خبر : التدخل العسكري الغربي في سوريا : هل هو لردع الأسد أم لمكافأته..؟!..علاء أسعد الصفطاوي

الثلاثاء 27 أغسطس 2013 02:26 م / بتوقيت القدس +2GMT
التدخل العسكري الغربي في سوريا : هل هو لردع الأسد أم لمكافأته..؟!..علاء أسعد الصفطاوي



وفق كل المقاييس الدولية والانسانية ..وحتى الدينيه فيفترض أن يكون نظام الأسد في ذمة التاريخ ليس ابتداء من اليوم بل ..منذ أن بدأت دباباته تقذف حممها لتفتك بالمدنيين الآمنين في مدن وقرى شعبنا المغلوب على أمره في الشام ..،
لكن الغرب ..الذي خبرنا نفاقه وساديته ودمويته له حساباته الذاتيه أولا ..وقبل حساب النفس والضمير والدين والإنسان.!
ما يهم الغرب في هذا الشرق ..هو منظومة مصالحه ..وليس منظومة قيَمِه التي يعلن عنها ..!
وسبق أن قلنا – ولا بأس من التكرار – أن مصالح الغرب في منطقتنا هي ثلاثة أمور ثمثل ثلاثة خطوط حمراء لا يسمح بتجاوزها ..وإن حدث تجاوزها..، فهو جاهز للتدخل العسكري المباشر لأعادة الأمور الى نصابها ..:
1) الحفاظ على استمرارية تدفق النفط بسلاسة وبأسعار معقولة مناسبه لدول الغرب .
2) استمرار وجود الكيان الصهيوني كمندوب وكرأس حربه للهجمة الغربية على المشرق العربي ومعه الأنظمة الصغيرة أو الفاسدة المرتبطة والمحيطة به والتي تقتات على فتات طعامه مقابل استمرار وجودها مع تأمين الغرب لحاجات الكيان السكانية والجغرافية والمالية والتقنية وتزويده بكل الأمكانات القادره على تحصينه وتقويته في مواجهه أعدائه
3) استمرار التجزئه بين شعوب الأمه وأقطارها التي نتجت عن اتفاق يايكس – بيكو ..والعمل قدر الإمكان على تجزأة المُجزّأ ..وتقسيم المُقَسّم ..

ولا يقتصر وجود "اسرائيل" على ذلك بل تم تكريس هذا الوجود لحماية الأنظمة العربية الصديقة للغرب والملحقة بهذه المنظومه وخاصه الأنظمة الأضعف في الخليج العربي وهي التي أسميها بِ " أنظمه النواطير" ..التي لا يتعدى سبب إنشاء بعضها سوى السهر على تأمين نقل النفط الى " مكتشفيه " ..من الدول الغربية مقابل التمتع برفاهية "النَطْره" ..مع إعادة تدوير رأس المال الناتج عن بيع النفط وتحويل جلّه الى البنوك الغربية والتي يملكها أساسا رأس المال اليهودي ..!، ولهذا نلحظ استعداء الغرب ووكيله في المنطقه الكيان الصهيوني لأية قوى محلية أواقليميه جديده ناهضه تغرد خارج هذه المنظومه ، بالضبط كما حدث مع نظام صدام حسين في مراحله الأخيره ..وما يحدث حتى اليوم مع ايران التي تتحدى النفوذ الغربي مقابل بسط نفوذها هي على المنطقه ، وحالة دول الربيع العربي وخاصة مصر التي حاولت أن تنهض بعد ثورة 25 يناير ..قبل أن يطيح العسكر المتأمرك بها وبرموز هذه الثورة ..
النظام السوري الذي يعترف باسرائيل ..والذي لم يطلق رصاصة واحده على الكيان منذ العام 1973 ..لم يكن عدوا استراتيجيا للغرب واسرائيله في المنطقه بل كان عداؤه تكتيكيا .. الهدف منه استرداد الجولان بالمفاوضات أولا ..وهي التي خاضها مندوبي النظام مع الطرف الصهيوني مرارا دون أن يعطيهم الصهاينة حتى سياده منقوصه على الجولان مثلما أعطى مصر السادات في كامب ديفيد ..!لذلك بقي النظام السوري في المنطقه الرماديه ..فلا هو حُسب على حلف المقاومه ..,ولا هو حُسب على حلف الاعتدال – الاعوجاج ..وتم التقاط تسميه تمثل تسوية وسطية لهذه الحالة تليق به وهي انتماؤه لحلف "الممانعة"..!
ساهمت التغييرات والزلازل الهائلة في حركة الشعوب الأخيره منذ عامين ونصف تحت عنوان " الربيع العربي" في خلخة أشد أنظمة البطش العربية الحديدية الموالية للغرب وهما أنطمة مبارك – القذافي – بن علي ..،
حيث وصلت توابع الزلزال الشعبي العربي الى سوريا نفسها ..ليجد الغرب نفسه ومعه وكيلته في المنطقة اسرائيل أمام حالة غاية في التعقيد ..سال لعابهم حتما عندما رأوا أن النظام الذي احتمى به عدوهم الاستراتيجي حزب الله بدأ يتداعى ويتهاوي في سوريا تحت تأثير ضربات الثوار ..لكن ما شكل لهم العظمة في الحلق هو بروز قوى جديده أخرى مؤثرة داخل الثوار السوريين تحمل عداء وتناقضا أكثر تجاه الغرب واسرائيل من النظام الآيل للسقوط ..وتمثلت في قوى السلفية الجهادية وجبهة النصره وباقي قوى الجهاد في سوريا ..وهو الأمر الذي أدى مرارا الى أن تراجع الاداره الأمريكية سياستها لتنتقل من حالة دعم هذه الثوره ..الى حالة دعم أصناف محددين فقط من الثوار وواجهاتهم السياسية بعد تطويعهم وتدجينهم ..واستعداء اطراف أخرى من الثوار ..بل والعمل على اضعافهم وسحقهم ..وهم القوى الاسلامية السورية المجاهده ..التي استطاعت اثبات وجودها بقوه في ميدان المعركة مع النظام ..بل وشكلت أهم خاصرة للثوره وأقواها على الأرض في مقابل القوى الأخرى ..فمن مساحة ثمانين في المائة من الأراضي السوريه التي بات الثوار يسيطرون عليها ..سيطرت القوى الاسلاميه علة نحو خمسين في المائه من مجمل اراضي سوريا ..حتى بعد سقوط القصير وما حولها في يد حزب الله وقوات النظام الأسدي ..!
ازاء هذه الحالة المعقده على الأرض وأمام بروز خطر هائل تمثل في امكانية وجود كيان جديد اسلامي جذري العداء لاسرائيل على حدوده الشماليه ..مع ازدياد التدخل الروسي الايراني النشط في سوريا لصالح النظام والذي انعكس ايجابا على العلاقات البينية الروسية الامريكية والايرانية الأمريكية ورأينا ثمرة ذلك في الهدوء على جبهة الملف النووي الايراني ، انتقلت استراتيجية أمريكا واسرائيل في سوريا من حالة الدفع باسقاط النظام الأسدي ..الى حالة محاولة الإبقاء عليه والتوصل الى تسوية ما تسهم في ابقاء الأسد ورموز نظامه مع اقامة نظام ليبرالي بديل تشترك في ادارته قوى الثورة السورية المُدّجّنة يشكل عنوانا لاضعاف سوريا ونزع أسلحتها الخطرة وخاصة السلاح الكيماوي الذي قد يشكل خطرا استراتيجيا على الكيان الصهيوني فيما لو وقع بأيد ( أمينه – آثمه ) ..!
هذه الخطه الأمريكية المعدله ..انتعشت شهورا ..ثم آن الأوان اليوم كي تدفنها أمريكا.. وتعدلها من جديد من خلال اللجوء الى تعديل المُعَدّل ...والخطة الأمريكية الجديده تمثل توطئة لتقسيم وتقطيع سوريا الى أربع دول أهمها دوله (صديقة) تقع على الحدود الشماليه للكيان وتطل على الجولان وتسيطر على العاصمه دمشق تحت اداره قوى الثوره المُدَجّنه في باريس وتركيا ..،ودوله أخرى للعلويين يديرها النظام الأسدي تمتد على الساحل السوري على البحر المتوسط وعاصمتها اللاذقيه ..ودوله ثالثه للأكراد السوريين في شمال سوريا أصبحت جاهزه الآن بعد طرد الثوار الاسلاميين منها بالقوه المسلحه ..والدوله الرابعه تمتد حدودها من وسط سوريا الى شرقها قرب الحدود العراقية حيث يُفترض أن يستمر حشر الجهاديين فيها ..واحكام الحصار والضرب عليهم خاصة من الشرق العراقي ..
هذه الخطة الجديده أصبحت اليوم أكثر الحاحا من أي وقت مضى ..، خاصة بعد بروز عاملين آنيّين خطرين اضافيين في المعادلة السورية على الأرض وهما :
1) : التقدم العسكري الهائل في الشهرين الأخيرين للقوى الاسلامية الجهادية ميدانيا لدرجة اختراق قلب المناطق الأم للنظام الأسدي في ريف اللاذقيه والقرداحه وغيرها الأمر الذي قد يقضى على آخر أمل للنظام الأسدي للبقاء واقامة دولته على مناطقه العلويه المؤازرة تاريخيا له وهو ما لا يرضي ايران وروسيا ..
2) : استخدام النظام الأسدي السلاح الكيماوي بشكل مفضوح ومحرج للغرب بشكل لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية ..
لذلك نتوقع أن يحدث في الأسابيع أو حتى الأيام القليلة القادمه تدخلا عسكريا أمريكيا جويا مباشرا ..حيث سيتمثل أساسا في توجية ضربات جوية انتقائية مكثفة لأماكن تخزين السلاح الكيماوي وهي معروفه تقريبا ..وكذلك تحطيم ما تبقى من طائرات مقاتله شبه متقدمة لهذا نظام مثل ال ميغ 29 وصواريخ أرض أرض قد تشكل تهديدا مستقبليا على الكيان الصهيوني بشكل اساسي ..،
وسنرى غدا كذلك وبشكل مذهل ..كيف أن أحدا من رموز النظام الأسدي ومنهم بشار نفسه..لن تمسّهم هذه الهجمات بأي حال من الأحوال ..وفق الضمانات الشفهية التي قدمتها أمريكا للروس وبشكل غير مباشر للايرانيين ..!!
ثم يليه التقدم على الأرض من خلال جبهتين : الأولى من الأردن والثانيه من تركيا ..حيث يفترض أن تكون الاداره الأمريكية قد حشدت كل ما يمكن حشده من جيوش دولها الصديقة المستعربه ..لتكون في مقدمة الجيش الذي سيتقدم برا.. لتقسيم ما قسمه سايسكس وبيكو ..و لخلق حدود جديده بين أبناء الوطن الواحد ..بالضبط كما حدث منذ سنوات في الحالة العراقية ..وكماحدث منذ أجيال في فلسطين بعد النكبة وتهجير غالبية أهلها عندما دخلت سبع جيوش عربيه كلها كانت تحت الانتاب البريطاني والفرنسي تحت حجة نجدة الفلسطينين ..لتنتقل بعدها الى تكريس هدف آخر معلن تمثل بتقسيم فلسطين وتثبيت اسرائيل على خارطة الوجود الهمجي في منطقتنا ..حتى اليوم ..!
الاسلاميون الجهاديون ..وحدهم قادرون على ايقاف الهجمه ..وقادرون بحول الله وقوته على تحطيم قوى البغي الغربية والعربية المستعربه ..اذا هم تسلحوا بالصدق ..وتسلحوا بالايمان ..وتسلحوا بحب الموت في سبيل الله ..مهما كان عددهم وعدتهم ..قليل ..!
بغير ذلك سينتصر مسلسل الغرب الهمجي في منطقتنا ..كما انتصر في آخر سبعين عاما من عمر أمتنا المُخجل ..يوم أن واجههم أنصاف الثوار ..وأنصاف الرجال ..!
" وقد مكروا مكرهم ، وعند الله مكرهم ، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ، فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله ، إن الله عزيز ذو انتقام " صدق الله العظيم .
* قيادي اسلامي سابق في المقاومة الفلسطينية .