خبر : الربيع الثوري إلى أين ؟؟؟ ...بقلم: نبيل البطراوي

السبت 24 أغسطس 2013 04:16 م / بتوقيت القدس +2GMT



السؤال المطروح اليوم ويدور في ذهن الكثير من أبناء أمتنا العربية العملاقة بالطاقات التي تزخر بها,

لماذا فشلت الثورات العربية بعد تلك الفترة الزمنية البسيطة والمحدودة ؟

ومن يتحمل مسئولية هذا الفشل المدوي ,حيث صداه بات يصدح بالحنين إلى تلك الأنظمة والقيادات التي أذاقت أمتنا قاطبة كأس الذل والهوان والتفريط والتأخر عن ركب التطور البشري في شتى مناحي الحياة العلمية والاقتصادية والاجتماعية ,على الرغم من تلك الطاقات البشرية والمادية والطبيعية التي خص رب الكون تلك المنطقة بها .

منذ ثلاث سنوات ومنطقتنا العربية في بعض الدول تمر بحراك جماهيري واسع ,هذا الحراك والمشاركة الجماهيرية الواسعة من قبل الكثير من أبناء أمتنا ,كانت له مجموعة عوامل منطقية وطبيعية بعد حالة الاستهتار من قبل النظام العربي الرسمي بمقدرات تلك الجماهير وقدرتها على وضع حد لتك الحالة التي ولدت الأمل والرغبة عند تلك الجماهير بضرورة التحرك من أجل كسر القيد والخروج من حالة المفعول به إلى حالة الفاعل ,فكان الشعار الذي وحد الجماهير العربية خلفه (حرية ,كرامة ,عدالة اجتماعية ).

نعم خرجت الجماهير في بعض الدول وتمكنت من إسقاط النظام في فترة وجيزة ودون إراقة الكثير من الدماء ,ولكن يبدوا أن المقولة التي تقول (الثورات يشعلها الشرفاء ,ويدفع ثمنها الشهداء ,ويجني ثمارها الجبناء أو الانتهازيين ) لم تكن بعيدة عن حال ثوراتنا العربية ,حيث من اللحظات الأولى بدأت الأيدي الخفية تتلاعب بمن سال لعابهم من أجل الجلوس على كرسي الحكم وكأن هدف الثوار كان هو تغير الجالس دون تحقيق أهداف الجماهير ,وهنا كان بداية الشقاق وتفرق الساحات ,وهنا لم يتمكن صناع الثورة من الوصول إلى السلطة والتي تمكن ربائب الأنظمة السابقة ومن عاشوا في كنفه سنوات طوال ,وكانت لديهم الرغبة والقابلية قبل سقوط تلك الأنظمة الالتفاف على الثورات من خلال القبول ببعض الانجازات الحزبية المحدودة وبعض التحسينات الوضيعة في هيكلة تلك الأنظمة ,ولكن أمام إصرار الجماهير وحالة الانسلاخ الجماهيري عن تلك الأنظمة أسقطتها صرعا تحت عزيمة وإرادة الثوار الذي لحق بهم الانتهازيين بعد أن أطمئنوا بأنه لا رجاء من بقاء تلك الأنظمة ,وهنا كانت فرصة الانتهازيين الذهبية وهو الذهاب إلى الصندوق ,وبمقارنة بسيطة وعقلانية لا يمكن فتح باب المنافسة بين أناس عمرهم الزمني محدود ومن لهم في العمل الجماهيري والميداني والسياسي تحت عباءة تلك الأنظمة ما يقرب من 100عام ,وهنا أورد حوار دار بيني وبين شاب جزائري بعد فوز جبهة الإنقاذ في الجزائر في الانتخابات التي حصلت 1991م والمجتمع الجزائري معلوم عنه الانفتاح على الغرب بشكل عام وفرنسا بشكل خاص ,فكان السؤال كيف فازت جبهة الإنقاذ ؟فكان الجواب مختصر ولكن يحمل الكثير من المضامين :لو نزلت راقصة لتنافس النظام سوف تفوز.

وهذا على ما يبدوا ما لم يفهمه من فاز في ديمقراطية الربيع العربي ,بان الفوز في الانتخابات لم يكن أيمان بتلك الأحزاب بقدر ما كان كرها في تلك الأنظمة المبادة ,

وهنا كانت مجموعة من العوامل سرعت في انفكاك الجماهير وعدم الاستقرار

- أبقاء العلاقات مع منظومة العلاقات التي كانت تدعم الأنظمة السابقة كما هي دون تغيير

- عدم الإيمان بالشراكة من قبل تلك القوى مع من ساهموا في أنجاز تلك الثورات

- العمل على صبغ الدولة بلون واحد والعمل على السيطرة الحزبية على كل مفاصل الدولة ,

- عدم رؤية الجماهير العربية تلك الشعارات والوعود التي كانت تسمع فيما قبل الثورة وفي زمن الثورة واقع معاش.

- النظر إلى الجماهير والى الديمقراطية على أنها مطية من أجل الوصول إلى السلطة دون الإيمان بها وجعلها منهج حكم وتجلى هذا العمل من خلال الاعتماد على من تنظر أليهم الجماهير نظرة عدائية كونهم من كانوا يدعمون قهر و جبروت الأنظمة السابقة في تثبيت وترسخ أنظمة الحكم الجديدة دون الاعتماد الفعلي على تلك الأصوات التي خرجت من أجل ترسيخ ديمقراطيات حقيقة ترسخ مبدأ الحكم الرشيد الذي يراعي مصالح الجماهير والمزاج الشعبي ودون الاعتقاد والادعاء بأن هناك تفويض ألاهي ولا يحق لجماهير نزعه .

والسؤال لماذا كان التخلص من الأنظمة السابقة أقل دموية من التخلص من أنظمة أتت من خلال ثورة جماهيرية وصندوق الانتخابات ,ولكن خرجت عليها الجماهير رافضة الاستمرار في ترسيخ التفتت المجتمعي ,والتلون الحزبي .

لماذا العمل على ذبح وقتل أبناء مؤسسات الدولة العميقة والتي حمت الثورة الجماهيرية والدولة في الخروج الأول على نظام الحكم ,وسلمت السلطة بروح رياضية لمن اختارته الجماهير ,وحينما عادت الجماهير الخروج مرة أخرى أصبحت المؤسسة نفسها التي حمت الثورة الأولى متأمره ,والشعب خائن يستحق حرقه وحرق كل مؤسسات الدولة ؟

لماذا عادة الأهداف التي خرجت الجماهير من أجل التخلص منها (حالة الطوارئ ) لتصبح مطلبا جماهيريا؟ لترسيخ الأمن والاستقرار.

وأخيرا هل ستتمكن الجماهير من استعادة زمام الأمور واستكمال مشوار امتلاك القرار وعدم السماح لكل الراغبين بالتسلط على رقاب الجماهير العربية لتأخذ دورها الطليعي في رسم مستقبل امتنا العربية واستعادة كرامتها في وسط هذا التكالب الدولي من أجل إضعاف عزائم شعوبنا العربية وسرقة خيراتها وإبقاء وطننا العربي مسرحا خصبا لتحقيق مصالح خارجية .