رام الله / سما / نشرت صحيفة "ذي تايمز" البريطانية اليوم الاثنين تقريراً من مراسلتها في القدس كاثرين فيلب عن إعداد السلطة الفلسطينية خططاً يبدو انها صارت جاهزة لتأمين التحاق فلسطين بعضوية وكالات فردية للامم المتحدة في حال فشلت المحادثات المتعثرة بين الفلسطينيين واسرائيل برعاية الولايات المتحدة. وهنا نص التقرير:
"تعد السلطة الفلسطينية للحصول على العضوية في وكالات فردية للامم المتحدة اذا فشلت محادثات السلام مع اسرائيل - وهو ما ينذر باثارة ازمة في علاقة اميركا مع المنظمة العالمية.
وقالت الشخصية البارزة في منظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي ان العمل التمهيدي قد أُنجِز للانضمام لحوالي 16 وكالة متخصصة في نيسان (ابريل) المقبل اذا انتهت المفاوضات مع اسرائيل من دون نتيجة. واضافت: "نحن جاهزون. كل شيء حيث يجب ان يكون وسيجري اطلاق عجلة الحركة".
وسيتسبب قبول فلسطين عضواً في اي من الوكالات بحظر تلقائي من الكونغرس على التمويل الاميركي للمنظمة، ويرغم واشنطن على الاختيار بين فقدان القيادة ضمن المنظمة العالمية ودعمها الثابت لاسرائيل هناك.
وفقدت الولايات المتحدة واسرائيل حقوق التصويت في منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) الشهر الماضي، وذلك بعد سنتين على قطعهما التمويل احتجاجا على قبولها فلسطين عضواً. وكانت الجمعية العامة (للامم المتحدة) قد رفعت مكانة فلسطين من "كيان" الى درجة "دولة مراقبة غير عضو" السنة الماضية، موسعةً بذلك امكانات العضوية في وكالات الامم المتحدة.
واعربت واشنطن عن الاسف لفقدانها حقوق التصويت في "يونيسكو"، ووصفت ذلك بانه ضربة للزعامة الاميركية في العالم.
غير ان الوكالات التي يختارها الفلسطينيون الآن لنيل العضوية فيها تشمل تلك التي يمكن ان يكون لها تأثير اكبر بكثير على المصالح الاميركية في الداخل والخارج، بما في ذلك المنظمة العالمية للملكية الفكرية التي تساعد في حماية براءات الاختراع في انحاء العالم، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي هيئة رقابة نووية عالمية.
ويأمر تشريع يعود الى 1990 و1994 بقطع تام للتمويل الاميركي عن اي وكالة من وكالات الامم المتحدة تقبل فلسطين عضواً كاملا فيها. وتجمد وكالات كثيرة، مثل "يونيسكو"، تلقائياً حقوق التصويت لاي عضو بعد فترة معينة من التخلف عن دفع المساهمات المالية.
وفتحت العضوية في مثل هذه الوكالات للفلسطينيين في 2011 عندما رقيت مكانتهم الى "دولة مراقبة غير عضو". وجاء التصويت الاولي بعد محاولة الفلسطينيين غير الناجحة لتأمين اعتراف مجلس الأمن بهم كدولة. وقد احبط سعيهم تهديد الاميركيين باستخدام الفيتو.
وجمدت الجهود نحو مزيد من الاعتراف من جانب الامم المتحدة كشرط لمحادثات السلام الحالية التي استؤنفت في تموز (يوليو) تحت رعاية وزير الخارجية الاميركي جون كيري.
وتعتبر اسرائيل التحركات الفلسطينية استفزازاً موجها للالتفاف على المفاوضات الثنائية لانهاء الصراع. غير ان هناك خوفاً خاصاً من امكانية التحاق الفلسطينيين بـ"نظام روما"، اي المعاهدة االتي انشئت بموجبها المحكمة الجنائية الدولية.
واسرائيل ليست دولة موقعة، ولكن عضوية فلسطين (في المحكمة) يمكن ان تسفر عن إحالة قضايا على لاهاي بشأن جرائم حرب اسرائيلية مزعومة في الاراضي التي هي تحت السيطرة الفلسطينية.
ولم تبرز تفاصيل عن المفاوضات الحالية، بسبب ستار من السرية فرضه الاميركيون. غير ان الاحباط من عدم تحقيق تقدم تفجر علناً، وتجلى باكثر الصور دراماتيكية عندما شكك كيري في اخلاص اسرائيل في المفاوضات وتساءل عما اذا كانت تريد اثارة انتفاضة جديدة.
وقال قيادي فلسطيني بارز الاسبوع الماضي ان الجانبين ما زالا متباعدين الى حد ان السبب الوحيد لعدم عودة الفلسطينيين بعد الى الامم المتحدة هو الخوف من ان يعرضوا للخطر اطلاق 52 اسيرا آخرين وعدت اسرائيل باطلاقهم خلال المحادثات.
ولن تعطي العضوية في وكالات فردية للامم المتحدة الفلسطينيين في ظل صفتهم الحالية التي هي "دولة مراقبة غير عضو" سوى امتيازات اضافية قليلة.
وقالت الدكتورة عشراوي ان الوكالات المستهدفة اختيرت للضغط على الولايات المتحدة (وكذلك اسرائيل)، لارغامها على الاختيار بين الدعم الشامل لاسرائيل في الامم المتحدة وبين مشاركتها في الوكالات الحاسمة الاهمية في النظام الدولي.
وقد حاولت ادارة اوباما تغيير القانون الذي يحظر التمويل الاميركي للوكالات التي تقبل عضوية فلسطين بعد التصويت في "يونيسكو" قبل سنتين لكنها فشلت في ذلك. ومع ظهور ازمة جديدة في الافق في نيسان (ابريل) المقبل، فانها تدفع مرة اخرى باتجاه تعديل القوانين بمادة تلغي حظر التمويل اذا "كان هذا يخدم المصلحة القومية للولايات المتحدة".


