غزة / سما / نفى عضو المكتب السياسي لحركة حماس الدكتور محمود الزهار، أن يكون لاتفاق جنيف، وتطورات المشهد السياسي في المنطقة، أي علاقة بإعادة العلاقات مع طهران، مؤكدًا على ضرورة أن تلعب إيران دورًا إقليميًا في المنطقة.
وقال الزهار في مقابلةٍ مع وكالة أنباء فارس الإيرانية :"إن العلاقات بين حركة حماس وإيران لم تنقطع، وإنما خفت في الآونة الأخيرة حدة الاتصالات؛ لاسيما نهاية عهد الرئيس أحمدي نجاد، وبداية عهد الرئيس حسن روحاني".
وأوضح أن "هذه الفترة يجري فيها تعطيل لكثير من البرامج التي تحتاج لرؤية إستراتيجية، بالإضافة لانشغال الرئاسة الجديدة بالشؤون الداخلية من تشكيل الحكومة، وإعداد البرامج والسياسات".
وشدد الزهار على أن "إيران تفهم موقف حماس تاريخيًا"، في معرض إجابته على سؤال: هل إعادة العلاقات مع طهران تؤثر على سياسة الحركة في علاقتها مع دمشق؟.
وبيّن أن موقفهم قائمٌ على عدم حرف بوصلة جهاد الشعب الفلسطيني، لافتًا إلى أن حركة حماس في مواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي على كافة المستويات، وفي كل الأوقات.
وجدد الزهار التأكيد على أن حماس لم تتدخل عسكريًا في سوريا، كما لم تفعل من قبل في أزمات أخرى، عدد منها الحرب الأهلية التي اندلعت في لبنان عام 1975، ووصفها قائلًا:" لا لون، ولا شكل، ولا رائحة لها".
وعن موقفه من اتفاق جنيف الذي تم التوصل له مؤخرًا بين طهران ودول مجموعة 5+1، قال الزهار:" الاتفاق أراح الجميع، باستثناء بعض دول الخليج و"إسرائيل"".
وشدد على أن "إيران دولةٌ قوية وتستطيع لعب دور إقليمي في المنطقة، إضافةً لدورها في الخليج"، مؤكدًا في السياق أن "إسرائيل" لا تستطيع شن حرب على الجمهورية الإسلامية لسببين، أولهما: أن ذلك يتطلب موافقة واشنطن المأزومة اقتصاديًا، والثاني: أن طهران تستطيع إيلام الكيان في كل مكان.
هذا وأعرب عضو المكتب السياسي لحركة حماس عن استعداده لزيارة القاهرة، وأي عاصمة أخرى، بهدف تحسين معيشة الشعب الفلسطيني، ورفع الحصار المطبق على غزة بدون ثمن.
وفي سؤاله عن المفاوضات، وحديث وزير الخارجية الأميركي جون كيري، خلال زيارته الأخيرة لرام الله والقدس المحتلة عن تقدُّم ما فيها، قال الزهار:" أي نتائج لن تلبي الحد الأدنى، وستمس بحقوق وثوابت الشعب الفلسطيني مسًا جوهريًا".
ونبّه إلى أن التفاصيل التي يتم تداولها إعلاميًا عن المفاوضات، يريدون من خلالها إلهاء المواطن الفلسطيني بها حتى يصرفوه عن النتائج الكارثية التي تمس جوهر الثوابت الفلسطينية.
كما نبّه الزهار إلى الأزمات التي تتصاعد في غزة يومًا بعد الآخر، تأتي ضمن سياسة هدفها تطويع القطاع لينضم إلى الضفة، حتى يصبح اتفاق التسوية شاملًا.
ووصف عضو المكتب السياسي لحركة حماس، تناغم موقف الاتحاد الأوروبي مع الإدارة الأميركية فيما يتعلق بالمفاوضات، بأنه أسير لسياسة واشنطن وينافقها، مرجعًا ذلك لأسباب مالية. وقال بهذا الصدد:" الأوروبيون يدركون أنهم منافقون، والنفاق في السياسة الغربية مسموح بها، لأن الحكم الأخلاقي عندهم لا يستند للمبادئ، وإنما للمصالح".
واستذكر الزهار في حديثه الانتفاضة الأولى، وكيف تم إجهاضها والالتفاف عليها، بعد أن آتت ثمارًا كبيرًا، بمفاوضات مدريد عام 1991، واتفاقية أوسلو عام 1993 بعد إفراغ الأراضي المحتلة عام 1967 من كل القيادات الإسلامية (الجهاد وحماس) بعملية الإبعاد لمرج الزهور.
وأوضح أن أوسلو فرضت واقعًا جديدًا أنهى الانتفاضة، منوهًا إلى أن نتاج الاتفاق، وهي السلطة الفلسطينية تحولت إلى أداة قمع للانتفاضة.
ورأى الزهار أن انتفاضة الحجارة عام 1987، سبقها بستة أعوام نموذج يحاكي نمطها على يد الجمعية الطبية الفلسطينية، التي كان يرأسها شخصيًا، ونائبه فيها الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي.
وبحسبه فإن "تلك الانتفاضة التي اندلعت بداية العام 1981 استمرت مدة ثلاثة أسابيع، وتخللها إغلاق للمحال التجارية، والصيدليات، والمستشفيات، وشهدت مواجهات كالتي حدثت في انتفاضة 1987، وبخاصة في محافظة رفح جنوب قطاع غزة".
وفي تقييمه لتوجهات الزعيم الجنوب إفريقي الراحل نيلسون مانديلا في مكافحة الاستعمار، قارن الزهار بين العوامل والظروف التي توفرت لهذا المناضل، وللثوار في فلسطين.
وقال:" صحيح أن احتلال البيض لجنوب إفريقيا من نمط احتلال اليهود لفلسطين، لكن الاحتلال في الأولى لم يطرد الشعب وإنما عامله بعنصرية، أما الاحتلال في فلسطين فطرد أكثر من 70% من أهلها، واغتصب حقوقهم، ونهب بيوتهم، ومن تبقى منهم في أرضه مارس ضده سياسة التمييز العنصري، التي كانت في جنوب إفريقيا، وفاقت في حدتها ما كان يحدث هناك".
ولفت الزهار إلى أن "مانديلا لجأ للكفاح المسلح بهدف تحسين شروط المواطنة والمعيشة لشعبه، لكن في القضية الفلسطينية الهدف استرداد وطن، وبالتالي لما اعتمد الرجل السلمية احترمه الناس، أما نحن عندما اعتمدنا هذا الخيار خسرنا كثيرًا، وضاعت قضيتنا، في حين عندما لجأنا للسلاح في انتفاضة عام 2000 وقبلها احترم العالم من يحملونه كون أداتهم تتناسب مع حجم التحديات".
ونوه إلى أن "المقاومة الشعبية في الضفة الغربية لم تُحرر شبرًا واحدًا، لكن الانتفاضة المسلحة كانت سببًا في طرد الاحتلال من قطاع غزة عام 2005".
وأرجع الزهار تقديم البلدان الغربية و"إسرائيل" التعازي بوفاة مانديلا، فيما قضى عمره في مكافحة ممارساتهم الاستكبارية، ذلك إلى أنه "يأخذ طابع المصلحة"، مضيفًا:" هذا زعيم بنى مجدًا، يحاول البعض التمسح به".
وتعقيبًا على مبادرة إنهاء الانقسام التي طرحتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على لسان عضو مكتبها السياسي المستقيل جميل مجدلاوي، مطلع الأسبوع الجاري في مهرجان الانطلاقة السادسة والأربعين التي نظمت في مدينة غزة، قال الزهار:" هذه فصائل موقفها معروف، وهي ممولة من فتح ومنظمة التحرير (الفلسطينية)".
وأشار إلى أن تلك الفصائل "اكتشفت مؤخرًا بأن حركة فتح تقودها إلى خراب، فبدأت بالابتعاد عنها، وبدلًا من أن يقولوا كلمة الحقيقة واضحة يحملوننا المسؤولية مع حركة فتح"، على حد قوله.
وتابع الزهار:" هذه حركات وجبهات تعاني من أزمات في الموقف السياسي الذي ينكشف أمام الجمهور"، مؤكدًا في ذات الوقت أنهم "سيأخذون الجزء الذي يمكن أن يُسهم في خدمة المواطن الفلسطيني من تلك المبادرة، ونساعد على تنفيذه، ليس من باب أزمة في حركة حماس".


