خبر : عن الحرب التي «انتظرها».. أردوغان! ...بقلم: محمد خروب

الثلاثاء 27 أغسطس 2013 03:47 م / بتوقيت القدس +2GMT



ها هي الفرصة تلوح امام «الاخواني» المثقل بحنين وشغف قاتلين، الى إرث أجداده العثمانيين والسلاجقة (الاستعماري كما يجب التذكير) رجب طيب اردوغان، وهو لن يوفر فرصة لاهتبالها ما بالك ان الثلاثي الاستعماري العنصري (الأطلسي) في واشنطن وباريس ولندن، هو الذي يوفر فرصة العمر لأكبر الخاسرين في المنطقة (اردوغان) كي يسترد بعض توازنه بعد ان فقد كل مقومات زعامته، التي بناها على دبلوماسية ساذجة وهشة تتوفر على كم وفير من الرعونة والاستعلاء والغرور ازاء كل ملفات المنطقة وقضاياها الساخنة، وخصوصاً في سوريا وتالياً في حال الهستيريا التي انتابته بعد ان اسقط الشعب المصري، سلطة الاخوان المسلمين في مصر..
الحلف العدواني الآخذ في التشكل والبروز هذه الأيام لضرب سوريا، هو ما سعت اليه انقرة (الاطلسية حتى لا ينسى أحد) منذ اندلاع الأزمة السورية، التي كانت هي (انقرة) اللاعبة الأبرز في تأجيج التمرد ودعم الارهابيين وتوفير الملاذات الآمنة لهم ومدّهم بالأسلحة والعتاد والمعلومات الاستخبارية، ظناً منها انها ستُحّول سوريا الى حديقة خلفية لها ومجالاً حيوياً لاطماعها الاستعمارية، ومنصة او قاعدة لجذب جماعات الاسلام السياسي، وعلى رأسهم جماعات الاخوان المسلمين التي تدين لها بالولاء وتقر لها الزعامة، كي «يُتوّج» الخليفة الجديد اردوغان، الذي ستلهم مسيرة اجداده وفي مقدمتهم السلطان سليم وباقي السلاطين الفاتحين، ناهيك عمّا يمكن لوهم سقوط سورية في قبضة اردوغان، ان يسهم في حل «نهائي» للمسألة الكردية، حيث يستطيع زعيم حزب العدالة والتنمية ان يقضي على حلم الكرد بتقرير مصيرهم وتكريس «قسمة» كردستان التاريخية على الدول الاربع التي توزّعت عليها كردستان الكبرى، وباتوا في معظمها مجرد اقلية سكانية بلا حقوق قومية او اعتراف بخصوصيتهم الثقافية، وهو ما يتجلى بأبشع صوره في النموذج التركي، الذي اضطر اردوغان في النهاية الىعقد اتفاق «ايمرالي» مع زعيم حزب العمال الكردستاني، لكن عراقيل وعقبات ونيات سيئة مبيّتة تحول دون تنفيذه، في انتظار مآلات الازمة السورية التي ما تزال مفتوحة على احتمالات عديدة، إنْ لجهة «إجبار» الاطراف كافة على السير في مسار جنيف 2، أم في سكب المزيد من الزيت على الحرائق في سوريا وعلى تخومها، ما يضع المنطقة بأسرها امام حريق كبير ليس من المبالغة في شيء تَوقّع ان تخرج تركيا منه بخسائر فادحة، قد تطوي مستقبل اردوغان السياسي الى غير رجعة وتسهم في اندثار حزب العدالة والتنمية الذي ظهر فجأة في الفضاء التركي، ثم ما لبث ان بدأ بالتحول الى فقاعة رغم التأييد الشعبي (المتآكل يوما بعد يوم) الذي يتمتع به.
الاكاديمي وصاحب نظرية «صفر مشاكل» التي باتت موضوع تندر واستخفاف في الدوائر التركية وخصوصا لدى وسائل الاعلام والسياسيين والبرلمانيين، احمد داود اوغلو، وجد ضالته في المغامرة التي يعد لها الثلاثي الغربي الاستعماري.. اوباما، اولاند وكاميرون، بعد ان راجت شائعات قوية بان اردوغان يوشك على «ركله» خارج حكومته، وتحميله مسؤولية الاخفاقات المتتالية التي لحقت بالدبلوماسية التركية والتي افضت - في جملة ما افضت اليه - الى عزلة تركية اقليمية خانقة آخذة في التفاقم، بعد ان خرج اردوغان على المألوف السياسي والدبلوماسي، وراح يوجه الانتقادات اللاذعة والاهانات لكل العالم، بدءاً من الرؤساء والملوك وليس انتهاء بمشايخ من قماشة شيخ الأزهر، مرورا بمواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر، لانهم لم يصفوا انحياز الجيش المصري لشعب مصر العظيم واطاحة مندوب الاخوان في قصر الاتحادية، محمد مرسي يوم 3 تموز الماضي، بانه.. «انقلاب»..
الاكاديمي والمستشار السياسي الذي غدا وزير خارجية لاردوغان، استبدت به النشوة بعد ان بدأت اساطيل الاستعماريين الغربيين البحرية والجوية تتحرك في مياه البحرالمتوسط وتتجه نحو السواحل السورية, ولهذا - لفرط فرحته او سذاجته - لم يُبْدِ أي خشية او محاولة لضبط مفردات التصريح العدواني المترع بالشماتة - ولكن العاكس في الآن ذاته ارتباك وعجز وازمة حكومته - قال في ما يشبه الانتصار والنشوة «.. حالياً هناك 36 أو 37 دولة تبحث عن بدائل خارج مجلس الامن، واذا ما تشكل «أي» تحالف ضد سوريا في هذه العملية, فإن تركيا ستأخذ مكانها في هذا التحالف»..
ليس ثمة ما هو اوضح من تصريح كهذا، يكشف حجم الاستعداد التركي لتقويض وانتهاك سيادة دولة عربية مركزية، كل ذنب نظامها انه لم يوافق على ان يكون في «جيب» السلطان العثماني الجديد، ولم يُعِرْ اهتماماً لنصائحه الاستعلائية ورطانته المدعاة عن الديمقراطية والحرية وخصوصاً في قبول جماعة الاخوان المسلمين السورية «شريكاً» في الحكم، ومقرراً رئيساً في الشأن السوري..
من ارتكب مذابح الارمن وقمع بقسوة طموح وآمال الكرد في الاعتراف بهويتهم القومية, ومن سحل ونكّل بمتظاهري ميدان تقسيم وزجّ بالاكاديميين والصحافيين في السجون, ومن قسّم جزيرة قبرص ومَنْ نال «شرف» أنه اول دولة اسلامية اعترفت بإسرائيل، ومن يحتل المرتبة الثالثة في استيراد المنتجات الاسرائيلية، ومن يطمع في الصلاة في الجامع الاموي ولا يأتي بذكر على المسجد الاقصى والقدس, غير مؤهل بأن يعطي الدروس عن الديمقراطية وحقوق الانسان، ومشاركته في العدوان على سوريا ستكون عاراً مقيماً في سجله السياسي والشخصي وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
* استدراك:
حصلت مجلة (فورين بوليسي) الاميركية يوم امس على وثائق خاصة بالاستخبارات المركزية الاميركية تشير الى ان واشنطن ساعدت الرئيس العراقي صدام حسين على شن هجوم كيميائي، استُخدم فيه غاز الاعصاب ضد القوات الايرانية..
فعن أي اخلاق او قيم تتحدث واشنطن اوباما.. هذه الأيام؟
عن الرأي الاردنية