خبر : داعش.. الابن الضال للقاعدة ... د.وليد القططي

الثلاثاء 14 أكتوبر 2014 03:12 م / بتوقيت القدس +2GMT
داعش.. الابن الضال للقاعدة ... د.وليد القططي




قد تلجأ العائلة أحيانا للتبرؤ من الابن الضال الذي يشق عصا الطاعة و يخرج عن تقاليد و عادات العائلة و يقوم بأعمال تسئ لها، و ذلك كي لا تتحمل مسؤولية أعماله الطالحة و لتعاقبه على أفعاله المسيئة، و هذا التبرؤ لا يعفيها من مسؤوليتها عن ضلال هذا الابن و فساد سلوكه لما لها من دور مهم في تشربّه لثقافتها و استقائه من معين فكرها، و تربيته على قيمها و نهجها و تقاليدها. وهذا ما فعلته القاعدة عندما تبرأ زعيمها الدكتور أيمن الظواهري من تنظيم الدولة الاسلامية في العراق و الشام المعروف باسم داعش اختصارا بعد أن قام زعيمها الدكتور ابراهيم السامرائي المعروف باسم أبو بكر البغدادي بشق عصا الطاعة لتنظيمه الأم و أعلن رفضه العودة الى العراق و ترك سوريا لجبهة النصرة و زعيمها أبو محمد الجولاني كممثل للقاعدة في سوريا فأصبح البغدادي و تنظيمه ابنا ضالا للقاعدة التي هي بدورها ابنا ضال للسلفية الوهابية السعودية، فداعش هي الابن الضال لابن ضال أيضا،ولالقاء الضوء على ذلك لا بد للعودة الى الأصول.1
لم يكن أسامة بن لادن مؤسس القاعدة مؤسسا لمدرسة فكرية اسلامية جديدة ، بل كان نتاجا للمدرسة السلفية الوهابية السعودية التي أسسها الشيخ الامام محمد بن عبد الوهاب بالتحالف مع محمد بن سعود مؤسس الدولة الاسلامية الأولى مرتكزا على التراث الفكري للأئمة الكبار أحمد بن حنبل و أحمد بن تيمية و ابن القيم الجوزية و غيرهم من روّاد المدرسة السلفية في الاسلام . ففي هذه المدرسة السلفية الوهابية نشأ أسامة بن لادن الذي حين غادر المملكة العربية السعودية للقتال في أفغانستان عام 1982 كان منسجما تماما مع هذه المدرسة ، و كان يرى في نموذج الدولة السعودية القدوة الحسنة الذي يجب أن يطبّق في جميع البلدان الاسلامية... واستمرت هذه الرؤية حتى عاد الى السعودية عام 1989 و قيام العراق بغزو الكويت عام 1990 وما تبع ذلك من استقدام القوات الغربية و على رأسها الأمريكية للسعودية و بتغطية دينية من مراجعها الاسلامية لتحرير الكويت بدعوة من السعودية و على رأسهم مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز بن باز ، فكانت هذه بداية الفراق و فك الارتباط بين أسامة بن لادن و الفكر الديني الرسمي للملكة القائم على السلفية الوهابية ، وكانت بداية شق عصا الطاعة و التبرؤ من الابن الضّال لهذه المدرسة الذي تربّى على مبادئها و تشرّب ثقافتها و نهل من معين فكرها، و اختلف معها في عدم شرعية الاستعانة بالكفار ثم احتد الأمر الى عدم شرعية النظام السعودي برمّته.2

و تكرر الأمر مرة أخرى عندما أعلن أبو بكر البغدادي زعيم الدولة الاسلامية في العراق و الشام (داعش) خروجه عن القاعدة_التنظيم الأم بعد أن رفض أوامر الظواهري بالعودة الى العراق و ترك سوريا لجبهة النصرة و زعيمها الجولاني ، فأصبح البغدادي ابنا ضالا للقاعدة التي هي أيضا ابنا ضالا للسلفية الوهابية .3
و خلاصة الأمر أن تنظيم القاعدة من رأسه الى كافة فروعه المتحالفة فيما بينها أوالمتقاتلة فيما بينها بما يمثله من فكر متطرف لا يقبل الاجتهاد ، و ثقافة جامدة لا تقبل الاختلاف ، ورؤية أحادية لا تقبل الأخر ، و عقيدة متحجرة تبدأ بالتفكير و تنتهي بالتحجير، هي ابن شرعي ضال خرج عن طاعة أبيه – السلفية الوهابية- و تمرّد عليه، و تكررت هذه الظاهرة في تنظيم الدولة الاسلامية -داعش- من باب(كما تدين تدان ).4
وأن خطأ داعش و القاعدة لا يبرر الخطأ الذي ترتكبه الأنظمة بالتصدي لها عن طريق استجلاب الأجانب لبلاد المسلمين و هي التي ساهمت في صنعها بالأفكار و المال و الرجال ، بل ان التصدي يكون بالمعالجة الفكرية لجذور التطرف و التعصب و الجمود و بالمراجعة الفكرية لأصول المدرسة الفكرية التي انتجت داعش و من قبلها القاعدة، وكذلك المعالجة السياسية لاستبدادالأنظمة و تسلطها و احتكارها للسلطة ، وأيضا المعالجة الاقتصادية للفقر و الاستغلال و احتكار الموارد من قبل القلة و التفاوت الطبقي ، و المعالجة الاجتماعية للظلم الاجتماعي و التمييز الطبقي و عدم المساواة … و الأهم من ذلك امتلاك الأمة لمشروع كبير يتصدى للمشروع الغربي المعادي للأمة لاسيما مركز هذا المشروع المتمثل في الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين.5