واشنطن / وكالات / نظم "معهد آسبن" في واشنطن الاثنين ندوة بعنوان "السلام بعد غزة: إطار جديد في مشهد متغير" شارك فيها الدكتور سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني السابق والدبلوماسي الأميركي المخضرم جيفري فيلتمان الذي انتقل من وزارة الخارجية إلى الأمم المتحدة ليصبح نائب الأمين العام (بان كي مون) للشؤون السياسية، وهو الموقع الأهم في بيروقراطية الأمم المتحدة وتاريخياً هو موقع من نصيب الولايات المتحدة.
وهدف النقاش بحسب والتر آيسيكيون الذي أدار الجلسة إلى"تقييم السبل الحالية لإعادة ترتيب الأدوار والمسؤوليات لكل المعنيين بالصراع في غزة، والأفق السياسي الاستراتيجي الأوسع وانعكاسه على المنطقة المتأججة" وقال: "نأمل أن لا يقتصر النقاش على المدى القصير مثل العناية والانعاش بل المشهد الأبعد من إطار وقف إطلاق نار مستدام، للتنقيب عن دواعي الفرص والأمل، هذا النقاش ينخرط مع كل المعنيين ليتحركوا أبعد من هدف وقف إطلاق النار نحو الانتعاش المستدام وإعادة الإنماء، والتعاطي مع الاحتياجات الأمنية لمصر وإسرائيل والأردن وأهمية شق طريق نحو التعددية".
وقال فياض الذي يعمل حاليا "كباحث زائر" في معهد "أتلانتك" في واشنطن في مستهل حديثه، ان السؤال المطروح "يكتسب أهمية خاصة في ضوء الحرب المدمرة التي تعرضت لها غزة لمدة 50 يوماً للنظر أبعد، وتجاوز المأساة التي نتجت عن هذه الحرب والعمل على معالجة الدمار الهائل والأوضاع الإنسانية المأساوية التي نتجت عن ذلك، كي لا نقع في مأزق وقف إطلاق النار لضمان أن لا نعود إلى هذا الوضع مجدداً بين فترة وأخرى".
وحذر فياض من مغبة العودة إلى النماذج السابقة في التعامل مع حروب غزة المتلاحقة والعودة لفخ الإبقاء على العوامل التي تشكل عناصر الاشتعال من جديد في الجولة المقبلة وقال: "هناك قضيتان الأولى عملية التمثيل الفلسطيني، والثانية تمحور اتفاق أوسلو حول نفسه" حيث لم يعد ممكناً "أن نبقي على تعدد التمثيل الفلسطيني بعيداً عن منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد كمنظمات مثل حماس والجهاد الإسلامي وآخرين. الإسرائيليون كثيراً ما يتساءلون وماذا عن غزة (قاصدين حماس) وهم محقون، خاصة وأن هذه الحركات (حماس والجهاد) لا تقبل بالاتفاقات التي أبرمتها منظمة التحرير الفلسطينية مع إسرائيل".
وركز فياض على ضرورة أن يكون هناك "وفاق وطني حقيقي يبقي على منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد لكل الفلسطينيين، كي تباشر وتمضي قدما في مساعيها لإنهاء الاحتلال حقاً وليس بشكل متقطع.. إن فشل عملية السلام خلال العشرين عاما الماضية هو الذي أعطى حركات مثل حماس والجهاد الإسلامي القوة والشعبية التي يحظيان بها وان الفلسطينيين عندما يرون أن منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية لم تحقق وعودها ولم تجلب الدولة الفلسطينية المستقلة خلال خمسة أعوام، كما كان موعوداً في اتفاقات أوسلو أي عام 1999، فإن الإحباط يؤدي بالناس لتأييد حماس ويزرع بذور العنف الآتي".
وندد فياض بالتوقعات المفروضة على الفلسطينيين، التي "تبقي على الاحتلال في مكانه وتحول دون قيام دولة فلسطينية، واستمرارها ليس فقط بالسيطرة على الأرض بل بمصادرتها ولذلك يجب أن يتم تحديد متى سينتهي الاحتلال ومتى ستنتهي المفاوضات" واصفا ما يطلب من الفلسطينيين بـ "السخيف" حيث أن "الفلسطينيين الذين يعانون من الاحتلال عبر عقود مطالبين بتوفير الأمن لسلطات الاحتلال الإسرائيلية" مذكراً أن "إنهاء هذا الوضع ليس بالتعقيد الذي يراه البعض، خاصة إذا ما استخدمنا النموذج الذي أنهى السيطرة البريطانية على هونغ كونغ".
بدوره قال فيلتمان الذي خدم السلك الدبلوماسي الأميركي حيث كان نائباً لوزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون قبل استلامه موقعه كنائب بان كي مون للشؤون السياسية: "نحن في الأمم المتحدة نعمل وفق المعايير المعروفة، فنحن نؤيد الوحدة الفلسطينية، ولكن تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية. قد نكون الوحيدين في موقفنا هذا، ولكننا (الأمم المتحدة) نؤيد حكومة الوفاق الوطني ونحن نتمنى لها أن تنجح، بشرط أن تكون ممثلة للفلسطينيين فعلاً".
وشدد على أن "الحاجة الملحة الآن هي التعامل مع الوضع الإنساني المرعب حيث ان 20 ألف بيت فلسطيني في غزة دمرت بالكامل، وأكثر من 40 ألف تعرضت لدمار جزئي، وهناك 113 مرفقاً للأمم المتحدة دمرت وتحتاج للترميم، ولا يزال هناك أكثر من 80 ألفاً من الفلسطينيين الذين يتخذون من مرافق الأمم المتحدة (أنروا) مأوى لهم".
وذكر فيلتمان مستمعيه ان "الأمم المتحدة كانت تقدم مساعدة عبر منظمة الأنروا لـ 80 ألف فلسطيني عام 2000، وكانت الأنروا تقدم مساعدات الأكل والشرب والرعاية الصحية لأكثر من 800 ألف فلسطيني حتى قبل الحرب الأخيرة، فما بالك الآن".
واصر فيلتمان على أنه "لا بد أن تكون هناك حكومة فلسطينية قادرة للسيطرة على غزة، كي نتمكن من إرسال المعونات الملحة لمعالجة الأوضاع الإنسانية المتدهورة والشروع بإعادة البناء".


