خبر : الوكالة الأميركيّة للتنمية الدوليّة تقلّص مساعداتها لغزّة

الإثنين 25 نوفمبر 2013 01:31 م / بتوقيت القدس +2GMT
الوكالة الأميركيّة للتنمية الدوليّة تقلّص مساعداتها لغزّة



غزة اسماء الغولتزاحم عشرات المواطنين والمواطنات منذ ساعات الفجر الأولى من يوم 17 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري أمام جمعيّة "مركز الشباب الفلسطيني" في شارع الوحدة في مدينة غزّة، بهدف التسجيل للحصول على "كوبونات" (قسائم) مساعدات غذائيّة كما اعتادوا مرّة كلّ شهرَين ونصف الشهر. لكن هذه المرّة، ما من تسجيل وما من مساعدات!

بإختصار⎙ طباعة تزاحم عشرات المواطنين والمواطنات منذ ساعات الفجر الأولى من يوم 17 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري أمام جمعيّة "مركز الشباب الفلسطيني" في شارع الوحدة في مدينة غزّة، بهدف التسجيل للحصول على "كوبونات" (قسائم) مساعدات غذائيّة كما اعتادوا مرّة كلّ شهرَين ونصف الشهر. لكن هذه المرّة، ما من تسجيل وما من مساعدات! ويقول عضو مجلس إدارة الجمعيّة فايز زيارة لـ"المونيتور" إلى أن "المرّة الأخيرة التي...
بقلم أسماء الغولنشر نوفمبر 20, 2013
ويقول عضو مجلس إدارة الجمعيّة فايز زيارة لـ"المونيتور" إلى أن "المرّة الأخيرة التي حصلت فيها هذه العائلات على المساعدات هي في شهر آب/أغسطس الماضي.أفرادها لا يصدّقون أن المشروع انتهى، بل يعتقدون أننا نكذب ولا نريد استقبالهم"، لافتاً إلى أن ما يقارب 600 عائلة جاءت للتسجيل في خلال اليومَين الأخيرَين.

ويوضح أن هذه المساعدات كان يوفّرها برنامج مساعدة المجتمع الفلسطيني (PCAP) وهو مشروع للوكالة الأميركيّة للتنمية الدوليّة ساعد المزارعين وقطاعات واسعة من المجتمع، مضيفاً "لكن تقليص المشروع بدأ شيئاً فشيئاً لينتهي العمل به تماماً في أيلول/سبتمبر الماضي في وقت اشتدّ فيه الحصار وازداد الفقر".

عايدة المناصرة (45 عاماً) ومنى وهدان (48 عاماً) وهانا صافي (55 عاماً) مواطنات كنّ ينتظرن عند باب الجمعيّة.بصوت واحد يقلن لـ"المونيتور" إن "الجمعيّة أبلغتنا أن نأتي في منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، والآن يقولون لنا لا يوجد تسجيل. وضعنا الاقتصادي صعب جداً". وتروي كلّ واحدة منهن قصتها وما ينجم عن عدم وجود مصدر دخل وتأثير ذلك على حياة عائلاتهن المتدهورة.

ويعتبر برنامج مساعدة المجتمع الفلسطيني من أكبر مشاريع الوكالة الأميركيّة للتنمية الدوليّة في قطاع غزّة، وتبلغ قيمته مائة مليون دولار وقد امتدّ على ثلاثة أعوام منذ تشرين الأول/أكتوبر 2010 حتى أيلول/سبتمبر 2013. ومع انتهائه وصلت العقود مع المؤسّسات الدوليّة الشريكة في القطاع إلى نهايتها وتمّ تسريح عشرات الموظّفين، وتوقّفت المساعدات عن المئات من الجمعيات المحليّة وعن آلاف المستفيدين.

حاول "المونيتور" الاتصال بطاقم عمل الوكالة الأميركيّة للتنمية الدوليّة أكثر من مرّة هاتفياً، كذلك بعث برسائل عبر البريد الإلكتروني إلى أكثر من عنوان خاص بالوكالة للتأكد من المعلومات التي حصل عليها. لكن الأسئلة بقيت من دون أجوبة.

ويثير انتهاء البرنامج مخاوف المستفيدين من عدم تجديد العمل به، بخاصة بعد مرور ما يزيد عن الشهرَين على انتهاء العقود.

محمد شعث (28 عاماً) موظف سابق في البرنامج من خلال إحدى المؤسّسات الدوليّة الشريكة المنفّذة للمشروع. يقول لـ"المونيتور"، "كنت أعمل في طاقم تكنولوجيا المعلومات، وحالياً أنا عاطل عن العمل وأشعر بتدهور حقيقي"، مشيراً إلى ارتفاع تكاليف المعيشة بخاصة أنه مسؤول عن إعالة زوجته وابنته.

يشاركه المعاناة ذاتها زميله علي عاهد (27 عاماً) واصفاً نفسه بالـ"مفلس"، بخاصة أنه يسدّد قرضاً بعد أن اشترى شقّة كان ينوي الإقامة بها بعد زواجه. لكن مع انتهاء عقده، هو غير قادر على ذلك. ويشير لـ"المونيتور" إلى أن عشر موظفين آخرين انتهت عقودهم ولم تجدّد لانتهاء مهلة برنامج مساعدة المجتمع الفلسطيني مع المؤسّسة الدوليّة التي يعملون بها.

من جهته يقول مدير في إحدى هذه المؤسّسات الدولية الشريكة لـ"المونيتور" وقد فضّل عدم الكشف عن هويّته نظراً لحساسيّة الموقف، إن تكلفة برنامج مساعدة المجتمع الفلسطيني بلغت مائة مليون دولار. وهو ينفّذ من قبل ثماني مؤسّسات دوليّة على أقلّ تقدير. ومؤخراً، تقرّر تمديد العمل بأجزاء من البرنامج مع مؤسّستَين فقط، لبضعة شهور أخرى.

ويشير إلى أن "غياب البرنامج ملحوظ، بخاصة أنه شَغّل آلاف الخرّيجين ناهيك عن إغاثة آلاف الأسر وتفعيل جوانب التنمية والعمل مع عشرات المؤسّسات المحليّة ومئات الموظفين المحليين. وبناء على انتهاء العمل به، تم تسريح أكثر من 90% من الموظفين الذين عملوا في مشاريع تنمية وتعليم ودعم".

ويذكر المدير نفسه أنهم يتلقون يومياً عشرات المكالمات الهاتفيّة من الجمعيات والمستفيدين. فالجميع يسأل عن موعد تجديد العمل بالبرنامج، بخاصة الشباب من الخرّيجين. فقد شغّل المشروع أكثر من عشر آلاف خريج ضمن معايير من المصداقيّة والنزاهة على مدار ثلاثة أعوام. يضيف أن "حجم المساعدات التي يقدّمها هذا البرنامج حمى المؤسّسات من احتمال إغلاقها من قبل حكومة غزّة التي تقودها حركة حماس".

ويشير إلى أن طاقم الوكالة الأميركيّة للتنمية الدوليّة مقيم حالياً في رام الله وقد انتقل بعض أفراده من غزّة بسبب إشكالات مع الحكومة هناك، بخاصة بعد سيطرة "حماس" على القطاع في حزيران/يونيو 2007 وتضييقها على المؤسّسات التي تتلقى دعماً من قبل الوكالة وإغلاق إحداها لأيام عدّة، وهي المؤسّسة الطبيّة الدوليّة (IMC).

ويشدّد على أن "إبعاد الطاقم عن القطاع يضعف قدرته على فهم واقع غزّة بشكل أساسي، فتصبح المقاربة سطحيّة. كذلك يهدّد بتواري أكبر مموّل دولي للقطاع عبر التاريخ، لأن تقاريره عن غزّة واحتياجاتها تصبح غير مباشرة".

إلى ذلك، يشيد المدير نفسه في حديثه إلى "المونيتور" بشفافيّة التمويل الأميركي وتطبيقه لأعلى مستويات الرقابة في العالم. فالوكالة لا تقبل استخدام بضائع من الأنفاق لتشغيل مشاريعها ولا تتعامل مع حكومة غزّة. ويلفت إلى أنه "في الوقت نفسه، تسمح حكومة غزّة بوجود هذه المشاريع لأنها لا تريد أن تظهر بمظهر العداء تجاه المؤسّسات الدوليّة".

ويوضح أن "القرار في النهاية يعود إلى الوكالة الأميركيّة للتنمية الدوليّة في ما يتعلّق بتجديد العمل بالبرنامج، بصفتها ممولاً يمثّل الحكومة الأميركيّة. ولا أعتقد أنها ستغيب بشكل تام عن قطاع غزّة، لأنها لن تترك جهات أخرى تملأ هذا الفراغ مثل ماليزيا أو إيران".

من جهته يقول المدير في دائرة المنظمات غير الحكوميّة في وزارة الداخليّة في حكومة غزّة أيمن عايش، إنه وبعد انتخابات 2006 وما أسفرت عنه من فوز لحركة "حماس"، أقدمت الوكالة الأميركيّة للتنمية الدوليّة على تقليص خدماتها وتغيير طبيعتها بحيث راحت تخدم التوجّهات السياسيّة التي تدعمها الحكومة الأميركيّة، وقامت بتحويل الدعم المقدّم إلى الحكومة الفلسطينيّة ومنها قطاع التعليم إلى جهات أخرى غير حكوميّة.

يضيف عايش لـ"المونيتور" أنه "وبعد الأحداث العسكريّة في غزّة في العام 2007، أوقفت الوكالة العمل بالعديد من مشاريعها التي كانت تنفّذها في القطاع وخفّضتها إلى الحد الأدنى. وعليه أغلق عدد كبير من المؤسّسات الأميركيّة أو التي تتلقى دعماً أميركياً تحت ذريعة عدم دعم ما تسمّيه الإرهاب".

ويشير عايش إلى أن "العلاقة الآن ما بين دائرتنا في الحكومة والمؤسّسات الأجنبيّة والأميركيّة التي تتلقّى التمويل من الوكالة الأميركيّة للتنمية الدوليّة، ملتبسة ويشوبها الكثير من الشكّ. وقد لجأ العديد من هذه المؤسّسات إلى التسجيل في رام الله للحصول على ترخيص للعمل هرباً من التسجيل في غزّة، بحجّة عدم التعامل مع الإرهاب. كذلك ماطلت في تقديم التقارير الماليّة والإداريّة السنويّة الواجب تقديمها لنا".

ولم تغادر المواطنات عايدة وهانا ومنى من امام الجمعية لمحلية الا بعد ان تم تسجيل اسمائهن على امل تجديد واحد من اكبر المشاريع الحيوية في قطاع غزة.

the monitor