كلما جلست مع أصدقاء متزوجين أو مرتبطين بخطبة أو علاقة حب أسمع شكاوى مختلفة، وبالتأكيد عندما أكون في وضعهم لا أقصر بل أضيف إلى ما يقولونه بعض التذمر وكلمات عدم الرضا...وحال النساء لا يختلف كثيراً عن حال الرجال في هذه الناحية فالكل يشكو.
تكون الأحلام الوردية هي المسيطرة في بداية أي علاقة بين رجل وامرأة ، وتكون الأفكار الجميلة والابتسامة هي العابرة علينا مع كل تذكر للأخر الذي يبدو أنه الشريك المثالي، أيام أو أشهر قليلة بعد البداية تبدأ المشاكل تخرج من كل مكان فتارة من مسلسل تلفزيوني كرتوني ومرة بسبب شرب كأس ماء...كل شيء يتحول لمصدر مشاكل بما فيها تلك الأشياء التي كانت مصدر سعادة، هي حالة ما قبل الفراق سواء الفراق الحقيقي أو فراق القلوب وحسب مع بقاء العلاقة أمام الناس.
ويأخذ الاستعجال الكثيرين في هذه الحالة لحل المشاكل ومعالجتها وهم بالأصل لا يعالجون مشاكل بل يعالجون أقنعة لها، تماماً مثلما يقوم بعض الأطباء بمعالجة الأعراض في حين أن المرض يستمر منتشراً قاتلاً في داخل الجسد مسيطراً...ونهاية الأمرين واحدة؛ سقوط الجسم في حال الطبيب وسقوط الحب في حال العلاقة بين الرجل والمرأة.
فكرت بكل ما مررت فيه من تجارب وفشلت، فكرت بكل ما يقوله لي من أعرفهم أصدقاء وصديقات عن معاناتهم من العلاقة بالجنس الأخر.. فوجدت أن كل تلك المشاكل نابعة من شيء واحد يمكن وصفه بالسحري، هذا الشيء يختلف بالنسبة للرجل عنه للأنثى لكنه لو تحقق فإن كل المشاكل الأخرى يمكن التعامل معها بل إن توفره يجعل الطرفين حريصين على الحل، ولا أتحدث هنا عن مشاكل قادمة بسبب طبع سيء لأحد الأطراف، فليس هناك سحر ولا عقل يستطيع حل مشكلة رجل في دمه الخيانة أو امرأة بطبعها خلق النكد.
الشيء السحري بالنسبة للرجل مع امرأته هو أن لا يشعر بقيود تحيط به كإحاطة الأقزام لجيلفر في الأسطورة الشهيرة بمئات الحبال، فهناك من ينزعج من فرض اتصال هاتفي مثلاً في الساعة الفلانية وقد يقبل المرة الأولى والثانية ولكن في الثالثة سيتذمر، ومع أن الأمر يبدو عادياً لكن الرجل يكره القيود بكل أشكالها والمرأة الذكية هي من تقيد رجلها دون أن يشعر، فزيارة الخميس لأهلها تبدو جميلة بالنسبة لها لكنها بالنسبة لكل من قابلته مزعجة للغاية، ليس لشيء إلا أن الرجل يشعر بفقدانه حريته في هذا اليوم وهو مستعد للزيارة أسبوعيا لكن ليس بطريقة زيارة السجون هذه...وفي حال تم فرض هذه القيود فعلى المرأة توقع شخص شبه مجنون ويتصرف من دون أن يشعر وبطريقة غريبة، لأنه ببساطة غير مرتاح بسبب شعوره كالمسجون فيبدأ بالتذمر من كل شيء.
أما الشيء السحري بالنسبة للمرأة فهو الاهتمام، فلو شعرت بالاهتمام ولو لدقائق قليلة تكون مستعدة وبشكل يفوق التخيل أن تتحمل كل أعباء وصعوبات العالم من أجل هذا الرجل الذي تحبه ويهتم بها، فهي قد تحب من دون وجود الاهتمام لكنها بعد الحب تريد هذا الشيء السحري وأكاد أقول هي تريد "فقط الاهتمام"، لذلك هي تقدس عيد الزواج وتسعد عندما يسألها رجلها عن يومها وكيف كان، وتفرح في داخلها وإن طلبت من الرجل غير ذلك عندما تراه يخاف عليها لمرض ولو كان بسيطاً أو مجرد وخز ابرة...وعند تحقيق عنصر الاهتمام هذا فإن كل الأمور الأخرى بالنسبة لها تصبح قابلة للحل وقابلة للتحمل.
أعرف قصة شاب تلقى في ربع ساعة 20 مكالمة من دون أن يرد من فتاة ربطته بها علاقة حب، هو لم يجب عن الاتصال الأول ولم يجب عن رسالة فاعتبرت الفتاة الأمر قلة اهتمام نفكانت ردة فعلها قاضية على علاقتهما بهذا الرقم القياسي من الاتصالات في وقت قصير، هي ادعت أن الأمر ناجم عن خوفها عليه ولكن الحقيقة أنها شعرت بعدم الاهتمام ففقدت عقلها للحظات كما يفقد الرجل عقله بسبب القيود....فتاة أخرى عاملت رجلها عندما انشغل عليها بسبب ضغط العمل وسفره لفترة قصيرة بقصة كاذبة جداً، هي ادعت أن سائق تاكسي كاد يخطفها وألقت بنفسها خارج السيارة فواصل الاتصال بها حتى عاد للبيت وفهم أن الأمر كان مجرد كذبة وحتى اليوم لا يصدق شيئاً.
لا أقول أن هذا الشيء السحري يعني علاقة سعيدة وسماء صافية، بل أقول إن هذا الشيء لو وجد يسمح للعلاقة بأن تكون مشيدة بشكل يحميها من الاهتزاز بسبب أمور تافهة بل وبعض الأحيان تقف هذه العلاقة صخرة تتكسر عليها أمور خطيرة فعلاً، هو أساس قوي يجعل كل شيء أساساً قابلاً للبناء عليه.
ليهتم الرجال.. ولتؤمن المرأة بأن القيود لا تعني أنها تملك رجلها بل تخسره!