في عبارة شهيرة للرئيس الأمريكى جون كيندى يقول فيها: على الإنسانية أن تضع حدا للحرب وإلا فإن الحرب ستضع حدا للإنسانية .لقد أثارت هذه العبارة لدى العديد من التساؤلات ، على مستوى كل الأطراف المباشرة ، وغير المباشرة ، وعلى طرفى الصراع الرئيسيين الفلسطينيين والإسرائيليين ، وعلى مستوى الإنسانية كلها .
فماذا ينتظر الفلسطينيون من الإستمرار في الصراع ، وفى الحرب كخيار فشل في حسم الصراع، هل ينتظروا حربا جديدة تدمر وتقتل المزيد من الألبرياء والمدنيين ، وتدمر ما تبقى من بنية تحتية للحياة ، الا يكفى الحروب التي إندلعت منذ نشؤ القضية الفلسطينية ، الا يكفى حرب 48 والتي كانت سببا في نشؤ القضية الفلسطينية وتشريد الفلسطينيين في مخيمات الذل والإهانة والقتل وآخرها مخيم اليرموك، وحرب 67، 73 وحروب لبنان ، وحروب غزة التي ما زالت مستمرة ؟؟ الا يكفى للفلسطينيين ما عانوه من معاناة على مدار اكثر من ستين عاما ، والا يكفى التشريد والتشتت ، والحصار ، والخوف الذي يعيش فيه آطفالهم، ألا يكفى الوقوف على منافذ وحواجز الذل والإنتظار أنت فلسطينى إذن أنت ممنوع من الدخول. لقد سألتنى فلسطينية من لاجئيى سوريا عام 1948 تقول لي هل تدلنى علي دولة تسمح أو تمنح تأشيرة دخول للجواز الفلسطينى ، وبكل مرارة غياب المواطنة المحروم منها الفلسطينى قلت لها لا يوجد، حتى التفكير في العودة لأرض الوطن يحتاج إلى موافقات كثيرة فلسطينية وغير فلسطينية .
ألا يكفى هذه الصورة من الإحساس بإهانة ألآدمية الإنسانية كلها مجسدة في هذه اللاجئة الفلسطينية. الا يكفى أن يعيش الفلسطينيون على المنح والهبات ، .لقد حان الوقت أن يعيش الشعب الفلسطينى بلا خوف، وبلا حروب، وأن يعيش في كنف دولة تمنحه لكرامة والآدمية ألإنسانية ، وأن يتحر من قيود الإحتلال . ون يفتخر انه مواطنا فلسطينيا ، ولا يخشى من تقديم جواز سفره في أى مطار من مطارات العالم. وعلى الجانب الإسرائيلى ماذا تنتظر إسرائيل هل ستبقى تعيش على القوة والتفكير في خيار الحرب. لا توجد دولة في العالم تعيش على الحرب والقوة ،وهل سألت إسرائيل نفسها هل حققت امنها بالحروب التي دفعت نفسها إليها ، وكم من المليارات التي خصصتها للحرب ، وتطوير قدراتها العسكرية ، ولتدرك إسرائيل إن بقائها وأمنها من بقاء وأمن الشعب الفلسطينى ، الا يكفى لإسرائيل أن تصبح دولة مقبولة عربيا ، ولها علاقات عادية مع كل الدول العربية ، وأقولها بصراحة وبوضوح أن إسرائيل لم تعد ملفوظة عربيا ، بل إن العديد من الدول العربية تقبل بوجود إسرائيل ، ئيل، وتعتبرف بها كدولة ، ولا تفكر في الحرب معها على الإطلاق.
ألا يكفى ذلك لنبذ الحرب، وعلى إسرائيل أن تدرك أن هذه هى لحظات صنع السلام في المنطقة وإذا لم تتخلي عن خيارات الحرب والقوة فستبقى تدور في حلقة مفرغة من العنف القاتل. وماذا تنتظر الولايات المتحدة ، هل تنتظر مزيدا من الكراهية والحقد لوجوده ولمصالحها في المنطقة ؟ أليست معنية بالسلام والإستقرارفى المنطقة ؟الم يقل الرئيس أوباما انه سيعمل على نبذ الحرب؟اليست تريد مصلحة إسرائيل؟ اليست معنية بامن وبقاء إسرائيل؟ ولكن هلى البقاء وهذه المصلحة تأتى عبر الحرب؟الا يتحمل المواطن الأمريكى عبئا كبيرا من المساعدات التي تقدمها لإسرائيل؟ وماذا ينتظر العرب، هل تبقى المنطقة العربية منهكة القوى ، ومستهدفة في مواردها ، وهل كتب عليها ان تبقى تابعة لغيرها ، وهل تدرك إن دولا كثيرة أقل منها في الموارد مثل نيجيريا وأثيوبيا وأفغانستان بدأت تحقق معدلات نمو متصاعدة ، لا يكفى إن تقول الدول العربية لدينا مبادرة سلام وتسكت، عليها إن تمارس كل قوتها ايضا من أجل صنع السلام .
وماذا تنتظر اوروبا التي ترتبط مصالحها بدول المنطقة ، وهى من تتحمل مسؤولية أخلاقية كبيرة في نشؤ القضية الفلسطينية ، هل تكتفى بدور المانح للمساعدات تكفيرا عن مسؤوليتها ؟ وهل تكتفى أن يكون له دورا تابعا للولايات المتحدة ؟ تقع عليها مسؤولية كبيرة في وقف خيار الحرب ، وممارسة دورها في الضغط على الإسرائيليين لأنهم يملكون القوة لوقف الحرب والقوة وإنهاء الإحتلال ، وإعطاء الفلسطينيين حقهم في قيام دولتهم المستقلة ، والمساهمة عندها في بناء دولة ديموقراطية تسعى للتنمية والتقدم، وتعويض شعبها الحرمان.
إنها مسؤولية الجميع في صنع السلام ، وإذا كان الطرفان الفلسطينيى والإسرائيلى غير قادرين على وضع نهاية لأطول صراع دموى في العالم ، فعلى هذه الدول كلها مسؤولية مشتركة لفرض رؤية متوازنه للسلام تحقق العدل والتكافؤ في الحقوق ،وإلا فإن أى حرب قادمة لن ينجو منها أحد ، وكما قال جون كيندى ستضع نهاية للإنسانية كلها .وبقى أن يسأل الجميع نفسه كم من المليارات أنفقت في الحروب العربية الإسرائيلية ، وبسبب إستمرار الصراع ، ولو إن هذه الميارات كرست في بناء السلام بمنى المشاريع التنموية ، ومحاربة الفقر، وبناء مشاريع مشتركة ، لأنتفت كثيرا من مبررات الصراع ولوجدت كثيرا من القضاي طريقها للحل ، ولتحولت القدس عاصمة للسلام ، وحوار الأديان ولأنتفت الذرائع ألأمنية ،ولما عاد للحدود من دور في ظل التكامل في المشاريع، لا يمكل الفلسطينيون والإسرائيليون إلا خيارا واحدا وهو خيار البقاء والبحث عن صيغة مشتركة على أرض السلام.


