القاهرة وكالاتغيرت ثغرة "الدفرسوار "مسار الأحداث خلال حرب اكتوبر 1973 واعتبرها البعض البقعة السوداء فى معركة الكرامة كما أنها أظهرت خلاف بين القادة المصريين خلال الحرب خاصة بين الرئيس انور السادات والفريق سعد الدين الشاذلى رئيس الاركان المصرى خلال الحرب.
هذه الثغرة أدت الى تعقيد مسار الاحداث خلال حرب أكتوبر حيث تمكن تمكن الجيش الإسرائيلي من خلالها تطويق الجيش الثالث الميداني وكانت بين الجيشين الثاني والثالث الميداني امتدادا بالضفة الشرقية لقناة السويس.
وحدثت الثغرة كنتيجة مباشرة لأوامر الرئيس السادات بتطوير الهجوم شرقًا نحو المضائق، رغم تحذيرات القادة العسكريين - وخاصة الفريق سعد الدين الشاذلي - بأنه إذا خرجت القوات خارج مظلة الدفاع الجوي المصرية فستصبح هدفًا سهلاً للطيران الإسرائيلي. وبالفعل في صباح يوم 14 أكتوبر عام 1973م تم سحب الفرقتين الرابعة والواحدة والعشرين وتم دفعهما شرقًا نحو المضائق.
الجدير بالذكر أن الفرقتين الرابعة والواحدة والعشرين كانتا موكلاً إليهما تأمين مؤخرة الجيش المصري من ناحية الضفة الغربية لقناة السويس وصد الهجوم عنها إذا ما حدث اختراق للأنساق الأولى، وكانت هناك ثلاث ثغرات تتضمنهم خطة العبور المسماة بـ المآذن العالية، ومن بينها ثغرة الدفرسوار التي حدث عندها الاختراق. بعد فشل تطوير الهجوم رفض الرئيس السادات مطالب رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الفريق سعد الدين الشاذلي في إعادة الفرقتين إلى مواقعهما الرئيسية للقيام بمهام التأمين التي تدربوا عليها.
بعد ذلك اكتشفت طائرة استطلاع أمريكية - لم تستطع الدفاعات الجوية المصرية إسقاطها بسبب سرعتها التي بلغت ثلاث مرات سرعة الصوت وارتفاعها الشاهق - وجود ثغرة بين الجيش الثالث في السويس والجيش الثاني في الإسماعيلية، وتم الاختراق من قبل القوات الإسرائيلية عند الدفرسوار. عندما حدث ذلك طالب الفريق سعد الدين الشاذلي أن يتم سحب الفرقة الرابعة واللواء 25 المدرع من نطاق الجيش الثالث ودفعهما لتصفية الثغرة في بداياتها، ولكن الرئيس السادات عارض الفكرة بشدة.
ازداد تدفق القوات الإسرائيلية، وتطور الموقف سريعًا، إلى أن تم تطويق الجيش الثالث المصري بالكامل في السويس، ووصلت القوات الإسرائيلية إلى طريق السويس-القاهرة، ولكنها توقفت لصعوبة الوضع العسكري بالنسبة لها غرب القناة، خاصة بعد فشل الجنرال أرئيل شارون في الاستيلاء على مدينة الإسماعيلية وفشل الجيش الإسرائيلى في احتلال مدينة السويس، مما وضع القوات الإسرائيلية غرب القناة في مأزق صعب، وجعلها محاصرة بين الموانع الطبيعية والاستنزاف والقلق من الهجوم المصري المضاد الوشيك، ولم تستطع الولايات المتحدة تقديم الدعم الذي كانت تتصوره إسرائيل في الثغرة بسبب تهديدات السوفييت ورفضهم أن تقلب الولايات المتحدة نتائج الحرب.
ويقول اللواء نصر سالم رئس جهاز الاستطلاع الاسبق واحد القادة فى الحرب فى شهادته عن الثغرة لصدى " ثغرة الدفرسوار هى صناعة أمريكية، وهذا الكلام من مذكرات آل عازر، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، فعندما عبرت قواتنا خط برليف في 6 ساعات، بعد أن قال العالم بإكمله إننا نحتاج 50 سنة من التقدم العلمي لعبوره، ارتبكت القيادة الإسرائيلية، وطلبت نصيحة البنتاجون، فأرسلت أمريكا لهم جنرالا أمريكيا وصل إلى مطار "بنجوريون" يوم 8 أكتوبر وأحضر معه تقاير أمريكية، ونصحهم بالحصول على أي مساحة غرب القناة.
وتابع سالم قائلا " الرئيس السادات هو المسئول عن هذا الخطأ ولكن دون قصد، فالخطأ الاستراتيجي الذي وقع السادات أنه أراد أن يخفف العبء عن الجيش السوري في الشرق، فسحبنا قواتنا الموجودة غرب القناة، فأصبحت هذه المنطقة خالية من القوات، وبمساعدة أمريكا التي فتحت جسرا جويا وقتها لإمداد الجيش الإسرائيلي بالأسلحة، استطاعت القوات الإسرائيلية أن تخترق هذه المنطقة وتفصل بين الجيش الثاني والثالث، وقطعت الاتصال بين الجيشين بفضل الأسلحة المتطورة الأمريكية.
ولكن على الجانب الآخر، تداركت القوات المصرية الثغرة وقتها وبنت قوات حولها كانت قادرة على القضاء تماما على هذه الثغرة، ووصل وقتها وزير الخارجية الأمريكي وأبلغ السادات، بعلم الإدارة الأمريكية بقدرة القوات المصرية على تدمير هذه الثغرة، والقضاء على ما يقرب من ثلث الجيش الإسرائيلي، وأبلغه بأن أمريكا لن تقف صامتة لو حدث هذا وستتدخل بقوات أمريكية مباشرة، فأبلغه السادات بأنه لن يترك شبرا من سيناء حتى ولو كلفه هذا تدمير الجيش المصري بأكمله، فوعده وزير الخارجية الأمريكي بعودة سيناء بالمفاوضات مقابل وقف إطلاق النار، وبدأت وقتها مفاوضات السلام.