أغلب الظن أن خريطة الطريق التى تم إعلانها فى 3 يوليو الماضى تكتسب أرضا جديدة كل يوم، خصوصا فى المجال الخارجى.
الاتحاد الأفريقى وبعد أن علق مشاركة مصر فى أنشطته يستعد لرفع هذا التجميد أسابيع. الخليج قرر أن يلقى بثقله خلف الحكومة المصرية الجديدة.
زيارة محمد بن زايد ولى عهد الإمارات ذات مغزى كبير، خصوصا أن رئيس الوزراء د. حازم الببلاوى قال لـ«الشروق» إن نتائجها تحمل خيرا كثيرا لمصر. فى نفس يوم الزيارة كان وزراء الخارجية العرب يجتمعون فى القاهرة لبحث الأزمة السورية بعضهم مثل وزيرى الخارجية السعودى والبحرينى التقيا بكبار المسئولين المصريين وكررا دعمهما المطلق لمصر. وكما قال السفير بدر عبدالعاطى المتحدث الرسمى باسم الخارجية فإن مصر عادت لمكانتها الإقليمية والدولية.
الأمور تتحسن بعد أن كادت سياسة جماعة الإخوان الخارجية أن تفقدنا كل رصيدنا الدبلوماسى، فى آخر أيام محمد مرسى لم تكن لنا علاقات جيدة إلا مع تركيا وتونس وقطر تقريبا، ولولا الدور الوطنى لمؤسسة وزارة الخارجية لكانت الخسارة فادحة.
ومن الخارج إلى الداخل فقد صار واضحا أن قدرة تنظيم الإخوان على الحشد قد ضعفت بشكل ملحوظ كما يتضح من قلة عدد المشاركين فى المظاهرات بسبب عنف الضربة الأمنية، ثم وهذا هو الأهم دخول قطاعات واسعة من المواطنين فى التصدى للإخوان على الأرض.
الدليل العملى على تحسن الحالة الأمنية هو تقليص عدد ساعات حظر التجول وبدء عودة الحياة لطبيعتها فى قطاعات كثيرة. بعد كل هذه الصورة من الداخل والخارج.. هل يمكن القول إن كل شىء صار على ما يرام؟!.
الموضوعية تحتم علينا الإجابة بلا.. هناك مشاكل كثيرة يتحتم حلها،. هناك التربص الغربى الأمريكى والأوروبى، مرتبطا به الحملة على سوريا ومحاولة ضربها عسكريا، وهو الأمر الذى سيؤثر على مصر لا محالة.
هذا التربص لن يتوقف إلا بالوصول إلى صيغة للاستقرار فى الداخل، بمعنى أوضح الغرب برجماتى إذا شعر أن الحكومة الراهنة فرضت سيطرتها الأمنية، وتوصلت إلى حد أدنى من التوافق الشعبى فإنه سيكون مضطرا وقتها إلى رفع القبعة والتعامل مع الوضع القائم.
إذن كل الأمور تبدأ وتنتهى عند التوافق.
هل يعنى التوافق المصالحة مع الإخوان؟!.
ليس ذلك صحيحا بالضرورة، لكنه يعنى أن تستمر فى التصدى لكل صور العنف والخروج على القانون، والتعامل بحسم وحزم مع المحرضين والمهيجين وقاطعى الطرق، وفى نفس الوقت تقديم رسالة مقنعة لبقية الشعب أنك تسير على الطريق الصحيح. إذا واصل الأمن تعقب الخارجين على القانون أو المحرضين على العنف، فلا يعنى ذلك أن تتعامل مع كل التيارات الإسلامية باعتبارهم كذلك، بل يجب التفريق تماما بين قيادات الجماعة وأعضائها العاديين، فليس من الحكمة أن تكسب عداء الجميع فى وقت واحد.
قد يكون من بين السيناريوهات للمرحلة المقبلة أن تستمر المواجهة الأمنية بين أجهزة الدولة وجماعة الإخوان، وإذا حدث ذلك لا قدر الله فإن الدولة مطالبة بألا ترهن كل شىء حتى تنتهى المواجهة.
هى مطالبة بأن تلتفت إلى المشكلات الحياتية للناس خصوصا الفقراء منهم، هى مطالبة بأن تقول للناس إن حياتهم ستصبح أفضل، هى مطالبة بتحقيق إنجازات ملموسة على الأرض. وإلا.. فما الذى سيجعل الناس يصبرون على هذه الحكومة؟!


