نابلس / عزيزة ظاهر / لها أحجام مختلفة وتصميمات جميلة وجذابة، وألوان مختلفة وزاهية، وقواريرها من فضة وأخرى مذهبة، لها أكثر من طعم ورائحة، الكرز، التفاح، الفراولة والعنب، وجودها مشجع لجمعة النساء بقربها، لها أكثر من اسم، المعسل، الارجيلة والشيشة.
و لا تحلوا جلسة النساء النابلسيات حتى كبيرات السن إلا بصحبة "الارجيلة" التي تعد موروثا شعبيا بالنسبة لهن، ويعد هذا الموروث أنيس ورفيق جلسات النساء حتى ما قبل عقد من الزمان وربما أكثر، إذ لم يكن يخلو مجلسا نسائيا منه سواء كان مجلس فرح أو حزن أو جلسة ترفيهية.
هناك وفي حارات نابلس العتيقة وتحديدا في حارة الياسمينة وأثناء صعودي على درج منزلها كنت أشم رائحة المعسل الممزوجة برائحة فنجان القهوة الذي كان ينتظرني، تسكن الحاجة "الثمانينية" أم رائد والتي بدأ مشوارها مع الأرجيلة منذ كان عمرها 20 سنة، ستون عاما بصحبة الارجيلة كفيلة أن تجعلها رفيقة جلساتها وسببا مهما في ترويق وتحسين مزاجها. تقول : "شرب الارجيلة عند النابلسيات ليس له علاقة بفئة عمرية أو اجتماعية أو درجة علمية، بل حتى الشخصيات النسائية المهمة في البلد يشربن الارجيلة عندما يجتمعن، وهناك الكثيرات تركنها بعد أن تقدم بهم العمر، ولكن البعض مازلن متمسكات بشربها مثلي، بل لا يمكنهن الاستغناء عنها لدرجة ضرورة حضورها في الكثير المجالس النسائية".
تضيف : "كنت اشرب الارجيلة مع والدتي وجدتي والجارات وبعد أن تزوجت صرت مدمنة عليها أكثر من السابق رغم أن زوجي رحمه الله لم يكن مدخنا ولا مؤرجلا، لكنه لم يمنعني من ذلك". وتتابع الحاجة أم رائد "أيام الصبا كنت أجهز ارجيلتي بنفسي وأنظفها واعتني بها جيدا، واليوم وبعد أن كبرت أصبحت كنتي هي التي تجهزها لي وتشاركني شربها ، ونتبادل الحديث معا".
وتضيف : "بالسابق كنت اشرب الارجيلة بالساعات ، ليلا أو نهارا لا يهم، أما الآن وبعد أن تقدم بي العمر خاصة أنني أعاني من ضيقة نفس أحيانا، صرت اشربها أي الارجيلة من ساعة إلى ساعتين وخاصة عندما يجتمعن كنتي وحفيداتي وأحيانا بناتي فلا بد من نفس ارجيلة على شرف رائحة فنجان القهوة ، وتختلف أم رائد مع حفيداتها في أن طعم المعسل بنكهاته المختلفة ألذ من "التمباك" ووصفته أي "التمباك" انه "ألذ واخف وطبيعي وبعبي الرأس اكتر".
وترى أم رائد أن قعدة الارجيلة تكون أجمل ما تكون على بلكونة المنزل لا سيما بليالي الصيف، بصحبة العائلة والجارات وخاصة عندما تتعالى الضحكات تعبيرا عن الانبساط وحسن المزاج.
"ارجيلة الريق ما بتنهدى لصديق"
أم هادي الكنة الأكبر عمرا للحاجة أم رائد بينت لنا أنها بدأت تشرب الارجيلة بعد أن تزوجت، وأخذت تشارك حماتها والجارات جلساتهن الصباحية وخاصة في الاستقبالات النابلسية، وترى أم هادي " أن الارجيلة تجمع النساء من كل الفئات العمرية، سواء الكبيرات في السن والمتزوجات والفتيات في مكان واحد حيث يجدن في شربها متعة أثناء تبادل الأحاديث، حتى ان بعضهن لا يمكنهم البدء بأعمال المنزل قبل شرب نفس ارجيلة على الريق ، وارجيلة الصباح ضرورة مهمة برفقة فنجان القهوة لتحسين المزاج، وعلى رأي المثل " ارجيلة الريق .. ما بتنهدى لصديق "وبينت أم هادي ": ان الارجيلة وسيلة مهمة لفش الغل والقلب، ونسيان بعض الهموم والمشاكل، وأيضا للتعبير عن الفرح في الأعراس وأعياد الميلاد والمباركات والاستقبالبلات." ويعتبر عيبا اجتماعيا بحق احدهم إذا قمنا بزيارته، ولم يقدم لنا الارجيلة كضيافة رئيسية.


