غزة / سما / تمكن نجّار من سكان مدينة غزة من صناعة منشار الدوران أو ما يعرف محليًا بـ”منشار الحبل”، من قطع الخشب، بشكل يؤدي إلى حد كبير وظائف المنشار الحديدي المتداول بين النجارين في القطاع الساحلي الذي يشكو سكانه من الحصار الإسرائيلي.
واستلهم المواطن محمد كُلاّب، في الأربعينات من العمر، فكرة صناعة المنشار الخشبي من الخارج، حينما كان يبحث عبر شبكة الانترنت عن تفاصيل ومعلومات عن منشار الحديد قبل شراءه من أحد المحلات في غزة.
ويقول كلاب لصحيفة الاقتصادية: “الفكرة جاءتني بعد أن ذهبت إلى أحد محلات بيع معدات النجارة في غزة لشراء منشار الدوران (الحديدي)، لأتفاجأ بارتفاع ثمنه، والذييفوق قدراتي المادية بشكل كبير”.
ويضيف: “في أحد الأيام، كنتُ أبحث عبر الانترنت عن معلومات تفصيلية عن هذا المنشار وأجزاءه وأسعاره في دول الخارج، وكانت المفاجأة، حيث عثرتُ على صور من الانترنت لهذا المنشار مصنوع بشكل كامل من الخشب، وهو مشابه تمامًا للمنشار المصنّع من الحديد”.
وتابع كلاب، المعيل لأسرة مكونة من أحد عشر فردًا: “من هنا استحسنت الموضوع وشغل حيزًا من تفكيري، وبدأت على تطبيق صناعة منشار خشبي متسوحاة فكرته من الصور التي عثرت عليها عبر الانترنت، واستغرق العمل على تجهيزه أيام عدة، ونجحت في ذلك”.
ويفتخر كلاب، الذي يعمل في مهنة النجارة منذ خمسةٍ وعشرين عامًا في منجرة ضيقة مصقوفة بألواح الزينكو في بيته المتواضع غرب مدينة غزة، بصناعته التي وصفها بالسيطة لكنها أغنته بشكل مؤقت عن اقتناء المنشار الحديدي ذو الثمن المرتفع قياسًا بامكاناته المادية.
ولا يعتقد أن أحدا من سكان قطاع غزة سبقه لهذا النجاح، مشيرًا إلى أن صناعة هذا المنشار لاقت استحسان زملاءه النجارين ومنهم من أبدى استغرابه الشديد للفكرة غير المعهودة بينهم.
ويقول كلاب وقد غطي جزءًا من شعر رأسه نجارة الخشب، إنه يمكن تجهيز المنشار الخشبي بتكلفة تقل نحو أربعة أضعاف نظيره من الحديد المستورد من الخارج، كما أنه يعمل بالمواصفات ذاته تمامًا، لكنه ينوه في الوقت نفسه بأنه ليس بديلًا عن الأخير.
ومن شأن اقتناء المنشار الخشبي كما يقول كلاّب، أن يساعد النجارين المبتدئين على افتتاح منشأة بإمكانات بسيطة تمكنهم من التوسع فيما بعد.
ويقول إنه يمكن تجهيزه بتكلفة مادية تقدر بنحو 1000 شيكل تقريبا مقارنة بتكلفة الاجنبي والذي يقدر ما بين 5000 و10000 آلاف حسب نوعيته وجودته.
ويتمنى أن يجد هذا الابتكار اهتمامًا من الجهات الرسمية وغير الرسمية وخصوصا الداعمة لفكرة المشاريع الصغيرة خصوصًا أصحاب مهنة النجارة، على طريق التخفيف من حدة البطالة التي تعصف بقطاع غزة جراء الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ سبع سنوات.
ومنذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة صيف عام 2007، تمتنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن تزويد سكان قطاع غزة بكل ما يحتاجونه من معدات ومواد أولية، ما فاقم من حدة البطالة بين المواطنين.
وكانت توفر الأنفاق الأرضية بين قطاع غزة ومصر جزءًا كبيرًا من احتياجات السكان في غزة، قبل أن يتم إغلاقها بشكل كامل من قبل الجيش المصري عقب عزل الرئيس محمد مرسي، الأمر الذي رفع نسبة البطالة في القطاع الساحلي إلى نحو 40% مع نهاية 2013 كما صرح بذلك وزير الاقتصاد في غزة الدكتور علاء الرفاتي لإحدى الصحف المحلية.
ويشير كلاب في سياق متصل، إلى أنه تم تمكن أيضا من صناعة آلة البورداخ “السنفرة” من الخشب بديلة عن الحديدية كذلك، مقدمًا نصيحته لذوي الامكانات المحدودة بأن لا يستسلموا للواقع الاقتصادي الصعب وبأن يباشروا بإمكانات ومعدات بسيطة تمكنهم من الوقوف على أقدامهم والتوسع فيما بعد في أعمالهم.


