خبر : الحرب على سوريا مئة عام للأمام أو مئة عام للوراء ...بقلم: راسم عبيدات

الجمعة 30 أغسطس 2013 07:45 م / بتوقيت القدس +2GMT



الحرب الأطلسية المتوقعة على سوريا،ستشكل علامة فارقة في تاريخ الأمة العربية،وعليها يتوقف مستقبلها وحضورها ودورها في المنطقة والعالم، فهزيمة سوريا في هذه الحرب ومعها كل الشرفاء من هذه الأمة وقوى المقاومة والممانعة العربية والإسلامية يعني نجاح المشروع الأمريكي- الغربي الأطلسي- الصهيوني بفرض سطوته وهيمنته على المنطقة وخيرات المئة العربية وثرواتها لمئة عام قادمة،يتم من خلالها مد الكيان الصهيوني المزروع في قلب هذه الأمة بكل مقومات القوة والتفوق العسكري،من اجل قمع وتدمير أية قوة عربية ناشئة،تقول بالفكر القومي العربي،او تدعو لطرد الغزاة الأطلسيين من المنطقة العربية.

اما انتصار سوريا ومعها كل احرار العرب ومقاوميه،فهو يعني تحول إستراتيجي في المنطقة لمئة عام قادمة،لجهة تحررها من الإستعمار وصياغة مشروع قومي عربي نهضوي حديث،يوحد طاقات الأمة ومقدراتها من المحيط الى الخليج،ويستنهض كل مقوماتها وقدراتها،من اجل بناء امة عربية تلعب دوراً بارزاً في تقرير مصيرها،وان تحتل مكانة مؤثرة في القرارات والقضايا الدولية والإقليمية،بدلاً من البقاء على هامش التاريخ،تركلها الشعوب والأمم وتستحقرها وتفرض هيبتها وسطوتها عليها،وتنهب خيراتها وثرواتها وتقسم اوطانها.

نعم هي كذلك معركة سوريا،فهي معركة سيتوقف عليها الكثير من التغيرات والتداعيات في المنطقة،إما هزيمة المشروع الأمريكي - الغربي الإستعماري- الصهيوني في هذه المنطقة،وإما العودة بنا كعرب ومسلمين الى مرحلة الإستعباد والذل والهوان،إنها معركة العزة والكرامة،ليست معركة سوريا او حزب الله او ايران او المقاومة الفلسطينية والعربية،بل معركة مصر قبل سوريا،فمصر ستكون الهدف القادم للعدوان،من أجل إستكمال حلقات مشروع الفوضى الخلاقة الأمريكي والغربي الأطلسي في المنطقة،مشروع تحطيم أرجل حوامل وروافع المشروع القومي العربي في المنطقة صاحبة الجيوش القوية والدول المدنية العراق وسوريا ومصر،فهي تاريخاً شكلت جوهر الوجود العربي وقيادته،اما عربان ومشيخات النفط،فهي مجموعة من العشائر والقبائل وممالك وإمارات الإقطاع والتوريث،مخصية ومحمية ومحتلة من قبل امريكا والقوى الغربية،حيث القواعد الأمريكية والغربية رابضة فيها،لا يتخذ شيخاً او اميراً او ملكاً فيه اي قرار بدون أذنها ومعرفتها او علمها،ولا يدفع او يتبرع بأي فلس دون معرفتها وموافقتها.

ما يجري في سوريا،يذكر اليوم بما حذر منه الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي،عندما اعدمت السلطة العراقية الأمريكية الرئيس العراقي الراحل صدام حسين،فجر يوم العيد،حيث قال مخاطباً الزعماء العرب سيأتي عليكم الدور وستواجهون نفس المصير. واليوم هم يريدون رأس النظام في سوريا،فهذا النظام اعلن علناً وجهرا خروجه عن عصا الطاعة الأمريكية،فهو من رفض توقيع اتفاقية سلام مع اسرائيل دون إستعادة كامل الأراضي العربية السورية المحتلة،وهو من إستقبل حماس عندما رفضها واقعها ومحيطها العربي والإقليمي،وهو من امد حزب الله بالسلاح ،عندما شنت اسرائيل حربها العدوانية عليه في تموز/2006،وهو من وصف حلفاء امريكا من ملوك وشيوخ وامراء مشيخات النفط والكاز بأشباه الرجال،وهو من وقف إلى جانب ايران ورفض التخلي عنها،رغم كل المغريات التي قدمتها له الإدارة الأمريكية،وهو من رفض مقايضة قضية الجولان بفلسطين،وهو من لعب دوراً بارزاً في إسقاط مشروع الشرق الأوسط الكبير،الذي بشرت به كونداليزا رايس أثناء حرب اسرائيل العدوانية على حزب الله والمقاومة اللبنانية في تموز/2006.

المشروع الأمريكي للمنطقة،لا يريد ان تكون هناك دول عربية قوية ومالكة إرادتها وقرارها السياسي،او تتمرد على عصا الطاعة الأمريكية في المنطقة،تريد لها ان يحكمها قادة شيوخ وامراء وملوك ورؤوساء،يتحركون على "الريموت كونترول"،من قبل السفارات الأمريكية في تلك البلدان،تماماً كما جرى في العراق بعد إحتلاله،حيث كان الحاكم العسكري الأمريكي "برايمر" هو الحاكم الفعلي للعراق،وأيضاً عندما تشكلت الحكومة اللبنانية بقيادة فريق 14 آذار كان السفير الأمريكي هناك "فيلتمان" هو الحاكم الفعلي،وه ما حاصل الآن في ليبيا واليمن.

انا ادرك واعي تماماً بان القيادة السورية،إذا ما شنت وفرضت عليها الحرب،هي لن تكون وحيدة،ولن تلجأ لخيار ضبط النفس،بل ستعرف كيف ستتعامل وترد على هذا العدوان،وكذلك فغن حلفاء سوريا،لن يتخلوا عنها وهذا ما عبر عنه قادة الجمهورية الإسلامية،حيث تبلغ مسؤول الجاسوسية الأمريكية فيلتمان والسلطان قابوس بذلك،وكذلك سماحة الشيخ حسن نصر الله،والذين نثق بصدقيته ومبدئيته،فقد قال بان حزب الله سيكون غلى جانب سوريا في أي حرب تشن عليها،وأيضاً نحن نراهن على الموقف المصري،الذي نرى بأن لديه مواقف تبشر بالخير والطمأنينة.فالقيادة المصرية الجديدة بعد سقوط حكم الإخوان،والتحضيرات الأمريكية والأطلسية الغربية لشن حرب على سوريا،هي مقدمات وبروفات لشن الحرب عليها،وكذلك روسيا التي أرسلت اثنتين من بوارجها الحربية للبحر المتوسط،فهي ليست مع العدوان على سوريا،وستعمل على تزويد وتعويض النظام السوري عن ما يفقده من سلاح في حربه مع أمريكا والغرب.

الحرب على سوريا عدا انها ستزعزع أسس الإستقرار في المنطقة،حيث لربما وحسب طبيعة وحجم العدوان الأمريكي- الأطلسي الغربي على سوريا فإن الأمور قد تندفع نحو حرب تطال كل الدول المنطقة والجوار،ولربما تتطور إلى ما هو أبعد من ذلك،هم يراجعون حساباتهم أمريكان وأوروبيين غربيين،حيث أن هذه الحرب،قد تشل الإقتصاد الأوروبي بالكامل،إذا أغلق مضيق هرمز،ولم يتم شحن النفط الى أوروبا،ولربما تستهدف ايران كل آبار النفط الخليجية،هذا النفط الذي يشكل عصب حياة الغرب ورفاهيته.

بإنتظار ما تحمله الأيام القليلة من احداث وتطورات،تطورات تجاه تواقح امريكا والغرب الإستعماري وشنهما لحرب عدوانية على سوريا،أو ممارسة أقصى الضغوط السياسية والإعلامية بواسطة التهديد العسكري،من اجل منع تقدم القوات السورية تجاه تصفية جيوب وبؤر الإرهابيين والمجرمين والقتلة"زلم" بندر وأردوغان في حلب ودرعا،من اجل تحسين شروط التفاوض في مؤتمر جنيف (2 ).

على كل الحرب والمعركة على سوريا نتائجها،سيتوقف عليه الكثير الكثير من المخاطر والتداعيات،وكذلك التحالفات والمعادلات،فمعركة سوريا،هي معركة كل العرب،فإما عرب بعزة وكرامة لمئة عام قادمة وإما عرب خانعة ذليلة مجزأة ومقسمة الأوطان منهوبة الخيرات والثروات لمئة عام قادمة أخرى.

القدس- فلسطين