خبر : الطبيب الإنسان... حين تتجلى عظمة المهمة مع عظيم الألم

السبت 12 يوليو 2014 04:32 م / بتوقيت القدس +2GMT
الطبيب الإنسان...  حين تتجلى عظمة المهمة مع عظيم الألم



منال ياسين/ غزة /لعلَّ من أجل المهن وأعظمها مهنة الطب، والتي تستوجب أن يكون الطبيبُ إنساناً، يحمل مشاعره الإنسانية في كفة ليغلب عليها الجرأة والقوة للتعامل مع أبشع الحالات التي يتطلب منه معالجتها، وفي غزة تختلف المعادلة! حيث الحرب على أشدها..

الدكتور عاطف سالم حلس "طبيب مسالك بولية" يعمل في قسم الجراحة بمشفى الشفاء الطبي بغزة، يقول :" وأنا أعمل أتصور أن كل جريح يمثل لي صلة قرابة، وأتألم كثيراً لأجله ولكن واجبي المهني والأخلاقي  والإنساني يحتم عليّ أن أخفف عنه وأقدم له أقصى ما أستطيع من المساعدة التي يحتاجها كي يعبر بر الأمان".

في الحرب.. حياة طبيب

يقطن حلس في منطقة الخط الشرقي بحي الشجاعية بمدينة غزة، وهو متزوج ولديه 5 أبناء، أكبرهم 17 عاماً وأصغرهم 5 أعوام، تعمل زوجته "أكسانا حلس"، ممرضة في قسم الولادة الطبيعية بمشفى الشفاء الطبي، وهي أجنبية من جمهورية كازاخستان.

 يشير حلس إلى أن منطقة سكناه خطرة جداً، كونها تقع بالقرب من موقع "ناحل العوز" العسكري الإسرائيلي على الحدود الشرقية لحي الشجاعية، وفي الحرب يتضاعف الخطر.

ويؤكد حلس أن زوجته ترفض أن تترك بيتها بالرغم من خطورة المكان، فالانتماء للبيت والأرض كان حائلاً دون تركه طمعاً في الحياة، رغم أن الحرب لا تبقي ولا تذر.  

يقول حلس :"نعيش الخوف مرتين، مرة من القصف، ومرة من الاجتياح البري، فنحن نعيش  على مدار 24 ساعة من الذعر والخوف، كون المنطقة تتعرض كثراً للقصف والاجتياحات، وها هي حرب 2014 بدأت فجر الثلاثاء لتعلن عن دوامة جديدة من الألم والترقب انتظاراً لقدر محتوم".

وعلى الصعيد ذاته يؤكد حلس أنهم في انتظار المجهول، فالخوف فطري بالإنسان، لكن كون أن الحرب جاءت في شهر الرحمات فهذا يعزز الإيمان بالقضاء والقدر والتوكل على الله ويطمئن القلوب بأن نصر الله قريب.

حرب2014... وحالة الضحايا

وصف حلس حالة المصابين خلال العدوان الهمجي الذي لازال مستمراً على غزة بأنها صعبة للغاية، حيث أن الكثير من الحالات تعاني من نزيف شديد، ناهيك عن تركز الإصابات في البطن، وبتر للأطراف، وإصابات بالرأس، فهي حالات مميتة بالأغلب، ويتم التعامل معها في قسم الاستقبال والطوارئ ثم يتم تحويلها للعمليات كي تتلقى العلاج اللازم.

يقول حلس :"أغلب الحالات تصل إلينا أشلاء مقطعة، كما وتخلف إعاقات للمصابين، وصدمات نفسية لهم ولعائلاتهم".

الحرب.. حالة الطوارئ

وحول طبيعة الدوام خلال الحرب يقول حلس :" نعمل اليوم في حالة طوارئ  تبدأ من الساعة التاسعة صباحاً حتى التاسعة صبيحة اليوم التالي، أي ما يعادل 24 ساعة متواصلة".

أما الزوجة "أكسانا حلس"، فهي ممرضة تعمل في قسم الولادة الطبيعية، وحيث لا يمكن أن تتوقف النساء عن الميلاد استنفاراً للحرب، فهي لا يمكن لها ترك عملها لأجل احتضان أبناءها في أوقات الحرب العصيبة.

وحين يتعلق الأمر بحرب شرسة كهذه، يثور القلب ألماً ليقع بين خيارين كل منهما أقسى من الآخر، فالأبناء يتركون فترات طويلة في منطقة تعد من أكثر المناطق خطراً في غزة، فقلب الأب هو ذاته قلب الطبيب، وقلب الأم هو ذاته قلب ملاك الرحمة، وبين القلبين واجب إنساني ووطني وأخلاقي.

 

بنك أهداف إسرائيل!!

يقول حلس :"جل الحالات من المدنيين، الأطفال والنساء والشيوخ، فغطرسة الاحتلال لا تحترم لا عقيدة ولا دين، حيث أنهم يقصفون الأسر الآمنة في بيوتها أثناء تناول طعام الافطار في رمضان".

وبحسب المصادر الطبية، فإن حصيلة العدوان الهمجي على قطاع غزة بلغ  فيه عدد الشهداء (126) من بينهم (24) أطفال و(18) سيدات، وبلغ عدد المدنيين (91)، فيما (35) من القتلى يشتبه في انتمائهم لفصائل مقاومة معظمهم لا يعرف عنهم أي مشاركة في نشاطات عسكرية، وقتل الكثير منهم في هجمات على أهداف مدنية وليس أثناء مشاركتهم في أعمال قتالية، كما بلغ عدد الجرحى (780) جريحاً من بينهم (218) طفلاً و(180) سيدة، وبلغ عدد المنازل المدمرة بشكل كلي (176) منزلاً، و(172) كانت مستهدفة بشكل مباشر، وبلغ عدد المنازل المدمرة بشكل جزئي جسيم (635) منزلاً، بالإضافة إلى مئات المنازل التي لحقت بها أضرار طفيفة كما دمرت قوات الاحتلال (19) مدرسة، و(22) مساجد، ومستشفى ومركز إسعاف تدميراً جزئياً، بالإضافة إلى (13) مؤسسة أهلية، و(20) قارب صيد.