون المرء أكثر عدلاً عليه أن يبتعد بضحايا التنظيم عن شُبهة مسؤوليتهم عنه، لأنهم ليسوا البطن الولَّادة التي أنجبت هذا الوحش الذي يغزو الصحراء، ذاك أن من أنجبه كان بطنًا جماعيًّا.
قد تكون أم خالد، والدة الانتحاري اللبناني الذي نفَّذ عمليته في بغداد في أواسط عام 2014، وكان لم يبلغ العشرين من عمره بعد، نموذجًا لهؤلاء الضحايا الذين يمكن عبرهم الاقتراب من بعض بسيكولوجيا التنظيم(3)؛ فالسيدة اللبنانية الطرابلسية التي أخذت على عاتقها فضح أمر مجنِّدي ابنها، الفتى الذي لم يكن قد مضت أشهر قليلة على التزامه الديني قبل أن يُنفذ العملية الانتحارية، تعيش على حافة مرض عضال (فشل كلوي) يُلزمها التوجه إلى المستشفى مرتين في الأسبوع. صوت خفيض ومُهدد بالانقطاع هو ما تستعين به لتقول إنها ستفضح أمر مجنِّدي ابنها.
تقول الرواية الكبرى: إن خالد، الانتحاري الفتى، الذي جنَّده تنظيم الدولة "داعش" في مدينة طرابلس اللبنانية، كان يقيم في منطقة الفتنة الشيعية-السنية الملتهبة في المدينة، وإنه كحال آلاف الفتية أُصيب بالغضب والإحباط بفعل "اضطهاد حزب الله" أبناء الطائفة في لبنان وفي سوريا. وتقول الرواية أيضًا: إن الأحزمة الفقيرة لمدينة طرابلس مناطق منتجة للمتطرفين، وتورد الرواية وقائع صحيحة ودالَّة عن مستويات التعليم والدخل، وحول مساجد تتولى التجنيد وجهات تموله، وطرق عبور إلى سوريا وإلى العراق.
وكل هذا يبقى صحيحًا وضروريًّا، لكنَّ صوت أم خالد الخفيض يحمل نبرة الرواية الصغرى، تلك التي تجعل من قصة خالد قصة شخصًا وليس قصة منطقة. و"داعش" المتذرِّرة، هي أيضًا أشخاص قبل أن تكون جماعات. نعم، يمكن استشعار الرواية الصغرى من الصوت الخفيض لأم خالد. ثمة هزيمة خلف هذا الصوت، وفي نبرته وفي الملامح الحزينة لوجه المرأة. شيء ما يُلحُّ عليك فيه، ويجعلك تشعر بأن قصة خالد هنا في هذا الصوت الذي لا يقول الكثير، في المرض الممسك بوجه المرأة، والذي يتخلل الوقائع القليلة التي ترويها عن إبنها وعن نفسها. والمرض ليس هنا فشلاً كلويًّا، ذاك أن وظيفة المرض البيولوجي في حالة أم خالد لا تتعدى تظهير هزيمة أكثر عمقًا وجوهرية(4).
لا يمكنك مقاومة إحساسٍ بأن ما جرى لخالد متصل بمأساة خلف صوت أمه، وخلف مرضها. سهولة تجنيده مردها إلى ذلك، والوقائع قليلة الانسجام أيضًا. المشايخ الذين تتحدث عن أنهم كانوا خلف تجنيده، وهم بلا أسماء ولا وجوه، وصورة الأب البعيد في حديثها عن ابنها؛ الأب المتقاعد والساعي إلى عمل بعد التقاعد، والشقيق الأكبر الذي تجهد الأم لصموده في الجامعة قبل أن تُنهكه الحاجة للعمل.
ما جرى لخالد هو تمامًا خلف الصوت المنهك للأم الثكلى. هناك تقيِّم التراجيديا، وهناك كمن القدر لهذا الشاب. ما جرى له، وقائعيًّا يشبه إلى حد كبير ما جرى لغيره من الفتية. وفي غمرة الوقائع التي توردها الأم، والتي تبقى غير كافية لبناء تراجيدي، عليك أن تُميز تفاصيل صغيرة هي ما يجب رصده؛ فحين تتحدث أم خالد عن مشايخ راحوا يحرضون الفتية في حي التربيعة في طرابلس القديمة على "الجهاد"، تُشير عرضًا إلى رجل طيب في الحي لجأ إليه خالد للعمل في دكانه، وهذا الرجل ساعد العائلة، واستعان به خالد في تصريف حاجاته واستمع إلى نصائحه، وهذا الرجل ثبت لاحقًا أنه جنَّد الشاب وأرسله إلى "داعش" في العراق. وبينما تنفي الوالدة عن جار العائلة هذه التهمة وتلصقها بمشايخ بعيدين، اعتُقل الرجل واعترف بعلاقته بجماعات خلف الحدود(5).
ليس في هذه الوقائع جديد إذا ما راقبها المرء من مسافة قارئ وقائع. الاقتراب من صوت الأم هو ما يجعل الفارق ذا قيمة. تظهيره لهشاشة القوام الاجتماعي وللخوف الذي هو أقرب إلى الشقاء، وكشفه لحالٍ من التشتت الصادر عن وهن أصلي يتعدى الفشل الكلوي، يُشعرك بأن "داعش" هي هذه الصرخة الخارجة من هذا الفصام. فكيف يمكن لمنتهى العاطفة ومنتهى الحساسية هذا أن يُنجب انتحاريًا يقتل مدنيين لا يعرفهم؟
الوجدان تراكبي ومشكَّل على نحو أطواق من الأزمات والانهيارات. لا وسيلة قياس له سوى بالاقتراب غير العاقل من صوت الأم اقترابًا لا يُصغي لغير الصوت، يستبعد الكلمات ولا يقيم وزنًا للمعاني التي خلفها. الوقائع متشابهة، وعشرات الفتية الطرابلسيين غادروا قبل خالد وبعده(6)؛ أرسلتهم ضائقة المذهبية اللبنانية التي أشبعناها تفكيرًا وتأويلاً فأفسدتهم وأفسدوها.
الآن علينا أن نبدأ بالحكاية من مكان آخر؛ من "الميكرو حكاية"، من صوت الأم ومن وجهها المُطفأ. علينا أن نقترب بلا شفقة من هذا الوجه، فهناك ارتكبت "داعش" جريمتها الأولى.
تحمل أم خالد صور ابنها؛ شاب لا توحي صورته بأية علاقة له بتنظيم الدولة "داعش". في واحدة من هذه الصور يظهر الشاب معانقًا أمه في سوق المدينة، وفي صورة أخرى كان وحيدًا، وظهر على هيئة شباب الأحياء عندما يهمون بالخروج من أحيائهم متقيفين متأنقين. تريد الأم أن تقول: إن صورتي خالد لا تمتَّان بعلاقة لفعلته، فهو فيهما لا يشبه الانتحاري الذي صاره(7). وهو فعلاً لا يُشبهه ولم يَكنْهُ. فخالد الانتحاري كان خرج على حين غِرَّة من منزله قبل نحو شهر من تنفيذه العملية ولم يعد، صار شخصًا آخر، ولم يعد منزل أم خالد منزله؛ صار "أبو طلحة"، ولم يعد خالدًا.
مصفاة الفشل
لا نضيف شيئًا إذا ما أدرجنا خالدًا ضمن معادلة الشقاء الطرابلسي اللبناني، فهذا الفعل، أي: إدراج "المجاهدين" في الدائرة المغلقة التي أنشأناها حول ظاهرتهمن يجعل ما تحمله "داعش" من جديد بمثابة مصفاة هائلة لأنواع متفاوتة من الفشل، ولا يمكن رصد وجوهها إلا من خلال الحكايات الصغرى؛ فهي ليست تنظيمًا عضويًّا على ما هي "القاعدة" مثلاً، بل على العكس هي تمامًا تفتت العضوي داخل المجتمعات وتذرِّره في أنساق غير منضبطة، وهي حصيلة "نهاية المجتمعات" ومقدمة لها.
لطالما ألحَّت وجوه تعقَّبتُها في عملي كصحفي بأن التراجيديا تُوِّجت بـ"داعش" ولم تبدأ فيها. ولطالما أيضًا ألحت عليَّ وقائع لم أجد لها مكانًا في تقميشنا للرواية الكبرى. فطرة الاستماع إلى صوت غير سياسي ولسان لا ينطق بغير حكايات قد تبدو على هامش ما أتقصَّاه.
أن يقول لك "سلفي جهادي" مثلاً إنه كان يعمل في محطة بنزين في مدينة الزرقاء الأردنية الفلسطينية(8)؛ فما كان يعنيك من قوله هو أن ذلك يؤشِّر إلى مستوى تعليم ودخل قد يكون لهما دور في خياراته العامة. الأمر مختلف الآن، تلك المشاهد المهملة من حياته صار لها دور الآن. "سلفي جهادي" يُمسك خرطوم البنزين في محطة وقود لم يعد تفصيلاً يمكن إهماله، ورائحة البنزين ربما كانت لها علاقة بصياغة مزاجه؛ فـ"داعش" استحضرت في صعودها ما أهملنا تفسيره، وما اعتقدنا أنه لا يصلح لتأليف فكرة أو مشهد أو استنتاج.
على هذا النحو رُحْتُ أرقب وجه مصطفى، الشاب الأردني من أصل فلسطيني، والمقيم في مدينة الزرقاء والذي يبلغ من العمر 24 عامًا أمضى منها ثلاثة أشهر مقاتلاً في سوريا في إحدى كتائب "جبهة النصرة" في ريف درعا. عاد مصطفى من سوريا قبل نحو سنة، وهو اليوم يعتقد أن "داعش" هي النموذج الذي يسعى إلى الالتحاق به، لا النصرة(9).
ما أنا بصدده الآن هو إعادة الاعتبار إلى كل ما أهملتُه من سيرة مصطفى حين التقيته؛ ففي حينها كنت أسعى إلى كتابة سيرته في مؤشراتها العامة؛ أردني من أصل فلسطيني يقيم في الزرقاء، كانت عائلته نزحت من الكويت بعد الغزو العراقي في عام 1990، ثم إن رد "داعشيته" إلى زرقاويته صار بمتناول الجميع، ذاك أن افتتاح ابن مدينة الزرقاء أبو مصعب الزرقاوي زمن "الذبح" في "السلفية الجهادية" أمر نافل لا يضيف في تفسير ما جرى تفسيره.
علينا الاقتراب أكثر من مصطفى، الاستماع إلى غير أصوات الشيوخ في وجدانه؛ فهو كان قال في حينها إن أمه كانت أول من شجعه على "الجهاد"؛ أمه مُطلقة أبيه الغاضبة على مشيخته "الهادئة". وإذ يرفض مصطفى الاستفاضة في الكلام عن أبيه، فهو إمام المسجد موظف الحكومة والمُذعن لوزير الأوقاف، يطوف وجهه بالغبطة حين يشير إلى أن أمه كانت تصرخ مُكبِّرة كلما نفذ أبو مصعب الزرقاوي عملية في العراق(10).
ليست أمه من دفعه لـ"الجهاد" ذاك أنها خافت عليه عندما غادر إلى سوريا، لكن صوتها محتفلة بالزرقاوي كان قد استقر في وعيه، ثم إن الاضطراب العائلي الذي يشيح عنه مصطفى خلال حديثه تولى أيضًا تأسيس شيء ما بالشاب. الصمت والثقة المفرطة بالنفس وراءهما أم غاضبة وابن ساعٍ لمخاطبة هذا الغضب. قد لا تكفي مقابلة واحدة لتفسير مصطفى، لكنها تكفي للاعتقاد بأن وراء هذا الصمت ما لم يُقَل بعد. صحيح أن لـ"داعشية" الشاب طعم أردني واضح ويمكن ردها إلى شقاق في "السلفية الجهادية" أصاب مجتمع الأخيرة في المملكة؛ حيث انحاز الزرقاويون إلى "داعش" والمقدسيون (نسبة إلى الداعية أبو محمد المقدسي) إلى "جبهة النصرة"، إلا أن ذلك لا يكفي للتسليم بالأسباب(11).
لكن "داعشية" الأردني ليست امتدادًا لـ"قاعديته"، ذاك أن الأخيرة استقرت في وعي أصحابها في المملكة بعد سنوات من الاضطراب. فبين زيارتين يفصل بينهما أكثر من عشر سنوات للناشط في "السلفية الجهادية" لقمان ريالات في مدينة السلط وهو اليوم مؤيد لـ"النصرة"(12)، يمكن للزائر أن يلاحظ أن كهولة أصابت سلفيته فأقعدتها. في مطلع العقد الفائت وصل الشاب إلى الموعد شبه متخفٍ بسبب شعوره بأنه ملاحق، ولم يكن الحديث معه سهلاً. كان زرقاويًا ومقيمًا حدودًا صارمة للحديث. وفي عام 2014 كانت الزيارة إلى المدرسة التي يديرها في السلط؛ شيخ سلفي محاط بمدرسين ومدرسات، وتزوره والدات التلاميذ والتلميذات من دون أن يشيح بوجهه عن عيونهن. علمًا بأن والد لقمان كان ناشطًا في جماعة الإخوان المسلمين الأردنيين وفي الزيارة الأولى كان لقمان يعيب عليه ذلك، بينما كان الوالد في الزيارة الثانية جالسًا إلى جانب ابنه فيما الأخير يشير إليه برضا كاملٍ عن أبوته(13).
لا أثر لـ"السلفية" على قيافة مصطفى؛ ثمة أثر لـ"جهادية" لا تشترط اللحية الطويلة والثوب القصير. عليك أن تُصغي مجددًا لصوت أمه يحضه على "الجهاد"، الصوت الصادر من بعيد؛ من نزوح أول من الضفة الغربية ومن نزوح ثانٍ من الكويت، وعليك أن لا تسقط في التعميم؛ ذاك أن النزوح فعل جماعي لم يُفضِ إلى نتيجة واحدة، و"داعش" هي امتداد لمسار شخصي أيضًا، يرفض مصطفى الاقتراب منه لكنه جلِيٌّ على وجهه.
لا، ليست "سلفية جهادية" تلك التي يُمكن أن نرد إليها "داعشية" مصطفى، ثم إن الزرقاوية ليست أكثر من أثر بعيد، فصاحبها (أبو مصعب الزرقاوي) قُتل قبل نحو ثماني سنوات، وفي حينها كان مصطفى فتى لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره. وبهذا المعنى فإن "داعشيته" هي هو، وهي مساره الخاص واضطرابه الخاص، ومرة أخرى تبدو "داعش" مصفاة اضطرابات هائلة السعة.
لكن ليس الاضطراب العائلي والشخصي والنفسي وحده ما يمكن الاقتراب منه لنقيم فارقًا في التفسير؛ فاضطراب الوعي الشخصي بالشأن العام أيضًا يبدو عاملاً سبق أن أُهمل. أي بمعنى أن ثمة أفرادًا يشتركون فقط في اضطراب علاقتهم بقيم مستدخلة، وتبدو ردود أفعالهم شديدة التفاوت حيالها، هم صادرون عن الصدع النفسي ذاته، لكن استجاباتهم مختلفة حياله. وهنا جاءت "داعش" كاقتراح على أفراد وليس على جماعات؛ فالتونسيون الذين يُقاتلون مع "داعش" والذين ربما بلغت أعدادهم أكثر من خمسة آلاف بحسب جمعيات أهلية، ليسوا جزءًا من الرواية التونسية الجماعية، إنما هم خروج عنها. حتى الحركة الإسلامية التقليدية في تونس، أي: حركة النهضة، لا تمُتُّ بصلة سوسيولوجية لمن "هاجر" للقتال مع "داعش" من التونسيين. "المجاهدون" التونسيون أقرب إلى انشقاق عن المجتمع وعن إجماعاته، حتى الإسلامية الحركية منها. وإضافة إلى ذلك، هم لا يمتُّون بصلة متينة إلى تلك المؤشرات التي طالما رصدها الباحثون في الجماعات "الجهادية". هم من غير الفقراء المعدَمين وليسوا مهمَّشين، والأكثر مدعاة للاستغراب هو أنهم في أصولهم أقرب إلى البيئات التونسية غير الإسلامية.
وهنا تبدو الحاجة إلى الابتعاد عن التفسيرات العامة للظاهرة أكثر إلحاحًا، ويبدو أن لا مناص من الاقتراب المجهري، والبحث بما تهمله الروايات الكبرى مجددًا.
رشيد شاب تونسي غير إسلامي على الإطلاق(14). هو مضيف طيران على الخطوط الجوية التونسية؛ شاب رياضي ووسيم، ترك على وجهه أثرًا خفيفًا للحية شاب حديث، لكن شقيق رشيد، أحمد، الذي يصغره بسنتين توجه للقتال في سوريا مع "النصرة" ثم انتقل لاحقًا إلى "داعش". نحن هنا حيال انشقاق عن العائلة بالمعنى الحرفي للكلمة، فخالد الـ"داعشي" خرج من عائلة زيتونية الإيمان (مدرسة الزيتونة، وهي المدرسة الدينية التقليدية التونسية، وهي أقرب إلى مدرسة الأزهر في القاهرة)، وخرج من بين أشقاء وشقيقات غير ممارسين لأي طقس ديني ولا أثر للحجاب في العائلة سوى حجاب الأم غير المحكم.
أنت الآن تتجول في سيارة رشيد، شقيق أحمد الذي يكبره بسنتين. تستمع لحكايات رشيد عن شقيقه، لكن ماذا لو استمعت لحكايات رشيد عن نفسه؟ ماذا لو افترضت أن صدعًا واحدًا يشترك فيه الشقيقان نجَمَ عنه مصيران مختلفان؟ قد لا يبدو على رشيد أي أثر لضائقة أو لصدع، لكن الاقتراب أكثر من الشاب ربما يُفضي إلى شيء قد يُساعد على بناء شخصية متخيلة لشقيقه. هذه لعبة مسلية لصحفي يلهث وراء ما هو أكثر جدية وتماسكًا.
أنت الآن تُدرك أن "المجاهدين" التونسيين في "داعش" هم من مجتمع النظام السابق، أي إنهم جزء من البنية الاجتماعية والاقتصادية التي نشأت حول الوظائف المختلفة والتي أسسها النظام. معظمهم من مدن الساحل التونسي حيث حزب التجمع (حزب زين العابدين بن علي) يتمتع بنفوذ وقواعد ومناصرين، وهم فقراء هذا النظام غير المعدمين.
يمكن لرشيد أن يقودنا إلى المزيد، لكنه مزيد عن شقيقه، فـ"داعش" هي حصيلة سيرٍ غير منسجمة وليست سيرة واحدة. وسيرة الـ"داعشي" هي أيضًا سيرة موازية لسيرة أي واحد منَّا. قد لا تكون سيرتنا، لكنها السيرة الموازية من دون شك(15).
لرشيد بنية جسمانية متينة لكنها توحي بأنها انهيارية، فالشاب يتحدث بجسمه كله، لكن وسامته المُشْتَغَلة والمبنية، لا توازيها رشاقة في الملامح ولا خفة في الأداء الجسماني. ورشيد الذي يشعر بأن فِعْلة شقيقه ارتدَّت على العائلة كلها، راح يصف جارهم الداعية السلفي الذي استأجر الطابق السفلي من منزلهم، وخلال إقامته مع زوجته جنَّد الشقيق وكاد يُجنِّد الشقيقة، بأوصاف شديدة التوتر لكنها لم تخرج عن التهذيب.
هنا تبدأ الحكاية تفقد انسجامها؛ هنا "داعش"، أي: في انعدام الانسجام. الداعية الذي أفقد العائلة ابنها أحمد، والذي أقام في المنزل وربطته علاقات وطيدة بأفرادها جميعًا باستثناء رشيد، كان سلفيًّا مكتملاً حين استأجر من العائلة منزلها. جاء في أعقاب سقوط النظام تمامًا، وحوَّل المنزل إلى خلية عمل "جهادي". وغادر مع أحمد وأربعة من شباب الحي الكائن في أحد ضواحي العاصمة التونسية إلى سوريا.
أن تزور العائلة في منزلها، فلن تشعر بأثر لهذا الرجل الذي أقام أكثر من سنتين في المنزل. الشابات غير محجبات، والوالد موظف سابق وشيخ زيتوني غير ملتحٍ كان قد طرده السلفيون من مسجد الحي بعد أن انهالوا عليه بالضرب وسيطروا على المسجد. كل هذه الوقائع تمت في أثناء سكن الداعية السلفي الغريب في منزل العائلة(16).
لن تتمكن من جمع عناصر الرواية، فعدم انسجامها يُشعرك بأن خيطًا رئيسًا يمسك بها ما زال مفقودًا. عليك هنا أن تدقِّق أكثر، فعدم الانسجام العضلي للشاب هو امتداد لعدم انسجام أعَمَّ. ليس من سرٍّ تخفيه العائلة عنك، وإذا كان الأمر كذلك، فإن كشفه لن يفيد بأكثر من ضم حكاية العائلة لآلاف الحكايات التي صرت تعرفها في تونس وعن "الخروج إلى الجهاد" في سوريا.
إقامة الرجل لسنتين في منزل العائلة مع زوجة منتقبة وضيوف سريين، واضطراب رشيد أثناء الحديث عنه من دون خروجه عن أدب الكلام قد يكون أهم مما تخفيه العائلة عن هذا الداعية. قبولها ببقائه في منزلها على رغم اعتداء فتيته على صاحب المنزل.
ورشيد متقصٍّ حكاية شقيقه مع "الجهاد" فتح القصة على أبواب جديدة؛ أفصح بوجهه المشدود عن اعتقادات تؤشِّر إلى اضطراب كبير في منظومة قناعاته. قال إنه يعتقد أن الولايات المتحدة الأميركية هي وراء عملية 11 سبتمبر/أيلول، وعلى إثرها غزت المنطقة. صحيح أن كثيرين يعتقدون ذلك، لكننا في حالة رشيد أمام أكثر من اعتقاد، أمام فعل ورغبة بالفعل؛ فهو يبحث -بحسب ما قال منذ سنوات عديدة- عن ذلك الصحفي المصري الذي يملك الحقيقة. سافر للقائه في مصر ولم يُوفق، وهو لا يجيب على كل أرقام الهواتف التي حصل عليها رشيد(17).
لا يفارقك شعور أثناء تجوالك مع رشيد في السيارة مستمعًا إليه بأنك أمام ظلٍّ لشقيقه الذي غادر لـ"الجهاد" في سوريا. شيء ما تعجز عن تفسيره، ولكن يحضُّك كلام الشاب على البحث عنه. وعليك هنا أيضًا أن تبدأ بحياكة سيناريوهات متخيلة تعينك على ما أنت فيه من حيرة ومن قناعة غير منطقية.
نعم، باغتَنَا تنظيم "الدولة الإسلامية". جاءنا من المناطق التي كنَّا نهمل النظر إليها، لم يضع شروطًا كثيرة على الوافدين إليه. قال لهم: فقط احملوا معكم ما فشلت دولكم ومجتمعاتكم وعائلاتكم به وتعالوا. شيخ السلفية العلمية في لبنان حسن الشهال، الذي طالما قال إن العنف ليس وسيلة "دعوته" غادر ابن شقيقه وتلميذه وشريكه في "معهد الهداية" للتعليم الديني في طرابلس شاكر الشهال، والبالغ من العمر 25 عامًا إلى الرقة حيث يعمل الآن قاضيًا في إحدى محاكم "داعش" هناك. أجاب الشيخ حين سُئل عن سبب "هجرة" ابن شقيقه، وهو الذي لطالما كان تلميذ عمه ومرافقه، فقال: إن الشاب فشل في خطوبة شابة، فأصابه الإحباط وغادر.
وتبدو هذه السهولة امتدادًا لسهولة تحول الدعوة السلفية من مستواها "العلمي" والدعوي إلى مستواها العنفي، ذاك أن الشهال العَمَّ، وهو أبرز وجه سلفي لبناني، لا يرى أن الوقوف بوجه إعلان "الخلافة" أمرًا بديهيًّا حتى لو كان أبو بكر البغدادي مُعلنها؛ فالخلافة على ما يقول الشهال: "حُلْمٌ يراود أي مسلم".
وبين فشل الخطوبة وإفصاح العم عن صعوبة مقاومة "إغراء الخلافة"، يشعر متقصي الأسباب التي دفعت شاكر لمغادرة طرابلس إلى الرقة للإفتاء هناك، بأن ما فعله الشاب ليس مرده إلى "الدعوة" التي ألحت عليه، إنما إلى تلك المساحة السهلة التي تتحرك فيها هذه الدعوة. شيء من اللعب ومن الفشل الرشيق والمباشر.
الشاب الفرنسي من أصل مغربي، أيضًا ذاك الذي تحدث إلى وكالة الصحافة الفرنسية عن شقيقته التي لم تبلغ السابعة عشرة من عمرها وغادرت من فرنسا إلى حلب لتلتحق بـ"داعش" قال شيئًا قد يكون مشابهًا؛ قال إن شقيقته لا تجيد العربية ولا تعيش في منزل فيه أثر للممارسة الدينية. الأثر الوحيد الذي رصدته العائلة هو ثياب صلاة تم العثور عليها في غرفة الفتاة بعد مغادرتها. كما أشار الشاب إلى أنه تحدث مع شقيقته المقيمة في حلب عبر الهاتف وقالت له إن حياتها هناك تشبه الحياة في "ديزني لاند" الذي لطالما حلمت أن تعيش فيه(18).
خلاصة
إن ثياب صلاة في غرفة مراهقة فرنسية تحلم بـ"ديزني لاند"، لا تقدم تفسيرًا لما جرى مع الفتاة، مثلما أن فسخ خطوبة شاكر الشهال ليس تفسيرًا لمغادرته إلى الرقة. وهذه وغيرها من القصص التي قدمناها مؤشرات غير حسية وغير صلبة. إن السعي لتفسير الالتحاق بـ"داعش" يجب عدم قصره على الوقائع الصلبة والمنسجمة. وهو أيضًا شيء من اللعب خارج السياسة وخارج السوسيولوجيا.
وإذا كانت "القاعدة" تنظيمًا عنقوديًّا، فإن "داعش" تنظيم أفقي، يقتطع مناطق ويُخضع قبائل وعشائر ويضم في تشكيلاته فروعًا لأحزاب وكتائب انشقت بأكملها. هذه السعة تتيح أيضًا مرونة في الشقاء وتدفع اللعب إلى أقصاه. فإلى جانب "سلفيته الجهادية" هناك أثر قوي لبعثية "داعش" ولعشائريته، وتتجاور فيها محلية مغرقة في رجعيتها وعالمية لا حدود لحداثتها.
يُلخص شاكر وهيب، نجم التنظيم وفتاه الأبرز، تلك الخفة الدموية(19)؛ فوسيم "داعش" هذا ونجم "يوتيوبها" يُبدل ملابسه تبعًا للمهمة التي يُنفذها، وهو إذ يُخاطب السلفيين في حفه شاربيه وإطلاقه لحية سوداء، يتعمد أيضًا مخاطبة آخرين عبر تبديله القبعات، ويُحرك جسمه متقدمًا في مشيه ملامسًا مشي نجوم البوب الغربيين. والتنظيم يبدو محتفلاً بنجمه، مبرزًا إياه في الكثير من الأفلام التي يُنتجها، وساعيًا للقول: ها أنا ذا لست شيئًا مما تعرفونه عن أقراني في "السلفية الجهادية". أنا القاتل الذي يُشبهكم.
_________________________________________
حازم الأمين: صحفي لبناني متخصص في تغطية الجماعات الجهادية.
المصادر والهوامش
1- Mariano Castillo and Brian Todd, Who is the English speaker in ISIS video 'Flames of War'? September 19, 2014:
http://edition.cnn.com/2014/09/19/world/meast/isis-flames-of-war-video/
- Markham Nolan , vocativ.com, 09/19/14,ISIS Releases Hour-Long, Movie-Style Recruitment Feature Film:
http://www.vocativ.com/world/isis-2/isis-release-hour-long-movie-style-recruitment-feature-film/
2- حازم الأمين، «جهاد النكاح» بين زيارتين: ليس خرافة مشرقية، الحياة اللندنية، 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2014:
http://alhayat.com/Opinion/Hazem-AlAmin/5428075/%C2%AB%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%83%D8%A7%D8%AD%C2%BB-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%AA%D9%8A%D9%86--%D9%84%D9%8A%D8%B3-%D8%AE%D8%B1%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82%D9%8A%D8%A9
3- مقابلة للباحث مع والدة خالد، الانتحاري اللبناني، مدينة طرابلس في شمال لبنان بتاريخ 10 سبتمبر/أيلول 2014.
4- من مقابلة الباحث مع والدة خالد.
5- من مقابلة الباحث مع والدة خالد، مقابلة للباحث مع حسن الشهال، طرابلس 10 أكتوبر/تشرين الأول 2014.
- حازم الأمين، طرابلس مجددًا في فم «الخلافة»... وفتية بأسماء جديدة يبايعون وينتحرون، الحياة اللندنية، 14 سبتمبر/أيلول 2014:
http://staging.alhayat.com/Articles/4588700/%D8%B7%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D9%84%D8%B3-%D9%85%D8%AC%D8%AF%D8%AF%D8%A7%D9%8B-%D9%81%D9%8A-%D9%81%D9%85--%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%A9-----%D9%88%D9%81%D8%AA%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%A3%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D9%8A%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D8%B9%D9%88%D9%86-%D9%88%D9%8A%D9%86%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%88%D9%86
7 - حازم الأمين، طرابلس مجددًا في فم «الخلافة»... وفتية بأسماء جديدة يبايعون وينتحرون، الحياة اللندنية، 14 سبتمبر/أيلول 2014:
http://staging.alhayat.com/Articles/4588700/%D8%B7%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D9%84%D8%B3-%D9%85%D8%AC%D8%AF%D8%AF%D8%A7%D9%8B-%D9%81%D9%8A-%D9%81%D9%85--%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%A9-----%D9%88%D9%81%D8%AA%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%A3%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D9%8A%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D8%B9%D9%88%D9%86-%D9%88%D9%8A%D9%86%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%88%D9%86
8- مقابلة للباحث مع مصطفى (الشاب الأردني من الزرقاء)، عمان، الأردن، 4 يوليو/تموز 2014.
9- مقابلة للباحث مع مصطفى (الشاب الأردني من الزرقاء)، عمان، الأردن، 4 يوليو/تموز 2014.
10- مقابلة للباحث مع مصطفى (الشاب الأردني من الزرقاء)، عمان، الأردن، 4 يوليو/تموز 2014.
11- مقابلة للباحث مع مصطفى (الشاب الأردني من الزرقاء)، عمان، الأردن، 4 يوليو/تموز 2014.
12- مقابلة للباحث مع لقمان ريالات، السلط، الأردن، 3 يوليو/تموز 2014.
13- مقابلة للباحث مع مصطفى (الشاب الأردني من الزرقاء)، عمان، الأردن، 4 يوليو/تموز 2014.
14- من مقابلة للباحث مع راشد التونسي، تونس، 25 أكتوبر/تشرين الأول 2014.
15- من مقابلة للباحث مع راشد التونسي، تونس، 25 أكتوبر/تشرين الأول 2014.
16- من مقابلة للباحث مع راشد التونسي، تونس، 25 أكتوبر/تشرين الأول 2014.
17- من مقابلة للباحث مع راشد التونسي، تونس، 25 أكتوبر/تشرين الأول 2014.
18- حازم الأمين، رحلة «الجهاد» السهلة إلى سوريا، الحياة اللندنية، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2014:
http://alhayat.com/Opinion/Hazem-AlAmin/5005048/%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9-%C2%AB%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%AF%C2%BB-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%87%D9%84%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9----%D8%B1%D8%A8%D9%85%D8%A7-%D9%87%D8%B0%D9%87-%D9%87%D9%8A
19- مشرق عباس، شاكر وهيب... فتى «داعش» الرومانسي... بقبعة غيفارا وذكرى الزرقاوي، الحياة، 30 يوليو/تموز 2014:
http://alhayat.com/Articles/3867776/%D8%B4%D8%A7%D9%83%D8%B1-%D9%88%D9%87%D9%8A%D8%A8----%D9%81%D8%AA%D9%89--%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4--%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D9%85%D8%A7%D9%86%D8%B3%D9%8A----%D8%A8%D9%82%D8%A8%D8%B9%D8%A9-%D8%BA%D9%8A%D9%81%D8%A7%D8%B1%D8%A7-%D9%88%D8%B0%D9%83%D8%B1%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D8%B1%D9%82%D8%A7%D9%88%D9%8A!
ـ مركز الجزيرة للدراسات ـ 23/11/2014