غزة - في الوقت الذي تغيب فيه بشكل شبه كامل نشاطات الأحزاب والحركات والمؤسسات في إقامة المخيمات الصيفية التي تواكب الإجازات المدرسية والجامعية، تظهر قوة نشاط حركة حماس في هذا الجانب الحيوي لديمومة الحركة التي تعتمد بشكل كبير على البرامج والنشاطات الاجتماعية والترفيهية للطلاب والفتية لضمان ولائهم لها.
وتستغل حركة حماس غياب المخيمات الصيفية لوكالة الغوث "الأنروا" هذا العام في حشد جميع الطلبة ودمجهم في مخيماتها التي باتت الوحيدة تقريباً المنتشرة في قطاع غزة في ظل تعذر قيام حركة فتح المنافسة من إقامة المخيمات بسبب الوضع السياسي السائد منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة بالقوة العسكرية قبل سبعة أعوام وما واكبها من منع "فتح" إقامة الأنشطة والفعاليات وعلى رأسها المخيمات الصيفية كما يقول القيادي في الحركة محمد جودة النحال لـ"الأيام".
ولم يقتصر غياب فعاليات المخيمات الصيفية على حركة فتح و"الأونروا" فحسب، بل فشلت قوى وأحزاب أخرى، أيضاً، في إقامة المخيمات هذا العام بسبب غياب التمويل رغم وجود خطة لإقامة المخيمات في مناطق متفرقة في القطاع كما يقول أحد ناشطي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لـ"الايام".
وعبر الناشط عن حزنه وامتعاضه لعدم تمكن تنظيمه من إقامة المخيمات الصيفية وبالتالي ترك المجال لأحزاب أخرى بالتفرد والاستفادة من مزايا إقامة مثل هذه المخيمات لفئة الأطفال والفتية.
غياب مخيمات "الأونروا"
وعزا المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" عدنان أبو حسنة خلال حديث مع "الأيام" غياب المخيمات الصيفية هذا العام التي اعتادت "الأونروا" تنظيمها كل عام إلى عدم وجود التمويل اللازم.
وكان مئات آلاف الطلبة حتى الصف التاسع ينضمون لمخيمات "الأونروا" التي كانت تشتمل على أنشطة مميزة وتستهدف طلبة المدارس في كل أنحاء القطاع.
وغاب دور المؤسسات المحلية والدولية الأخرى في تنظيم المخيمات المميزة بسبب انحسار الدعم والتمويل لمثل هذه البرامج كما يقول محمد سالم مدير مؤسسة الوفاق والتي دأبت على تنظيم المزيد من المخيمات بتمويل خارجي في العطلة الصيفية.
وتحتم طبيعة قطاع غزة وانعدام وسائل الترفيه والتسلية للطلاب، بالإضافة إلى الفقر على سكان القطاع تسجيل أبنائهم ضمن المخيمات المتاحة للتخفيف عنهم والتخلص من الأزمات التي يتسببون بها مع وجودهم المستمر في المنازل والشوارع والأماكن غير اللائقة.
الخيارات معدومة
وأجبرت هذه الحالة الغالبية العظمى من المواطنين بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية والتنظيمية إلى تنسيب أبنائهم إلى مخيمات "مشاعل التحرير" التي أطلقتها حركة حماس مطلع الأسبوع الجاري وأعلنت عن انطلاقها بشكل رسمي خلال مؤتمر صحافي عقده القيادي البارز فيها الدكتور خليل الحية أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمدينة غزة، أول من أمس.
ولاحظت "الأيام" وجود أعداد كبيرة من أطفال أبناء حركة فتح وتنظيمات أخرى في هذه المخيمات يمارسون أنشطتهم بجانب نظرائهم من حركة حماس وغيرهم.
ويقول النحال إن الواقع الحالي يجبر ويحجم هامش المناورة أمام المواطنين لإشراك أبنائهم في المخيمات، ما يدفعهم إلى تنسيب أبنائهم في المخيمات المتاحة والتي هي بغالبيتها تتبع لحركة حماس.
وفسر النحال غياب دور "فتح" من إقامة المخيمات الصيفية إلى الظرف السياسي والأمني التي تواجهه بسبب سيطرة حماس على غزة وعدم امتلاك الحركة الأرض المتاحة والبيئة الأمنية اللازمة لممارسة حقها في إقامة المخيمات.
وفي المقابل تقام أنشطة مخيمات "مشاعل التحرير" الحمساوية في المدارس والأندية والمساجد وأماكن مفتوحة أخرى وتشتمل على نشاطات تعليمية وتعبوية ورياضية وغيرها.
الأزمة المالية لم تمنع إقامة المخيمات
ولم تمنع الأزمة المالية المعلنة التي تعاني منها حركة حماس من إقامتها لمئات المخيمات الصيفية بقوة هذا العام وعلى مستوى جميع محافظات القطاع رغم التكلفة المادية العالية.
وأشار مسؤول ملف المخيمات الصيفية في حماس موسى السماك إلى أن حركته تولي اهتماماً كبيراً بالأجيال الشابة منذ انطلاقتها، لإيمانها أن الشباب هم روح الأمة وعمادها، ودأبت على إقامة المخيمات الصيفية وبشكل منتظم على مدار السنوات الماضية.
ويرى النحال أن عدم إقامة حركة فتح للمخيمات ينعكس سلباً على قوة الحركة الجماهيرية نظراً للدور المهم الذي تلعبه المخيمات في استقطاب الأجيال والفتية لصفوف الأحزاب.
ويأمل النحال في ان تساهم المصالحة في إعادة المجد لهذه المخيمات خلال السنوات القادمة أسوة بما تفعله حركة حماس في قطاع غزة.
وحتى حركة الجهاد الإسلامي والتي اعتادت تنظيم المخيمات في بعض السنوات فلم تقرر حتى اللحظة إقامة المخيمات الصيفية من عدمها كما يقول أحد مسؤوليها لـ"الأيام".
ويرفض طارق عليان أن يكون تنظيم المخيمات الصيفية من اختصاص الفصائل والأحزاب لضمان عدم تأثر الطلاب والأطفال بواقعها السياسي.
وشدد على ضرورة أخذ وزارة التربية والتعليم أو استحداث هيئة وطنية للمخيمات حتى تعطي نتائج ومخرجات أفضل وتنعكس ايجاباً على واقع وحياة الأطفال.
إخراج المخيمات من صلاحية الفصائل
وقال عليان لـ"الأيام" إن الطلاب يحتاجون فعلاً إلى أوقات مناسبة من الترفيه والترويح عن النفس في ظل حالة الكبت وانعدام المرافق الطبيعية والترفيهية.
ويوضح السماك أن حركته شرعت في إقامة المخيمات لاستيعاب 120 ألف طالب وطالبة في مخيماتها الصيفية التي دأبت على تنفيذها في كل عام في مختلف المحافظات.
وتستمر مخيمات مشاعل التحرير لشهر حيث تستهدف الطلاب من الصف الخامس الابتدائي وحتى طلاب الجامعات لسن 21 عاماً.
ويستلم كل مشارك في المخيمات بلوزة وطاقية، بالإضافة إلى حصوله على وجبات غذائية ورحلة بحرية في نهاية دورة المخيم.
أما الناشط مؤمن قريقع فيرى وجود فوائد كثيرة للأطفال من وراء هذه المخيمات ولكن يجب أن يتطور هذا الفكر بما يضمن تطوير واستفادة الأطفال بشكل حقيقي.
الطفولة تعاني من الاستقطاب
ودعا قريقع خلال حديث مع "الايام" إلى عدم استغلال الأطفال المنتسبين لهذه المخيمات في جانب الاستقطاب السياسي والتركيز بدلاً من ذلك على تطويره تعليمياً ورياضياً.
وقال قريقع إن الأطفال بغزة يحتاجون إلى العمل بجدية وبراءة لتخفيف حدة الاحتقان التي يتعرضون لها بسبب الواقع السياسي والاقتصادي الصعب.


